نظـــرة فـي كيـان!!! بقلم منير فرّو
2010-05-08 17:15:52

بقلم منير فرّو 

نحن ، قل ما تشاء:  طائفة ،مذهب، امة ،شعب ، لنا كياننا الخاص بنا ، لنا عقيدة ودين ولنا تاريخ  ، لنا تراث ولنا مجد ، لنا ولنا ولنا إلى آخر ما لنا من لنا ، فلا يحق لأحد كان أن يتدخل بشؤوننا ويفرض علينا ما يريد رغما عن إرادتنا . فلا يحق لأحد كأن  يكون أن يفرض علينا ما تهواه نفسه، ويجعلنا ضحية لأخطائه ، أو يجعلنا نسير حسب ما يشرطه علينا وفقا لما تقتضيه احتياجاته هو ، فكما أننا لا نتدخل بشؤون أحد فلا نرضى أن يتدخل بشؤوننا أحد، فصاحب الدار أدرى بأموره ، و"أهل مكة أدرى بشعابها "، وقد صح فينا قول الشاعر السموأل بن عادياء حينما قال : 

          تـعـيرنا أنـا قـليــــــــــــــــــل عـديـدنـا             فقلـت لهـــــــا أن الكـــــــــرام قـــــــــليل  
 
         ومـــا ضرنـا أنـــــــــــــــــا قـليل وجـار             نـا عـزيز وجـــــــــار الأكثريـن ذليــــــــل  
 
         ومـا قل من كانـت بقايـــــــــــــاه مثلنا              شـباب تسـامى لـلــــــــــعلا وكهــــــــــول  
 
          يـقرب حـب المـوت آجـالـــــــــــنا لـنا             وتـكـرهه آجــــــــــــــالـهم فتـطــــــــــــول  
 
          وأيــــامنا مشـهـورة فـي عـدونــــــــا              لـهـــــــــا غـرر مـعلــــــومـة وحجــــــول  
 
          وأســــيافـنا في كــــل غـرب ومشـرق             بهـــــــا من قراع الــــــــدارعين فــــــلول  
 
          مـعـودة أن لا تـسـل نـصـالــــــــــهـا               فـتغـمد حتى يسـتبـــــــــــاح قــــــــــــــبيل
  
 
          سـلي إن جـهلت الناس عنا وعنــهم               وليس سـواء عــــــــالـم وجـــــــــــــهـول 

فنحن على مر التاريخ حرصنا على أن يكون لنا استقلال ذاتي ، ندير شؤوننا الذاتية به دون تدخلات خارجية، فنعمل بموجب عقيدتنا السمحاء، التي تدعونا إلى احترام الآخرين، الإحسان إليهم، اللطف بهم ونحترم حسن الجوار، فلا اعتداء ولا تعدي بل تصدي لأي هجوم أو اعتداء سافر.  

فثلاث هن أساس كياننا، الدين، العرض والأرض، فأي اعتداء على احدهم فهم خط احمر ولهيب نار. فعقيدتنا التوحيدية تفرض علينا حفظ بعضنا البعض، بالمؤازرة بالأفراح والأتراح، المآخاة، التواصل، النصرة في الشدائد، بر الضعفاء، معاودة المريض، استغاثة الملهوف، إجابة الدعوات، فالإخوان كالبنيان المرصوص يشد بعضهم البعض،فإذا ضعف هذا البناء انهار البيت مع سقفه. 

 والعرض عندنا هو النقطة المركزية التي تتمحور حولها العقيدة التوحيدية وهي المرأة أو الفتاة، التي هي منتج للأولاد وبها يحفظ النسل، فصيانة المرأة هي فريضة واجبة لا يمكن المساومة عليها، وكم من حرب ضروس خاضتها الطائفة بسبب العرض،  واكبر دليل على صيانة المرأة قصة " ميثا الأطرش"، ابنة الزعيم شبلي الأطرش، التي كانت سببا لإعلان الدروز الثورة ضد الوالي العثماني ممدوح باشا، الذي طلب الاقتران بـ "ميثا" لحسنها وجمالها، عندما شاهدها  من خلال زيارته لبيت والدها شبلي الأطرش، في جبل الدروز، ووعده شبلي أن يرسل له الجواب، فجمع شبلي أبناء الجبل لاستشارتهم في طلب ممدوح باشا، واضعا سيفه إلى جانبه وكان يقصد بذلك أن يقطع رأس كل من يوافق على تزويج ابنة الجبل " ميثا" لممدوح باشا لكونه ليس من مذهب الدروز، فقامت الصيحات معلنة الحرب على ممدوح باشا بقولهم : "النار ولا العار"، فلما وصل جواب الرفض إلى ممدوح باشا، أرسل جنوده المئات تلو المئات، والآلاف تلو الآلاف لمحاربة الجبل واخذ "ميثا" رغما عن انف الدروز، فما كان من أشبال بني معروف الاغيار إلا أن سحقتهم عن بكرة أبيهم، تاركة له فقط المخبرين عما فعل الدروز بجنوده، ولكن انتهت الحرب إلى ابعد من هذا، حيث تم إعدام ممدوح باشا بأمر من السلطان العثماني، في الأستانة، لأنه تعرض لشرف الدروز. 

 والأرض هي حياتنا وفيها مماتنا وعليها وجودنا وبقائنا، فعملنا فيها وأكلنا من خيراتها ولم نشعر يوما أننا بحاجة لمن يتكرم علينا ويطعمنا أو يحمينا فاعتمادنا على الله ، والدفاع عن الأرض لا يقل عن الدفاع عن العرض، لان الأرض والعرض شيئان لا ينفصلان كالروح والجسد لا ينفصلان إلا بالموت، فالأرض نصونها بأرواحنا، ولا يمكن أن ندعها تأخذ منا قسرا أو غصبا، فلكل شيء ثمن ولكل مشكلة لها حل، وعندما تتعسر الحلول فلا حل سوى الحدي. 

 ونحن اليوم قادمون على أصعب القضايا في البلاد وهي الأرض، والدولة باعتقادها واعتقاد من جعل وجودها عصبا لعقيدته المخترعة الملفقة والمحرفة لأصول الأديان، المخالفة لما شرعه المليك الديان، الظالمة لحقوق الإنسان،الجالبة الدمار،الهتك والفتك،الغش والسلب،النفاق والكذب،القتل والحروب، العنصرية العمية والبغضاء والكراهية بين الأمم والشعوب، بأنها لشعب واحد وقومية واحدة وجنس واحد، لا يمكن لشعوب أخرى أن تسكنها سوف يؤدي إلى طريق اللا سلم ولن يكون هدوء ولا استقرار لأي إنسان في هذه المعمورة، وهذه لا بد أن تكون سببا للنهاية المحتوم عليها في كل الأديان، والتي ستكون بسبب عتو واستكبار من حرّف الأديان وخالف  نصوصاتها وجعلها غاية لأهوائه كالرأسماليين والعلمانيين والشيوعيين وأمثالهم ممن اعتمدوا نزع الإيمان من قلوب الناس ، فقام على  عبيد الرحمان بطردهم من مقاطنهم وهدم منازلهم والسلب والنهب لممتلكاتهم ،فلا يرحم  رضيعا ولا طفلا ولا امرأة ولا شابا  ولا رجلا ولا شيخا ولا عجوزا، بل مثله عندهم كالبهائم الضالة بل البهائم لها حق السكنى والبقاء، وكما قال تعالى عن أولئك : " ءالله أذن لكم أم على الله تفترون،وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم أن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر هم لا يشكرون... ألا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون،الذين ءامنوا وكانوا يتقون،لهم البشرى فى الحيوة الدنيا وفى الأخرة لا تبديل لكلمت الله ذالك هو الفوز العظيم".  

وكنا عندما نشعر بأن هناك أيادي غريبة، تريد أن تتدخل بشؤوننا كنا نتفض انتفاضة الليث الذي لا يريد من ينازعه على عرشه الملكي ، فنخوض حربا ضروسا وننقض على من يكيد لنا المكائد، مستغلا حسن نوايانا وطيبة قلوبنا وكرمنا الحاتمي وبساطة مأكلنا وملبسنا ومسكننا ،  فيظن أننا امة يسهل الدخول إليها والعبث في بنيتها بكل سهولة ، وبعد أن نسمح له بدخول بيتنا والأكل من زادنا والمرح في ساحة بيتنا ، نراه يعمل حسابات بعيدة كل البعد عما نفكر بها ، وحتى لم تكن لتخطر ببالنا ،لأننا لم نصنع معروفنا مع أحد لنحصل على مقابل ، بل دائما نعمل المعروف مع الجميع حبا بالمعروف ورغبة به .  

وأقرب مثلا لنا: هو جماعة النحل، التي تأخذ أحسن شيء في الأزهار وهو الريحق ، متحملة العناء والتعب وقطع المسافات، وما تلقاه من مخاطر لتجني عسلا شهيا " فيه شفاء للناس" ، فهي لا تريد على عملها جزاء بل تريد استقلالها ومنحها الحرية لتتدبر شؤونها ، وتعطي الخير للإنسان وكل إنسان على حد سواء ، دون تمييز بين أبيض أو أسود ، وبين شرقي من بلاد الشرق ، أو غربي من بلاد الغرب ، إنها ولدت فقط للمنفعة ، ولكن إذا جاء من يستغلها لأجل أطماعه الشخصية  ويفرض عليها قوانين وشروط لتلائم مصالحه ، ويجعلها تعيش في بيئة غير بيئتها ، ويتحكم بمأكلها ومشربها ، ومما تصنع بيتها ، وذهابها وإيابها ، دون الاكتراث لما يحدثه من إزعاج لهذا الكائن اللطيف، فإنها سوف تقتنص الفرصة المناسبة لتأذيه ، فتتوحد تحت راية واحدة وملكة واحدة لتنتقم منه ، لتسترد ما أخذ منها من حرية واستقلال لتعود على ما اعتادت عليه ،  بالرغم مما يلبسه من درع واقي وسلاح لإخضاعها له وتسخيرها حسب احتياجاته . 

هكذا نحن أينما نكون نبني لنا حصنا منيعا وقلعة صمود أمام من يعتدي علينا ، ويهين كرامتنا ، ويسلب لنا الأرض ويهتك عرضنا وديننا ويمنع لنا حرية الحياة التي ليس فيها تعد ، كما كان مصير الغازي الفرنسي نابليون بونابرت وأيضا مصير إبراهيم باشا، ابن محمد على باشا، والي مصر، في حملته على جبل الدروز في سوريا، وأيضا مصير الأتراك والفرنسيين وغيرهم الكثير، وهو الفشل المحتم وموت الزعاق ، لأنهم لم يدخلوا البيوت من أبوابها، بل أرادوا دخول البيوت بالقوة والطرد والقمع وسلب الحقوق والاستخفاف بمصير الضعفاء الأبرياء، الذين لا يريدون في الأرض علوا ولا استكبارا، بل يعتمدون على مقولة أمير المؤمنين الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، لمن أراد استعباد الناس وقهرهم دون مبرر، وهي : " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا "، فهذا كلام بسيط لكنه يحمل داخله معنى بليغا .  

 وحصننا هذا بالرغم من مناعته وصلابته يحتله من كانت صفاته من صفاتنا ، وتفكيره من تفكيرنا ، ونواياه من نوايانا ، لأننا لم ولا  ننوي الشر لأحد ولكن هيهات من يقدر لنا تلك النوايا ، بل تراه يحاول الفتك بنا وتمزيق صفوفنا وهتك عرضنا والنيل منا بكل طريقة ممكنة ، مع أنه يعلم علم اليقين أنه يقدم على شيء لن ينال منه سوى الاهانة ، المذلة ، الاحتقار والتخسيس لوضاعة ما يعمل مع امة خيرة ومحترمة، تتحلى بكل صفات المروءة ، الشهامة ، العزة ، الكرامة ، الصدق ، الوفاء ، الإخلاص ، حماية المستجير ، ومع كل هذا ترانا نجني له ثمارا طيبة ، كما تقول شجرة جوز الهند عن نفسها : "يرمينني الإنسان بالحجارة وأرميه انا بالثمارة ". 

لذلك يجب أن نكون في كل مكان، تحت كلمة واحدة وراية واحدة متراصين كالبنيان المرصوص نعمل بحكمة ودراية وعقلانية دون تهور نسمع لعقلائنا  ومن حسنت مشورتهم نصغي لهم إصغاء الالباء الصالحين المجاهدين الغيورين على الأوطان والدين تجمعنا الوحدة والعقيدة ولا ندع أحدا  يعتدي علينا مهما كلفنا الأمر،ولا نتنازل عن حقنا مهما كلف الأمر ولو كلفا ذلك أرواحنا لان الموت من اجل الحق والكرامة هو شهادة وأي شهادة ؟ وإلا أصبحنا مدوسة للأمم، الباغية، الطاغية، المتجبرة والمتكبرة،  نهان، يبصق علينا، ،تهتك أعراضنا، تسبى نسائنا، تستحل أموالنا وأراضينا، وعندها نكون نسيا منسيا، لا احد يرحمنا ولا احد يعطف علينا، ونكون قد استبدلنا تاريخنا المجيد الصامد  بتاريخ الذلة والهزيمة ولكن "هيهات منا الذلة " "هيهات منا الذلة " "هيهات منا الذلة "    .

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق