"الاسقفية" وبقاء اجراس المدائن
2011-02-26 10:55:12

بقلم زايد خنيفس

قبل اسبوعين شاركت في تغطية صحفية في  المدرسة الاسقفية الابتدائية بمدينة شفاعمرو وعندما حل رئيس الروتاري القطري ضيفا على المدرسة حيث قام اخيار المدينة في الفرع المحلي بدعم مكتبتها ومختبرها وفي نهاية الزيارة علقت لافته خاصة على مدخل مختبر المدرسة وهكذا انتهت الزيارة ليبقى ختمها عملا طيبا.. لكن المشهد الذي بقي عالقا في ذهني عندما اخرج مدير المدرسة المربي سهيل جمال دفترا سميكا بحجمه من احد الجوارير وقال لضيوفه: هنا وعلى صفحات هذا الكتاب  سجلت قبل عشرات السنين اسماء الطلاب وعلاماتهم وسلوكهم وعندما استأذنت بتصفح الكتاب السميك شعرت بانني احمل تاريخا بل احمل زيتونة عتيقة لا تعرف الهرم  وتصفحت اسماء لشخصيات اصبحت اليوم تحمل الالقاب الجامعية بكل القابها فذاك الطبيب والمهندس والمعلم ورجل الاعمال والعامل البسيط وذاك الذي اختار ترك وطنه ليعيش خارج الوطن ..اسراب من الاسماء ومن أبناء بلدي ووجوه تعرفها واسماء  محفورة في ذاكرة المدرسة.
اسماء طلاب المدرسة سجلت في الدفتر السميك في غياب حواسيب الذاكرة وحفظت حتى عام 1980 وبقيت وبخط واضح لتشكل تاريخ شجرة اخذت جذورها تنساب عميقاَ في الارض الطيبة وكبرت فروعها في كل بيت وحارة ومدينة وشكلت في الكتاب السميك ذاكرة الاجداد ومن نهلوا من العلم وعندما لم تكن في المدينة مدارس ومعلمين لنبحث عنهم في قناديل الظلمة واولاد بحثوا عن طبشورة ولوح وعندما بحث اجدادنا عن الاحرف الاولى .

لا افهم مصطلح مدارس في"الاحياء المسيحية" كما ارادها احد أعضاء البلدية قبل اسبوع بل اعرف مدارس اسقفية اهلية احتضنت أبناء شفاعمرو بعيدا عن مصطلحات فئوية ومدرسة شيدها الاجداد بدموعهم واظافرهم وشيدها من سبقونا إلى الدنيا الاخرة من حارة السوق إلى حارة الزقاق إلى قلعة وغيرها من مواقع بقيت في الذاكرة ولا اعرف مصطلح مدارس حكومية اهلية كما ارادها مزاودٍ من اجل شعار لا يعلق حتى على جدران الغرف بل ضريبة كلام لانه  لا يعرف حقيقة شجرة الزيتون العتيقة ولا يعرف مدرسة ارتكت جدرانها السميكة على عواميد من خشب وارتكى اساسها على حلم شفاعمري قديم عرف اصول التعايش واسقفية رضع من علمها ونورها مئات بل الوف من أبناء غادروا وابناء بقوا وابناء على الطريق بين حي الزقاق والقلعة ووسط المدينة ينتظرون قرع الجرس.

لا ادخل في تفاصيل العاصفة ولا ادخل في تفاصيل هبوب الريح وبين اهالي كل ذنبهم بانهم ارادوا الرفعة والنجاح لمستقبل اولادهم فلذات اكبادهم.. وبين مطرانية وسيادة مطران وشخصيات ارادت حلول الوسط وارادت بقاء ابواب الاسقفية مفتوحة واجراس المدارس في المدائن تقرع وطالب يلبس زيّه المدرسي الزهري ويدخل بين نسمات الصباح وراسه بين السماء الزرقاء ومستقبل واعد لا ادخل في التفاصيل لكنني ابقى في كل الحالات ابن البلد واعرف تفاصيل الشجرة والكتاب السميك والاسماء التي سطرت واعرف بان الاسقفية لم تكن في قواميس تاريخها مشروعا تجاريا ولا قرض في فروع البنوك ولم تكن في قواميس الذاكرة واجداد رحلوا حسابات بنكية وأحقية توقيع بل كانت مشروع علم وتربية وبناء انسان ولا ادخل في التفاصيل وهبوب العاصفة لان نسيم التفاهم والمسؤولية  يبقى سيد الموقف والترفع للمسؤولية يبقى عنواننا لتبقى الابواب مفتوحة في الاسقفية والاهلية ..

تسقط الارقام والحسابات والفروع لتبقى مدرستي وتبقى الاسقفية عيون الشمس ومسار ينبوع .. تسقط الارقام والحسابات والقروض بكل فوائدها وتبقى مدرستي طالبا يبحث عن مستقبله وكنيسة وكل أماكن العبادة و تعرف الافراح وتعرف الله وفرحي يسوع.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق