بعد أن قام عضو الكنيست الاسرائيلي ميخائيل بن آري بالأمس بتمزيق كتاب العهد الجديد "الانجيل" في مكتبه في البرلمان ، عاد الى ذهني ما قام به القس تيري جونس الذي حرق القرآن الكريم ردا على اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر ، ورحت افكر الى أي درجة من العنصرية والفاشية والكراهية قد تصل البشرية في عام 2012 عندما يضطهد الانسان أخيه الانسان لاختلافه معه بالعقيدة؟

التخلف والتطرف
والأنكى من ذلك أن هذا التخلف والتطرف لم يخرجان من دولتين في العالم الثالث والذي غالبا ما يكون منبعا لهما ، إنما من دولتين متحضرتين وهما الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل الغنيتين بالثقافة والعلم وهنا تكمن الخطورة. عندما رأيت صورة بن آري بالأمس وهو يمزق الانجيل اصبت بحالة من الاشمئزاز، ونحن الذين نحارب التطرف والتعصب والجهل والتخلف، ونكتب عن احترام الأديان والمقدسات، وندعو للسلم في تعاملنا مع بعضنا وننبذ العنف بأشكاله. فكما أساء القس تيري جونس لملايين المسلمين أساء بالأمس بن آري لملايين المسيحيين في العالم، وأحرج اسرائيل في مشهد جسد العنصرية المقززة والمقيتة والكراهية الفظيعة والتي تتبرأ منها الديانات السماوية الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلامية.

الصراع الديني المعتوه
فالديانات الثلاث ليست مسؤولة عن الصراع الديني المعتوه، لأنه ليس من صنعها إنما من صنع النفس البشرية المريضة ، لكن المقلق أن الصراع الديني بات تحت سقف مؤسسة كبيرة ومهمة في اسرائيل وهي البرلمان، وذلك من خلال دخول جهات وجماعات متطرفة اليه كمارزل وبن آري اللذين لا يفوتان الفرصة للإسقاط من قيمة العرب في البلاد وقدسية عقيدتهم في كل مناسبة. والسؤال، لماذا يصمت رئيس الكنيست روبي ريفلين ازاء هذه المشاهد التي تلطخ وجه البرلمان مقر الديمقراطية الاسرائيلية؟.

بخ السموم
إن بن آري مس بالذات الالهية بسلوك مشين تمثل بتمزيق الانجيل، قام به للنيل من كتاب سماوي مقدس، وعلى المستشار القضائي للحكومة التحرك لتقديم هذا النائب للمحاكمة لما يحمله تصرفه من عنصرية ومس بكرامة المسيحيين. وعبر هذا المنبر أدعو المرجعيات الدينية المسيحية والاسلامية في البلاد لمطالبة المستشار القضائي للحكومة بالتحقيق مع بن آري وتقديمه للمحاكمة، لأن السكوت على ذلك فيه إذكاء لنار العنصرية التي تلتهم الأقلية العربية في البلاد وتزيد من عزلتهم. إن بن آري ومارزل وضعا المواطنين العرب هدفا لاستفزازاتهم، فتارة يبخون سمومهم في أم الفحم وتارة في الناصرة، وهذه المرة تطاول بن آري وصّعد من لهجته وممارساته ومس بالديانة المسيحية ومزق الانجيل في دلالة واضحة على افلاس اخلاقي.

إحترام الأديان والتعايش السلمي
على النواب العرب في الكنيست وعلى كل نائب يحترم الأديان والتعايش السلمي عربيا كان أم يهوديا، أن يساهم في اصدار قانون يمنع أي نائب يتمتع بحصانة برلمانية من المس بعقيدة أي طائفة ، وأن يكون القانون كاسرا لحصانته مهما كانت مكانته. فكما أصبح القس تيري جونز شهيرا وهو الذي لم يكن أحد يسمع عنه الا عندما قام بفعلته الشيطانية، كذا تحول بن آري الى "بطل" الصفحات الأولى في وسائل الاعلام العالمية والعناوين الرئيسية في مواقع الانترنت الأجنبية والعربية. لقد حقق بن آري هدفه ووصل الى الشهرة العالمية بتمزيق صفحات الانجيل ورميه في سلة النفايات، مؤججا نار الفتنة التي لن نسمح لأنفسنا بالانجرار خلفها كمسيحيين ومسلمين أبناء شعب واحد، لأننا لا نقبل العبث بالكتب السماوية والمقدسات كوسيلة للرد، لأن ذلك ليس من أخلاقنا ولا من تعاليمنا، وكلي أمل الا تنتقل العدوى الى جهلة أخرين يلقون علينا المصائب من حيث لا ندري. لقد اعتبر بن آري الكتاب المقدس مذنبا بحق اليهود وقام بتمزيقه ووصف الانجيل "بالكتاب الحقير"..فهل هنالك أحقر من التطاول على الأديان؟.

الصلاة من أجل بن آري
انهي بوصية من تعاليم السيد المسيح عليه السلام أن نصلي لمن يسيء إلينا ويضطهدنا ونحن بدورنا نصلي من أجل بن آري وزمرته ليشفى من مرض العنصرية المزمن الذي يسير في عروقه.