تخذلنا الحياة احيانا رغم جمالها وتخذلنا الايام رغم حلاوة ساعاتها وفي المحطات الاخيرة لا يعرف الانسان لفظات انفاسه والهواء العابر من فوقه في ابتعاد المدى والصحاري  والنجوم والكواكب: وتخذلنا الحياة عندما نبصر جنازاتنا وامواتنا والدموع النازفة من الشرايين والايادي الباردة والنشيد النازف من جوفنا فتخذلك الايام في اقاليمها لتبقى الطقوس في مهرجان الوجوه

في مطلع الأسبوع رحل الى جوار ربه أبو محمد على القضماني من قرية يركا فكان لا بد من وقفة بين برج الحمام وبرج رجل عرف الخير سبيله لوجهه وعرفت الحمية والغيرة والشهامة سبيلها الى شرايينه الخارجة من جذور تمتد من جبل لبنان إلى جبل العرب فوادي التيم ومن سفوح "ومغاير" احتضنت في قلبها وجوفها شيوخا تزهدوا لله فنسابت عيون الخير بين السفوح والهضاب فاضحت كرامات ونور الهدى .

المرحوم الشيخ علي  القضماني وفي عودة لسنوات طويلة كان سباق في بناء أول مصنع في الجهة الشرقية من مدينة شفا عمرو وعندما كنا نستقبل الوافدين الى بلدنا من الجهة الشرقية استشهدنا بمصانع القضماني للباطون فكانت مصلحته ومصنعه سباق في بناء بلدنا وبلدات أخرى فاستوعب وحضن عشرات بل مئات العمال من ابناء المنطقة

لا تموت المواقف  النابعة من رجال طبعوا الشهامة على جبينهم منذ الولادة ولا تموت المواقف وان كانت الشهادة عليهم من فقراء ومساكين وان كانت الشهادة عليهم من ثوار لا ينامون في عرينهم في "سفوح الشوف " فهناك طالت يد المرحوم الخضراء ولامست من استغاثوا.

في واجب العزاء التقيت مقابل ضريح سيدنا "ابو السرايا " "رضي الله" عنه بشيخنا ابو يوسف صالح القضماني يهم بدخول بيت العزاء وقد احاطه الناس طالبين صفو خاطره.. دقائق كان هو الموقف لم تغادر الابتسامة وجه الشيخ التقي العارف عرفت في هذه الدقائق والثواني ايمان من سلموا قدرهم الى الله فكان الايمان زادهم وروحهم ..وعرفت وانا اقبل ضريح سيدنا المقابل لبيت العزاء بان الاسماء تتغير والاجساد تتغير وتبقى النفوس واحدة والأرواح واحدة فسلام لمن ترك بصمات خضراء فانه حي في القلوب وحي في قلب الله.