أَلعقل أَبدَعَهُ المهيمنُ مُرشدا *** والنَّفسُ أُبْدع راشداً ورشيدا
في ملَّةٍ من أُمةٍ قد عوِّدت *** ألاَّ تنوح على القبورِ شهيدا
إرثنا ورثنا في الدهارير التي *** سلفت ليبقى بابُنا مؤصودا
في وجْهِ كلِّ مُتعتع مُستنسر *** أبق يظن بنا لديه عبيدا
الجسمُ يُدفن جثة تحت الثرى *** والرُّوح ترقى في الفضاءِ صعودا
لا تبلى تبقى حيّةً بإرادةٍ *** عُليا يخِّر لها الأنامُ سُجودا
*****
طوبى لكُم شُهداءَنا كنتم لنَّا *** ذُخْراً بساحاتِ الفدى منضودا
فدمُ الشهيد إذا تغلغل في الثرى *** كالغيثِ يُزهر في الربيعِ ورودا
ما معنى أن نبكي ونعلم أنكم *** تردون جنات النعيم وفودا
في السَّابقين السَّابقين ومن أَتْوا *** أُسْداً وقد لبسوا الفداء برودا
أرواحَهُم أبت الصدور منازلاً *** ونفوسُهم أبت الخمول حدودا
صُلْتم على قممِ الجليل وكرمل *** سطّرتموا تاريخنا المشهودا
أنا أتينا مذهباً يهوى الظَّبا *** لا نرضى فينا صارماً مغمودا
حتى إذا ما زلزلت زلزلها *** جئنا بجيشِ المؤمنين جنودا
*****
شهداءَنا بالأمس شاء مهيمنٌ *** ربٌّ وقد وسع السماء خلودا
أن يرسلن فيكم إليكم ضَيغما *** ليثا هزبراً أصيْدا صنديدا
فأتى إهاب إرادة علوية *** يلقاكمُ تحت الثرى ممدودا
*****
أرواحكُم حبَّات لؤلؤ نُضِّدَت *** عقداً ليرجعه القديمَ جديدا
وقبوركم فينا وفي زُهْر القرى *** أغلى أعزَّ كرامة ووجودا
فالرُّوح أغلى ما يقدِّمه فتىً *** لم يخشى عِلجاً أرعنا رعديدا
ساحاتكم هذا الحمى نِعْم الحمى *** خلدتموهَ مناقبا وصمودا
وأزيز حبات الرَّصاص على الرُّبى *** لحنٌ يُردده الهِزار نشيدا
في ملةٍ قد علمت أبناءَها *** تبقى الأصاله عهدها الموعودا
صُبُرُ على قهرِ العَدُّو أشاوس *** كالصخر يعلو شُمرخا جلمودا
قالتْ قليل أنتم فأجبتها *** في الغابِ تلقين القليل أُسودا
ما مات منا أمردٌ أو أشيبٌ *** إلا وعاد إلى الحياة وليدا
فلكم جميعاً ألف ألف تحيه *** عهداً وأكرِم بالحنين عهودا