أهي القاعدة وأم القواعد؟اليف صباغ
2012-01-16 09:17:06

كشف الصحفي مارك بيري من صحيفة "فورين بوليسي" الامريكية يوم أمس الاول، ونقل عنه موقع هآرتس من أن الموساد الاسرائيلي استخدم جوازات سفر أمريكية، واٌدعى هوية CIA في الباكستان، ليجند عناصر من تنظيم "جند الله" السني المرتبط بأمريكا، والقيام "بتفجيرات انتحارية ذهب ضحيتها الكثير من المدنيين في إيران عامي 2008-2007."
ويذكر التقرير، معتمدا على وثائق أمريكية ومقابلات مع شخصيات أمنية سابقة وأخرى فاعلة حاليا، أن تجنيد عناصر "جند الله" بدأ في لندن حتى انتهى بهم الامر الى باكستان ومن ثم الى التنفيذ في ايران،  وأن الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج بوش، غضب جدا عندما سمع بذلك ووعد بمعاقبة اسرائيل الا انه لم يفعل شيئا بسبب قرب نهاية رئاسته، وبقيت القضية على طاولة الرئيس الى ان جاء اوباما فقلص التعاون الأمني مع اسرائيل بما يخص إيران وأعلن عن تنظيم "جندالله" تنظيما إرهابيا.
في الحقيقة، لم يفاجئني هذا الكشف "الكبير" بل اضطرني للعودة الى ملف ممتلئ بالاخبار المشابهة كنت قد بدأت بجمعه منذ العام 2009 اثر قراءة مقاله للزميلة عميرة هيس في صحيفة هآرتس يوم 15.6.2009 تحت عنوان : "أهي عملية ردع عينية ام تحريض على ارتكاب جرم"؟. وكانت الزميلة هيس قد كتبت في مقالتها قصة محاولة تفجير كنيس يهودي في نيويورك على ايدي اربعة مسلمين من سكان نيويورك، وكان قد طبطب ال FBI  على كتفي "مقصود"، العميل الباكستاني الذي "كشف" امر بالمتهمين الاربعة. وكان الملفت للانتباه ان النيابة الامريكية وقفت في المحكمة لتثبت ان العميل "مقصود" لم يكن هو من حرض هؤلاء الاربعة على ارتكاب الجريمة؟ هذا مع العلم ان مقصود ظهر قبل اشهر من المحاولة في مسجد "الخلاص" في نيوبرغ-نيويورك، بصفته رجلا باكستانيا ثريا يقدم الوجبات المجانية ويتبرع بسخاء للمسجد وللمحتاجين، وقد عرفه الناس باسمه الشخصي فقط دون اسم عائلته او تفاصيل أخرى عنه. والملفت للانتباه ايضا ان المتهمين الاربعة الذين وضعوا العبوات بالقرب من الكنيس اليهودي والمركز الثقافي اليهودي، بتوجيه من مقصود، لم يعرفوا ان العبوات قد أبطل مفعولها سلفا على ايدي خبراء ال   FBI ولم يعلموا ايضا ان رجال الشرطة وال FBI كانوا لهم بالمرصاد. أربعة مسلمين قبض عليهم متلبسين، ثلاثة منهم مواليد امريكا ورابع من هاييتي وهو يعاني من مشاكل نفسية، وكلهم قضوا في السابق احكاما بالسجن بسبب جرائم مرتبطة بالسموم. بل كان الاربعة مقتنعين انهم يقومون بعملية "جهادية" انتقاما لإخوتهم في افغانستان وباكستان. وقد ذكرت الصحف الامريكية لاحقا، كما تقول هيس، انه لم تكن تلك هي العملية الاولى التي قام بها "مقصود" لحساب المخابرات الامريكية، مقابل غض النظر عن مخالفات سابقة كان قد ارتكبها في امريكا. وهي ليست المرة الاولى التي يُكشف بها عن مسلمين، عملاء للمخابرات الامريكية،  اندسوا في المساجد لصطياد "جهاديين" محتملين للقيام بعمليات تريدها المخابرات الامريكية. الملفت للنظر ايضا، ان محاولة التفجير والقبض على الاربعة جاء في أوج النقاشات لتشديد السياسة الأمنية في أمريكا تجاه المسلمين.
لم تكن هذه هي الحكاية الوحيدة في الملف المذكور بل فيه عدد كبير من القصص  أذكر بعضا منها هنا: هل تذكرون قصة الطرود المفخخة التي خرجت من اليمن الى اوروبا ومنها اليونان وايطاليا والمانيا؟ هل تذكرون الطرد المفخخ الذي وصل الى المستشارة الالمانية ميركل، وكان قد أُبطل مفعوله سلفا، ويتبين للمخابرات الالمانية انه أُرسل من عميل للمخابرات الامريكية؟ وقد صرحت ميركل لاحقا ان الامر لم يكن اكثر من تمرين امريكي في محاولة لمعرفة مدى استعداد أجهزة الامن الألمانية. لا يا شيخة ميركل؟ وهل تذكرون الطرود المفخخة التي ارسلت من اليمن الى شيكاغو، والتي ضبطتها المخابرات الامريكية في ايلول 2010 ليتبين انها لم تكن مفخخة فعلا؟ وهل تذكرون قضية رقم 650 لعام 2010 ، وهي قضية الجاسوس المصري (للموساد) طارق عبدالرازق التي ادت الى كشف ثلاث شبكات تجسس نظمها عميل الموساد طارق عبدالرازق في سوريا ولبنان؟ هل تذكرون قضية الجاسوس الاسرائيلي، صاحب الجواز الامريكي وقد اندس في صفوف ثوار يناير واطلق سراحه ضمن صفقة شاليط؟ هل تذكرون تفجير كنيسة القديسين في الاسكندرية واتهام سريع لجماعات إسلامية مرتبطة بحركة حماس والتي تبين لاحقا انها مرتبطة بوزير الداخلية المصري؟ وهل تذكرون احتجاز وقتل المصلين في كنيسة الخلاص في بغداد قبل حادثةكنيسة القديسين بأشهر قليلة ونسبت الى جماعات من القاعدة؟ وهل تذكرون صواريخ الكاتيوشا التي كانت تطلق من لبنان على اسرائيل في الوقت المناسب لإسرائيل، ونسمع عن تنظيمات وهمية تتبناها او تنظيمات مرتبطة بالقاعدة؟ وهل تذكرون من سموا انفسهم ب"فتح الاسلام" فاشتبكوا مع الجيش اللبناني في مخيم نهر البارد، وقد استطاع بعضهم الهرب الى شمال لبنان بمساعدة جهات لبنانية فاعلة؟ وهل تذكرون التفجيرات المشبوهة التي حصلت في الاردن وكان اكبرها في فندق يحتفل فيه عروسان بزواجهما، وقد اتهمت القاعدة في ذلك؟ وهل تذكرون ان "الجزيرة" هي الفضائية الوحيدة التي كان باستطاعتها الحصول على تسجيلات بن لادن من مصدرها؟ وهل تذكرون ان الخبر الاول الذي صدر في اسرائيل بعد مقتل بن لادن، ولمرة واحدة فقط، كان يقول: ان المخابرات الامريكيية تتبعت مبعوثا خاصا كان ينوي استلام شريط تسجيل جديد من بن لادن فوصلت الى مخبئه؟ وهل تذكرون ان احد ابناء العائلة المالكة في قطر محجوز في بيته منذ عام بسبب علاقته مع قاعدة بن لادن؟ وهل تذكرون التفجيرات التي لم يتبناها أحد في ايران خلال السنة الماضية وعمليات تصفية علماء نوويين ايرانيين وروس، يعملون في ايران، ولم يتبنى احد مسؤولية ذلك؟ وفي جعبتنا اسماء لعشرات التنظيمات التي تدعي انها تنظيمات مجاهدة او قاعدية ولا نعرف اسماءها الا بعد ان يعلن عنها مصدر مخابراتي اسرائيلي او امريكي وكأنه هو الذي صنعها او خلقها ولا يعرفها غيره....ليس هذا فقط، بل لم يعد سرا تعاون ابناء "القاعدة" الاوائل مع قوات الناتو في ليبيا وتعاونهم الحالي ضد سوريا. 
الاستنتاجات
لم يعد سرا ان اسرائيل تسخدم جوازات السفر الامريكية (وليس اوروبية فقط) وتنتحل هوية امريكية لتجنيد عملاء لها في كل مكان بما في الدول الصديقة والعدوة لأمريكا واسرائيل على حد سواء، ولتنفيذ مهمات قذرة.  ولم يعد خفيا على متابع ان اسرائيل وكذلك امريكا وجهات مخابراتية مختلفة تستخدم اسم القاعدة او الجهاد الاسلامي فتلصقه على تنظيم صغير هنا وهناك، وقد يكون وهميا، يعمل بتوجيهات مخابراتية لتنفيذ أعمال قذرة ويتم الصاقها بالقاعدة. او تفعيل تنظيم قاعدي او جهادي بواسطة طرف ثالث ، عميل، لتنفيذ عمليات قذرة مدفوعة الاجر.
استنادا الى هذه المعلومات المذكورة سابقا وفي ظل الاعلان الامريكي المتكرر عن التعاون الامني المخابراتي الوثيق بين اسرائيل وامريكا ضد ايران، الا يبدو ان التفجيرات التي حصلت في الاشهر الاخيرة في ايران هي من ثمار هذا التعاون وان تنظيمات ارهابية شبيهة ب "جندالله" و"القاعدة" يمكن تجنيدها لصالح اجهزة المخابرات الاسرائيلية والامريكية؟ والسؤال الاهم، هل تحولت "القاعدة" الى مجموعة من "القواعد"، وعادت كما بدأت لتكون اداة قذرة في خدمة المخابرات الامريكية فتستعيد الهوية الحقيقية التي اقيمت من اجلها في منتصف الثمانينات ضد الوجود السوفييت في افغانستان؟ اليس من حقنا ان نسأل عن دور المال القطري والسعودي في انتاج هذه التنظيمات من جديد وتوجيهها لخدمة امريكا؟ اوليس من حقنا ان نشك ان احدى هذه القواعد هي التي قادت المخابرات الامريكية الى مكان وجود بن لادن كجزء من التفاهم الامريكي- القاعدي الجديد؟

اليف صباغ مدونة حيفا برس
15.1.2012

 

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق