* إمكانية التعلّم في الحياة
2008-12-29 10:27:00

في حياتنا اليومية قد يواجه المرء خلال ساعاته، أيامه ولياليه الكثير من ألأمور التي يمكنها أن تمتحنه تارة في ساعة غضب، وتارة في حالة توتر وأخرى في انهماك وعمل دون انقطاع، وفي هذه الحالات وغيرها يصعب على المرء ان يصيب في رأيهِ، خاصة اذا كان غير مركز في الموضوع الذي هو بصدده، وكذلك يصعب عليه اتخاذ موقف معين في هذا المجال، وما من ريب إن عدم التّركيز وعدم التّروي والدراسة والتأني في مثل هذه الظروف لا يمكنها قيادة المرء وتوجيهه الى قرار او الى موقف ملائم على الغالب.

 وعليه فإن هذه الحياة صاخبة بالصعود والهبوط، صاخبة بالارتفاع والانحناء، تعج أيضاً بالمستجدات، منها المغرية والفتانة ، الا انها خاوية من كل مضمون، وقد يكون الامر في بعض الاحيان عكس ذلك، وفي ناحية اخرى نرى الحياة زاهية برّاقة في نظر ألآخرين وربما يكون هذا صحيحاً، وفي نظر نفر آخر قد يكون ألأمر عكس ذلك.
واذا اردنا التوسع في مثل هذه الحالات لما وصلنا الى نهايتها، لأنها كثيرة ولا حدود لها. فلذا يترتب على الانسان أن يتعلّم، نعم يتعلّم من خلال تأملاته، من خلال تجاربه، من خلال تفكيره وكذلك من خلال درايته وقدرة تقديره ومن تحليله للأمور والحالات التي يمرُّ فيها الانسان ويحياها ، وذلك في دروب حياته المتعدّدة.
فيمكن للمرء التعلّم من الجبال الشاهقة، العالية والشامخة في الأعالي.. هذه الجبال يمكنها أن تعلّم المرء أن يعرف معنى الشموخ والاباء، نعم الشموخ والاباء ليس بمعنى العظمة والتعالي، وإنما الاباء بالتواضع وبعدم العنجهية والكبرياء والنظر الى ألآخرين نظرة تساوي وعدم تعالي رغم كون الانسان في العلياء، فعليه أن يتعلّم الاباء والشموخ في ظل التواضع وعدم الاهتزاز من كل ريح عاتية، أو من كل طارئ قد يطرأ ليبقى راسخاً في مواقفه رسوخ هذه الجبال.
كما أنه يمكن للانسان التعلّم، تعلّم البذل والعطاء اذا تمكّن من ذلك واذا توفرت له مقومات العطاء كالمال والارزاق وحتى الحكمة، الهداية والارشاد والنصائح الموضوعية التي يمكنها خلق جو لطيف ، جو يدعو الى العيش الكريم، نعم يمكن تعلّم البذل والسخاء من الينبوع الصافي ومياهه الجارية النقيّة والذي يعطي ألأنسان بسخاء ويروي الحقول دون مردود من أحد وبإستمرار.
 
والمرء مهما تقدم وعلا في مراتبه ومناصبه، ومهما تعرض لهزات نفسية وانسانية عليه ان يكون صلباً في مواقفه المبدأنية، الانسانية المشرّفة، وان يكون صلباً ايضاً في مواقف الشرف والكرامة، يكون صلباً كصلابة الصخور التي يصعب تكسيرها وتفتيتها، لأن المرء اذا تهاون في مثل هذه المواقف فلا بد من اندحاره في الحياة ورضوخه تحت اقدام الاطماع والتوافه، وفي بعض الاحيان الانجرار وراء الانحرافات السلبية غير المقبولة وغير المحمودة في المجتمع.
 وان يكون المرء ذا هيبة، وذا عنفوان، هادئاً متعلماً، متبصراً، ومفكراً بهدوء وبراحة نفس، يصمت من باب التفكير والهداوة في أحواله وأحوال ذويه والتأمل والصمت ازاء ما خلق الله في هذه الحياة من مخلوقات على اختلافها ليستخلص العبر من قدرة الباري عز وجل ومهابة الله لا تفارقه، ذلك يمكن تعلّمه عند المغيب عند الغسق حيث غروب الشمس ألآخذة في الافول، عندها تتجلى القدرة الآلهية وفي نفس الوقت ترسل لنا هذه الاونة من اليوم الكثير من العبر في حياتنا اليومية.
 وخلاصة القول ايها المرء عليك اتخاذ المواقف المذكورة من الامور التي ذكرت فمن الجبال الشموخ والاباء، من الينبوع البذل والسخاء، من الصخور الصلابة ومن المغيب او الغسق الصمت والمهابة، عندها في نظري لا بد من إكتساب الكثير لسلوك أفضل في مجريات الحياة.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق