الكاتبة والشاعرة دوريس علَمْ خوري من مواليد لبنان ، دوريس خوري تقيم في البقيعة ؛ متزوجة ولها أربعة أبناء قدمت الى البلاد سنة 1976 الى بيت جدها في حرفيش إبان الحرب الأهلية في لبنان
الكتاب الاول : عودة الالهة إصدار دائرة الثقافة العربية مطْبعة فينوس الناصرة
الكتاب الثاني :جلباب العبودية إصدار دائرة الثقافة العربية مطبعة سمير أبو رحمون
الكتاب الثالث : نسائم لبنانية إصدار دائرة الثقافة العربية مطبعة سمير أبو رحمون
الكتاب الرابع : أجنِحَةُ الغَد مطبعة البلد سمير أبو رحمون
الكتاب الخامس : مسرحية "اشتقتلك يا بلدنا" إصدار مطبعة البلد سمير أبو رحمون
الكتاب السادس : وعانَقَتْني شمْسُها إصدار مطبعة البلد سمير أبو رحمون
وعانقتني شمسها الطبعة الثانية إصدار مطبعة الحقيقة للطباعة والنشر كفرياسيف
الكتاب السابِع :" لِنشيدِكِ طقْسٌ" إصدار مطبعة الحقيقة للطباعة والنشر كفرياسيف
عودة الالهة
الإهداء إلى روح جبران خليل جبران الذي بنى لي وطناً في غربتي وألهمني وعذى روحي المتعطشة أبداً لحبِ الخيرِ والإنسان
عندما كانت تصلني كتابات دوريس خوري كنت أبدأ بقراءتها فوراً ودون تأخير وذلك لغرابة المواضيع التي تطرقها عادة
فهي مواضيع تاملية فلسفية ولم الاحظ أنها تكتب لظرف آني أو مناسبة طارئة وهذه من النقاط التي تسجل لأي كاتب
من الواضح في مقالاتها الفكرية التأملية الفلسفية أنها على سعة من الإطلاع على تاريخ اللأهوت ويعود ذلك لدراستها
هذا الموضوع منذ سنوات وكذلك لوضعها الخاص فهي لبنانية (جنوبية) متزوجة في شمال البلاد منذ أكثر من عشرين عاماً
ولهذا أيضاَ صلة وثيقة في كتاباتها فهي تعتز بلبنانيتها أولاً ولكنها تنتمي لفكر إنساني تأملي عميق شامل .
ولا بدَّ للقاريء أن يستشفَ الحس الإنساني الرفيع الذي تكتب به، ولا بدَّ أيضاً لقارىء مقالتها أن يخرج نفائدة ما ، باسم اله
من الهة الفنيقيين أو البابليين أو غيرهم
دوريس خوري شاعرة رقيقة أيضاً ، تكتب الزجل باللهجة اللبنانية ولكنها لم تنشر إنتاجها بعد ، لم تكن دوريس مقتنعة حتى الان
بإصدار كتابها الأول ، أي أنها لم تتسرع كما يفعل الكثيرون ، ولهذا تستحق التقدير وبإلإمكان القول وبثقة أن كتابها يستحق أن
يُطْبع لأنه يستحق أن يُقْرأ ، وهو لون جديد في المقالة إذ أنه بعيد كما قلنا عن الهموم اليومية الآنية والسياسية وهي ميزة كتابة
الشاعرة والكاتبة دوريس خوري مبروك وقدماً وإلى الأمام
جلباب العبودية
إلى إخوتي وأخواتي في البشرية إلى من أدمتْهُمْ سِياط العبودية إلى من تاقتْ نفوسهم إلى فضاء الحرية أهدي كتابي
تتحدث فيه الكاتبة عن عبودية الأنظمة الدينية والسياسية المتعسفة بحق الإنسان فهي تنتظر أن يأتي الى الأرض مخلص يُخلِصُ الناس من عذاباتهم وتنظرُ الى المستقبل بنظرة متفائلة وبريق أمل يُطِلُ علينا من خلال إطلالة النبي المنتظر . الغلاف بريشة الفنان محمد وليد محاميد
نسائِم لبنانية
هذا هو كتابي الرابع أرسله على أجنحة طائر الفينيق فما هذه الرسالة ، الا تعبيراً صادقاً عن رعبة جامحة في الإتصال بوطني وبجذوري اللبنانية التي طالما شدَّتْني اليها والتي قطعت أوصالها الأحداث الدامية في شرقنا الحبيب علها تحثُّ كل مغترب للعودة الى وطنه فتطفىء جمرة ملتاع وتصبح سلواه في غربته وعزاء للمغتربين في أوطانهم
المقدمة
الكتاب جمع وإعداد دوريس خوري
يضم الكتاب في صفحاته نماذج من
الدلعونا – العتابا – الميجانا – المعنى – القصيد- الشروقي
الموشح – القرادي – النوادر الزجلية
أجنحة الغد
يضم الكتاب مجموعة مقالات منها المواضيع السياسية التكنولوجية والإجتماعية محور المقالات الإنسان المُتْعَبْ المُسْتعْبَدْ المرأة المُثْقلة بالشرائع الإجتماعية والدينية
التي أثقلت كاهلها استغلال الإعلان للمرأة والرجل على السواء ، كتاب كغيره من كتابات دوريس خوري همها الأول والأخير الإنسان التواق الى التحليق فوق أجنحة الغد أجنحة متينة جديرة بابن الانسان
مسرحية اشتقتلك يا بلدنا
الغلاف بريشة الفنان التشكيلي فتحي غبن
مسرحية تحكي قصة عائلة هُجَرًتْ قسراً من وطنها الأصلي محور المسرحية كيف أن رب العائلة واسمه كنعان عاش طيلة أيام غربته رافضاً ما حلَّ بوطنه عاش على حلم العودة ينتظر عودة ميمونة لكن زوجته هنية لم تجاريه في حلمه فكانت أكثر واقعية منه بدأت تعمل في الخياطة تخيط الاثواب لجيرانها كي تسد رمق جوع أطفالها علها تجنبهم شر التشرد والضياع لم تكتف بمساعدة عائلتها بل بدأت بتعليم النسوة اللواتي هُجِّرْن هن أيضاً مع عوائلهم تحثهم على العمل في الآشغال اليدوية اللواتي ورثنهن من أمهاتهن وجدادتهن
وعانقتْني شمسُها
الإهداء إلى كل مَنْ يُقَدِّس المحبة بأنقى صورها الإنسانية؛ إلى كل من يعشقُ جمالَ الكلمة النابضة بالحياة الحرَّة المستنيرة .
المقدمة : دكتور بطرس دلة
يذكر القاريء أن الشاعرة دوريس خوري كانت قد أصدرت أكثر من ديوان فيما مضى وهي اليوم تطِلُّ علينا بديوانها الجديد ( وعانقتني شمسُها ).
يختلف هذا الديوان عما سبقه لأننا نلمسُ فيه أثر بحور الخليل بن أحمد في معظم قصائده مع أن الشاعرة في كتاباتها السابقة خرجت عن كل البحور وهي اليوم وان لم تكن مقتنعة كلَّ الاقتناع بأن الالتزام بالبحور الستة عشر هو الشعر الحقيقي ؛ ولأنها تؤمن أن الكلمة الجميلة أكبر من أجمل بحر ، لذلك نراها تراوح في شعرها بين العمودي المقفى والشعر الحر .
من هنا نجد شاعرتنا تخلط في قصائد هذا الديوان بين الصنفيننحن لا نريد في هذا التقديم التعرض للصراع القائم بين محبذي الشعر العمودي والمتعصبين له وبين المنطلقين من قيود البحور والقوافي فيما يُسمى باسم الثورة على التقاليد وفكرة التجديد . فالأوائل يدَّعون وبصدق أن القصيدة الموزونة والمقفاه أسهل على الحفظ من الشعر الحر أما الاخرون المجددون فيدعون أن الشعر الحر هو انطلاقة خارج قيود المألوف ، وهو ثورة على الموروثات وتحرّرٌّ وانعتاق كم نحن بحاجة اليهما .
والأن إلى مضمون الديوان ولغته الفنيَّة :
يبدأ الديوان بقصيدة كان يا ما كان : هذه القصيدة فيها رمزية تتماهى فيها الشاعرة بين حياة المرأة الأنثى والأرض وكلاهما زينة الحياة فهن يحملن في أحشائهن استمرارية الحياة ويعطين أشهى الثمار في بستان الحياة وهي تسأل في القصيدة كيف اهتدى الانسان وشرب خمرتها فأسكرته الكلمات وكيف أودعت ثمارها بين يديه حيث دنا من قدس أقداسها فهي تحذر حارس البستان من الذئاب البشرية التي تهاجم وتنتهك حرمات الأرض والمرأة على السواء في مجتمع شرقي ذكوري لا يرحم وعندما كانت كزهرة برية في بستان أحلامها فجاء من يقطفها ويستبيح كلُّ أوراق هذه الزهرة حتى عطرها وذلك بعد أن اطَّلع على كلِّ أسرارها وكتبت له
وعزفت أجمل أشعارها فصار بستانها جنَّتَهُ على الارض .
أما قصيدتها الثانية بعنوان : ما اسمُكِ يا عروس ! فهي قصيدة الفكر والتساؤل عن الأرض والإنسان . هذان ألاقنومان في علاقتهما البسيطة
والمعقدة هما عنصرا الحياة : فالأرض ترى أن الإنسان يحارب أخاه الإنسان فيخضِّب الأرض بدمائه ويحارب أخاه ظلماً وعدواناً ولذلك فإن الأرض لا ترضى أن تُتَّهَم بالمسؤولية عن هذه الدماء المسفوكة حتى ولو كانت مسفوكة في الصراع البشري حول السؤال : من يملك الأرض ولمَنْ تتبع ؛! فمطامع الإنسان في امتلاك نصيبٍ أكبر كما في الصراع الشرق أوسطي ، فان الحروب لن تهدأ إلا بزوال أطماع الطامعين .
وإذا مرَّ الزمان وناء بِكَلكَلِهِ على الحبيبين الزوجين فأنساهما طعم الحب الذي يجمع ما بين الرجل والمرأة فإنها تدعوه الى
تجديد ما كان لأنه كما قال جبران خليل جبران في المحبة مقولته الشهيرة !
الحب الذي لا يتجدَّدُ في كل يوم وليلةٍ ينقلب الى نوع من العبادة !
وهي تشكو لأن الحبيب أبعدها عن وطنها وبات حب هذا الوطن كامناً في ركنٍ خفيٍّ لذلك فهي تدعوه الى التجدد بقولها :
الا يا مقلة العين
تعالى لا تجافينا
تعالى فالغد الاتي
بأحلام تصابينا
في قصيدة عبثية الطقوس : قصيدة الدهشة وغير المتوقع تدخل الشاعرة في حوار وعتاب لوطنها ومهد أحلامها الذي ضيعته بسبب الحروب والنزاعات الطائفية التي شهدها شرقنا منذ اقدم العصور ، هذا الوطن الحاضر الغائب أضاع منها النهى وأفقدها الرشد
في اقتفاء أثره بعد أن كان غابة لوز سحرية وطن الوحي والإلهام ولم تكن ذات يوم بنتاً عاقةً لوطن المحبة والعطاء والإبداع الذي أعطاها الدُّرَ والياقوت ومنزلة تتيه فيها فتأخذ بالإنشاد إنشاد اللحن المنسجم في دروب الأباء والأجداد الذين كانوا محبين ومخلصين لذات الوطن ومن ثم تعود ثائرة يشدها الوجد وعشق المحبوب لأن كلماتها همجية عندما تنطبع قبلاته على جبينها والقبلات على الجبين هي قبلات الاهل وقبلات المراضاة بعد الخصام ! فلماذا ! يقبَّلُ جبينها بدلاً من شفتيها ؟ ! القبلة على الجبين تعنى فراق المحبوب هذا المحبوب الذي تؤرقها طقوسه العبثية اللاهية ! لأن حُبَّها هذه المرة يعود الى لبنان من جديد منبع الأحلام وذكريات الطفولة التي لا تغيب عن ذاكرتها إنشاد هذه الشاعرة، يذكرنا بنشيد الانشاد للملك سليمان عندما تُفصِح عن مكنوناتها فتقول : شممتَ عطري (ضمَمّْتَ رمَّاني) وقعالَ كرومي فيتيه القاريء ما بين حكايا ألف ليلة وليلة وبين نشيد الأنشاد للملك سليمان هذا التماهي في حقبات زمنية إستحضرتها الشاعرة وصبّْتها في قوالب شعرية جذلى تتراقص لها القلوب وتنتفض نشوة بخمرة تلك الأبيات تجعلها في قصيدة الكرمة والكرَّام تستذكر ألهة الفينيق القدامى الذين كانوا يجنون ثمار الكروم في أرض كنعان ولبنان يجعلون منها خمرة تعطي الشفاء للمرضى ومع كل هذا الحنان والرقة الروحية والنشوة بخمرة الألهة يظهر تأثرها بدراسة اللاهوت والتماهي في العشق الالهي فهي لا تنسى عشتار وهي سر هذا الكون فتناجيها بقولها :
ايه عشتار عبير عطرك
قد برانا الداء في الجسم وصَبّّّْ
يا ديوملكيوس أنت المرتجى
ايه حورا أعطنا ما قد وجب
قد زرعتُ الارضَ حُباً جارفاً
وتطلعتُ الى أعلى الرُتَبْ !
في قصيدة وجع السنين :
تتذكر وطننا المقهور المعذب وطن العشاق والحكماء والبلغاء حتى الشعراء يهوون أرضه يقدسون زيته وقهوته وزعتره وماءه النمير هذا التجوال في رحاب الوطن لم يمنعها من الترحال والتحليق بالفكر فوق صحاري شرقنا الحبيب هذه القصيدة هي عنوان الديوان وعانقتني شَمْسُها كما فهمت من قراءتها تعتز الشاعرة بقوميتها العربية فهي تعتبر نفسها حبة رمل من رمال الصحراء وحبة تمر من شجر نخيلها فهي تعانق الصحراء بشغف ما بعده شغف وتخوض في القصيدة تجربة جديدة من نوع جديد فيه الشيء الكثير من الاعتزاز بالنفس فالصحراء تعلمها أن تكون بدائية في حبها وما أجمل هذه البدائية لأنها بعيدة عن البروتوكول قريبة الى الطبيعة وكما قال فولتير : تأتينا السعادة كلما اقتربنا من الطبيعة وكلما كنا بدائيين فهذه الخبرات الحياتية تبرز مواطن الجمال وتحوله الى سحر الهي ما بعده سحر فهي تعشق الصحراء بجنون وبصدق وتتقن هذا الفن بروعة كأنها وليدة الصحراء تخشى عليها من الغزاة والمحتلين حقاً وبصدق أن الشاعر لا يعرف الحدود الجغرافية للارض ولا الحقبة الزمنية لها انما يبقى في هيام دائم وتطواف بالخيال ما بعده تطواف هذه النماذج التي اقتبسناها من هذا الديوان لا تغنى عن قراءته حيث تتجلى شاعريتها بخصوبة رائعة ما بعدها روعة ونستشف من قصائدها الحس الانساني المرهف فهي تدور على جميع المحاور الانسانية وتطرح تساؤلات لا نجد لها احياناً جوابا ً. هذه هي قدرة الشعر والشاعرة أهنئكِ أيتها الشاعرة المُجيدة وأتمنى لك دوام العطاء فقد حققت في هذا الديوان قفزة جيدة فإلى الامام .
لكِ الحياة
لِنشيدِكِ طقسٌ
الإهداء
إلى مَنْ أهداني بُوصَلة بلادي فتربَّعَ على عرشِ قلبي، إلى مَنْ أعْطاني معنىً جديداً للحياة ، إلى المَنْفِيين في بِقَاعِ الأرضِ ، إلى المُشَرَّدين عن أوْطانِهِم يحلمون بانفِراجِ كَرْبِهِمْ ، أُهديهِمْ كتابي علَّهُ يكونُ أنيسَ وحْشَتِهِمْ وسَلْوى غُرْبَتِهِمْ
المقدمة
دكتور بطرس دلة
لَمْ أتَرَدَدْ في كِتابَةِ هذه المُقَدِمَة عنْدَما طَلَبَتْ مِني الشاعِرَة دوريس خوري مِنَ البُقَيْعة لُبْنَانِيَةُ الأصْلِ وذلِكَ لأنَ مَعْرِفتي بها تَعودُ إلى ما قبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ عاماً عندما دعَتْني ودَعَتْ مجموعةً مِنِ الكُتَّابِ والشُعراءِ الأُدباء والمُتَأدِبينَ إلى صالونِها الأدبي العاَمِرِ صالونْ "ناردين للثقافة والفُنون" وكان لي شَرَفُ إلقاء كلِمَةٍ ثُمَ تلاَهُ لِقاءٌ أخر أخذْتُ فيه عرافة الأمسية في ذلِكَ الحين .
كنتُ قد قرأت لها عدة دواوينَ سابِقة كما أجْرَيْنا لها في رِحَابِ الكنيسة الأورثوذكسية في كُفْرْياسيف بالتعاوُنِ مع جمعِيُةِ "إخْوَتي أنْتُمْ" التي أنا رئيسُها حفْلَ تكريم خاصاً لإبْداعِها وإصدارها الاخير ، وها هي اليومَ تَخْرُجُ علينا بشيىءٍ جديدٍ لمْ نَعْهَدهُ لها مِنْ قبل ، هذا الديوان الذي ارتَأيْتُ له إسماً أخَرَ " فَلْتَتَحَرَّرْ يا وطني" الا أنها أخذتْ على عنوان "لنشيدِكِ طقسٌ"
الشاعرة دوريس خوري تَرْفَع على سفينةِ شِعْرِها شِراعَ القَلَقِ الدائِمِ ليس لأنها لا هويةَ لها بلْ لأنها أُنْتُزِعَتْ مِنْ وطنها الأصلي لبنان قبل ستة وثلاثين عاماً وتزوجت مِنْ ابن خالتها في البقيعة الجليلية فاصبحتْ تحمِلُ هويتين في آنٍ واحد اللبنانية والفلسطينية وهي لذلك تغلبُ على لهجتَها وشِعْرِها اللهْجَةَ اللبنانية الرقيقة والتنَاص الفينيقي حيث نجِدُها تذْكُرُ أقوالاً لقدموس ولبيبلوس وغيرهما مِنْ أساطيرِ التاريخِ الفينيقي العريق ونحنُ نعْرِفُ أن الفينيقيين هم مِنْ أحفادِ الكنعانيينَ ولِشغفِها بتاريخِ أجدادِها لُقِّبَتْ من عدة مؤسسات ثقافية بلقب "شاعرة كنعان" هؤلاء الكنعانيون كانوا أول الشُعوبِ العربية
التي استوطنَتْ أرض سوريا الكُبْرى وعنهُمْ انْبَثُقَ الفينيقيون أصحاب الحضارة السبَّاقَة في التاريخ العالمي لأنهم كانوا أوَّلَ مَنْ اكتشفَ حروفَ الهِجاءِ حسب مخارجِ الحروفِ من فمِ الإنسان وعرفوا الملاحة البحرية فبنوا دولة قرطاجة على شواطيء شمالِ أفريقيا ،تلك الدولة التي خرج منها القائد المُظَفَّرهنيبال الذي غزا إيطاليا في إحدى حملاتِه التوسعية ،كما عرفوا صناعة الزجاج من السيليكون الرمْل وصناعة الفخار وأشهر مدنهم في شمال فلسطين كانت مدينة عكا التي كانوا يُسَمونَها باللغة الفينيقية "عكُّو" ومعناها الرمل الحار فمَنْ كانت له جذور فينيقية كشاعرتنا هل يستطيعُ أن يتخلى عن هويةٍ كهذه؟!
الشاعرة دوريس كما ذكرنا تُحاوِلُ جاهِدةً إرضاءَ كل الأذواق الأدبية الفنية في كل ما تكتب وهي تعيشُ في قلقٍ دائمٍ عندما تمسك القلم لِتَكْتبَ وتُبْدِعَ من هنا فإن قلقها هذا أبعدها عنِ اليقين فهي باحثة أبداً عن الأجمل والأحسن وهي تحسب الفَ حساب للنقاد من الزملاء الذين يتهامسون سِراً وجهاراً لعدم التزامها ببحور الخليل بن أحمد الفراهيدي علماً أن لها قصائد عمودية سابقة وعلى وزن التفعيلة هي تضرب كل هذه الاعتراضات عرض الحائط وتُصَرِّح قائلةً : أنا لا أتقيَّد بألاوزان والبحور ولا أخضع لعبودية مفروضة عليَّ بيْدَ أنني لستُ ضد هذه القوالب اللغوية للشعر الموزون الذي يُعْنى بالموسيقى الخارجية للشِعْر التي لا أعيرها إهتماماً كبيراً حيث أن تركيزي مُنْصَبٌّ على الإيقاع والموسيقى الداخلية للقصيدة
إنها تكتب الشِعْرَ المنثور الذي فيه الكثير من الروعة والتجديد حيث تتجلى موهبتها ومقدرتها على صياغة كل جميل وكل حميميِّ ،أعتقِدْ انها بهذا الإبداع دخَلَتْ عالماً جديداً كان مُقْفَلاً أمامَ عينيها ولم تَكْتُبْ مِثْلَهُ سابقاً
يقول صلاح عبد الصبور في إحدى مقالاته " أنا لستُ شاعِراً حزيناً ولكنني شاعرٌ مُتَألِمٌ وذلك لأن الواقِعَ الذي أعيشُهُ لا يُعْجِبُني "! وشاعرتنا لديها الكثير من الألم بسبب الواقِعِ المأساوي الذي يعيشه شعبنا في هذه البلاد وهي تشعر أن المحيط الذي تعيش فيه يضيق مِنْ حولها أولاً لأنها إمراة وثانياً لأنها فلسطينية الإقامة فإذا كان العالم يتجدد باستمرار فإن شاعرتنا تشعر أن شيئاَ ما ينقصها الا وهو التجديد ولذلك فإنها خرجت عن مألوف ما عرفناه لديها من إبداع في دواوينها السابقة
إنها هنا أكثر شفافية وأكثر جُرْأةً وأكثرُ اندفاعاً إلى اكتشاف المجهول أي المستقبل البعيد ولذلك فهي تلجأ الى الألهة الفينيقية ترجوها أن تُنير لها الطريق نحو الجديدِ والمتجدِدِ لَيْسِ المهم لديها الوصولُ الى نهاية الطريق لكِنَ المهم مِنْ أين تَبْدأ الطريق فمِشْوارُ الألفَ ميل يبدأ بخطوةٍ واحدةٍ فإذا ما بدأتْ لديها أهدافٌ بعيدةً المدى تُبْحِرُ من أجل الوصول اليها عِبْرَ بِحارٍ مُتَلاطِمَةِ الأمواج وربَّان سفينتها إيمانُها بالله جلَّ جلاله وإيمانُها بمقدرة هذا الشعب العربي الفلسطيني الذي عرف الخُطوةَ الأولى لا بلْ الخُطُواتِ نحو إقامة الدولة الفلسطينية لأنه شعبٌ بطلٌ والأبطالُ فقط هم الذين يحققون المعجزات ولذلك فإن قلقها الدائم هو في سعيها إلى بلوغِ الكمالِ وهي تعي تمام الوعي أنَّ الكمالَ للهِ وحْدَهُ ! ولمَّا كانت تؤمن أنه لا قدسيةَ لِشيىءْ سوى قُدْسِيِةِ الكلمة والحُرِّيَة ِ فإنها جاءت تبحث هنا عن المعرفة الفكرية والإنسانية لدى الإنسان العربي في تاريخه الناصعِ البياضِ منذُ فجر الإسلام وفجر الحضارة الفينيقية !
ومع كُلِ تماهيها مع الفينيقية والعروبة ، فإنَ لديها شعوراً بالإغتِرابِ ، الإغترابِ العربي عن المعرفة منذ زوال الدولة العباسية وموت الحضارة العربية العظيمة التي كانت ناقلةً ومُتَأثِرَة بالحضارات الهندية والفارسية والصينية والاغريقية والفينيقية
إنَّ لديها شعوراً أن الذات العربية قد ظلمها التاريخ مع ما للعرب من فضل في نقل الحضارات القديمة وتطويرها خاصة الفلسفة الاغريقية .
مِنْ هنا فإن هذا الشعور بالإغتراب قادها الى إنعدام الإنتِسَابِ الواحدِ كي تَدْخُل إلى الإنتساب التاريخي والحضاري القديم مع محاولة جادة للتجديدِ والتجَدُّد.
فالذات العربية قائِمةً شاء مَنْ شاءَ وأبىَ مَنْ أبى ولكِنَ وجودَها مرهونٌ بالذوات الأخرى خاصةً التي أخذَتْ عن حضارتِنا من العصورِ الوسطى وسبقتنا بالأف الأميال !
فهلْ نرضى بأن نظلَ نَجْتَرُّ تفاهات ما فات أم نُجَدِّد ونَتَجَدَّد !
إنَّ تاريخَ عالمنا العربي الذي عرفناهُ ما قبل ثورة الخامسِ والعشرين من كانون الثاني عام 2012 هو تاريخٌ أسودُ مليىءٌ بالدكتاتوريات والإضطهادِ وانعدام الديمقراطية والحريات الفكرية ! فهل سيَلِدُ ربيعُ الشعوب العربية الذي جاء مُتَأخِّراً عن ربيع الغرب بحوالي قرن ونصف ، هل سيلِدُ هذا الربيعُ أنظمة ديمقراطِية تُقدِّسُ حرية الكلمة وحُرية الإنسان كما فعلت شعوب أوروبا والغرب كله ؟!
هذا ما لا نعرفه اليوم ، ولكن غداً القريب سوف يكشف لنا أنَّ إرهاصات الحركة الثورية في شمال أفريقيا في سوريا الكبرى في العراق في قطَر والمشيخات وغيرها قد تاتي بكل جديد نحن بأمسِّ الحاجة اليه .
إنَّ ثقافتنا العربية الحديثة لا تتغَزَّل إلاً بماضينا المجيد وبإنتصاراتِنا على قِلَّتِها وضآلتِها هذا النهجُ لا يُفيدُنا بشيء لأن علينا أن نبحثَ في أسبابِ هزائِمنا المتكررة كي نخْرُجَ منها إلى حالةِ النورِ وإلى الحرية الحقيقية المنشودة ،
إنَّ ذاكِرَتنا العربية مُصابة بالكُومَا ، لكن حتى المُصابون بالكوما قد يستيقظون يوماً ما !
فهل ذلك اليوم ما زالَ بعيداً ،هكذا تُنْهي شاعِرتنا ديوانها قائِلةً
"إسْمَعْني يا الله مثلما سمِعْتَ إستغاثةَ داود ووجَعِ أيوب ...
متى تأتي بمجدِكَ العظيم كي يعيشَ الذِئبُ بجانِبِ الشاة ِ
فإما أن تعيد صياغة العالم يا الله
وتُجَدِّد روحكَ فينا
وإما أن ترْفَعني لِسَمائِكَ مثلما رفعتَ أخنوخَ والنبي إيليا
وإما ...أن أبقى مَنْفِيَّةً عن كوكب ِ الأرضِ
رفعْتُ اليك صلاتي
هلْ تَسْمَعُني يا الله !
أيتها الشاعرة المُجيدة أحيِّيكِ وأتمنى لكِ مُستقبلاً زاهراً ومعرفة شاملة واكتِشافاً للطريق الوعِرَة المُؤدية في نهاية السرداب الى حرية الكلمة وحق الحياة الحُرَّة الكريمة لك الحياة لكِ الحياة ! ! ! الدكتور بطرس دلة كفرياسيف يَضُمُ هذا الديوان مجموعة قصائِد مُطَوَلاَتْ شَعْرِيَة غَزَلِيَة هذا هو ديوانها السَابِع