قصة الخدمة العسكرية في الجيش العُثماني لجُندي من يركا
2014-08-08 18:47:11

من أرشيف البروفيسور علي صغيَّر

قصة الخدمة العسكرية في الجيش العُثماني لجُندي من يركا

نعرض فيما يلي واحدا من الطلبات للخدمة العسكريَّة في الجيش العثماني، المحفوظة لدينا، والتي أُُرسِلَت لشبَّان من يِركا، في النصف الأخير من القرن التاسع عشر والعقدين الأوَّلين من القرن العشرين.

وجه الطلب العسكري
سنجاق وقضا وقرية سيلة واسمي ﭙدرينك وإسمي ولقبي (السَّنجَق والقضاء والقرية واسم الأب والاسم الشَّخصي والَّلقب): ساحل عكا يركا قرية سِي، علي بن عيسى اسماعيل (علي بن عيسى اسماعيل من قرية يركا بساحل عكا). إسم عائلة الجندي لم يُكتب في الطلب العسكري، ولكنه ينتمي إلى عائلة "حبيش" من يركا.
سِنِّي (العمر): تولُّدي 71 (من مواليد عام 1271 هجرية (1854 م)، أي أن عمره عنما بدأ خدمتة العسكرية عام 1884 م، كان 30 عاما.
بُوْي (الحجم، الطُّول، القامة): أورْتَة (متوسِّط)
جهره سِنك رﻨﮔﻲ (لون الوجه): صاري (أشقر)
ﮔوزلرينك رﻨﮔﻲ (لون العينين): ماروي (وقع خطأ في الكتابة، إذ كان يجب أن يكون: ماوي، أي أزرق)
بيغنك رﻨﮔﻲ (لون الشَّارب): أشقر
علامت مخصوصي (علامة أو علامات فارقة خاصَّة): تام (لا توجد علامات كهذه)
سنة الولادة: 1271 هجرية (1854 م)
نوع الطلب العسكري: رديف تِذكره سِي، أي طلب للخدمة ضمن قوَّات الرَّديف، أو قوَّات الإحتياط العثمانيَّة البريَّة.
نوع الرَّديف: مُقدّم، أي القسم الأول من الرَّديف.
 نحن لا ندري إذا كان هذا الجندي قد خدم قبل ذلك في الجيش العثماني أيضاً ضمن إطار الخدمة العسكريَّة الإلزاميَّة، إذ لا تتوافر لدينا وثائق تشهد بذلك.
تاريخ الطلب للخدمة العسكرية: 15 شوَّال عام 1297 هجري الموافق في التَّقويم المالي العُثماني، الذي كان مُتّبَعَا في تلك الحقبة، ﻠ  8 أيلول رومي أو يُولياني أو شمسي عام 1296 هجري (أي 20 أيلول عام 1880 ميلادي، أو ﭼرﻴﭼوري).

التَّقويمان العثمانيَّان: الهجري القمري والرَّومي الشمسي
اتَّبعت الدولة العثمانيَّة، منذ نشأتها وحتَّى مرحلة مُتأخِّرة من تاريخها، التقويم الهجري المعروف، الذي يعتمد على الأشهر القمريَّة، التي تعتمد بدورها على دورة القمر حول الأرض. والشهر القمري هو معدَّل المدَّة المحصورة بين مُحاقين أو بدرَين مُتتايين للقمر، ومعدَّل طول هذه المدَّة هو 29 يومًا و12 ساعة و44 دقيقة، أي حوالي 29.53 يوم. بناءًا على ذلك يكون معدَّل طول السنة الهجريَّة الواحدة حوالي 354 يوما فقط (وبالضبط 354.367056 يوم). أول سنة في هذا التقويم، وهي السنة الأولى للهجرة، هي السنة الموافقة لعام 622 ميلادي. ولكن نظرًا لأن السنة القمريَّة أقصر من السنة الشمسيَّة، التي هي معدَّل المدَّة المطلوبة للأرض كي تُنهي دورة واحدة كاملة حول الشمس، تلك الدورة التي عنها ينتج تكوُّن الفصول، التي بها ترتبط الأعمال الزراعيَّة، فقد كان اتِّباع التقويم الهجري يسبِّب خللا وبلبلة في الشؤون الإداريَّة للدولة العثمانيَّة، وبالتالي في جباية الضرائب، وفي دفع الرَّواتب للموظفين. ونظرًا لأن الموظفين كانوا يحصلون على رواتبهم الشهريَّة طبقًا للأشهر الهجريَّة، في حين كانت الضرائب تُجْبَى طبقًا لمواعيد جني المحاصيل الزراعيَّة، المتعلِّقة بالأشهر الشمسيَّة، فإنَّ الرَّواتب التي كانت الدولة تدفعها لموظّفيها، خلال السنة الهجريَّة الواحدة، كانت أكبر من الرُّواتب التي كانت سوف تُدفَع لهم، لو كان الدفع بموجب السنة الشمسيَّة. وبسبب الفارق بين طولَي السنتين، الشمسية والقمرية (حوالي 11.24 يوم تقريبًا)، ينتج أن مجموع أيام كل 32 سنة شمسيَّة يساوي مجموع أيام 33 سنة قمريَّة، وينتج أيضا أن الأشهر القمريَّة تدور عبر الفصول، فشهر مُحَرَّم مثلا، وهو أول أشهر السنة الهجريَّة، يقع، عبر السنين، في كل واحد من الفصول الأربعة. وهكذا ينعدم التَّلاؤم بين الأشهر الهجريَّة وبين فصول السنة، وكذلك بينها وبين الأعمال الزراعيَّة، التي كانت عماد حياة غالبيَّة مواطني الدولة العثمانيَّة، والتي بموجبها كانت تُجبى الضرائب من الفلاَّحين.
نتيجة للفرق بين طُولَي السنة الهجريَّة القمريَّة والسنة الشمسيَّة، اتَّخَذَت الدولة العثمانيَّة، عام 1677، خلال فترة حكم السلطان محمد الرَّابع (فترة الحكم: 1648 – 1687)، قرارًا بإسقاط سنة واحدة من كل 33 سنة هجريَّة.
وفي عام 1740، خلال فترة حكم السلطان محمود الأول (فترة الحكم: 1730 – 1754)، اتُّخِذَ قرارٌ بجعل شهر آذار (مَارْت بالتركية) أول اشهر السنة المالية العثمانيَّة، بدلا من شهر مُحَرَّم، رأس السنة الهجريَّة.
وفي عام 1794، خلال فترة حكم السلطان عبد الحميد الأول (فترة الحكم: 1774 – 1789)، اتُّخِذَ قرارٌ بأن تُؤرَّخ وثائق الجباية والبيع والدفع بموجب التقويم اليُولياني الشمسي، وليس بموجب التقويم الهجري، وذلك من أجل منع وضع يحصل به موظَّفو الدولة على رواتب أكبر ممَّا يستحقُّون.
وبتاريخ 13 آذار عام 1840، الذي وافق تاريخ الأول من آذار عام 1256 للهجرة، وخلال فترة حكم السلطان عبد المجيد الأول (فترة الحكم: 1839 – 1861)، وفي نطاق الإصلاحات التي انتهجتها الدولة العثمانيَّة في تلك الفترة، والمعروفة باسم "التَّنظيمات"، تمَّ تبنِّي التقويم اليُولياني الشمسي بشكل رسمي، وأُطلِق عليه اسم "التقويم الرُّومي". هذا التقويم كان تقويمًا خاصا بالدولة العثمانيَّة. بدايته كانت السنة الهجريَّة الأولى، المُوفقة، كما ذكرنا، لعام 622 م. سنواتُه كانت هجريَّة، أمَّا أشهرُهُ وأيامُه فكانت شمسيَّة يُوليانيَّة.
في ذلك العام كان فرق السنين بين التقويم الميلادي اﻠﭼرﻴﭼوري والتقويم الهجري، 584 عامًا. على هذا التقويم الجديد أُطلِق أيضا اسم "التقويم الشمسي" وكذلك "التقويم المالي".
التقويم اليُولياني (نسبة ليُوليُوس قيصر، الذي تبنَّاه عام 47 ق. م.)، الذي يُعرَف أيضا  ﺑ "التقويم الشرقي"، والذي اتَّبعه العثمانيُّون، يعتمد على دورة الأرض حول الشمس، وطول السنة وفقًا له هو 365.25، ولكن هذا الطول غير دقيق، فالطول الحقيقي للسنة الشمسيَّة، الذي عليه يعتمد التقويم اﻠﭼرﻴﭼوري (نسبة للبابا ﭼرﻴﭼوريوس الثَّالث عشر الذي تبنَّاه عام 1582)، والمعروف أيضا ﺑ "التقويم ألغربي"، والمُتَّبع حاليا في غالبية بلدان العالم، هو 365.2422 يوم تقريبا، وهي تقريبا المدَّة المطلوبة للأرض كي تُنهي دورة واحدة كاملة حول الشمس.
وترجع التسمية "تقويم رُومي" إلى أن أصل هذا التقويم هو التقويم الذي كان يتَّبعه البيزنطيُّون، الذين عُرِِفُوا عند العثمانيين بالاسم العام "رُوم". ومصدر التسمية "تقويم شمسي" هو اعتماد هذا التقويم على الأشهر الشمسيَّة، التي تنتج عن دورة الأرض حول الشمس. أمَّا مصدر الاسم "تقويم مالي" فكان رغبة العثمانيين في مُلاءمة طول السنة التي كانوا يتعاملون معها في معاملاتهم ووثائقهم، مع طولها الحقيقي، من أجل الدِّقَّة في جباية الضرائب ودفع الدُّيون والرَّواتب. وكثيرًا ما كانت تُكتَب، في الوثائق العثمانيَّة، بعد اتِّباع هذا التقويم، بجانب أرقام السنين الرُّوميَّة التي كانت تُدَوَّن خلالها تلك الوثائق، اللفظة التالية: "سنة مارْتِيَّة"، نسبة لشهر مارْت (آذار)، الذي به كانت تبدأ السنة الرُّوميَّة. ولدينا وثائق عثمانيَّة عديدة كهذه من يِركا.
وبسبب الفرق بين طول السنة حسب التقويم الهجري والتقويم اليُولياني فكان من الواجب، أن تُجرَى مُلاءمة بين طُوْلََي السنة الرُّوميَّة والسنة الهجرية، بواسطة إجراء قفزة في أرقام السنين مرة كل 32 سنة تقريبا، فمثلا العام الذي أتى بعد العام الهجري 1220 هو عام 1222، وليس العام 1221، والعام الذي أتى بعد العام الهجري 1254 هو العام 1256، وليس العام 1255. على عمليَّة القفز هذه في أرقام السنين أطلَق العثمانيَّون الاسم "سُورُوش"، الذي يعني "زَحْف". خلال الفترة المحصورة بين العامين 1888 و 1926، أُلغيت طريقة "الزَّحف" في أرقام السنين، ولذا فإن الفرق في أرقام السنين، بين التقويمين الرُّومي والهجري، خلال هذه الفترة، قد يصل إلى ثلاث سنوات.
ومن أجل تبسيط تحويل التَّواريخ من روميَّة إلى ﭼرﻴﭼوريانيَّة، أو بالعكس، حُذِف فارق ال 13 يومًا بين التقويمين، العثماني الرُّومي واﻠﭼرﻴﭼوري، في شهر شباط عام 1917.
من الجدير بالذِّكر أن العثمانيِّين، بعد أن اتَّبعوا التقويم الرُّومي، استبدلوا الأسماء العربيَّة لسبعة من الأشهر، بأسماء افرنجية وتركية، كما يلي: مارْت بدل آذار، مايس بدل أيَّار، أغسطس بدل آب، إكِيْم بدل تشرين الأوَّل، قاسِم بدل تشرين الثَّاني، أرالِك بدل كانُون الأوَّل، أُوجَاق بدل كانُون الثَّاني (من هُنا أتت لفظة "وْجَاق" أو "إوْجَاق" المعروفة، التي تعني المدفأة المعدنيَّة التي تعمل بالحطب). أمَّا أسماء الأشهر الخمسة الباقية فبقيت كما كانت. 
وبالنسبة للتقويم الهجري، فبقي مستعملا، إلى جانب التقويم الرُّومي. وهكذا كان يُسجَّل التاريخان، الهجري والرُّومي على غالبية الوثائق العثمانيَّة، ومن ضمن تلك الوثائق الوثيقة التي نعرضها هنا.
وبعد انهيار الدولة العثمانيَّة، بعد الحرب العالميَّة الأولى، استمرَّت الجمهورية التركيَّة، التي قامت على أنقاض تلك الدولة، باستعمال التقويم الهجري، وبقي الأمر كذلك حتى عام 1925، عندما مُنِعَ استعماله في الدَّوائر الحكوميَّة، بأمر من مصطفى كمال أتاتُورك، وبعد ذلك بعام أصدر أتاتُورك أمرًا بمنع استعمال التقويم الرُّومي أيضا، ومنذ ذلك التاريخ يُتَّبَعُ في تركيا التقويم الميلادي الشمسي اﻠﭼرﻴﭼوري المعروف، والمتَّبع عالميًّا. وحتَّى عام 1981 بقي شهر آذار (مَارْت) رأس السنة الماليَّة التركيَّة. منذ ذلك العام تبدأ السنة الماليَّة العثمانيَّة مع بداية شهر كانون الثَّاني، كما هو الوضع في مُعظم دول العالم. 

مدَّة الخدمة العسكرية: سنة واحدة تقريباً، من 16 أيلول عام 1301 هجري (1884 م) حتَّى 2 أيلول عام 1302 هجري (1885 م)
السلطان العثماني الذي كان على العرش خلال فترة الخدمة العسكريَّة:
عبد الحميد الثَّاني (فترة الحكم: 1876 – 1909)
مكان الخدمة العسكريَّة: جزيرة كريت
الدَّرجة العسكريَّة للجندي: نفر (أدنى درجة في الجيش العثماني في حينه)
درجات القوَّات البرِّيَّة في الجيش العثماني في حينه، من الدرجة الدُّنيا إلى الدرجة العُليا، كانت يلي: نفر، أونباشي (بمعنى رئيس عشرة جنود)، ﭼﺎوش (أو جاويش)، مُلازم ثانٍ، مُلازم أول، يوزباشي (بمعنى رئيس مئة جندي)، قُول أغاسِي (رائد أو صاغ بالعربيَّة)، بكباشي (أو بنباشي، بمعنى رئيس ألف جندي)، قائمقام، مِير ألاي، مِير لوا، فريق، بيرينجي فريق (فريق أول)، مُشير.
رقم الطلب (نومِرو): 14
هذا الرَّجل أُجرِيت عليه القُرعة، طبقا لنظام القُرعة العثماني، من أجل اتخاذ القرار بتجنيده أو بعدم تجنيده، لمدة 6 سنوات متتالية، كما سوف يرد فيما يلي، ولكن أرقام هذه القُرعات لم تُسَجَّل في الطلب العسكري، ولذلك لم يُكْتَب شيء في الخانة التي كان من المفروض أن تُكْتَب بها أرقام القُرعات: "رديف قُرعة نومروسِي" (أي رقم القُرعة للرَّديف): لم يُكْتَب شيء. ولكن بخصوص القُرعات السِّت التي اشترك بها كُتِبَ في الطلب العسكري ما يلي:
صاحب تذكرة (فراغ، لم يُكتب الاسم) أسنان عسكريَّه أولان ألْتِي سنه لي من وجهه تجاوز إيتديرلديكني مبيَّن جدولدر.
 الترجمة: صاحب هذا الطلب العسكري (علي عيسى اسماعيل) حينما كان تحت السلاح (أي في سن العسكريَّة) اشترك لمدة ست سنوات في القُرعة، كما هو مُبيَّن في الجدول.
وفيما يلي تفاصيل القرعات العسكريَّة التي اشترك بها الجندي من أجل اتخاذ القرار بتجنيده أو بعدم تجنيده لقوَّات الرَّديف:
بيرينجي قرعة سِنْدِه (القُرعة الأولى) عام 1291 هجري (أي 1874 م): صاحب خانه، أي صاحب بيت، بمعنى متزوِّج وله بيت، ولذا فهو مَعْفُوّ من الخدمة العسكريَّة.
إيكنجي قرعة سِنْدِه (القُرعة الثانية) عام 1292 هجري (أي 1875 م): معاف، أي مَعْفُوّ من الخدمة العسكريَّة.
أوجنجي قرعة سِنْدِه (القُرعة الثَّالثة) عام 1293 هجري (أي 1876 م): خانه صاحبي، بمعنى صاحب بيت، ولذا ولذا فهو مَعْفُوّ من الخدمة العسكريَّة.
دوردونجي قرعة سِنْدِه (القُرعة الرَّابعة) عام 1294 هجري (أي 1877 م): ﭙدري فوت، أي وفاة الوالد، ولذا فهو مَعْفُوّ من الخدمة العسكريَّة، بسبب وفاة والده.
بيشنجي قرعة سِنْدِه (القُرعة الخامسة) عام 1295 هجري (أي 1878 م): مستقل خانه صاحبي، بمعنى أنَّه مستقل وصاحب بيت، ولذا فهو مَعْفُوّ من الخدمة العسكريَّة.
ألْتِنْجي قرعة سِنْدِه (القُرعة السادسة) عام 1296 هجري (أي 1879 م): بودخي، بمعنى كذلك، أي انه صاحب بيت، ولذا فهو مَعْفُوّ من الخدمة العسكريَّة.

التجنيد للجيش العثماني حسب القُرعة
كان السلطان عبد العزيز الأول (فترة الحكم: 1861 – 1876) أول من اتَّبع نظام القُرعة في التجنيد للجيش العثماني، فقد أصدر فَرَمَانا يقضي بتحديد عدد الشُّبان الذين يجب عليهم أن يتجنَّدوا كل عام في المكان الواحد (القرية أو المدينة، ألخ)، وذلك عن طريق  إجراء القُرعة بين كل الشُّبَّان الملائمين للخدمة العسكريَّة. وقضى هذا الفَرَمَان أيضا أن تتراوح أعمار هؤلاء بين 20 و 25 عاماً، وأن تكون المدَّة القُصوى للخدمة العسكريَّة الإلزاميَّة خمس سنوات. وكان يحق للذين أصابتهم القُرعة العسكريَّة، طبقا لهذا الفَرَمَان، أن يستبدلوا أنفسهم بواسطة دفع مبلغ من المال للخزينة العثمانيَّة، أو أن يستأجروا أشخاصاً آخرين للخدمة العسكريَّة بدلاً عنهم، شريطة أن يكونوا ملائمين لذلك.
كانت القُرعة تتمّ، في ذلك العهد، طبقاً لإحدى طريقتين، الأولى استخراج رُقَع من الورق موجودة بداخل كيس، كُتِبَ على كل واحدة منها اسم واحد من المشتركين بالقُرعة، بعدد الذين تقرَّر أن يتجنَّدوا في ذلك العام، وبناء على ذلك، كل الذين لم تُستخرج رقعُهُم كانوا معفوُّين من الخدمة، أمَّا الطريقة الثانية فكانت تقضي بأن يستخرِج كل واحد من هؤلاء بيده ورقة واحدة من كيس كانت به ورقتان، ألأولى بيضاء والثَّانية سوداء، فإذا كانت الورقة التي أخرجها بيضاء أُعفِيَ من الخدمة العسكرية، وإذا كانت سوداء سِيقَ للجنديَّة. الهدف من ذلك كان إبقاء عدد من الشُّبَّان في أماكن سكناهم وعدم تجنيدهم، من أجل ضمان بقاء نوع من الحياة الطبيعيَّة بتلك الأماكن.
في عام 1871 نُظِّمت القُرعة بشكل قانوني عن طرق سنِّ قانون خاص بها، عُرِف بقانون القرعة (قُرعة قانون نامه سِي)، وهو يتكوَّن من سبعة فصول و 77 بنداً. عُدِّل هذا القانون عام 1879، بعد هزائم الدولة العثمانيَّة أمام روسيا في حرب القِرم (1853 – 1856)، وكذلك في الحرب الرُّوسيَّة – العثمانيَّة بين الأعوام 1877 و 1878، وعملاً بنصائح الخبراء العسكريين الألمان برئاسة "كُولْمار فرايهِِر فون دير ﭼولْتْس" (Colmar Freiherr  von  der  Goltz)، تقرَّر أن تكون مدَّة الخدمة العسكريَّة الإلزاميَّة ست سنوات، خلال الثَّلاث سنوات الأولى منها كان على الجندي أن يكون فعلاً تحت السلاح، أمَّا خلال السنوات الثلاث الباقيات فكان عليه أن يكون في حالة احتياط تامّ، أي أن يكون جاهزا للخدمة العسكريَّة مباشرة حينما يُطلب منه أن يتجنَّد. تقرَّر أيضا، بموجب هذه التعديلات، أن تُخفَّض مدَّة الخدمة العسكريَّة في إطار الرَّديف (الاحتياط) من ثماني سنوات إلى ست، السنوات الثَّلاث الأولى منها دُعِيَت بالاسم "مُقَدِّم"، أمَّا على السنوات الثلاث الأخيرات فأُطلِق الاسم "تالِي". تقرَّر أيضا أن يُخفَّض عدد سنوات الخدمة العسكريَّة في إطار "القوَّات المُستَحفظة" من ثماني سنوات إلى ست. بقي معمولا بقانون القُرعة حتى عام 1908.
قانون القرعة تضمَّن شرحا وافيا حول كيفيَّة إجراء القُرعة، وهي كانت تتمّ، طبقًا لهذا القانون، كما يلي:
1. تشكيل لجنة خاصة بالقُرعة في كل منطقة من مناطق التَّجنيد.
2. فحص قوائم السكان في كل واحدة من تلك المناطق وإجراء إحصاء للشُّبَّان المُلائمين للخدمة العسكريَّة بها، ثلاثة أشهر قبل إجراء القُرعة.
3. إلزام كل المُلائمين للخدمة العسكريَّة في قرية أو مدينة معيَّنة أو موقع معين على التَّواجد شخصيًّا في عاصمة منطقة التَّجنيد (بالنسبة للشُّبَّان من سكان يِركا، كان عليهم التَّواجد يوم إجراء القُرعة، بالطبع، في مدينة عكا).
4.  إفراز غير المُلائمين للخدمة العسكريَّة من بين كل الحاضرين.
5. ترتيب كل المُلائمين للخدمة العسكريَّة على شكل دائرة أو مربَّع في مكان مفتوح.
6. وضع كيسين او حقيبتين في وسط الدَّائرة أو المربَّع، في الكيس الأول أو في الحقيبة الأولى كانت تُوضَع مُغلَّفات في كل واحد أو واحدة منها كانت تُوضَع رقعة صغيرة من الورق كُتِبَ عليها اسم واحد من الحاضرين المُلائمين للعسكريَّة.
7. في الكيس الثَّاني أو في الحقيبة الثَّانية كانت تُوضَع قطع صغيرة من الورق بعدد الحاضرين كلهم، على عدد من هذه القطع الورقيَّة كانت تُكتب العبارة التالية باللغة التركية العثمانيَّة: "عسكر أُولْدُوم"، بمعنى "لقد اصبحت جُنديَّا"، عدد هذه القطع كان مساويا لعدد الذين تقرَّر تجنيدُهم مسبقًا من تلك القرية أو من تلك المدينة أو من ذلك الموقع طبقًا لمتطلَّبات الجيش العثماني، القطع الباقية كانت تُترك خالية من الكتابة.
8. إستخراج المُغلَّفات من الكيس الأول او الحقيبة الأولى الواحد تلو الآخر، وقراءة الإسم المُدوَّن على القطعة الورقيَّة الموجودة بداخل كل مُغلَّف على حدة، ثم مباشرة استخراج قطعة ورق من الكيس الثَّاني أو الحقيبة الثَّانية، فإذا كانت مُدوَّنة عليها العبارة "عسكر أُولْدُوم" سِيق الشاب للجنديَّة، وإذا كانت فارغة، أُعْفِيَ من العسكريَّة في ذلك العام (بالطبع، بانتظار القرعة في السنة التالية، ولمدة ست سنوات مُتتالية).
بقي أن نذكر أنَّه كان يحق للسلطات العثمانيَّة أن تُجنِّد كل رجل سليم الجسم والعقل، عمره بين العشرين والأربعين عاما، من بين رعاياها المسلمين، وكذلك من بين كل الذين ينتمون للإسلام، لمدة خمس سنوات للخدمة في الجيش النظامي، وبعدها لمدة سنتين للخدمة في قوَّات الإحتياط، ثم لمدة سبع سنوات في قوَّات الرَّديف، وبعدها لمدة ثماني سنوات في القوَّات المستحفظة. أمّا الشُّبَّان من غير المسلمين فكانوا يُعْفَوْن من الخدمة العسكريَّة (بقي الأمر كذلك حتى عام 1909)، ولكن مقابل دفع مبلغ كبير من المال، كان مقداره في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر، خمسين ليرة ذهبية.  وكان يحق أيضا لمن أصابته القُرعة ووجبت عليه الخدمة العسكريَّة من بين مَن كانت الجنديَّة واجبا إلزاميَّاً عليهم، أن يستبدلها بدفع ذلك المبلغ، أو أن يستأجر شخصاً مُلائماً آخر لينوب عنه في الخدمة العسكريَّة، ولدينا وثائق لعدد من الشُّبَّان من أهالي يركا في ذلك الزمان، استبدَلوا خدمتهم العسكرية بدفع هذا البدل العسكري الباهظ للخزينة العثمانيَّة، ووثيقتين أخريين لشخصين استأجرا شخصين آخرين، من خارج يِركا، ليخدما عنهما.

ظهر الطلب العسكري
السطر العلوي: سُجِلَت به تفاصيل الفرقة العسكرية التي خدم بها الجندي ضمن قوَّات الرَّديف. ينص هذا السطر على ما يلي:
بيشنجي أوردوي هُمايُون رديف مقدّم أوجنجي ألآينك عكا دن مرتب إيكنجي طابورينك برنجي فرقه طقسان ألْتِي سنه سي كنيه دفترنه قيد أولنمشدر، 8 أيلول عام 96 (أي 1296 هجري).
 الترجمة: تمَّ تسجيل الجندي الذي ذُكِرت أوصافه عام 96 كجندي في القسم الأول "مُقدّم" من سنوات الخدمة العسكريَّة بقوَّات الإحتياط في سجلّ قوَّات الإحتياط التابعة للفرقة الأولى من الألاي الثَّالث التابع للطَّابور الثَّاني التابع للجيش الخامس، 8 أيلول عام 1880 م.
إلى الأسفل من هذا السطر يوجد ختمان، الأول لباش جاويش الفرقة العسكرية الأولى العثمانيَّة التي انتمى إليها هذا الجندي، والثَّاني للَّنقيب الأول لتلك الفرقة (برنجي فرقة يوزباشي).
الجيش الخامس، الذي انضمّ إليه هذا الجندي، كان في حينه واحدا من سبعة جيوش عثمانيَّة رئيسيَّة.

الجيوش العثمانيَّة السَّبعة
الجيش الأول، وبالتُُّركيَّة: بيرينجي أورْدُوي، أو خاصَّه أورْدُوي، بمعنى الجيش الخاص، والقصد من ذلك: الجيش السلطاني، مقر قيادته كان بمدينة أسْكُودار، على الشاطىء الشَّرقي لمضيق البوسفور إلى الشَّرق من استانبول، وبالقُرب منها.
الجيش الثَّاني، وبالتُُّركيَّة: إيكينجي أورْدُوي، أو إستانبول أورْدُوي، بمعنى جيش مدينة استانبول، مقر قيادته كان في منطقة تَرَاكيا، وهي القسم الأوروبي من تركيا.
ولدينا وثائق تُثبِت أنَّ شبَّانًا من يِركا خدموا في حينه في هذا الجيش.
الجيش الثَّالث، وبالتُُّركيَّة: أوجنجي أورْدُوي، أو جيش الرُّومِلِّي، أي جيش اراضي الرُّوم، وهي المناطق الأوروبيَّة التي كانت تخضع للحكم العثماني، مقر قيادته في البداية في أواخر القرن التاسع عشر والعقد الأول من القرن العشرين كان في مدينة سالُونيكي باليونان، ولكنَّه نُقِلَ عام 1911 إلى مدينة إرزينجان، بشرق تركيا.
ولدينا وثائق تُثبِت أنَّ شبَّانًا من يِركا خدموا في حينه في هذا الجيش أيضا.
الجيش الرَّابع، وبالتُُّركيَّة: دوردُونجي أورْدُوي، أو أنَاضُولو أورْدُوي، بمعنى جيش الأناضُول، مقر قيادته كان في مدينة ﺴﻴﭭﺎس في وسط تركيَّا.
ولدينا وثائق تُثبِت أنَّ شبَّانًا من يِركا خدموا في حينه في هذا الجيش أيضا.
الجيش الخامس، وبالتُُّركيَّة: بيشِنجي أورْدُوي، أو عربستان أورْدُوي، بمعنى جيش البلاد العربيَّة، مقر قيادته كان في دمشق.
ولدينا وثائق تُثبِت أنَّ شبَّانًا من يِركا خدموا في حينه في هذا الجيش أيضا.
الجيش السَّادس، وبالتُُّركيَّة: ألتنجي أورْدُوي، تشكَّل عام 1848، ومهمته كانت حفظ الأمن في العراق وشبه الجزيرة العربيَّة والدفاع عن تلك المناطق، بدلا من الجيش الخامس، مقر قيادته كان في بغداد.
الجيش السَّابع، وبالتُُّركيَّة: يدينجي أورْدُوي،  تشكَّل عام 1869، ومهمته كانت حفظ الأمن في اليمن والدفاع عنها، مقر قيادته كان في صنعاء.
لدينا وثائق تشهد أن جنودا من يِركا خدموا في اليمن في نطاق ذلك الجيش، في أواخر القرن التاسع عشر.
وعلى الرَّغم من أن الجيش الذي كان من المفروض أن ينضمَّ إليه الجندي الذي نتحدَّث عنه، طبقًا لما ورد في الطلب العسكري، كان الجيش الخامس، الذي كان مقرُّه في مدينة دمشق، ومناطق عمله هي البلدان العربيَّة، إلاَّ أن هذا الجندي قضى خدمته العسكريَّة قي جزيرة كريت، التي لم تكن تتبع، مثل طرابلس الغرب بليبيا، والحجاز بشبه الجزيرة العربيَّة، لأيٍّ من هذه الجيوش السبعة، وإنما كانت تتواجد بها وحدات عسكريَّة عثمانيَّة مستقلة، وكان يُرسلُ إليها، وقت الحاجة، جنود من أيّ واحد من الجيوش السبعة المذكورة، كما حصل في هذه الحالة.

إلى الأسفل من السطر الأول يوجد سطران آخران فيما يلي نصُّهُما:
 صاحب تذكرة علي عيسى اسماعيلك 16 أيلول 301 تاريخنده سلاح ألْتنه ألنرق عكا مقدَّم طابوريله برابر كريد جزيره سِي (كلمة غير مفهومة) إيفاي خدمتلي 12 أيلول 302 تاريخنده عددن إيدكي تصديقا شرح ويرلمشدر.
 الترجمة: صاحب هذه التذكرة علي عيسى اسماعيل كان تحت السلاح عام 1304 هجري (1883 م) وخدم في طابور القسم الأول من الرَّديف التابع لعكا بجزيرة كريت وأنهى خدمته في 12 أيلول عام 1302 هجري (1884 م) ومن أجل ذلك أعطي هذا التصديق. 
تحت هذين السطّْرين توجد أختام لثلاثة ضبّاَط بدرجة مُلازم، ولضابطين بدرجة يوزباشي، ولكاتب هذين السَّطرين، ولضابط بدرجة قُول أغاسِي، ولضابط بدرجة بكباشي (أو بنباشي) القسم الأول من الرَّديف "مقدَّم".
مكان الخدمة العسكرية: جزيرة كريت (كريد جزيره سي)

الخدمة العسكريَّة ضمن الجيش العثماني في جزيرة كريت. لماذا ؟
العثمانيُّون كانوا بحاجة كبيرة إلى جيش كبير في اليونان وجزيرة كريت، وذلك بسبب القلاقل التي كانت تحصل في تلك المناطق، بين الحين والآخر، في أعقاب النَّزعات القوميَّة والحركات الإنفصاليَّة المحليَّة، التي كانت قد أصبحت خطيرة على الدولة العثمانيَّة إلى حدّ كبير منذ العقد الثَّاني من القرن التاسع عشر.
وكان العثمانيُّون قد احتلُّوا أجزاءا من جزيرة كريت عام 1646، وفي عام 1715 أصبحت كل الجزيرة تحت حكمهم. وقد اشترك سكان كريت ضد العثمانيِّين في حرب الاستقلال اليُونانيَّة، التي حصلت بين الأعوام 1821 – 1832، تلك الحرب التي دعاها العثمانيُّون بالاسم "يُونان عِصياني"، أي "عصيان اليُونانيِّين"، وقد أُخمِدت الثَّورة في حينه بجزيرة كريت بمساعدة والي مصر محمد علي باشا وابنه ابراهيم. فيما بعد تمرَّد سكان كريت على العثمانيِّين مرَّة أخرى بين الأعوام 1866 - 1869، ثم مرَّة أخرى عام 1897، واشتركوا ضد العثمانيِّين في الحرب العثمانيَّة – اليُونانيَّة التي حصلت بين الأعوام 1897 و 1898، التي انتهت بنصر عسكري عثماني، ولكن بنصر سياسي لسكان جزيرة كريت، الذين حصلوا على حكم ذاتي في أعقاب تلك الحرب، بعد أن تدخُّلت لمصلحتهم الدول العظمى، خصوصا بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وروسيا.
بالإضافة للجندي الذي نتحدَّث عنه، جنود آخرون من يركا خدموا، خلال تلك الفترة، في جزيرة كريت (أو "جْرِيد"، أو "كْرِيد"، كما كان يلفظ اسمها هؤلاء الجنود من سكان يركا، كما كنت أسمع بعضهم أثناء شيخوختهم وأثناء طفولتي وصباي، عندما كانوا يتحدَّثون عن خدمتهم العسكريَّة هناك). ويبدو أن هؤلاء الجنود من يِركا أقاموا علاقات صداقة متينة مع سكان تلك الجزيرة، والدليل على ذلك أنهم، بعد إنهاء خدمتهم العسكريَّة هناك، ورجوعهم إلى يِركا، كانوا يُرسلون لهم تبرُّعات ماليَّة وقت الضِّيق، ولدينا وثائق تشهد بذلك.
في أسفل ظهر الطلب العسكري يوجد سطران أخران كُتِبَ بهما مقدار المعاش الذي دُفِعَ للجندي بعد إنهاء خدمته العسكريَّة ضمن قوَّات الرَّديف، خلال السَّنتين الهجريتين 1301 (1883 م، دُفِع معاش عن ثلاثة أشهر من هذه السنة) و 1302 (1884 م، دُفِع معاش عن ثلاثة أشهر وثلث الشهر من هذه السنة)، ومقداره كان 128 قرشا وعشر ﭙارات (... يُوز يِكِرْمي سِكِز غروشدن أون ﭙﺎره)، مقابل وثيقة رسمية (أو "قوجان رسمي"، كما ورد في الطلب) رقمها هو162157.
 بعبارة أخرى، المعاش الذي تقاضاه الجندي عن خدمته العسكريَّة كان بقيمة ليرة ذهبيَّة عثمانيَّة واحدة، وقليلا أقل من ثُلث الليرة الذهبيَّة الواحدة.

القِرش أو الغِرش العثماني، واﻠﭙﺎره العثمانيَّة
القرش أو الغرش العثماني، أو كما كان يُلفظ بتلك اللغة: "غُرُوش" (صيغة مُفرد)، كانت عملة فضِّيَّة سُكَّت لأول مرَّة 1688، خلال فترة حكم السلطان سُليمان الثَّاني (فترة الحكم: 1687 – 1691). في تلك الفترة كانت قيمة كل غرش تُعادل قيمة 40 ﭙﺎره. خلال فترة حكم السلطان محمود الثَّاني (فترة الحكم: 1808 – 1839) سُكَّ غرش جديد قيمته الشِّرائيَّة كانت أقل من قيمة الغرش القديم، فقيمة الغرش الجديد الواحد كانت تُعادل قيمة عشر ﭙﺎرات فقط، وقيمة الليرة الذهبيَّة العثمانيَّة كانت تُعادل قيمة 100 غرش.
 أمَّا اﻠﭙاره فسُكَّت لأول مرة في الدولة العثمانيَّة عام 1520، وكانت تتكوَّن، في حينه، تقريبا من الفضَّة الخالصة، ولكن قيمتها أخذت بالتناقص منذ سَكِّها، بحيث أصبحت قيمتها في النصف الأخير من القرن التَّاسع عشر تُعادل عُشْر قيمة الغرش، أو بعبارة أخرى، قيمة كل 10 ﭙارات كانت تُعادل قيمة غرش واحد.
الغروش واﻠﭙﺎرات التي دُفعت معاشًا للجندي علي عيسى اسماعيل كانت من هذين النوعين.
في يسار أعلى ظهر الطلب العسكري كُتِبَت العبارة التالية بخط مائل: "كورلمش" وبجانبها الرقم 301، وبينهما كلمة غير واضحة، لا بُدَّ انها اسم الشهر الذي كُتِبَت خلاله هذه العبارة، التي تعني أن الموضوع قد بُحِث. ولا شك أن هذا الموضوع يتعلَّق بتجنيد هذا الشاب.
 في يمين أعلى ظهر الطلب العسكري كُتِبَت العبارة التالية بخط مائل: "كورلمش" وبجانبها "28 أغستوس سنة 306"، وتحتها: "كورلمش أولديغني صنف مستحفظ"، ثم كلمة غير واضحة. هذه العبارة تعني، على ما يبدو، أن موضوع تجنيد هذا الشاب بُحِث مرَّة أخرى بتاريخ 28 من شهر آب عام 1306 هجري، أي عام 1889 م (مرَّة أخرى، التسجيل طبفًا للتقويم الرُّومي أو أو اليُولياني أو الشمسي أو المالي العثماني)، وأنه تمَّ تسجيل هذا الشاب ضمن قوات "المستحفظة"، وذلك بعد أن أنهى خدمته العسكريَّة ضمن قوَّات الرَّديف.
بقي أن نذكر ان البيت الي وُلِدَ فيه الرَّجل الذي نتحدث عنه، علي عيسى اسماعيل حبيش، هو نفس البيت الذي وُلِدَ فيه سيدنا الشيخ علي الفارس رضي الله عنه، وكما هو معروف، لا يزال البيت قائمًا على ما كان عليه أيَّام الشيخ علي، وأصحابه الحاليُّون هم من أحفاد الجندي المذكور، ولا يزال البيت مزارًا تحيطه هالة من الاحترام والقدسيَّة، ولا يزال اصحابه، منذ عدد من العُقود، يدعون رجال دين من كل القرى الدرزيَّة، من أجل الاحتفال بذكرى الشيخ، عادةً في آخر الصيف وأول الخريف من كل عام.
فيما يلي رابطانِ للنشيد العسكري العثماني (إسْكِي أورْدُو مارْشِي، أي النَّشيد العسكري القديم). لا بُدَّ أن الجندي الذي نتحدَّث عنه، علي عيسى اسماعيل، وغيرَه من الجنود الذين خدموا في حينه في الجيش العثماني، كانوا يحفظونه عن ظهر قلب، وربَّما أيضا، كان عليهم أن يًردِّدوه وقت الاستعراضات العسكريَّة العثمانيَّة (نشيد عسكري رائع !).

هكذا يقول هذا النَّشيد:
إسْكِي أورْدُو مارْشِي
(ESKİ  ORDU  MARŞI)
إي شانلُو أورْدُو
إي شانلُو عسكر
هايدي غزنْفر
أمَّاني صَفتَر
بير إلْدِه قلقان
بير إلْدِه هنْجر
سِر هَدِّه دوغرو
إي شانلُو عسكر
دِر يادِه أولْسه
هِر شِي مُزفَّر
دليردِه تكبير الله أكبر
الله أكبر
الله أكبر
أورْدوموز أولسُون
دايم مُزفَّر

الترجمة:

أيُّها الجيش المجيد
أيُّها العسكر المجيد
أيُّها الرَّجل الشجاع
بحر من الرجال الشُّجعان
تُرْسٌ باليد الأولى
خنجرٌ باليد الأخرى
بخط مستقيم سِرْ عبر الحُدود
أيُّها العسكر المجيد
وليَكُن النَّصرُ حليفَنَا في البحر
دائماً كَبِّر الله أكبر
الله أكبر
الله أكبر
وَلْيَبْقَ جيشُنا دائماً مظفَّراً

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق