حكايةٌ خريفيّة- بقلم: د. جريس نعيم خوري (طرعان)
2010-05-11 21:23:02
هَلّا اقتَربْتِ
إذا طلبتُ منكِ أنْ تقتربي...
هلا بكيتِ إذا
رأيتِني أبكي...
ارقُصي معي هذهِ الرقصةَ
صغيرتي
رُبَّما كانتْ رقصَتَنا الأخيره
اِبكي أكثرَ
حينَ ألمَسُ بأناملي
شَفتيكِ
ولا تتركي النظرَ في عينيَّ
ولا تتركي الرقص
بينَ يديَّ
بهدوءٍ حبيبتي
بهدوءٍ على إيقاع أحزاننا
ارقصي...
فقدْ وُلدَ حزنُنا في غيرِ أوانِه
وحبُّنا أثمرَ والدّنيا خريفْ
فارقُصي رقصتيَ الأخيرةَ حبيبتي
وإن سألتُكِ أن تمْسحي دمْعتي
فافعلي حبيبتي!!
دعيها تنزلقُ بينَ أُنمُليكِ الرَّقيقينِ
ثمّ المسي بهما شفتيّ الفزعتينِ
وإنْ شئتِ أنْ تقبّليني حبيبتي
فافعلي...
ربما كانتْ آخرَ نفَسٍ ألتقطُهُ
قبل أن أستمرَّ في متاهاتِ العمرِ
وإن رأيتِني أحتاجُ عناقا
ضُمّيني حبيبتي
قبلَ أن أرحلَ بعيدًا
عن صدرِك...
*
تحتارينَ صغيرتي
أستطيعُ أن أقرأَ الحَيرةَ
في عينيكْ
أرى كلاما فيهما
لا تتكلمي شيئا حبيبتي
دعي أناملي على شفتيكْ
واتركي عينيكِ تنزفانِ...
تعزفانِ
هذا اللحنَ الحزينْ...
ودموعَك ترقصانِ على خدّيَّ
رقصةَ الوداعْ
لو كان ميلادُ حبّنا
في الربيعِ
أقول "لو" حبيبتي...
ربّما أزهرَ إلى الأبد...
والآنَ...
ضعي هامَتَكِ على صدري
وشُدّيني إليكِ حبيبتي
واترُكي بعضَ دمعاتِكِ
تسري عبرَ شراييني...
حبيبتي...
نعمْ...
آنَ الرحيلْ...
دعيني بهدوء حبيبتي...
ارفعي هامتَك برفقٍ
عنْ صدري...
-أشعرُ قلبي يتوهّج فزَعًا
حبيبتي...
فأقتُلُهُ كي لا يضعُفْ-
انزعي الآنَ كفيكِ عن كتفيَّ
-أشعرُ أنكِ تبتعدينَ
كوردةٍ تُقتلعُ عن جذرِها
أشعرُ بألم... كما تشعر
الأرضُ لحظة الاقتلاع...-
وانظري نظرتَك الأخيرةَ في دموعِي
اقرئي فيهما حقيقةَ الحبّ
تيهي في معنى الوجودْ
قولي: أحبّكَ
للمرةِ الأخيرةِ
انتفضِي قليلا فحقَّ لكِ
وحرّكي هامتَك تنفضينَ
عنها ما تَخشينَ يحدثْ
وبعثري دمعاتِك حولي
واتركي شعرَكِ الأسودَ
المفتولَ يرقصُ مع أنفاسي
ثمّ عودي احضنيني حضنيَ
الأخيرَ...
وابتعدي سريعًا هذه المرةَ
فإن رأيتِ قلبيَ يضعفْ
فلا توقفيه حبيبتي
دعيني ألتفتْ عنكِ
وأتركْ خلفي دموعي
تسبحُ عبرَ الأثير إليكِ
وأمامي الطريقُ تنسحبُ
بلا توقفٍ...
بلا توقفْ...
وأنتِ تركعينَ أمامَ الفراقِ
وعلى مذبحِهِ تضعينَ دمعَكِ
وصُوَري معَك
وأحلامَنا وأمنياتِنا وهمَساتِنا
ضحكاتِنا، غزلَنا... كلماتِنا في الحبِّ
أشواقَنا، لياليَنا وسهرَنا
تضعينها على مذبحِ الفراقِ
ولا شيءَ منها يشفعُ لنا اليومَ
ولا حتّى الدمعُ العنيفْ...
فقد برعمَ حبُّنا في فصلِ الخريفِ
وذَبُلَ في فصلِ الخريفْ...
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق