البروفيسور علي صغير: الكوكب السيَّار الجديد "ﮐﭙلر 452 بي" هو أشبهُ الكواكب المكتشفة حتى الآن بالأرض..
2015-07-31 18:49:25
اعلنت "الإدارة الوطنية للملاحة الفضائية والفضاء" (ناسا) انها عثرت على كوكب يشبه كوكب الأرض ويدور حول نجم يشبه الشمس التي تدور من حولها الأرض. وسميت هذه الأرض الجديدة" كيبلر 452 بي " Kepler-452b""، نسبة إلى تليسكوب كيبلر الذي أطلق في الفضاء في آذار 2009 ووضع في مدار حول الشمس. ومع هذا الاكتشاف، ينضم الكوكب "كيبلر 452 بي" الى قائمة 12 كوكبا آخر مناسبا للحياة اكتشفت حديثا بواسطة التسلكوب كيبلر.
 
 
وقالت ناسا في بيانها الخميس الماضي  23.8.2015  ان هذا الكوكب يقع على مسافة من شمسه مماثلة لتلك التي تفصل الارض عن شمسها، وبالتالي فهو مناسب لوجود المياه السائلة على سطحه، وهي العنصر الضروري لوجود الحياة وتطورها بالشكل الذي نعرفه.
 
واكتشاف مثل هذا الكوكب يجعل البشرية تخطو خطوة تاريخية جديدة نحو العثور على "أرض ثانية"، وهو الحلم الذي يسعى إليه علماء الفلك منذ عقود طويلة من الدراسة والبحث العلمي.
 
ومن المعلومات التي نشرتها "ناسا" تبين ان قطر الكوكب Kepler-452b أكبر بنسبة 60% من قطر كوكب الأرض، ولم يحدد العلماء طبيعة تكوينه بعد، إلا أن بحوثا سابقة كانت قد أشارت إلى أن الكواكب بشكل عام، التي تكون في حجم هذا الكوكب، لديها فرصة جيدة لأن تكون صخرية.
 
 
فما هي قيمة هذا الكشف العلمي ؟
البروفيسور علي الصغير المحاضر في الكلية الاكاديمية العربية للتربية في حيفا والخبير في علوم الكرة الارضية  للحديث عن اسرار هذا الاكتشاف العظيم ..وبدأ البروفيسور الصغير حديثه " مجيبًا عن السؤال حول القيمة المعرفية العلمية لهذا الاكتشاف  بالقول:" أهمية هذا الكشف ليست في اكتشاف كوكب سيَّار جديد خارج مجموعتنا الشمسية، بقدر ما هو في اكتشاف أول كوكب سيَّار شبيه إلى حد بعيد بالأرض خارج مجموعتنا الشمسية. وطبقا للمعلومات الواردة في "موسوعة الكواكب السيارة الواقعة خارج المجموعة  الشمسية "(TheExtrasolarPlanets Encyclopaedia).. فإن عدد الكواكب السيارة التي اكتشفت خارج مجموعتنا الشمسية لغاية تاريخ 27.7.2015 هو 1935 كوكبا، تتبع ﻟ 1225 مجموعة شمسية، 484 مجموعة من بينها هي مجموعات شمسية متعددة الكواكب السيَّارة. وقبل اكتشاف هذا الكوكب السيَّار الجديد كان قد أُعلن بتاريخ 4.11.2013، استنادا إلى المعلومات التي وردت من تليسكوب الفضاء ﮐﭙلر أن مجرتنا وحدها، أي "مجرة درب التبانة"، او "الطريق الَّلَبني"، تحتوي على 40 مليارد كوكب سيَّار بحجم كوكب الأرض، تدور في مدارات لها في "مناطق قابلة للحياة أو للسكنى"، حول نجوم من نوع شمسنا، التي هي، بين النجوم، نجم متوسط الصفات في كل شيء تقريبا، وكذلك حول نجوم من النوع المعروف باسم "الأقزام الحمر" (Red  Dwarfs).ويُقَدَّرُ عدد الكواكب السيارة التي تدور حول نجوم أو شُموس من نوع شمسنا، في مجرتنا وحدها،ﺒ 11 مليارد كوكب.
 
وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة لعدد الكواكب السيَّارة الموجودة في مجرتنا، التي بها تتواجد مجموعتنا الشمسية، التي حول نجمها المركزي، أي حول شمسنا، يدور كوكبُنا وزملاؤه الكواكب المعروفة، فكم بالحري لو أخذنا بالحسبان ملياردات المجرات التي تملأ هذا الكون!!
 
خلال العام الحالي (2015)، وقبل الاعلان عن اكتشاف الكوكب السيَّار ﮐﭙلر 452 ب، أُعْلِنَ عن الكواكب السيَّارة ﮐﭙلر 62 ف (Kepler 62 f) وهو يبعد عنا بمقدار 1200 سنة ضوئية، وﮐﭙلر 186 ف (Kepler 186 f) وهو يبعد عنا بمقدار 490 سنة ضوئية، وﮐﭙلر442 ب (Kepler 442 b)، وهو يبعد عنا بمقدار 1120 سنة ضوئية، وكلها اكتشفها تليسكوب الفضاء ﮐﭙلر، أنها قريبة الشبه بكوكب الأرض وأنه يجوز أن تكون قابلة للحياة وللسكنى، وربما كان أكثرها شبها بالأرض هو الكوكب ﮐﭙلر 186 ف، الذي يزيد قطره عن قطر الأرض بمقدار 1.2 مرة فقط. ولكن بعد اكتشاف الكوكب الجديد، أي ﮐﭙلر 452 ب، تقرر أنه أكثر الكواكب السيَّارة التي اكتشفت لغاية الآن بكوكب الأرض.
 
واكتُشف هذا الكوكب عن طريق الخُفُوت الطفيف في الضوء المنبعث من النجم ﮐﭙلر 452عندما كان الكوكب يمر فوق سطحه خلال دورانه حوله. 
 
ما هي أوجه التشابه والاختلاف بين هذا الكوكب السيَّار الجديد وبين كوكبنا الارض ؟
 
يوجز لنا البروفيسور علي الصغير ذلك فيما يلي:
 
1. الكوكب السيار الجديد يدور في مدار حول نجم شبيه بشمسنا، أي حول نجم من النوع الذي يتبع في تصنيف النجوم طبقا لأطيافها لفئة النجوم ذات الطيفG2، وهي نجوم تتراوح درجات حرارة سطوحها بين 5,000 و 6,000 درجة مُطلقة.وهو يقع على بُعد عنه شبيه تقريبا ببُعد الأرض عن الشمس.هذه الأمور تجعل إمكانية مُلاءمته للحياة مسألة ممكنة، لأنه يُتوقَّعُ أن تكون طبيعة سطحه ودرجات الحرارة السائدة عليه، ومبنى غلافه الجوي، شبيهة بالظروف السائدة على سطح كوكبنا.
2. قطره أكبر ﺒ 60 % من قطر الأرض، ولغاية الآن لم يتم تعيين كتلته وتركيبه المعدني والكيماوي، ولكن يُعتقد أن كتلته أكبر من كتلة الأرض بمرَّتين إلى خمس مرات، ومن هنا يُعتقد أن سطحه صخري، وهذا شرط هام آخر لإمكانية ملاءمته للحياة.
 
3.سنة الكوكب الجديد هي 385 يوما أرضيا، بالمقارنة مع سنة الأرض وهي 365 يوما تقريبا.
 
3. معدل بُعد الكوكب الجديد عن شمسه (أي نجمه) هو 96,6 مليون ميل، أما معدل بُعد الأرض عن الشمس فهو 92 مليون ميلا.
المجموعة الشمسية التي يتبع لها هذا النجم، وهي المجموعة المعروفة بالاسم: "المجموعة الشمسيةﮐﭙلر452"(The Kepler 452  SolarSystem)، تقع في المجموعة النجمية المعروفة بالاسم "مجموعة الدجاجة" (Cygnus Star  Constellation)، التي تبعُد عنا بمقدار 14,00 سنة ضوئية. 
 
4. مقدار الجاذبية على سطح الكوكب الجديد هو ضعف مقدار الجاذبية على سطح الأرض، ولذا لو كان بمقدور أيٍّ منا الوصول إليه، لكانت الحركة على سطحه أصعب من الحركة على سطح الأرض، بسبب شَدِّهِ القوي للأجسام نحو مركزه. والأجسام على سطحه تزِنُضعف أوزانها على سطح الأرض.
5. قطر النجم الذي يدور حوله الكوكب الجديد يزيد بمقدار 10 % عن قطر شمسنا، ولمَعَانُهُ يزيد بمقدار 20 % عن لَمَعَان شمسنا، ولهذا فإن مقدار الطاقة الشمسية الساقطة على سطح الكوكب الجديد أكبر ب 10 % من مقدار الطاقة الساقطة على سطح الأرض.
 
6. عمر "المجموعة الشمسية ﮐﭙلر452"، التي يتبع لها النجم الجديد هو 6 مليارد سنة، أما عمر مجموعتنا الشمسية فهو 4.5 مليارد سنة، ولكن خبراء وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) يقولون أنه يجوز أن يكون قد وقع خطأ مقدارُه 2 مليارد سنة في تقدير عمر "المجموعة الشمسية ﮐﭙلر452". 
 
7. يُعتقد أن يكون للكوكب الجديد غلاف جوي سميك، وسطح صخري، ومياه ومحيطات، وبراكينُ فعالة.
 
ما هي "المنطقة القابلة للحياة أو للسكنى" حول النجم المركزي الذي حولهيدور الكوكب السيَّار؟
بروفيسور الصغير:"المنطقة القابلة للحياة أو للسكنى" (Habitable  Zone)هي تلك المنطقة الوقعة على بُعد مناسب من النجم الذي يدور حوله ذلك الكوكب السيَّار ويسمح لأشكال الحياة كما نعرفها أن تنمو وأن تتطور وأن تزدهر بها. وكي يتم ذلك ينبغي أن تتوافر شروط عديدة في هذه المنطقة، أولها توافر الماء بشكله السائل بها، وكي يحصل ذلك يجب ألاَّ تكون هذه المنطقة قريبة جدا من النجم المركزي الذي يدور حوله ذلك الكوكب، لأن هذا الأمر يؤدي، في حالة تواجد المياه على سطح ذلك الكوكب، إلى تبخرها السريع، أي إلى تحولها من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية، وفي حالة كهذه من غير الممكن للحياة أن تظهر وأن تتطور على سطح الكوكب، ويجب ايضا ألاَّ يكون الكوكب بعيدا جدا عن ذلك النجم المركزي، لأن الماء، لو تواجد فعلا على سطحه، لتحول سريعا إلى الحالة الصلبة، أي إلى الثلج والجليد، والماء في هذه الحالة الصلبة أيضا لا يصلح لنمو وتطور غالبية أشكال الحياة، خصوصا أشكال الحياة العليا.
 
 
بُعد "المنطقة القابلة للحياة أو للسكنى" عن النجم، وعرضُها ايضا، يتعلقان بمقدار الطاقة المنبعثة من ذلك النجم، تلك الطاقة التي يصل قسم منها إلى سطح ذلك الكوكب، ويُعبَّرُ عن بُعدها عن النجم وعن عرضها أيضا، بما يُعرفُ ﺒ "الوحدات الفلكية" (Astronomical  Units, or  AU)، و "الوحدة الفلكية" هي معدل بُعد الأرض عن الشمس، وهو 149,598,770 كيلومترا، وبالنسبة لكوكب الأرض مثلا، فإن هذه المنطقة، التي يقع كوكب الأرض ضمنها،تبعد عن الشمس بمقدار 0.9 وحدة فلكية، وهي تمتد من هناك حتى بُعد 1.5 وحدة فلكية عن الشمس. 
 
ويشير البروفيسور الصغير هنا إلى أن أبعاد "المنطقة القابلة للحياة أو للسكنى"بالنسبة  للميكروبات، وهي، كما هو معروف، كائنات حية، قد تكون حيوانية وقد تكون نباتية،أعرض وأكبر مما هي بالنسبة للإنسان، فالميكروبات تستطيع العيش تحت ظروف لا يستطيع الإنسان مطلقا أن يعيش تحتها، فبعض الميكروبات تعيش في جليد الأصقاع القطبية المتجمدة، وبعضها الآخر يعيش في الفوارات البركانية الشديدة الحرارة الموجودة في قيعان المحيطات.
 
ولكن إذا تواجد الكوكب السيَّار فعلاً في "المنطقة القابلة للحياة أو للسكنى"، فهل هذا يضمن تواجد الحياة على سطحه ؟
بوفيسور الصغير:تواجد الكوكب السيَّار بداخل "المنطقة القابلة للحياة أو للسكنى" لا يعنى دائما وجود الحياة عليه، فالكوكب قد يكون منذ البداية عديم المياهبشكلها السائل على سطحه، فعلى سطح كوكب المرِّيخ مثلا تسود حاليا ضغوط جويَّة منخفضة،فمعدل الضغط الجوي الحالي على سطح المريخ يبلغ 60% فقط من معدل الضغط الجوي للأرض. هذه الضغوط الجوية المنخفضة، مع معدل الحرارة المنخفض أيضا السائد على سطحه،لا تسمح للماء أن يتواجدعليه في الحالة السائلة، فغالبية المياه هناك متواجدة على شكل جليد، وفقط جزء صغير منها متواجد على شكل بخار منتشر في الغلاف الجوي لذلك الكوكب. والجليد هناك يمر في عملية تَسَامٍ (Sublimation) بشكل سريع، بمعنى أنه يتحول إلى الحالة الغازية، بدون أن يمر أبدا في حالة السيولة، وبخار الماء القليل الموجود في الغلاف الجوي للكوكب يمر في عملية ترسيب (Desublimation  or  Deposition)بشكل سريع أيضا، أي انه يتحول مباشرة إلى الحالة الصلبة، بدون أن يمر مطلقا في حالة السيولة. في أوضاع كهذه يستحيل على الحياة، وعلى الأقل على أشكالها العُليا، أن تظهر وأن تتطور. وما دُمنا في الحديث عن المريخ، فنضيف ونقول أن الضغوط الجوية ودرجات الحرارة على سطح هذا الكوكب قبل حوالي 3.8 ملياردات من السنين كانت مختلفة تماما عمَّا هي عليه الآن، فكان له في ذلك الزمان البائد غلاف جوي كثيف، وَلَّدَ ضغوطا جوية عالية بالقدر الكافي، وسادت على سطحه درجات حرارة مرتفعة، وهذه الأمور سمحت،في حينه، للمياه أن تتواجد على سطحه، وأن تُكَوِّن بحارا ومحيطات، وجداول وأنهارا، لا تزال آثارها قائمة حتى اليوم.
 
 
عدا عن ذلك، قد لا يكون للغلاف الغازي للكوكب السيَّار التركيب الكيماوي المطلوب لظهور الحياة عليه، ولتطورها على سطحه بعد ظهورها، ومن أهم الغازات التي ينبغي أن تتواجد في الغلاف الجوي للكوكب السيَّار من أجل نشوء الحياة على سطحه نذكر غاز الأوكسيجين، المطلوب لضمان عملية التنفس، وغاز ثاني أوكسيد الكربون، المطلوب لتأمين عملية التركيب الضوئي ولتنظيم درجات الحرارة على سطح الكوكب. إضافة لذلك، قد لا يكون للكوكب السيَّار مجال مغناطيسي مطلقا، أو قد يكون له مجال مغناطيسي ضعيف، وفي كلتا الحالتين يكون الكوكب عرضة للإشعاعات الحارقة الساقطة عليه من النجم الذي حوله يدور ذلك الكوكب. والكوكب السيار قد يكون عرضة أيضا لنيازك مدمرة تسقط على سطحه من أجرام فلكية مجاورة. 
 
وكي يكون الكوكب السيار قابلاً للحياة او السكنى يجب ألاَّ تتواجد كل هذه العقبات، وهي، كما هو واضح، ليست قليلة.
 
 
هل من الممكن الوصول إليه في مركبة فضائية ؟
بروفيسور الصغير:الأمر مستحيل، فهذا الكوكب يبعُد عنا، كما ذكرنا، مسافة 1,400 سنة ضوئية، وهي المسافة التي يحتاج الضوء لقطعها مدة 1400 سنة من سنينا الأرضية، والضوء يتحرك، كما هو معروف، بأقصى سرعة في الكون، وهي 300,000 كيلومتر تقريبا في الثانية الواحدة،  ولو أطلقنا إليه مركبة فضائية تتحرك بأكبر سرعة تم التوصُّل إليها لغاية الآن، وهي سرعة المِسْبار الفضائي "نيو هُورايزونس" (New  Horizons Space  Probe)، عندما غادر مداره حول الكرة الأرضية، وكان مقدارها 58,536.67كيلومترا في الساعة، لاستغرقت رحلة المركبة الفضائية مدة 25,800,000 سنة !

تقرير حسين سويطي جريدة الصنارة 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق