"دوار العين" بين عمى البصر والبصيرة
2012-05-12 17:53:24

حدثني في بحر الاسبوعِ العم ابو حسن بدر ابو حجول ,وفي سياق العودة الى صفحات الماضي وبالتحديد سنوات الخمسين, وعندما أقدمت "شركة مكروت" قطع مياه الشرب عن اهالي المدينة, بحجة عدم دفع رسوم المياه ,حيث كان عدد سكانها في تلك الفترة لا يتجاوز ثلاثة الاف شخصٍ من الطوائف الثلاث. ولكي لا ندخل في التفاصيل المتشعبة اضطر أهالي البلدة الاستعانة في ابار بعض الاهالي, وتوجه العديد ان لم يكن اكثريتهم الى نبع الماء, او كما نسميه حتى اليوم "العين", فالتقى الاهالي في هذا المكان ليتحول الى لقاء الفقراء والمساكين, يرتشفون مياههُ من اجل البقاء. وتعددت حاجيات مياه العين ,ولا شك بان "الدواب" او كما يسميها من حاولوا وضع الستار على الماضي المجيد لهذه المدينة ,او القرية في عودة لسنوات عجاف وخجلهم من اباء اتخذوا من "الدواب" مصدراً ووسيلةٍ لبقائهم فوق هذه البقعةِ. وعندما كانت هذه "الحمير "تصل بين الفلاح وارضه ونبعهِ وجبالهِ وسفوحهِ, وعندما كان صاحب "الدابة" يمرض ويزعل على زعل "دابتهِ", وعندما كان الاهلُ يشتهونَ لقمة الخبز وفي محاولة للبحث عن غيمة تسقطُ مطراً وموجة تبقيهم فوق ارضهم واشجار السنديان ,يطلبون حرارتها في عز البرد وحمامة تنقل السلامَ الى الاهلِ خلف الحدود.

ارجعني العم ابو حسن بدر ابو حجول الى مواقف الرجال, وعندما استعانَ رئيس البلدية المرحوم جبور جبور بوالدي رحمهُ الله, والذي شغل في تلك الفترة عضو كنيست لإعادة المياه الى مواسيرِ ,اخذت طريقها نحو البيوت الامنة, فالزم والدي "شركة مكروت" اعادة المياه لكن الاهل في كل التلالِ في البلد الامن والمستلقي على كتف السفوحِ بآلام النكبةِ, والهجرةِ لم ينسى نبع العين وتواصلَ مع قطراتها وتوحدٌ مع زرقتها في معطف الام, رافعاً همومهُ الى الأعالي واذا كانت البلدية تقوم بواجبها نحو مواطنيها فنحنُ معها, واذا كانت البلدية بكل اداراتها تعيد الماضي الى "دوار العين ", فواجبنا ان نشكرها .لان المدينة واضحة ولن تغطي اشكالَ "الدوابِ" والمياهُ الدائرة وجه المدينة وتاريخها ,ولا بأس ان يتروى السائق بسيارته في الدوار المضيء نحو الماضي, فهناكَ وجوه اهلنا باقيةُ ومحمولةُ, في قطرات ماء العينِ ولا يبقى في الوادي الا حجارتهِ والكواكب سيارةٌ تحفظ الماضي وترسم المستقبل.

ما أجملنا في هذه المدينةُ عندما نسمي الاشياء باسمها, ولا نكونَ بموقعَ صغائر الاشياءِ لان الصغير يبقى بحجمهِ ما دامَ لا يعرفُ بان من يعملُ يقع في الخطأ, ولا بأسَ ان نمسكَ بيد المحتاجِ ونضعهُ سهماً بين النجومِ, وما أجملنا بتوجيه الانتقاد البناء لرفعة الوطن ونهدي الاجيال الناشئة الى الطريق الصحيح رغم ايماننا بأن الكمال لله وحدهُ, والمواطن يجب ان يكون شريكً في ترسيم وجه المدينة ,وفكرةُ "لجان الاحياءِ" يجب ايقاظها من نومها وسباتها, ومشاريعُ "دوار العين" فكرةٌ جميلةٌ تحتاجُ, لعقولٍ كثيرة ولا بأس في كل الحالاتِ على "المتشائمين", ان يعرفوا بأن هناكَ دوار للعين, وهناك عمى بصر, وهناك عمى بصيرة .  

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق