المسيرات إلى مقام النبي شعيب (عليه السلام) وإعادة ترتيب أوراقنا.
2010-04-19 10:41:34
بقلم زايد خنيفس
المسيرات إلى الرحاب المقدسة كانت في الماضي تبعث في نفوس المشاركين بها عبق وجلالة وروحانية هذه الأماكن بما تحمله من معاني التواصل بين الخالق وخلقه وتحمل هذه المسيرات ان كانت مشيا على الاقدام أو بوسائل آخرى طالبة من رحابه الشريفة العفو والغفران والتسامح ومحبة الآخرين بل لقاء جمع الأحبة من كل صوب وحدب لتبادل التهاني بهذه المناسبة السعيدة.
ولا أنسى كما لا ينسى الكثيرون من أبناء العشيرة المعروفية عندما يدخلون سهول حطين حيث التلال التي كساها الربيع والصُّبارعلى جانبي الطريق لتطل عليك فجأة رحاب النبي شعيب (عليه السلام) . في جفلة الأيمان تعيدك إلى جذور هذه البقاع المقدسة التي أحتضنت خطيب الأنبياء سيدنا النبي شعيب (عليه السلام) كما احتضنت بين تلالها وصخورها السوداء الفاتح صلاح الدين الأيوبي قبل الف سنة فكان هذا المزيج من أريحية هذا المكان وعندما حلم الفاتح صلاح الدين ذلك الحلم المشهور بانه إذا أراد الأنتصار على الصليبيين عليه ان يرمم المكان المقدس في هذه البقعة فأطلق الايوبي عنان فرسه حيث توقفت في المكان المقدس حيث شاء لها الله فآمر صلاح الدين ترميم هذا المقام المقدس.
قبل أيام دعا فضيلة الشيخ موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية اجتماعًا تشاوريًا في قرية جولس وحضر الأجتماع رؤساء المجالس وشخصيات دينية واجتماعية وبحضور قائد المنطقة الشمالية في الشرطة حيث تقرر في نهاية اللقاء تجميد المسيرات إلى مقام النبي شعيب (عليه السلام) هذا العام وذلك حرصًا على هيبة المكان المقدس وهيبة ومكانة الطائفة الدرزية على أثر المواجهات المؤسفة التي حصلت في قرية عيلبون قبل سنتين، إضافة إلى ظاهرة اطلاق النار وحمل السلاح في المسيرات واصطحاب الخيول التي كانت تدخل الى رحاب المكان المقدس تاركة وراءها الأوساخ التي لا تليق بهذا المكان والاعتداء على مشايخ الدين المكلفين بالنظام .
لكل إنسان رأيه وموقفه لكن موضوع المسيرات على أختلافها وحاملي عناوينها ومن يقف على رأسها إلى هذه الأماكن المقدسة يجب ان يعلموا بأن شعوب العالم المتحضّر يحترم مقدساته وأنبيائه ورموزه- فكم هو بالحري بأبناء الطائفة المعروفية التي رضعت جواهرها وسرّها وحكمتها وماضيها وآخرتها من صُلب حكمتها الشريفة فلا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن تسمح لبعض الأخوة المس بكرامة وقدسية هذه الأماكن لأن مثل هذا المس قد يبعدنا عن جواهر وجذور عقيدتنا.
كنت من بين الأخوة الذين حضروا اجتماع الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في جولس وشعرت صدق حديث الجميع وتخوفهم من الأوضاع التي آلت اليها الطائفة في البلاد خاصة علاقتها الاخوية مع ابناء الشعب الواحد لأننا على ثقة بان انبياءنا الصالحين طالبونا بالمحبة والاخاء واحترام الاخرين وهذه القيمة التي لا يمكن التفريط بها لان عكس ذلك هو الهلاك وضياع الطريق.
القيادة الدينية والسياسية والاجتماعية والتربوية مطالبة في هذه الاوقات من المنعطف التاريخي توجيه ابناءنا الى الطريق الصحيح لأنني من الذين يؤمنون بانه لا يولد طفل في هذا العالم سيء الأعمال بل أن التربية الصحيحة هي الكفيل الأول والأخير في بقاء الامة.
ونهاية اتمنى للجميع زيارة مقبولة على أن تكون هذه الزيارة وقفة مع محاسبة أنفسنا وضمائرنا لنذهب جميعا لإعادة ترتيب أوراقنا لنصل إلى طريق الصواب لأن الموضوع في جوهره وعمقه لا يتوقف عند مسيرة أو آخرى بل لان المحطة الصعبة في هذا الطريق الطويل يمكننا اجتيازها باحترام بعضنا وتقويم اعوجاجنا لان بذلك احتراما لهيبة وقدسية مقاماتنا وقدسية تربيتنا للجيل الصاعد ولتكن المسيرات إلى الرحاب المقدسة غير محدودة بعددها بل لتكون كل مسيرة في جوهرها ومعانيها السامية للقاء الله وانبيائه وقبلة على ضريحه ودستورةً بألوانها الخمس تحفظنا من شرور الزمان.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير