المعركة على غزة بقلم مسعود غنايم
2009-01-05 18:52:59

يجمع الخبراء العسكريون في العالم ان بداية أي عمل عسكري لا يمكن ان ينتهي بنفس الطريقة التي بدأ فيها ولا يدل بالضرورة على شكل نهايته , فالحرب العالمية الأولى بدأت كحالة توتر بين النمسا وصربيا وجرت بعدها كل أوروبا الى حرب دامية دامت أربع سنوات وكذالك الحرب العالمية الثانية وغيرها من الحروب.

ان قيام القيادة الأسرائيلية بشن الهجوم البري على غزة يدل على ان هذه القيادة لم تتعلم درس حرب لبنان الأخيرة ولم يفهم السيد اولمرت الذي وقعت على كاهله وعلى كاهل حكومته مسؤولية الهزيمة في هذه الحرب ان خاتمة عهده لن تكون افضل من بدايته فقد بدأت بهزيمة في الشمال وستختم بهزيمة من الجنوب , الثلاثي الذي يقود سفينة الدولة اليوم لم يذوت مدى انهيار نظرية الردع ألأسرائيلية والتي بدأت علامات الخلل تبدو عليها منذ حرب 1973 وحتى حرب الخليج ألأولى عام 1991 عندما بدأت الصواريخ تصل العمق الأسرائيلي من العراق , لقد أثبتت هذه الصواربخ وبعدها صواريخ حزب الله من لبنان في الحرب ألأخيرة أن ألأرض لا توفر ألأمن لأسرائيل وأن المعادلة ألأفضل لأسرائيل هي مبادرة جيمس بيكر منذ أيام مؤتمر مدريد والتي تقول ألأرض مقابل السلام .

اذا كانت الأرض لا توفر الأمن والقوة لن تنفع مع الشعوب وان أخافت الأنظمة فأن الحل الأفضل في هذه الظروف هو في ارساء دعائم سلام شامل يقوم أولا على ألأعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني واعادة الأراضي العربية التي احتلتها اسرائيل , قد يبدو هذا الحل مكررا وقديما ولكن كل الأحداث تدل على انه يبقى الحل الواقعي المتاح اذا تغيرت العقلية ألأسرائيلية.

في ظل المعركة على غزة وما ستفرزه من نتائج يبدو ان اسرائيل رويدا رويدا تتحول الى جيتو مغلق تحاصره الصواريخ والقذائف من الشمال ومن الجنوب ومن يعلم فقد تؤدي الأحداث الى فتح جبهات اخرى تحول اسرائيل الى قلعة صليبية محاصرة تنتظر الأنهيار ولن يكون مصيرها أفضل من مصير مملكة بيت المقدس الصليبية التي تعاملت مع محيطها العربي والأسلامي بمنطق حق القوة وعقلية المحتل المتغطرس ولم تتحول الى جزء طبيعي من المنطقة , لقد اثبتت اسرائيل منذ عام 1948 وحتى اليوم ان أمنها لم يزدد رسوخا وان وجودها لم يصبح شرعيا من خلال كل الحروب التي خاضتها وفي الوقت الذي هزمت فيه جيوش ألأنظمة العربية لم تستطع النصر على عداء ومقاومة الشعوب العربية لمشروعها وكل مساحة احتلها الجيش الأسرائيلئ تحولت بعد ذالك الى مجالات لأطلاق الصواريخ على الدولة, على المؤسسة والقيادة في اسرائيل التفاهم مع هذه الشعوب واقناعها بانها ليست مشروعا صليبيا جديدا وانها مستعدة للاستماع وقبول منطق قوة الحق الذي تريده هذه الشعوب.
معركة غزة القت الضوء من جديد على وضعية العرب سكان الدولة من حيث علاقتهم بالدولة والمواطنة وهويتهم الوطنية والقومية وعادت الى الأعلام الاسرائيلي كل سمفونية الولاء للدولة وأخرج كل سياسي اسرائيلي مقياسه الحراري او سلم ريختر لقياس صدق ولائنا للدولة , هذه الجوقة تذكرني بكل حملة التحريض والتشكيك بالجماهير العربية في البلاد اثناء انتفاضة القدس والأقصى والتي اتضح من خلالها مدى جهل أجهزة الدولة وغبائها وانغلاقها على مفهوم المنتج الصناعي الذي تريد تصنيعه في دفيئتها الذي اعطته شهادة عرب اسرائيل(ערבי ישראלי )
                                                                                  
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق