(إلى روح فقيد الأدب والفنّ الشاعر والرسام الدكتور سليم مخولي في الذكرى الأربعين لرحيله)
جاشَ الأسى فَتَعسّرتَ كَلِماتي
وَتَعَثّرَتْ بِزِحامِها عَبَراتي
وتأجّجتْ في الصّدرِ نارُ أتونهِ
فَتَحرّقتْ في مَهدِها زَفَراتي
يا راحلاً صَعَقَ القلوبَ رَحيلُهُ
فتلفّعَتْ بالغمِّ والحَسَراتِ
فارقْتَ غَيرَ مُودِّعٍ وَمُعجّلِاً
أدرَكْتَ قطرَالمَوتِ قَبلَ فَواتِ
والكلُّ بينَ مُصدّقٍ ومُكذّبٍ
هلْ غابَ حقّا فارِسُ الكَلِماتِ؟
كانتْ حياتُكَ يا سليمُ رِوايةً
وَفُصولُها مِنْ أرْوَعِ الآياتِ
نِعم َالطبيبُ وكُنْتَ صاحبَ نَخوَةٍ
تُشفي الجُسوم َ وتَجبُرُ العَثَراتِ
شَهْماً تَفيضُ مَحبّةً ومُروءَةً
فَطِناً حَكيماً ثاقِبَ النَّظَراتِ
رَجُلَ المبادئ لمْ تَحِدْ عنْ دَربِها
بَلْ صُنتَها في أحْلَكِ الأوْقاتِ
قاومْتَ عَسْفَ الظالمينَ وَكَيدَهُمْ
مُتَسلّحاً بِصَلابةٍ وَثَباتِ
وجَهِدْتَ مِنْ أجلِ الحُقوقِ مُحارِباً
بالفِكْرِ والإلهامِ والوَثَباتِ
وَنَذرْتَ عُمْرَكَ للعَطاءِ لأنَّه ُ
في حُكمِ طَبعِكَ أشرَفُ الغاياتِ
شَيّدْتَ في الإبداع صرحاً شامخاً
شَقّ الفَضاءَ وجاوَزَ النّجَماتِ
فَعَزَفتَ لَحناً ذابَ في نَغَمَاتِهِ
قَلبٌ رَقيقٌ واسِعُ الشُّرُفاتِ
شعرٌ وَرَسمٌ كاللآلئ ِ, فيهما
سِحرُالوَميضِ وَرَوْعَةُ اللّمَسَاتِ
فإذا رَسَمْتَ رَسَمْتَ شِعراً راقِيا
وإذا كَتبْتَ... فأبدَع َ اللّوْحاتِ
كانتْ خِصالُكَ كالوُرودِ, عَبيرُها
ضَمخَ النُّفوسَ بِعاطِرِ النَّفَحاتِ
بيضاءَ ناصِعةَ النّقاءِ لأنّها
شَرِبَتْ بَياضَ القَلْبِ والنّيّاتِ
تِلكَ الصّفاتُ وما أقلَّ مثيلَها
مَنّيتُ نَفسي أنْ تَكونَ صِفاتي
لِتَنَمْ قريرَ العَيْنِ غَيرَ مُسَهّدٍ
فَكِتابُ عُمرِكَ نَيِّرُ الصَّفَحاتِ
وَصَدى نشيدِكَ ساكِنٌ أسْماعَنا
وَبريقُ فَنَّكَ خالِدُ اللّمَعاتِ
وتَظَلُّ ذْكراكَ العَزيزةُ حَيّةً
بِقلوبِنا وَتُرافِق ُ النَّبَضاتِ
فإلى جِنانِ الخُلدِ يا مُتألّقاً
يَحيا وَإنْ هُوَ عُدَّ في الأَمْواتِ