ستّة أعضاء كنيست "دروز" وماذا بعد ؟!بقلم النائب المحامي: سعيد نفّاع
2012-07-07 16:35:09

 بداية ومنعا لأي التباس كاتب هذه السطور عضو برلمان يرى نفسه منتدبا لهذا الموقع من قبل الأقليّة العربيّة عامة وبضمنها العرب الدروز، يعمل على طرح ولا أقول تمثيل، قضايا الأقليّة العربيّة في البلاد وكجزء منها العرب الدروز، وفي هذا اختلاف أساسيّ عن بقيّة الأعضاء "الدروز" الأعضاء في أحزاب سلطويّة، والذين أختلف معهم في مجمل القضايا السياسيّة وألتقي معهم كثيرا في مطالب تخص العرب الدروز رغم اختلاف المواقع والمنطلقات.
 ولكن ما حدا بي أن أكتب هذه المقالة هو الاعتقاد السائد أو على الأصح التمني السائد لدى القطاع الشعبيّ العربيّ الدرزيّ بأن وجود أربعة أعضاء مع بدء الدورة الحاليّة للكنيست ينتمون لهذه الطائفة ولادة، ومن ثمّ خمسة والآن ستّة، يجب أن ينعكس على حقوقهم المسلوبة ويجب يكون هذا العدد من الأعضاء قادرا على رفع التمييز المؤسساتي ضدّهم على ضوء الإجحاف السافر والمجمع عليه لديهم في كل ما يتعلّق بأوجه حياتهم المختلفة، ومثالا لا حصرا:
الآلاف من البيوت في القرى العربيّة الدرزيّة تماما كما الآلاف في الوسط العربيّ بشكل عام صادرة بحقها أوامر هدم بعد أن غُرّم أصحابها بعشرات آلاف الشواقل، ألم يقل شيخ الطائفة الشيخ موفق طريف في مقابلة قبل مدّة: "أننا نجد أنفسنا في الكثير من الأحيان نطالب بمساواتنا ببقيّة العرب"؟!
حديث الأشهر الأخيرة معنا وفي كلّ تجمّع وما أكثرها اليوم بعد أن حلّ موسم الأعراس، هو أنّ أمامكم فرصة تاريخيّة بعددكم، لرفع الظلم فهل فعلا نحن بصدد فرصة تاريخيّة كما يعتقد الناس؟!
هنالك بعض القضايا المطلبيّة المحددة يستطيع أن يحققها عضو الكنيست حتّى الواحد، وعلى سبيل المثال لا الحصر فيما يخصّ نشاطي، فقضيّة تمديد المصادقات على الميزانيّات غير العادية لمجلس يانوح جث، بعد أن حلّ المجلس، أنهيتها مع الوزارات ذات الصلة دون الحاجة لبقيّة أعضاء الكنيست، وقضيّة منحة لتقوية مبنى المدرسة الابتدائيّة بيت جن الخطِر أنهيتها كذلك، وقضايا أخرى لقرى وبلدات في الوسط العربيّ كقضيّة مياه الشرب في الفُرعة وأبو جلول في النقب ومبنى البريد في الطيرة كذلك.
لكن القضيّة الأساس تكمن في القضايا المسماة في القاموس السياسيّ الإسرائيلي "ذات الأبعاد الوطنيّة" وفيها سياسة حكومية مرسومة كقضيّة الأرض والمرتبطة بها الخرائط الهيكليّة والبناء، أو قضيّة التقليص في المنح الحكوميّة للمجالس العربيّة بشكل عام وبضمنها الدرزيّة التي تعاني من عجز مستديم في ميزانياتها كون مداخيلها بطبيعة الحال أقلّ كثيرا من مصاريفها، هذه هي مواضيع أساسيّة التي يعاني منها الناس بشكل مباشر ويتوخون منّا علاجها ويرون في "عددنا" مدعاة لذلك وفرصة لن تتكرر.
حتّى أنتقل من التعميم إلى التخصيص ولكي يُفهم الأمر:  في الموازنة العامة لسنوات ال-2011-2012 حذفت الحكومة من الموازنة كل ما يُسمى "الأنظمة الملوّنة-תקנות צבועות" المخصصة للوسط الدرزي، وبهذا خصمت من الميزانيّات %39 وذلك حسب الدراسة التي حضرها مركز الأبحاث التابع للكنيست. أعضاء المعارضة "أقمنا الدنيا" وأعضاء الائتلاف صوتوا على الميزانيّة وأكثر من ذلك في البحث الذي طرحناه في الكنيست هوجمنا على يد أعضاء الائتلاف الذين راحوا يدافعون عن الميزانيّة، ويهللون لخطة رباعيّة أقرتها الحكومة، أسمتها "خطة ال681 مليون شيكل لتعزيز القرى الدرزيّة والشركسيّة" وبالمناسبة دعمتهم في ذلك قيادات درزيّة من خارج (!) الحلبة السياسيّة، قلنا ومنذ ذلك الوقت أن هذه "خرطة" وليست خطّة وذرا للرمل في العيون، وها هي الأيام تثبت كِبر "الخرطة".
وكيف كان ذلك؟! طبقا لهذه الخطّة كان على وزارة الداخليّة أن تقيم طاقما مهنيّا أوائل عام 2011 ليبحث الخرائط الهيكليّة للقرى، وعقد اجتماع مع الرؤساء في 1242011 تمّ فيه الاتفاق على تشكيل الطاقم بعد عيد الفصح أي أواخر الشهر. حتى أواخر السنة ال2011 لم يُشكّل الطاقم فهدد رئيس المنتدى خطيّا بالإضراب، وعلى ضوء رسالته استجوبت وزير الداخليّة فأجابني رسميّا وشخصيّا "أن الحق معي" وسيفحص أسباب التأخير في مكتبه، وأعلنت حينها الأمر على الملأ.
هذا الأسبوع وبعد سنة وشهرين طرحنا على جدول أعمال الكنيست النواب حمد عمّار وغالب مجادلة وأنا موضوع ربط البيوت غير المرخصة بشبكة الكهرباء المرتبط بالخرائط الهيكليّة وبالخطّة، وشارك في النقاش كذلك النائب شكيب شنّان.
كان سؤالي للنائبين عمّار وشنّان خلال النقاش: كيف يمكن أن يكون مثل هذا الإفلاس من قبل الحكومة وانتما في الائتلاف؟! لماذا نحن بحاجة لطرح الموضوع بعد سنة ونصف على الخطّة التي وعدت الدروز بجنّة عدن على الأرض!
الخلاصة: الأمر غير متعلّق بالعدد وللتذكير خمسة أعضاء اليوم هم في الائتلاف، ولم يبق بالمعارضة إلا كاتب هذه السطور ودوري الأساس هو كشف الحقائق أمام الجمهور، ومع هذا الستة ليسوا حزبا جزء من اتفاقيات ائتلافيّة تشمل مطالب، الستّة أعضاء في أحزاب مختلفة خمسة منهم في أحزاب سلطويّة تقود سياسة، فهل هم قادرون على تغيير سياسة أحزابهم؟!
نحن لسنا في دعاية انتخابيّة ولا نيّة عندي للترشّح مرّة أخرى ولكنّي مرتاح البال أني قمت بدوري المعارض على أكمل وجه وبدون تردد ولا محاباة وفي الكثير من الحالات وسط صدام مع بعض القيادات على تعاملها وتساوقها مع المؤسسة في الكثير من القضايا، ولو كان في جعبتي فقط تحقيق مشروع التواصل المُلاحق اليوم قضائيّا بسببه لكفاني ذلك لدنياي وآخرتي.
ولكن للقضيّة وجهان، ما جاء أعلاه من ناحية ومن الناحية الأخرى الحلّ ليس في عدد أعضاء الكنيست، الحلّ في فرض هيبة قياديّة على المؤسسة ووزاراتها وهذه تتم بوحدة موقف بين القيادة الدينيّة والسياسيّة المحليّة المتمثلّة في رؤساء المجالس والقطريّة المتمثلّة في أعضاء الكنيست، من خلال تغيير توجه في التعامل مع المؤسسة في الانتقال من موقف "المستجدي حقّا" إلى "المنتزع حقّا"، عندها تصير للقيادة هيبة تهابها السلطة في كل قضيّة وقضيّة وتتعامل معها بجديّة وليس باستهتار.
أكانت حكومة تجرؤ على سجن ثلاثة شيوخ دين أقاموا بيوتهم على أراضيهم الخاصّة بغياب خرائط هيكليّة؟!  فهل سجنت المستوطنين الذين استولوا على أرض العرب وأقاموا عليها البيوت؟!  وهل تجرؤ على تقديم الراب جباي الذي زار إيران ولبنان مؤخرا مثلما جرؤت على رجال دين دروز وقدمتهم للمحاكمة على زيارات أماكن مقدّسة، لو كان للقيادة هيبة؟! هل نستطيع بناء هذه الهيبة؟!
نعم، عندما نتوحد في الموقف، على الأقل المطلبيّ، فعلا وليس قولا تنفيذا وليس شعارا واضعين مصالحنا الشخصيّة ومراكزنا وراء ظهورنا، وبالمناسبة لا خوف عليها في ذلك بل في ذلك ما يعززها. وما دمنا كلّ "رابط" للثاني عند الزاوية فستبقى قرانا بدون خرائط حتى لو كان ستين عضو كنيست وليس ستّة، لأن القضيّة ليست في العدد بل في الهيبة القياديّة. أواسط أيار 2012  .              

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق