يطل علينا كل يوم أحد أعضاء الكنيست الدروز بتصريح يتباهى به بانجازه؟ أما ما هو الانجاز؟ فعادة ما يكون حول مطالبته أو اهتمامه بقضية هامشية أو فردية، وللإنصاف نقول أنها وقد تكون مهمة بعض الشيء، ومنها مثلًا حضور أجتمع وإطلاق تصريح براق، أو زيارة مدرسة، أو طلب بتحسين المواصلات داخل هذه القرية أو تلك.. أو الاهتمام بفتح بشارع أو زقاق.. إن الاهتمام بفتح شارع مهم وحبذا لو كان ثمرة لجهود عضو الكنيست هذا أو ذاك وخاضعا لمصلحة السكان، ولكن الحقيقة هي أن السلطات لا توافق على شق الشوارع إلا إذا كانت مستفيدة منها.. وشركة "ماعتس" لا تأخذ بعين الاعتبار طلبات السياسيين، ولكن ما نراه هو  انه بعد أن يعلم أحد أعضاء الكنيست الموالين بقرار السلطات بإقامة مشروع ما كونه مقرباُ ومخلصا في خدمة السلطات، الأمر الذي يتيح له معرفة المشروع المنوي تنفيذه قبل غيره، يقفز على الموجة ليوهم من حوله بأنه صاحب الفضل في إقرار هذا المشروع ؟! أو عندما يعتقل شخص ما ويتم الإفراج عنه بعدما يتبين بان المتهم بريء، يحضر عضو الكنيست إلى بيت المتهم مصطحبًا معه صاحب أحد المواقع الالكترونية لإعداد تقرير مصور، وآداب الضيافة تفرض استقبال الضيف أفضل استقبال.

  طبعًا نستثني هنا النائب سعيد نفاع الذي لا يربط فعالياته بمصلحة ورغبات السلطة، والذي أخذ على عاتقه متحدياً السلطات في سبيل  تواصل الأهل مع بعضهم بين سوريا ولبنان وإسرائيل .

الصعود على الموجة للتغطية على العجز يذكرني بصراع بعض أعضاء الكنيست العرب حين كان كل منهم  يزعم بأنه هو الذي طالب وأرغم مؤسسة التأمين الوطني بتقديم موعد دفع مبلغ مستحقات العجزة قبل الأعياد، وذلك كي يثبت واحدهم بأنه هو بطل الفلم، هذا علما بان التأمين الوطني مؤسسة خيرية تقدم موعد المستحقات بدون واسطة .

هذا النمط لم يتوقف  على أعضاء الكنيست، احد رؤساء المجالس  أصدر منشورًا زعم به بأنه قرر إعفاء العجزة من دفع ضريبة الأملاك، وهذا علمًا بان القانون – يرغمه - على إعفاء هذه الشريحة من دفع الضريبة.

وتعود بي الذاكرة إلى (كمّن) سنه إلى الوراء حين أُغلق فرع بنك لئومي في بلدي.. أخذ أحد السياسيين يقول لمن حوله بأنه أجتمع مع المدير العام للبنك وقال له.. أنه لا يمكن أن يرضى بإغلاق الفرع وقال لي..وقلت له.. ثم  قال لي.. وقلت له.. وقال لي.. وقلت له وفي النهاية قال لي: יהיה טוב وأن الفرع في طريقه لفتح أبوابه مجدداَ.. وهنا قلت له أن الفرع أُغلق بعد دراسة وأن البنك مؤسسة اقتصادية لا تعير اهتماما للسياسيين ولن تفتح فرعها إلا عندما تجد نفسها مستفيدة، لذلك لا لزوم لزرع الأوهام في نفوس أهلنا، وتراهنّا وحتى اليوم لم يدفع الرهان.

هكذا يستغلون بساطة أهلنا؟!

نحن هنا لا نكتفي بالتلميح.. نشير بالتصريح ونقول  لأعضاء الكنيست تفضلوا عالجوا قضايانا الجوهرية ودعونا من الإعلام المشوه . وشفوني يا ناس، اهتموا بوضع قرانا بحق وحقيقة وثابروا حتى النجاح.. لا تسمعونا كلامًا جميلاً.. فالجميع اليوم تمرس على الحكي وأصبح يتقنه وكل (يعمل) وإلى جانبه مستشار.. نحن لسنا بحاجة إلى الأقوال وإنما إلى الأعمال.. ولا نكتفي بفتات الفتات.. لا نكتفي بالمطالبة.. نريد موقف عملي ثائر بعد الاستهتار بهذه المطالبة.. ما رأيكم؟.. هل أنتم على استعداد أن تتمردوا عندما تستهتر بكم السلطات وبمطالباتكم؟.. اثبتوا لأهلنا بأنكم لستم مجرد إمعات.. إن ما نريده صرف الشك الوعود.. نريد ثورة حقيقية في مناهج "الدرزنه" كي ينتشر المثقفون في قرانا وتمتلئ بالأطباء والمهندسين والمحاميين والمهنيين والتقنيين كما هو الحال في قرانا العربية.. تفضلوا قارنوا..

  نريد الميزانيات المستحقة لنا.. نريد أن نرى قرانا وقد ازدهرت كما يجب.. وإذا أردتم المقارنة، لا نريد المقارنة بيننا وبين الدول  العربية المجاورة التي تعاني من شح الموارد الطبيعية ومآسي الحروب..نريد المقارنة بين الوضع الاقتصادي عندنا وبين دولة "قطر"و"ابو ضبي" و"دبي" وغيرها من دول الخليج.. لا تدعوهم يختارون لنا النماذج التي يريدونها.. لماذا ننظر دائماً إلى أسفل ولا ننظر بكبرياء إلى الأفق الرحيب؟!!

..  نريد مناطق صناعية.. نريد منطقة سياحية.. نريد حدائق عامة.. نريد نواد في أحياء قرانا.. نريد أن تتوسع مسطحات قرانا.. نريد أن توصل بيوت شبابنا بشبكة الكهرباء.. نريد أن لا يغرم من عمّر بيته  ب150 ألف شاقل كما حدث بالأمس مع أحد شبابنا في دالية الكرمل.. يا ويلكم من الله.. لماذا خنتم الأمانة؟!! نريد مياه لري ما تبقى لنا من أرض.. نريد أن نحيا بكرامة بدون أن يشعر شبابنا بأنهم ملاحقون لأنهم بنوا بيوتهم على أراضيهم..

  والأهم.. الأهم هو قضايانا والوجودية على المدى القريب والبعيد.. نريد أن لا يعتدى على أراضينا.. أقول ذلك لأعضاء الكنيست الدروز الذين تعهدوا وأقسموا  بأنهم لن يسمحوا بذلك!  أتذكر أقوال النائب حمد عمار أمام المشايخ المحترمين في بيت الشيخ موفق طريف عندما تحدث بلسان الآمر الناهي وهو يشد على حروف الكلمات التي أخرجها بالتقسيط، قال: "أتعّهّد.. بأن لاّ يكون هناك.. شخصٌ واّحد.. غيرّ مبسوّط.. ودونمّ.. مقابلّ دونم.. ولا يمكن.. أن نقبل بغير ذلك".

وهنا  نساءل: أين هؤلاء من تعهداتهم؟!! أين هم من هذه قضايا المطروحة؟!!.. أين هم من قضايانا المصيرية؟!!

الكاتب  معين حاطوم في ال57 من عمره

الكاتب  الشاعر معين حاطوم كاتب مبدع وهو غني عن التعريف، يجيد كتابة جميع الألوان الأدبية بدون استثناء إنتاجه الغزير يبعث نشوة السعادة في نفس القارئ وقد بلغ من العمر ال57 عاما، وعلى شرف هذه المناسبة أقامت له عائلته حفلة متواضعة في مطعم "البيك" في عسفيا حيث المنظر الساخر الخلاب المشرف على شمال البلاد وحتى جبل الشيخ، إننا تتمنى لكاتبنا السعادة والمزيد من الإنتاج الأدبي الذي يثري مكتباتنا وكل عام وأنت بخير