وقعت واقعتنا ورجت بنا الأرض رجا بقلم الإعلامي - أحمد العدنان
2009-04-15 19:39:23
كنت عائدا من ندوة حول العنف في اوساط الجماهير العربية، عندما اكتظت حركة المرور بصورة فجائية، وشكلت اختناقا مروريا عسير الهضم وعصي الفهم، ولما طال الوقت ولم تنفرج الأزمة، وبعد أن راوحت السيارة مكانها أكثر من أربعين دقيقة دون، وبدأت رائحة المازوط المحروق تنبعث في كل مكان، قررت أن أترجل باتجاه مصدر الأزمة علي أدرك ما الخبر... وهكذا بدأت اتقدم مارا بعشرات السيارات الأخرى التي حبست بفعل ما يحدث، فيما يتقدم عشرات آخرون من الباحثين عن تفسير للأزمة، باتجاه مركز الحدث. ولما وصلنا، وأقول وصلنا لأننا أصبحنا مجموعة كبيرة واحدة لها أمال وآلام مشتركة كثيرة، وعلى رأسها الخروج من أزمة السير.
المهم أنه في نهاية المطاف حين وصلنا وجدنا أن سيارة يستقلها ثلاثة شبان في بداية سنوات العشرين من عمرهم، تعرضوا لرشقة من الرصاص الحي وتلقوا الرصاص بصدورهم وايديهم واطارات سيارتهم وابوابها ... مشهد يشرف أي فيلم هوليوودي تقليدي. فلماذا؟
لماذا أصبحنا عنيفين، ومتهورين، وغير متسامحين إلى هذا الحد؟ لماذا أصبحنا نحل مشاكلنا الصغيرة والكبيرة بالعنف؟ لماذا فقدنا قدرتنا على الحوار والتفاهم؟
ان الواقعة لتقع في بلداتنا العربية يوميا، وإن الأرض لترج بنا رجا كل يوم وهي ترانا نتفاعل بهذا الشكل مع مشاكلنا، وهي ترانا نستخدم البنادق بدلا من الكلمات، والوقود الحارق بدلا من شهامتنا، وزيوت فرامل السيارات المزيلة لاصباغ السيارات بدلا من ازالة النفايات من مداخل قرانا ومدننا.
لماذا اصبحت ظاهرة شراء الأسلحة أمرا اساسيا لدى كثير من العائلات العربية؟ ما هو هذا الدافع الغريزي للتزود بسلاح "ولو من اجل مرة في الحياة قد اتعرض فيها للخطر"؟ من أين لنا هذا الاحساس أننا معرضون للاصابة وان علينا أن نحمي أنفسنا ؟ وبالمناسبة لماذا لم يتسلح شعبنا ولم يدافع عن نفسه بهذا الشكل حين تعرض لأقذر نكبة في التاريخ؟ من أين نبتت ثقافة ال "سوف نريهم من نحن " ؟ ولماذا لا "نريهم من نحن" بسمو أخلاقنا وترفع حيائنا وسماحة قلوبنا؟ لماذا أصبح كل سوء تفاهم صغير يفسر على أنه "اعتداء مدبر" ضد عائلتنا ؟ لماذا تنجر عائلة نصفها جامعيين خلف شاب متهور قاد سيارته بسرعة أو غازل فتاة من عائلة أخرى ؟ لماذا نساند اخواننا حتى ولو كانوا على خطأ أليس من الفضيلة أن نساند اخواننا بأن نوبخهم على أفعالهم المشينة وألا نأزرهم على جهلهم ؟
على الإعلام ورجال الدين والمربين والسياسيين وحتى المطربين في الأعراس وكل من يتحدث إلى الناس في بيوت العزاء وفي المحاضرات والندوات أن يقفوا صفا واحدا في نشر تعاليم التسامح ومبدأ النقاش ونبذ العنف كوسيلة لحل المشاكل ... بل أن العنف أصبح هو المشكلة بعينها ... علينا أن نحاصر العنف والعنيفين ,ان ننبذهم ونجعلهم يشعرون ويفهون أنهم مجرمون كاي مجرم آخر قام بالسرقة أو بالاغتصاب ... علينا أن نسقط عنهم هالة البطل والمنقذ المشرف لعائلته ... علينا أن نجعل العنيفون يشعرون بأنهم مجموعة غير مرغوب بها ما لم يتخلوا عن العنف ... واذا لم نفعل هذا مع المقربين منا أولا فعلينا أن نعلم أننا نغرق مجتمعنا في بحر من الظلمات سرعان ما سوف نجد انفسنا غارقين فيه ... واذا كان كلامي هذا شعريا ووصفيا أكثر من اللازم فإقولها بكلام ابسط ... اذا لم نوقف العنف فان الرصاصة الطائشة الظالمة القادمة قد تستقر في صدرك أو صدر من تحب عزيزي القارئ ... فهل من مستجيب ؟
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق