عين المجلس المركزيّ على الحلّ
17/01/2018 - 06:38:08 am

عين المجلس المركزيّ على الحلّ

راضي كريني

بعد احتلال فلسطين، وقيام دولة إسرائيل كشُرطيّ للدول الاستعماريّة في الشرق الأوسط، قام الرأسمال اليهوديّ الصهيونيّ الأوروبيّ بحرمان الفلّاح الفلسطينيّ من أرضه (نهبها)، وباستغلال العامل العربيّ الفلسطينيّ بصورة أبشع من استغلال العامل اليهوديّ الفلسطينيّ (العمل العبريّ)، وقام بتدمير الرأسمال العربيّ المستقلّ (احتلال السوق)، وأنشأ مكانه رأسماليّين عربًا ووسطاء وعملاء و...، مرتبطين كليًّا برأس المال الصهيونيّ؛ يتحكّم بهم، يرخي لهم الحبل ويشدّه كيفما يشاء، ووفقا للمصالح والأطماع والأرباح السياسيّة والاقتصاديّة والأمنيّة الصهيونيّة ... الرأسمال الصهيونيّ قادر على خطف ثروة الرأسمال العربيّ بجرّة قلم.

أشعر أنّ المجلس الوطنيّ الفلسطينيّ بدأ يفكّر بالحلّ بالطريقة العكسيّة، وهو تفكير جيّد وصحيح وممكن وضروريّ عندما تشتدّ الأزمة. لطالما علّمْنا ودرّبنا طلابنا على البرهان والحلّ بالطريقة العكسيّة للمسائل الرياضيّة المعقّدة؛ فعندما نبدأ حلّ المشكلة من النهاية إلى البداية، نضع جلّ تفكيرنا في الحلّ وليس في المشكلة، وبهذا نحرّر عقلنا من التركيز على المشكلة وقيودها، ونحثّه ليكون خلّاقا مبدعا في طرح العديد من الحلول الممكنة. هكذا نبني نهجا صحيحا وأكثر فعّالية لحلّ المشكلة، ونخفّض التوتّر الناتج عنها، وعن ضغط المتضرّرين منها الذين يطالبون بالحلّ السحريّ السريع.

قرّر المجلس المركزيّ الفلسطينيّ، في اجتماعه الأخير، في رام الله، الانفكاك من الاحتلال في المجال الاقتصاديّ، أي الاستقلال الاقتصاديّ والتحرّر من التبعيّة الاقتصاديّة وفق اتّفاق باريس.

لا شكّ في أنّ تنفيذ القرار يتطلّب تفهّما وتعاونا من الجمهور الفلسطينيّ، ومن مؤسّسات وجهات عربيّة وصديقة و...، على القيادة الفلسطينيّة أن تشجّع المستثمرين والمتموّلين من إنتاج بضائع فلسطينيّة ذات جودة عالية، وأن تخفّض الضرائب، وتراقب الأسعار و...، وأن تشجّع الطاقة البديلة، وعملة بديلة "للشيكل"؛ كي يتمكّن الفلسطينيّ من  أن يقاطع ويتخلّى عن كلّ منتوج وكهرباء وبترول إسرائيليّ.

على الفلسطينيّين (شعب الجبّارين) أن يتحمّلوا صعاب المرحلة الانتقاليّة، وأن يشعروا بالسعادة؛ لأنّ البدء بالاستقلال الاقتصاديّ، يجعل الاحتلال يؤول نحو النهاية والزوال.

فالفلسطينيّ لا يستطيع أن يكون نسخة مكرّرة للعبيد أو للهنود الحمر أو ...

كتب الطبيب النفسيّ فرانكل، بعد أن نجا من المحرقة: "كلّ ما يمتلكه المرء قد يسلب منه، عدا أمر واحد؛ قدرته على اختيار مسلكه تحت أيّ ظرف، وتلك هي حريّته الأخيرة".

ونحن بدورنا، كعرب فلسطينيّين وإسرائيليّين، وكيهود تقدميّين، علينا أن نحسّن دعمنا للاقتصاد الفلسطينيّ الوطنيّ، وللاقتصاد الإسرائيليّ المتضامن.



 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق