قالت الرواية القديمة بان شعوب التتار وقائدهم هولاكو وفي العصر العباسي اخذوا قرارا بسحق تلك الحضارة التي كانت تسود في تلك الفترة حيث ارتفعت منزلة الكتاب والكتاب والمؤلفين فكانت منارة تشع في بلاد الرافدين..وتقول الرواية بان أول ما فكر به التتار وقائدهم هولاكو باغراق مكتبة بغداد والتي جمعت في ثناياها خلاصة عقول العرب وشعوب تلك البقع الخضراء ولم يتردد هؤلاء التتار في تنفيذ وعدهم فاطفأوا نور المعرفة بعد ان اغرقوا مكتبة بغداد..وتقول الرواية بان نهري الدجلة والفرات صبغت باللون الأزرق علامة لكثرة الكتب التي كانت تخط بريشة كاتبها ابتلعتها مياه النهرين..وتقول الرواية  بان تتار هولاكو يتكررون بل يولدون من عصر إلى عصر ومن زمن إلى زمن بل ان التاريخ يستنسخهم كي تمحوهم صفحات التاريخ وتلفظهم أمواج لا تعرف ألوانها ولا تعرف شواطئها الا غربان..وتقول الرواية بان أقزام بل أشباه رجال لا تخرج إلى الفضاء الا باذن من خفافيش الليل لا تملك في جسدها البالي قلبا نابض أو أحاسيس خفاقة بل تملك في شبه اجسادها شياطين تبحث عن الموت وهياكل تبحث عن توابيتها .

قبل أيام اقدم مجهول وقد يكونون مجهولين وللمرة الثالثة على اقتحام صرحا تربويا وثقافيا حمل لسنوات احلام اجيالنا الواعدة وحمل احلام اباء وامهات بحثوا عن مستقبل يضمن حياة مشرفة لأولادهم فقام هؤلاء بحرق مكتبة مدرسة الشيخ صالح خنيفس الشاملة وسبقها حرق مكتبة مديرها المربي سلمان أبو عبيد لتهب النار في كتبها ومراجعها وقواميسها ورفوفها في محاولة شيطانية لاطفاء شمعة النور المشعة من صفحات الكتب والتي تحولت إلى كتلة من الرماد الاسود ليلتقي النهر الازرق في بغداد والنهر الاسود في مدينتي وفي الحالتين كانت قهقهة فرسان التتار وهولاكو قريبة من وقع الجريمة .

قد نتسابق في اجتهاداتنا وتحليلاتنا لمعرفة من حرق مكتبة أو مكتب وقد نذهب بعيداً وقد تخذلنا الوجوه لكن الجاني واحد ومن هرب من كاميرات التصوير عند ارتكاب فعلته لا يستطيع ان يهرب من عيون الله ومن خرج من ظلمة ليحرق كتاب ليمنع ابن مدينته من السمو عالياً سيبقى في الظلمة لان من لا يملك ضميراً يفضل ان يقبر نفسه لوحده في حفل تشييع  غير رسمي..

  شعلة الطلاب في ارجاء العالم لم يستطع اخمادها احد ولم تستطع بنادق ودبابات الحاكم اخمادها لانها انتفاضة حقٍ ضد الظلم وكم من ثورة قادتها حناجر وارادة الطلاب وهذا الاسبوع وعندما تظاهر طلاب الشاملة على دوار الشهداء في مدينتي وساحة مدرستهم كانت الارض ترتعش لارادتهم وعندما نظرت إلى وجوههم خلت حلمهم بين السماء والارض وفي مساحات الدنيا ..

تحمل قبور الانبياء وعبورهم في محطاتهم قدسية كما تحمل أماكن العبادة قدسية فكم هي مدرسة علمتنا الحرف والخروج للنور..فلا ترفع يديك معلمي وطالبي ولا تستسلما فرسالتكم مقدسة ولا تستسلما .. فالف باقة ورد على صدوركم والف باقة ورد على احلامكم..