مشروعات إيرانية لأسلمه الشرق "الجزء الأول"
2011-02-26 10:58:41

الكاتب أشرف هاني الياس

بعض القضايا،أجد نفسي متورطا فيها دون سابق إنذار..تسوقني الأقدار والأيام إليها ولا أستطيع أن أفارقها لأنها أصبحت جزء من كياني ومعالمي وثقافتي وحياتي, والكلمات كنز مكمل لذلك النور,الكلمات المبعثرة الشقية الحرة,العادلة, التي تتعارك في فضاء ذاكرتي, التي تتزاحم وتتراكم لتدخلني وسط دهليزا لتسد ورائها كل الأبواب والمنافذ ,تتأرجح الكلمات من على رموشي مارة من أمام العيون ومن ثم تعانقني لتسيل ببطء نحو أناملي الثابتة لترسم بريشتي وتكتب بقلمي الحر ,لتزين صفحاتي البيضاء الفارغة بكتابة تنبثق من رحم الألوان.

بركان خامد نهض من سباته, ليقذف لهبة  كل مستبد وطاغية ,بركان الشعوب العربية يثور بعد سبات طويل استمر لعقود, باحثا عن الحرية التي لطالما فقدها ولم يذق طعمها قط ,كرامة وعدالة اجتماعية وإصلاحات متنوعة تشمل شتى مرافق الحياة العامة ,مطالب عادلة لشعوب دفنت رؤوسها كالنعام لأكثر من عقدين من الزمن ,وها هي تعي لمطالبها ولحقوقها الشرعية , مطالبين بنظام ديمقراطياً حرا ، ودولة تحترم مواطنيها ودستورها ، دستورا يضمن المساواة والعدالة  والحرية لكل فئات الشعب ،دستورا يضمن سيادة القانون , دستورا يحافظ على مصالح الشعب لا على مصالح حفنة من الاستبداديين الذين سرقوا ثروات بلادهم , أن تفشي أزمة البطالة والجوع المقفر والفساد المؤسساتي لها دور مهم في دفع الشعوب إلى الانفجار بعد مرحلة من الاحتقان الداخلي، رغم أيماني الجاد أن هذه الحرية لم تتحقق دون أي محرِّك رئيسي خارجي وأجنبي له أجندات خاصة يحاول تحقيقها من خلال هذه الثورات , تعود الذكريات بين رويدا إلى الماضي , فلقد ألقى الإمام "آية الله خامنئي" المرشد العام للثورة الإيرانية منذ عدة أيام خطابًا يحيي فيه الشعبين المصري والتونسي لثورتهما، حيث وصف الأخير الثورة في تونس ومصر بأنها بوادر يقظة إسلامية في العالم ،وبدورة وصف احمد نجاد أن الثورة المصرية ما هي إلا جزء من ثورة عالمية يقودها الأمام المهدي الغائب , هذا التصريحات وفي هذا الوقت بالذات لها دلالات شديدة وخطيرة  فهي رسالة شبة واضحة , نعي من خلالها الخطر المحدق الذي يهدد بانحدار شرقنا نحو الهاوية , لتأكد لنا هذا التصريحات المخططات والمكائد التي تحاك للاستيلاء على ثروات هذا الشرق وشعوبه ,فأن منطقة الشرق الأوسط بدأت تشهد نمو واضحا وزيادة في عظمة ونفوذ وتوغل دولة إيران الإسلامية,عسكريا واقتصاديا وسياسيا , تلك الدولة التي تواصل الرقص على حافة  المجابهة مع الغرب وإسرائيل في ظل ما تقوم به من لعب بأوراق السياسة العربية في كل من لبنان والعراق وقطاع غزة , من خلال علاقتها الوطيدة والمثيرة للجدل مع الحركات الإسلامية المقاومة في جنوب لبنان وغزة وسوريا ,والتي تعتبر المزودة والداعمة الأولى للعتاد العسكري والمالي للحركات الإرهابية ودولة سوريا ,إذ تكاد  تكون  الآمر الناهي في كل خطوة مستقبلية ستؤثر على موازيين القوى في الشرق الأوسط.

مستذكرا زيارة نجاد الأخيرة للبنان كخطوة أولى لدراسة المخطط الإيراني , ببناء إمارات إسلامية, والبدء بتحقيق الحلم الإيراني الإسلامي ببناء جمهورية إسلامية تحت سيادتها على امتداد الشرق كله, لأسلمته وتجريده من كل ما هو غير مسلم وخصوصا من الأقليات المسيحية , وطبعا وجود الرئيس حسني مبارك آنذاك في سدة الحكم لأكبر دولة عربية مسلمة في الشرق والمعادي سياسيا وفكريا لحركة أخوان المسلمين المعارضة للحزب الحاكم , والحليف الأكبر لأمريكا بعد إسرائيل سيعيق مخطط بناء هذه الجمهورية الإسلامية بكل تأكيد , وخلع الأخير وتجريده من السلطة سيكون بمثابة خطوة جدية في تحقيق السيطرة الكاملة على المنطقة,ومع زوال نظام الرئيس السابق حسني مبارك سيؤدي ذلك بطبيعة الحال إلى فقدان حلقة مهمة من حلقات محور دول الاعتدال العربي، الأمر الذي قد يؤدي إلى انفراط عقد الدول الساعية للحد من نفوذ إيران المتنامي في المنطقة, ومؤكدا أن ما شهدته المنطقة قبل أيام من سابقة خطيرة أسفرت بمرور سفن حربية إيرانية عبر قناة السويس ,للمرة الأولى منذ الثورة الإسلامية عام 1979, ما هي ألا مؤشرات خطرة ونذير شؤم له تداعيات مستقبلية على امن واستقرار الشرق الأوسط.

 
المخفي أعظم ,رجعت حليمة لعادتها القديمة.

جميعنا رأينا عبر وسائل الإعلام الصورة الرائعة التي امتزجت بكافة أطياف المجتمع المصري ,أحزابا وطوائف ومذاهب وحدت تحت راية واحدة للمطالبة بتنحي الرئيس حسني مبارك وجميعنا استبشرنا ببزوغ فجر جديد يحمل الأمل لكل العالم ,ولكن وبعد تنحي الأخير, بدأ حزب الإخوان المسلمين وهو اكبر الأحزاب المعارضة في مصر ببث سمومهم في الشارع المصري من خلال طرحهم لصيغة برنامجهم السياسي الذي يؤكد ويضمن منع ترشيح قبطي أو امرأة للرئاسة,هذه التصريحات تعري الديمقراطية الزائفة والهشة وتعزز أسلوب الفكر القمعي الرافض للأخر الذي يتحلى به الإخوان المسلمين وان اعتلائهم لدكه الحكم في مصر سيؤدي إلى انتشار الأفكار المتطرفة والهدامة  وزيادة الإرهاب الفكري اتجاه كل مختلف فكرا, دينا أو حزبا , ناهيك عن الموالاة التامة للنفوذ الإيراني في المنطقة .

الديمقراطيه الجديدة....السيوف فوق الأعناق....لا تنسوا نحن جزء من هذا الشرق

قبل أسبوع بالتحديد  استشهد الأب مارك ريبينسكي في تونس، حيث وجد ميتاً بعد قطع رأسه صباح الجمعة في المدرسة الساليزية في مانوبا في تونس وقبل عدة أيام وجد الأب داود بطرس مقتولا في بيته في مدينة أسيوط في مصر ,فعلا أنها ديمقراطية  من نوع جديد وفريد , ديمقراطية قطع الأعناق وقتل المسيحيين والمسلمين بحد سواء ,ديمقراطية تحدد حيثياتها بالدم والأقليات الدينية أكثر المتضررين ,فأن العصر وحدة الشاهد على معاناة أمه قد ضحت لأوطانها ومنحته كل قدراتها ولكنه في المقابل منحها القتل والدماء والتهجير , فلقد لعب مسيحيو هذا الشرق دورا رائدا في بناء الإنسان والمجتمع والعروبة تاركين ورائهم بصمات لا تخفى لما قدموه من علم وثقافة لهذا الشرق , ولم يَعب المسيحيون عن دورهم في إعادة إحياء معالم الشرق ومضمونة الحضاري الجامع والمنفتح على الحضارات الأخرى الناهضة في مرحلة التراجع والشلل العربي, شكَّلوا حلقة وصل واتصال،وعمقاً ثقافياً اجتماعيا أصيلاً في العمل الجاد ومتقدماً في العصرنه والحداثة,كان المسيحيون ولا يزالون وسيبقون نتيجة لثقافتهم المتنوعة ممثلة بمؤسساتهم الكنسية ، يخلقون تحدياً مستمراً في الثقافة والفكر, وأي محاولة لأسلمه الشرق من قبل إيران أو غيرها ستلغي هذا المعنى وهذا المفهوم، باعتباره تنوعاً غنياً وشبة معدوم، وتسلخ فئة كبرى عن أصولها العرقية والثقافية الأصلية لتحولهم إلى غرباء في أوطانهم. 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق