النكبة بدأت قبل النكبة بكثير مقال بقلم: النائب مسعود غنايم
2009-04-29 15:17:40
تعتبر نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948 من الأحداث التي يجب تحليلها واستخلاص العبر منها لمعرفة كيفية وضع إجابات لأسئلتها الصعبة وللخروج بمشروع حل للإشكالية التي تفرضها علينا كشعب فلسطيني وعلى الأمة العربية والإسلامية، وهذا التحليل برأيي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الأبعاد السياسية والاجتماعية والحضارية وكذلك الأبعاد العالمية والمحلية وعلى مستوى المنطقة.
فعلى صعيد المنطقة، وأقصد الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي، كانت النكبة نتيجة مُرّة وحصادا مُرّا لسنوات من التدهور الحضاري والسياسي والعسكري الذي شهده العالم العربي. وهذه النتيجة هي التي أدت إلى وقوع الشعب الفلسطيني ضحية بين مطرقة القوات اليهودية المتطورة تقنيا وعلميا والمدعومة من القوى الغربية وعلى رأسها بريطانيا، وبين سندان الأمة العربية الممزقة والمتخلفة حضاريا واقتصاديا وتقنيا والمحكومة بأنظمة إما موالية للقوى الاستعمارية وخاصة بريطانيا وإما أنظمة حديثة العهد بالاستقلال ولم تؤسس دولا قوية وحديثة.
بدأت الحركة الصهيونية منذ القرن التاسع عشر. واستطاعت أن تنمو وتقوى في عالم العصر الاستعماري الذي قادته بريطانيا وفرنسا. واستغلت الحركة الصهيونية الصراع الدولي في تلك الفترة لصالحها وخاصة خلال الحرب العالمية الأولى وحتى الحرب العالمية الثانية التي كانت الكارثة من أهم نتائجها تأثيرا على مشروع الدولة اليهودية الذي عملت الحركة الصهيونية على تحقيقه.
على الصعيد العالمي بدأت أسباب النكبة قبل عام 1948 فكانت نتاجا لهذه العوامل والأسباب. ومنذ انهيار القوى الإسلامية والتي كان آخرها الدولة العثمانية وتدهورها وبزوغ نجم القوى الأوروبية بعد الثورة الصناعية بدأت سيطرة القوى الغربية على الحضارة العالمية. وأصبح ميزان القوى العالمي لصالح الدول الأوروبية وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا خاصة خلال القرن التاسع عشر. وقد استغلت هذه القوى سيطرتها على مقاليد القوة وعلى الأماكن الإستراتيجية ومصادر الطاقة في العالم لفرض نظام عالمي يقوم على الاستعمار بأنواعه. وقد استغلت الحركة الصهيونية هذه الحقبة. وفي نفس الوقت استغل بعض السياسيين في أوروبا هذه المرحلة للتخلص مما سمي بالمسألة اليهودية والاستفادة من مشروع دولة لليهود خدمة للمصالح الاستعمارية البريطانية والفرنسية، وبدا ذلك بشكل واضح فيما سمي بـ "وثيقة كامبل" نسبة لرئيس الوزراء البريطاني عام 1905 هنري كامبل.
في وثيقة كامبل التي جاءت تتويجا لمؤتمر عقد عام 1905 في لندن بين الدول الاستعمارية، أوصى المؤتمر بقيام دولة في فلسطين تكون بمثابة حاجز بشري قوي وغريب ومعاد لشعوب المنطقة المحيطة ليفصل الجزء الآسيوي عن الجزء الأفريقي من المنطقة العربية، ويحول دون تحقيق وحدة هذه الشعوب، وتكون هذه الدولة حارسة للمصالح الاستعمارية خاصة في قناة السويس، وخط دفاع أول عن الدول الغربية.
الواقع الذي أفرزته الحقبة الاستعمارية كان له الأثر الفعّال على تسريع حدوث النكبة ومساعدة الحركة الصهيونية في الوصول إلى أهدافها. وأثناء الحرب العالمية الأولى أبرمت كل الاتفاقيات اللازمة وعلى رأسها سايكس بيكو لتقسيم العالم العربي والتمهيد لتحقيق وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
بعد الحرب العالمية الثانية كان النظام العالمي الجديد الذي أفرزته الحرب عالم صراع القطبين والحرب الباردة، وهذا الواقع بوجود الكارثة ساعد الحركة الصهيونية لتحقيق مشروعها. بينما كان العالم العربي المقسم والضعيف خارج اللعبة ولم يحسب له حساب.
على الصعيد المحلي الفلسطيني كان المجتمع الفلسطيني مجتمعا فلاحيا قرويا، بينما النخبة في المدن منقسمة إلى معسكرات منها نشاشيبي وأخرى حسيني وغيرها.
وباعتقادي، الحقيقة الهامة التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند الحديث عن تحليل أسباب النكبة هي أن فشل ثورة 1936 كان الخطوة الهامة نحو نكبة 1948، لأن هذه الثورة كانت حرب التحرير وحرب الاستقلال الحقيقية من الاحتلال البريطاني والمشروع الصهيوني، وفشل هذه الثورة مهّد الطريق لنكبة 1948.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق