الخضر عليه السلام هو العبد الصالح في قصة موسى النبي وهو آليا النبي صاحب معجزة المحرقة في الكرمل
2011-01-24 15:38:37

بقلم منير فرّو

في الخامس والعشرين من كانون الثاني من كل عام  يحتفل أبناء الطائفة الدرزية في البلاد بعيد زيارة مقام سيدنا الخضر عليه السلام في قرية كفر ياسيف في الجليل وهذا التاريخ تم الاتفاق عليه بين رجال الدين منذ الزمن البعيد وقد اعترفت حكومه إسرائيل بهذا العيد رسمياً، وأصبح العيد يوم عطله رسمي لأبناء الطائفه الموحده.

 وفي هذه المناسبة يتوافد إلى المقام الشريف مشايخ الطائفة من الجولان والجليل والكرمل لتأدية الصلوات والابتهال إلى العلي القدير بأن يمن على منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع بالسلام المنشود والتداول في شؤون الطائفة ومستجداتها  خصوصا في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد الأمنية ،الاجتماعية ،الأخلاقية والاقتصادية.

يعتبر مقام الخضر عليه السلام في كفر ياسيف من أشهر المقامات الموجودة في إسرائيل حيث تم رعايته من قبل المرحوم سيدنا الشيخ أمين طريف الرئيس الروحي للطائفه الدرزيه.

إذ رمم البناء القديم وأضاف إليه غرفاً عديده كذالك قام فضيلته بشراء عدة دونمات وضمها إلى ممتلكات المقام. وأيضا جاء من بعده حفيده الشيخ  أبو حسن موفق طريف الذي يقوم بتوسيع المقام الذي أحيط بسور عال وأصبح بهجه للنظر ومصدر فخر واعتزاز لكل أبناء الطائفه الدرزيه. واليه يلوذون في ساعات الضيق طلباً للرحمه والفرج.

ولسيدنا الخضر مقامات عديده متواجده في بلادنا والدول المجاوره يبلغ عددها حوالي 70 مقاماً حسب كتاب "طبقات الأنبياء والأولياء الصالحين في الأرض المقدسه" لل د.شكري علااف ، وهذه المقامات والمواقع ما هي إلا أماكن جلوس واستراحة أو اقامه قصيره لسيدنا الخضر -ع- و من أهمها.:

مقامه في اللد, في دير البلح,  يافا,  في تل الصافي في الخليل,  بالقرب من يطه  قرية الخضر رجم الخضر إلى الغرب من بيت لحم دير مار الياس على يسار المسافر من القدس إلى بيت لحم  كنيسة الخضر, في الطيبه, رام الله,  وفي القدس, عدة أماكن تحمل اسم الخضر عددها 13 موقعاً,  وفي نابلس وقضائها عدة أماكن تحمل اسم الخضر عددها 11 مكان وفي طول كرم عدة أماكن تحمل  اسم هذا النبي الرسول عددها 5  وفي قضاء جنين 3 أماكن  وتزداد مقاماته كلما اتجهنا شمالاً ففي قضاء حيفا المقامات التاليه: مقامه في بسمة طبعون  مقام الخضر الأخضر في صبارين  تل الخضر في قيساريا  مقامه في عتليت  مقامه في عرب الحلف بالقرب من الجلمه مقامه في صفوريا مغارة الخضر في حيفا وأيضا مغارة مار الياس إلى الشرق من ستيلا ماريس  دير المحرقه شرق دالية الكرمل مقام أبو إبراهيم في دالية الكرمل وفي شفاعمر مغارة سيدنا الخضر في أبو سنان كنيسه على اسم القديس جاورجيوس  مقام في البصه  مقام الخضر الشرقي في البعنه دير الأسد  وفي الرامه ومغاره له إلى الجوب من كابول كرسي الياهو إلى الجنوب من ميرون في الحوله تل الخضر وعلى الشاطئ الشرقي لبحيرة طبريا خان اسمه خان الخضر  مقامه في البانياس ومقام النبي ايليا بالقرب من قرية مسعده  وهناك موقع اسمه الخضر في منطقة بيسان  وموقع اسمه الخضره في عسقلان.

 والخضر عليه السلام له قصص وروايات كثيرة فكان كثير التعبد والسياحة  ويقال سمي بالخضر لاخضرار الأرض التي يجلس عليها لعبادة خالقه  وله قصة معروفة مع النبي موسى بن العمران ذكرت في سورة الكهف في القران فيها يعلّم النبي موسى تأويل الأشياء مع الصبر والرضى بأحكام الرب كان اسمه العبد الصالح، والخضر معروف عند جميع الديانات وله مكانة خاصة وهناك اعتقاد بأنه حي لا يموت يبعثه الله في كل زمن ليدعو إلى الإيمان به فعند اليهود اسمه الياهو هنبي أو التشبي  وعند المسيحيين مار الياس أو مار جريس أو مارجورجيوس  وله قصة مع التنين ولوحة متداولة بين الناس وعند المسلمين العبد الصالح  وكنيته "أبو العباس " وعند الدروز يكنى ب " أبو ابراهيم" رمزا للشجاعة، وأخيرا لعموم أبناء الطائفة الدرزية عامة ولرجال الدين خاصة زيارة مقبولة أعادها الله على الجميع بالخير واليمن والبركة وكل عام والجميع بألف خير.

قصه موسى عليه السلام مع العبد الصالح و المعجزات الثلاث "

موسى والخضر والبحر

 قال تعالى:{ فلما بلغ مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا* فلما جاوزاه قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا* قال أرأيت اذ أوينا الى الصخرة فاني نسيت الحوت وما أنسانيه الا الشيطان أن أذكره, واتخذ سبيله في البحر عجبا* قال ذلك ما كنا نبغ فارتدّا على آثارهما قصصا* فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما} الكهف 61-65.

اختص الله عز وجل موسى بنعم كثيرة, وكذلك اختص قومه بهذه النعم التي أنعم بها عليه, ولذلك فقد ظل موسى عليه السلام يشكر الله على نعمه.

وكان موسى يصلي لله شكرا على ما أعطاه من نعم, يتعبّده حمدا على ما وهب له, ويبتهل اليه أن يديم عليه رضاه وكرمه. وذات يوم سأل ربّه: يا رب؛ أأنا الآن الوحيد على وجه الأرض الذي حبوتني بالعلم, وخصصتني بالمعرفة؟!

فأجابه ربه: يا موسى انك لا تعلم إلا ما شئنا نحن أن تعلمه, ولا تعرف إلا ما أردنا لك أن تعرفه.

قال موسى متسائلا: يا رب, أيوجد من هو أعلم مني؟!

فأجابه ربه: لي عبد صالح يعلم ما لا تعلم. ويعرف ما لا تعرف.

قال موسى: يا رب, أين أجد عبدك الصالح هذا؟ لقد اشتاقت نفسي الى معرفته.

قال عز وجل: يقيم الآن عند مجمع البحرين.

قال موسى: يا رب؛ أريد أن أذهب لأراه, فأرشدني إليه, ووفقني للقائه.

قال عز وجل: اذهب وسأجعل لك من عندي آية تدلك وعلامة بيّنة ترشدك.

1.البحث عن العبد الصالح

تهيأ موسى عليه السلام للذهاب لمقابلة العبد الصالح, الذي أرشده الله عز وجل إليه, فنادى يوشع بن نون فتاه المخلص وقال له: يا يوشع, إني عزمت على القيام برحلة, لا أدري: أتطول هي أم تقصر؟!! فهل لك في أن تصحبني في تلك الرحلة التي لا يعلم إلا الله مداها؟!

وكان يوشع بن نون هو الفتى الذي أحبّ موسى عليه السلام, وآمن به وأخلص له, ووهبه قلبه, وصحبه في غدوّه ورواحه, ينهل من حكمة موسى عليه السلام, ويغترف من علمه, ويأخذ من معرفته.

 قال يوشع: إني لك يا سيدي الصاحب الوفي والرفيق المطيع الأمين.

قال موسى عليه السلام: إذن, فلنتهيأ لرحلتنا من فورنا, ولنسر على بركة الله, فهو مرشدنا وهادينا إلى سواء السبيل. وتهيأ موسى وفتاه للسفر وتزوّدا بزاد مما يتزود به عادة المسافرون, الذين يقطعون الصحارى, ويجتازون الفيافي والقفار, مثل الخبز الجف, والتمر اليابس, واللحم المقدد.

ولما جهزا جهازهما؛ سأل يوشع بن نون موسى: يا سيدي أي المطايا تركب؟ وأي القوافل تصحب؟ وأي الطرق تسلك؟!

قال موسى: يا بني, ستكون مطيتنا أرجلنا, وسيكون البحر صاحبنا, وسيكون شاطئه مسلكنا.

سأل يوشع متعجبا: والى أين نقصد؟!

قال موسى: نقصد مجمع البحرين, لأقابل رجلا من عباد الله الصالحين, أرشدني الله إليه.

قال الفتى: وهل تعرف مجمع البحرين؟!

أجاب موسى: سيعرّفني الله مجمع البحرين ويهديني إليه.

2-رحلة البحث

 مضى موسى عليه السلام ومعه فتاه يوشع على شاطئ البحر, أياما وليالي, لا يكلان ولا يملان ولا يتأففان من طول سير, أو وعورة طريق؛ ولا يتوقفان إلا لتناول غذاء, أو لأخذ قسط من النوم. ومرّ عليهما وهما على هذه الحالة وقت من الزمن, وموسى لا يزال كأول عهده بالرحلة: نشيطا, متشوقا إلى مقابلة عبدالله الصالح, ولم تفتر همته, ولم يدركه سأم, ولم يتطرّق إلى نفسه ملل.

وسأل يوشع موسى يوما: يا ترى!! ألا يزال أمامنا مرحلة طويلة حتى نصل إلى مجمع البحرين؟

قال موسى: لا أدري !! ولكنني لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين, أو أمضي حقبا.

واستمر موسى عليه السلام وفتاه يوشع يغذان السير في البر, وهما على روح الثبات والنشاط حتى نفد طعامهما, فاصطاد يوشع حوتا من البحر حمله معه, ليتزودا من لحمه, ووصلا إلى صخرة عظيمة فجلسا يستجمان بجوارها, ويستظلان بظلها, ويصيبان قسطا من الراحة والنوم.

فلما نالا قسطا من النوم قاما يسيران ويسعيان, فما كاد ينصرم نهارهما هذا, ويمسي عليهما المساء حتى شعر موسى بتعب وفتور لم يعهده من منذ بدأ رحلته, وأحس أن قدميه لا تستطيعان حمله أكثر مما حملتاه, أحس كذلك أن أعضاءه قد وهنت وضعفت, فجلس على الأرض, وقال لفتاه:

{ آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} عسى أن يمدّنا الله ببعض القوة التي تعيننا بلوغ غايتنا.

حينئذ ضرب الفتى يوشع جبينه بيده, وصرخ صرخة مكتومة وقال لموسى:{أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فاني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره}.

قال موسى عليه السلام مستفسرا: وما بال الحوت؟!

أجاب يوشع قائلا: لقد تسرّب الحوت, واتخذ سبيله في البحر عجبا.

لقد هرب الحوت من السلة, ومضى في طريق محدد الاتجاه إلى البحر. تعجب موسى عليه السلام من كلام فتاه يوشع, وسأله وقد دبّت في نفسه فرحة أمل, وابتسامة تفاؤل فقال: أفصح يا يوشع, ماذا حدث للحوت وما الذي حدث منه؟!!

قال يوشع: حدث وأنت نائم, إن أفقت أنا من نومي على صوت السلة التي بها الحوت, وكانت بجانبي, ففتحت عيني, فوجدته ينزلق متدحرجا بين الصخور, فأسرعت خلفه لأعيده إلى مكانه؛ ولكني رأيت عجبا, ورأيت ما أدهشني.

قال موسى فرحا مستبشرا: ماذا رأيت؟ عجّل بالقول!!

قال الفتى في أسف وحسرة: رأيت الحوت قد غمره الماء, وخيّل إلي أنه يتحرّك, ويتقلّب, كأن الحياة قد ردّت إليه, يضطرب في سرب بين الصخور, خرج منه إلى البحر, دون أن أدركه, أو أستطيع اللحاق به.

فلم يدهش موسى, ولم يتعجب, فقد لمس في آيات الله له كل مقدرة, ورأى في بيّناته له كل عجب. ولكنه سرّ وفرح, فقد أدرك أن بعث الحوت الميّت, وردّه حيا, هو آية الله التي وعده بها ليرشده إلى مجمع البحرين, وعرف أن الطريق الذي تسرب فيه الحوت هو الطريق الذي يؤدي إلى عبد الله الصالح الذي ينشد لقاءه, فنهض نشيطا فرحا, وهو يقول لفتاه:{ ذلك ما كنا نبغ} فهيا بنا نعود إلى الصخرة.

هذه الحالة في حد ذاتها بداية معجزات موسى عليه السلام التي وهبها الله له في هذه القصة الجميلة.

وسنرى المعجزات العجاب حين يلتقي بالعبد الصالح.

فما أشرق الصباح حتى ارتدّ موسى عليه السلام وصاحبه فتاه يوشع يقصّان ويبحثان عن آثارهما وطريقهما الذي جاءا منه, حتى لا يضلا عن الصخرة التي نزلا بجانبها من قبل, وما زالا سائرين يتحسسان طريقهما الأول, حتى وصلا إليها؛ فقال موسى عليه السلام لفتاه يوشع:

يا يوشع أرني المكان الذي تسرّب منه الحوت ونفذ الى البحر.

فأشار يوشع لموسى إلى سرب بين الصخور, وقال له:

هذا هو الطريق الذي سلكه الحوت.

فنظر موسى عليه السلام إلى حيث أشار يوشع, فوجده سربا بين الصخور يفضي إلى البحر من ناحيته الأخرى, فنفذ منه ومن ورائه فتاه, فخرجا إلى البحر من الناحية الأخرى للصخرة, ونظر موسى حوله, فرأى ما وعده الله حقا!! رأى ما حجبته الصخرة عن رؤيته بعظم رمها! رأى ماء البحر العذب يلتقي بماء البحر المالح.

ورأى بجانب الصخرة بساطا أخضر نضيرا من عشب أخضر, وقد جلس عليه شيخ جميل وضيء مهيب الطلعة, أبيض اللحية, وقد تربّع في جلسته.

عندئذ عرف موسى عليه السلام أنه أمام العبد الصالح الذي وعده ربه بلقائه, وهو الرجل الذي علمه الله سبحانه وتعالى أشياء من علم الغيب الذي استأثر به.

 وكانت هذه الثانية خطوة على طريق المعجزات في هذه القصة المباركة, ترى بعد هذا اللقاء ماذا فعل موسى عليه السلام مع العبد الصالح؟ لنرى ذلك.

وتقدّم موسى من العبد الصالح وقال له:

السلام عليك يا حبيب الله.

فنظر الشيخ إليه, وقد أشرق وجهه, وردّ عليه السلام قائلا: وعليك السلام يا نبيّ الله.

 ثم دعاه إلى الجلوس بجانبه, فجلس موسى عليه السلام وهو يسأله دهشا مستعجبا: أوتعرفني؟!

قال الشيخ: نعم, أولست موسى نبي إسرائيل؟

قال موسى وقد ازداد عجبه: من أعلمك عني؟! ومن عرّفك بي؟!

أجاب الشيخ أعلمني عنك الذي أعلمك عني, وعرّفني بك الذي عرّفك بمكاني.

فامتلأ قلب موسى هيبة من الشيخ, وإيمانا به, وعلم أنه حقا في حضرة رجل صالح قد اصطفاه ربه, واتخذه وليّا وآتاه رحمة من عنده وعلما من لدنه. فقال يسأله في تلطف وتودد:

{ هل أتبعك على أن تعلمنﹺ مما علّمت رشداْ}.

فابتسم الشيخ لموسى عليه السلام وقال له:

{انك لن تستطيع معي صبرا}.

قال موسى: سأصبر على كل ما تعلمني إياه, وترشدني إليه.

فهز الشيخ رأسه باسما, وقال:{ وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا}.

يا موسى إن علمي الذي أعلمه غير علمك الذي تعلمه, لن تستطيع أن تصبر على ما يصدر من علمي, ولا تقدر أن تطيق ما تراه مني.

قال موسى:{ ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا} فقد صح عزمي على أن أكون تابعك لتعلمني مما علمك الله وترشدني إلى ما أرشدك إليه.

حينئذ حط عصفور على حجر في الماء, فنقر نقرة في الماء ثم طار, فقال الشيخ:

أرأيت يا موسى ما أخذ العصفور في منقاره من الماء؟!

والله ما علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ هذا الطير بمنقاره من البحر. ثم قال:

{فان اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا} وأفسر لك ما خفي عليك تفسيره.

قال موسى على الفور: لك عليّ ذلك.

 وبدأت قصّة المعجزة, بل المعجزات في هذه القصة في ثلاثة مشاهد عجيبة, سيفسر أسبابها العبد الصالح في النهاية فتكون معجزة حضرها موسى عليه السلام وتعلّم منها أنها معجزات علم الغيب.

3-القصة الأولى

 اصطحب العبد الصالح النبي موسى عليه السلام إلى شاطىء البحر وكان يتبعهما يوشع, وعند الشاطىء لاحت لهما سفينة سائرة في عرض البحر, فأشار لها الشيخ بيده فاقتربت من الساحل وأطلّ رجالها منها يستفسرون الشيخ وموسى عما يريدان, فعرفوا الشيخ لأنهم يرونه دائما جالسا يتعبّد على ساحل البحر؛ وقال لهم الشيخ:

نريد منكم أن تحملونا معكم إلى حيث تقصدون وليس معنا ما ننقدكم إياه أو نقدمه لكم أجرا على ذلك.

فقال رجال السفينة: مرحبا بالرجل الصالح...

وركب الشيخ وموسى ويوشع السفينة, ورحّب بهم أهلها أجمل ترحيب وأكرمه, وتسابقوا إلى خدمتهم.

ومضت السفينة في طريقها سائرة بهم حتى قاربت أن ترسو على ميناء إحدى المدن؛ حينئذ رأى موسى من الشيخ أمرا عجيبا! رآه قد أخذ فأسا من السفينة, واقترب من جدارها, وما زال يعالج بها لوحا من ألواحها حتى كسره, وخرقها.

فلم يملك موسى نفسه, وغضب لفعل الشيخ بالسفينة, لأنه رأى في ذلك إساءة لأصحاب السفينة, وتعريضا لهم جميعا لخطر الغرق؛ فقال له والغضب بدا على وجهه:

ماذا فعلت؟

قوم حملونا بغير أجر وأكرمونا غاية الإكرام, عمدت إلى سفينتهم فخرقتها, لتغرقها وتغرق أهلها؟!{ لقد جئت شيئا امرا}.

قال الشيخ:{ ألم أقل لك انك لن تستطيع معي صبرا}.

تذكّر موسى على الفور وعده للشيخ ألا يسأله عما يرى منه, وعجب لما فعله الشيخ, وعما يربط هذا الفعل القبيح بالعلم الذي يعلمه, ولكنه لم يسمعه إلا أنه قال للشيخ أسفا:

{ لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا}.

 وما لبثت السفينة أن رست بجانب المدينة التي تقصدها, فنزل منها الشيخ وموسى, وأخذا يسيران في المدينة.

وقد بدا أن الشيخ يستعدّ لموقف آخر أكثر عجبا من الموقف الأول وموسى عليه السلام لا يعلم شيئا عمّا يجري ويخشى المناقشة حتى لا يتهم بعدم الصبر أو ينقض شرط الرجل الصالح, الذي قال له:{ فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا} فصمت موسى عليه السلام.

4. القصة الثانية

مضى موسى والعبد الصالح يتجوّل في المدينة مع موسى عليه السلام ويدخل هنا وهناك, ويتردد بين شوارعها وطرقاتها ومسالكها.

ولكن موسى عليه السلام عجب أشد العجب وجزع أشد الجزع, عندما أتى العبد الصالح أمرا عجبا وفعلا نكرا..ترى ماذا فعل الشيخ العبد الصالح؟

لقد اقترب من غلام كان يلعب في الطريق, فجذبه بيده, ثم أمسك بعنقه بكلتا يديه, وما زال يضغط عليه حتى قتله.

أصبح الأمر لا يحتمل بالنسبة لموسى عليه السلام فهو يرى جريمة قتل مروّعة أمامه, فنظر إلى ما فعل العبد الصالح متعجبا ثم ذاهلا, ثم خرج من عجبه, وأفاق من ذهوله, ساخطا مستنكرا غضبا, وصرخ في الشيخ قائلا:

يا رجل ما فعل هذا الغلام حتى تقتله؟! {أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا} فقال الشيخ في هدوء:{ ألم أقل انك لن تستطيع معي صبرا}.

هدأ موسى عليه السلام, وسكّن من غضبه, وتحيّر في أمر هذا الرجل الصالح الذي اتبعه لهدف واحد وهو أن يستزيد من علمه, فلم يجد عنده حتى الآن شيئا من ذلك, بل انه يأتي أفعالا منكرة لا يرضاها علم, ولا تقرّها شريعة, ولكنه لم يسعه إلا أن قال للشيخ:{ إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدنّي عذرا} يحق لك به ترك مرافقتي, والانصراف عن صحبتي. 5

5-. القصة الثالثة

خرج الرجل الصالح وموسى من تلك المدينة, وضربا في الأرض حتى وصلا إلى مدينة أخرى, وكانا قد جاعا وتعبا, فسألا أهل المدينة ضيافة وطعاما, فلم يجبهما أحد إلى ذلك, وكان كل من سألاه ضيافة يقول لهما: إننا لا نضيف الغرباء إلا بأجر. وكل من يسألاه طعاما يقول لهما: إننا لا نعطي طعاما بغير ثمن.

ولما نال من موسى التعب مبلغه, جلس هو وفتاه يستريحان في ظل جدار منزل.

ودعا موسى الشيخ إلى الجلوس معهما ليستريح من عناء السير, ولكنّ موسى رأى شيا عجيبا يثير الدهشة.

ترى ما هذا الشيء؟

لقد رأى الشيخ يتقدم من الجدار الذي بالقرب منهما وكان جدارا قديما يوشك أن ينقض, فيفكك أحجاره المتخلخلة, ثم يجمع من الطريق ترابا, ويعجنه بالماء, ويصنع منه طينا يعيد به تثبيت الأحجار في أماكنها, حتى أعاد اقامة الجدار متينا ثابتا من غير أن يطلب منه ذلك أحد.  
فدار بخلد موسى أن الشيخ يفعل ذلك لينال عليه أجرا يمكنه أن يشتري به طعاما من أهل المدينة التي لا تضيف غريبا إلا بأمر, ولا تطعم جائعا إلا بثمن.

وما أن انتهى الشيخ من عمله, حتى طلب من موسى أن يتبعه ثم انصرف عائدا ولم يطلب من أحدا شيء أبدا!!

فقال له موسى بدهشة: ولم إذن أقمت الجدار؟!

لقد كان جدارا مهدما فأصلحته, ومائلا فأقمته, فلم لا تطلب من أصحابه أجر ما فعلت؟! {لو شئت لتّخذت عليه أجرا}. 

عند ذلك نظر الشيخ إلى موسى, وقال له: { هذا فراق بيني وبينك}.

انتبه موسى, وأدرك أنه تجاوز الشرط المبرم بينه وبين الشيخ ألا يسأله عن شيء حتى يذكره هو له, وأدرك موسى أنه قد حق عليه فعلا فراق الشيخ, لأنه لم يستطع أن يضبط نفسه من السؤال, ولا أن يكف لسانه عن الكلام, وكان ذلك نزولا على حكم الشرط الذي اشترطه للشيخ على نفسه.

فقال موسى للشيخ أسفا: حقا لقد عذرت معي, فما استطعت أن أكبح نفسي عن السؤال, ولا أن أردّ لساني عن الكلام, ولا أن أصبر على ما رأيته يصدر منك من الفعال.

 فقال الشيخ ملاطفا:

لا تأسف ولا تحزن, سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا.

فقال موسى فرحا متشوّقا: هات حديثك فاني متشوّق إليه.

فقال الشيخ: هيا بنا نتخيّر مكانا نجلس فيه, لأفسّر لك ما خفي عنك, وأشرح ما غمض عليك.

وعندما يكشف العبد الصالح سر المواقف الثلاثة: خرق السفينة, وقتل الغلام, وبناء الجدار في قرية بخيلة لا تطعم ولا تسقي, سنرى المعجزات التي كشف لموسى عنها, وليعلم أن ما عنده من علم فهو قليل.

6. معجزات علم الغيب

بادر موسى على الفور العبد الصالح بالسؤال فقال له:

ما أمر السفينة؟

فأجاب العبد الصالح:

_أمّا السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر, وهم شركاء فيها, وهم شركاء كذلك فيما تحمل من تجارة قليلة ضئيلة, يبادلونها بتجارة ثانية, ويتقاضون بها سلعا أخرى فيما يمرون به من البلاد, ويرسون عليه من المدن.

 قال موسى: ولم إذن خرقتها وحال أصحابها على ما تصف من الفقر والضعف, وقد أكرمونا وأحسنوا إلينا, وأجهدوا أنفسهم في ضيافتنا؟!

قال الشيخ: أردت أن أعيبها, فان المدينة التي رست عليها بها ملك ظالم جبار يرسل أتباعه يفحصون السفن التي ترسو بمدينته, ويختبرونها, فالسفن التي على حالة جيّدة يأخذها من أصحابها غصبا, ويسلبها قوة واقتدارا, أما السفن المعطوبة التي بها عيب, أو التي أصابها تلف فانه لا يأخذها. 

فاتضحت الحقيقة, وظهرت المعجزة أمام عيني موسى عليه السلام, معجزة علم رآه يفوق حتى خياله.

 وقال للشيخ ضاحكا: لذا خرقت أنت السفينة فعبتها حتى لا يأخذها من أصحابها المساكين هذا الملك الظالم؟

قال العبد الصالح: نعم فعلت ذلك, لكي يتركها الملك الظالم, فيستطيع أصحابها بعد ذلك أن يصلحوها ويرتزقوا منها.

فتخيّل موسى عليه السلام أصحاب السفينة, وهم غاضبون ساخطون حين يكشفون عن العطب الذي أصابها, ولكنهم لو علموا ما كان مخبأ لهم, كما عرفه موسى من العبد الصالح لفرحوا وحمدوا ربهم على ذلك فربّ مصيبة فيها الفرج.

ثم قال موسى للشيخ: وما سبب قتلك الغلام؟!

أجاب الشيخ: أما الغلام فكان أبواه مؤمنين, وكان هو كافرا طاغيا ضالا, {فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا} يؤذيهما إذا عصياه ببذاءته وفساده, ويؤذيهما إذا اتبعاه بكفره وضلاله.

قال موسى: لقد أراح الله منه أبويه, وجنبهما شرّ السقوط في معصيته ولكنهما لا يشعران بنعمة موت هذا الابن الضال, ولا يحسان إلا بشدّة وقع وفاته, وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.

قال الشيخ معقبا على هذا الكلام: نعم, فسيبدلهما ربهما خيرا منه زكاة, وأصلح منه دينا وأحسن منه خلقا, وأقرب رحما.

قال موسى: إن الله على كل شيء قدير, يشمل برحمته من يشاء.

أجاب الشيخ: أما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة, وكان تحته كنز لهما, خبأه لهما أبوهما قبل أن يموت, وكان أبوهما صالحا مؤمنا تقيا, فأراد ربّك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك.

قال موسى متسائلا: فأقمت الجدار خوفا من ضياع الكنز؟

أجاب الشيخ: نعم ليبقى الكنز مصونا من أيدي العابثين, حتى يشب الغلامان فيستطيعا أن ينتفعا به في حياتهما ومعاشهما.

عند ذلك ظهرت المعجزات وحقائق العلم الخفي الذي يعلمه العبد الصالح لموسى, وأدرك أن ما خفي عليه كان علما ظاهرا لهذا الرجل (العبد الصالح) وأن ما استتر عنه كان معرفة واضحة أمام الشيخ, فاختصّ موسى حين أراد أن يعلمه ربه بهذه المعجزات العظيمة.

آليا  النبي وهو الخضر -ع- ومعجزة المحرقة في الكرمل ( أرض المنصورة )

سيدنا آليا النبي أو الياهو  كما يسميه اليهود أو إيليا أو إلياس أو ما الياس أو مارجرجس أو مار جريس أو جاورجيوس كما يسميه النصارى أو الخضر أبو العباس والعبد الصالح كما يسميه المسلمون  والدروز، اشتهر بالتعبد والتجوال في ارض الله الواسعة يدعو الناس إلى الإيمان وتوحيد الخالق ولذلك له في كثير من الأماكن مقامات ومزارات وأديرة.

عاش في عهد  آحاب ملك إسرائيل. وكان في صراع دائم معه ومع الملكة إيزابيل العنيدة، المستبدة، ابنة ايتوبعال ملك صور وصيدا. منذ زواجها وانتقالها إلى قصر آحاب ملك اسرائيل (874 – 853) نقلت الأميرة معها إلى فلسطين عبادتها والأصنام. المتعبدون للإله الواحد كانوا يطاردون ويضطهدون، بينما توطد الملكة إيزابيل عبادة الآلهة الغريبة في قلب العاصمة أورشليم.

وبعدما شهرته  غيرته النارية على عبادة الإله  الواحد، أحيا إيليا حركة تجدد ديني روحي في الأراضي المقدسة. ولكي يحافظ  على نشاطه وقواه – وهو الناسك المتقشف – فيستطيع مجابهة الملك  آحاب والملكة العاتية المتجبرة، أرسل الله له غرابا يأتيه يوميًا، صباحًا ومساء بخبز ولحم.

نبوءة مار  الياس الأولى قوامها إعلان رسمي أمام الملك آحاب بالجفاف الشامل في بلاده قصاصا وتحذيرا بسبب عبادته للأوثان. ثم اختفى النبي في مسقطه، شرق الأردن، هربا من غضب آحاب. وانتقل إلى منسك في صرفت صيدون: حيث كانت امرأة أرملة تقدم له الغذاء. قامت تلك الأرملة بواجب الضيافة على أكمل وجه فتحققت لمنفعتها نبوءة له شهيرة: "جردة الدقيق لم تفرغ وقارورة الزيت لم تنقص في بيتها" (3 ملوك، ف 17).

وعندما جفت  ارض المملكة وبكى الشعب كثيرا  متضرعا إلى الله طالبا العون والمدد،  ودفن عدد كبير من الأموات جوعًا  وعطشًا، قال الله للنبي، في السنة  الثالثة للجفاف: "امض وأر نفسك لآحاب فآتي بمطر على وجه الأرض"، فمضى إيليا ليري نفسه لآحاب (3 مل، 18/1-2).

وعند اللقاء بادر آحاب النبي قائلا: "أأنت إيليا معكر صفو إسرائيل؟" فقال له: "لم أعكر صفو إسرائيل أنا، بل أنت وبيت أبيك بترككم وصايا الرب وسيركم وراء البعل. والآن أرسل واجمع إسرائيل كله إلى جبل الكرمل، وأنبياء البعل الأربع مئة والخمسين، وأنبياء عشتروت الأربع مئة الذين يأكلون على مائدة إيزابيل". قبِلَ آحاب التحدي وهو يفكر: "ماذا يستطيع هذا المتشرد ضد شعبنا وبعال وعشتروت وأنبيائهم؟".

دعا آحاب الشعب إلى لقاء مع إيليا، على جبل الكرمل. فبادر إيليا المجتمعين هناك قائلا: "أن كان الرب هو الإله فاتبعوه، وان كان البعل إياه فاتبعوه". فلم يجبه الشعب بكلمة. فأكمل قائلا: "أنا الآن وحدي بقيت نبيا للرب، وهؤلاء أنبياء البعل أربع مئة وخمسون رجلا. فليؤتَ لنا بثورين، فيختاروا لهم ثورا، ثم يعطعوه ويجعلوه على الحطب ولا يضعوا نارا، وأنا اعد الثور الآخر واجعله على الحطب ولا أضع نارًا. ثم تدعون انتم باسم آلهتكم وأنا أدعو باسم الرب، والإله الذي يجيب بنار فهو الإله" (3 مل 18/22-24).
لا يقتصر الأمر أذا على معرفة أي من الرب الإله أو من البعل هو الأقدر، بل أي منهما هو الله على الإطلاق. لم يترك إيليا أي مجال للشك في أن الإيمان بالإله الواحد هو رهان هذا التحدي. هيأ أنبياء البعل وعشتروت المذبح والذبيحة ودعوا باسم البعل من الصبح الى الظهر وهم ينادون ثم يصرخون "ايها البعل اجبنا" فلم يكن من مجيب ولا مصغ. وكان إيليا يسخر منهم ومن إلههم...

بعد فشل  أنبياء البعل، رمم إيليا المذبح،  وضع عليه الذبيحة وصب فوقها  ماء ودعى باسم الرب قائلا: "استجبني يا رب، استجبني، ليعلم هذا الشعب انك أيها الرب أنت الإله...". فهبطت نار "وأكلت المحرقة والحطب والحجارة والتراب، حتى لحست الماء الذي كان في القناة". فصرخ الشعب: "الرب هو الإله، الرب هو الإله". فقال لهم إيليا: "اقبضوا على أنبياء البعل ولا يفلت منهم احد". فقبضوا عليهم، فأنزلهم إيليا إلى نهر قيشون وذبحهم هناك (3 مل 18/38 – 40). كانت إبادة الأعداء العادة المتبعة، وفق الأعراف والممارسات البدائية القاسية، في القرن التاسع ق. م. وكانوا يأمرون بإبادة الآلهة الكذبة مع الأنبياء في آن. وسمى النهر القريب من يومها بنهر المقطع نسبة للرؤوس التي قطعت وبعد سنوات أقيم دير المحرقة وفي ساحته ينتصب تمثال يحمل المعجزة حيث يشاهد النبي إيليا يدوس على رقبة احد الكهنة ويحمل رأسا ويشهر السيف في الهواء .

في ذلك  المساء، بعد العودة من جبل الكرمل، اسودت السماء بالغيوم وهبت الرياح وهطل مطر غزير. خضع الملك آحاب، على مضض، للأمر الواقع. أما الملكة إيزابيل فلم تخضع. اضطهادها للنبي تجدد بأكثر حدة. واندفاع من جديد كان على إيليا أن يفتش له في الصحراء على مخبأ. فاتجه إلى بئر سبع ودخل بعيدًا في صحراء مملكة يهوذا. وبعدما جاع وتعب كثيرا نام تحت شجرة. فأرسل الله له ملاكا أيقظه وقال: "قم فكل، فان الطريق بعيدة أمامك" إلى جبل الله حوريب (سيناء) فنظر فإذا عند رأسه رغيف مخبوز على الجمر وجرة ماء. فأكل ثم أكمل مسيرته. وجرت قصته مع النبي موسى عليهما السلام  والتي وردت في القرآن في سورة الكهف وكان يدعا العبد الصالح  علمه الله علم الباطن أي التأويل.

السؤال الأهم  هو: إلى أين انتقل إيليا النبي؟ وهل هو حي، كما يزعم الكثير من أهل الديانات ؟ وهل سوف يأتي في آخر الأزمنة ليعد طريق المسيح الآتي مرة ثانية إلى الأرض؟ كثيرون يستندون إلى سفر ملاخي حيث نقرأ: هاءنذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل أن يأتي الرب العظيم الرهيب... (ملا 3/23).

هذه العودة المشار إليها هنا ستبقى من اختصاص النظرية اليهودية للأزمنة الأخيرة. أما يسوع فشرح هذا الموضوع بقوله أن إيليا عاد في شخص يوحنا المعمدان: "فجميع الأنبياء تنبّأوا... حتى يوحنا. فان شئتم أن تفهموا، فهو إيليا المنتظر رجوعه. من كان له أذنان فليسمع" (مت 11/13 – 15). أذا جاء يوحنا السابق ليتم زمن العهد القديم. كان خلفا لآخر الأنبياء، ملاخي، وحقق النبوءة الأخيرة: "هاءنذا أرسل إليكم إيليا النبي".

وفي موضع آخر  من إنجيل متى يقول يسوع أيضا عن يوحنا  المعمدان: "ولكن أقول لكم أن إيليا  قد آتى، فلم يعرفوه، بل صنعوا به كل ما أرادوا. وكذلك ابن الإنسان سيعاني منهم الآلام" (مت 17/12).

ولما علم نبي الله أن ساعة ملاقاة ربه قد دنت، فأخذ تلميذه اليشع (وهو طبيب وعلى اسمه تسمى مستشفي اليشع אלישע المتواجد في حيفا) وتوجه إلى بيت ايل (بيت الآلهة) وكانت مقر للأنبياء وكان ذلك بأمر من الله ليقدم لهم الوصايا والمشورة قبل أن ينتقل إلى السماء ورافقه تلميذه اليشع برغبة ملحّة منه ليكون معه في الساعات الأخيرة فاستقبلوهم بنو الأنبياء (وهم التلاميذ لدى الأنبياء ) وكانوا يتوقعون كذلك قرب انتقال النبي ايليا إلى السماء,فأخذ النبي رداؤه ولفه وضرب مياه نهر الأردن، فانشقّ النهر وعبر ومعه تلميذه اليشع، وبعد أن عبروا سأل النبي تلميذه (سلني ماذا أصنع لك قبل أن أؤخذ عنك، فقال اليشع ليكن لي سهمان في روحك، قال قد سألت أمرا صعبا، إن أنت رأيتني عندما أؤخذ من عندك يكون لك ذلك وألا فلا)ملوك  4 -2:    9-10 . وكان طلب اليشع نصيب اثنين من روح ايليا أن يكون كالابن البكر للنبي لأن الابن البكر كان له نصيبين في الميراث . حينئذ هبطت مركبة من نار وخيل وحملت ايليا إلى السماء، وبهذا وحسب الكتاب المقدس فأن النبي ايليا لم يمت بل أخذ إلى السماء وهو حي.

وأخيرا نستخلص أن نبي الله أيليا، اختير من الرب لتبليغ رسالة لتقويم السلوك الشرير للملك آحاب ومن بعده أبنه الملك اخزيا وليؤكد للشعب أن الرب الإله هو رب الكل والقادر على كل شيء، أما نبي الله أيليا فيحق لنا أن نعتبره نبيّ النار ! فمعظم المعجزات التي تمت بواسطته كانت النار وسيلتها وحتى صعوده إلى السماء كانت المركبة والخيول التي أقلته إلى السماء جميعها من نار.

 وبمناسبة عيد زيارة مقام سيدنا الخضر -ع - في كفر ياسيف الواقعة بتاريخ 25/1 من كل عام نهنيء جميع أبناء الطائفة بهذه الزيارة المباركة  وكل عام والجميع بألف خير وزيارة مقبولة .

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق