كلمة وفاء في حق الأخ المرحوم الدكتور سلمان حمود فلاح بقلم د. نجيب صعب
07/08/2017 - 04:05:08 pm

كلمة وفاء في حق الأخ المرحوم الدكتور سلمان حمود فلاح

في الذكرى الاولى لوفاته  17/08/03

بقلم د. نجيب صعب – ابو سنان

الاسرة الكريمة :  ام الامين , الامين , الكريمات  والانساب عموم افراد عائلة فلاح وفي مقدمتهم سعادة القاضي فارس فلاح اطال الله في اعمارهم جميعاً .

في هذه الوقفة التأبينية تنحبس الكلمات وتتلعثم الألسن خاصة اذا كان المرحوم رفيق درب انسان يحتذى به في الزمالة  , الأمانة , الاخلاص والوفاء الا وهو المرحوم الدكتور سلمان فلاح رحمه الله . 

قبل خمسين عاماً ونيّف كتب لنا القدر ان نلتقي في بيت المرحوم الشيخ ابو فارس حمود فلاح

في قرية كفر سميع , وعندها التقينا معاً , المرحوم ابو فارس والمرحوم والدي سلمان صعب والأخوين ابو زايد القاضي فارس فلاح وابو الأمين الدكتور سلمان حمود فلاح , حيث بدأت منذ تلك اللحظات روح التعاون والتفاهم والأمانة والإخلاص  تأخذ مأخذها على مدار خمسة عقود , وقد امتازت هذه الفترة الزمنية بالثقة المتبادلة وبالأمانة الحقة بيننا في شتى مجالات ودروب الحياة , وهذه الأيام اثبتت    

 للقاصي والداني انّ هذه العائلة الكريمة بشتى اطيافها اثبتت اصالتها بكل ما في هذه الكلمة من معنى.

    ولا عجب اذا قلت المقولة التي تتردد في كثير من الظروف حقاً " رب اخ لم تلده امك "  هذا ما انطبق علينا , الدكتور سلمان فلاح رحمه الله وكاتب هذه السطور , نعم رب اخ لم تلده امك حيث تعمقت العلاقات الإنسانية والاجتماعية والعملية بيننا على احسن الأحوال في كل صغيرة وكبيرة في خضم حياتنا الممتلئة والزاخرة في المستجدات , وأقول ذلك بضمير حي وبصدق لا غبار عليه , كما تعودنا نحن الاثنان من خلال اكثر من نصف قرن الى ان اصطفاه االله فجر يوم الجمعة الموافق 12/08/16 وهذا التوقيت له سر عند رب العالمين لا يعلم به سوى باري الخليقة ومدبر امورها .

   وقفت لأقول بعض الشيء في هذا الظرف الأليم الذي فيه افارق اخاً اديباً , مثقفاً وفياً , اميناً , متواضعاً , خلوقاً  ادارياً , صاحب ارادة منقطعة النظير في الجد والمثابرة والوفاء في كل عمل او منصب اسند اليه او تسلمه في شتى مناحي عمله خلال 81 عاماً خلت.

   كيف لا وانّ الدكتور سلمان فلاح لم يترك شاردة او واردة الا واعطاها حقها حيث ضرب مثلاّ

خلال فترة حياته بالعطاء والبذل من اجل المجتمع عامةّ والطائفة المعروفية خاصةّ .

   ففي مقتبل العمر اسس الدكتور فلاح منظمة الكشاف الدرزي عام 1954 وكان لي الشرف ان التحق بها في اول سنة لإقامتها في السرية الكشفية في قريتي ابو سنان , ولمست وأنا في سن صغيرة مدى بعد افكار المرحوم وتطلعاته المستقبلية ليس لنفسه فقط بل لأبناء جلدته والمجتمع بشكل عام.

-1-

   وقد تابع مسيرته بالالتحاق في الجامعة العبرية بعد ان تخرج كابن الطائفة الأول من مدرسة الريئالي في حيفا , وكان ايضاً من اوائل الملتحقين في الجامعة العبرية في الوسط العربي عامة .

عمل الدكتور فلاح مراسلاً برلمانياً في نطاق دراسته في جريدة اليوم وأقام "منبر المواطنين الدروز" واشرف على تحرير برامج في الاذاعة الإسرائيلية , وبعد تخرجه تسلم مسؤولية التعليم العربي في وزارة

التربية والتعليم , من بعدها انيطت به مسؤولية التعليم الدرزي حيث افلح في اقامة دائرة التعليم الدرزي

والشركسي , اعطاها جل وقته وانشغاله واهتمامه حيث ادخل موضوع التراث الدرزي وتجاوز آنذاك كل العقبات التي اعترضت طريقه , ولم يقم الدكتور سلمان بأية خطوة في هذا المجال الا بالتنسيق الكامل مع القيادة الدينية في حينه برئاسة فضيلة المرحوم الشيخ ابو يوسف امين الرئيس الروحي للطائفة الدرزية .

   وما حُرم منه الدروز على فترات التاريخ من هذا الكيان قد حققه الدكتور سلمان فلاح من باب ابراز واظهار شأن هذه الطائفة وكراماتها.

وكرفيق درب للمرحوم كنت على اطلاع ومواكبة الامور معه في كل ما يتعلق بالطائفة الدرزية والشؤون الاخرى .

   الدكتور فلاح كان دائماً يرضخ لإرادته القوية في اعلاء شأن الطائفة التوحيدية في كل المجالات التي طرقها ابو الأمين .

   وقد عمل منسقاً للجنة المدراء العاملين في ديوان رئيس الوزراء , وأول درزي يصل منصب نائب عام مدير المعارف اضافة لكونه رئيساً للجنة التعليم الدرزي ومستشار لوزير المعارف وتمخض عن ذلك دعم عملية التعليم في مستويات عدة , ان كان ذلك في فتح اول صف لكلية نهلال  في المدرسة الشاملة " الأخوة " يركا لإعداد اول كادر من المربيات الدرزيات , ومن ثم الى غوردون والمساهمة في تطور ابناء الطائفة  الى الأحسن فيما يخص التربية والتعليم والشؤون الاجتماعية الأخرى , حيث يشهد على ذلك اقامة صندوق منح للطلاب الجامعيين الدروز بمشاركة وزارة المعارف وديوان رئيس الحكومة.

   لقد كان المرحوم بمثابة العين الساهرة في المؤسسات الرسمية على مصالح الطائفة الدرزية وعلى مصالح كل من طرق بابه في منزله العامر في حيفا وكفر سميع في مواضيع متنوعة ومختلفة والتي كان يجد دائماً الحلول الشافية لها .

      خلال هذه المعالجات التربوية , التعليمية , الاجتماعية وحتى السياسية في بعض الاحيان لم المس من اخي المرحوم الدكتور سلمان الا الأمانة والصدق في القول والفعل فيما يدور على الساحة الطائفية بشكل خاص والوسط العربي بشكل عام .

 

-2-

   ومن خلال المناصب التي تسنمها وقام بواجبه كانسان فريد من نوعه حيث يحصّن بلقب الأمين

والمخلص فيما يقوم وفيما يعمل محلياً قطرياً وعالمياً حيث قالت السيدة يانغ  ياوفنغ رئيسة الوفد   

الصيني الثقافي والتربوي الى البلاد خلال مشاركتها في حفل التكريم للدكتور سلمان فلاح بمناسبة خروجه الى التقاعد والذي اقيم في عكا من قبل قسم تعليم الكبار والذي بادر اليه كاتب هذه السطور ومما جاء في كلمتها :  كان لنا الشرف لاستضافة الدكتور سلمان فلاح نائب مدير عام وزارة المعارف والثقافة بلادنا الصين ويسعدنا ان نشترك اليوم في حفل تكريمه في اسرائيل , لقد زار الدكتور فلاح الصين ثلاث مرات بحكم وظيفته الحكومية وعمل بنشاط منقطع النظير لتطوير علاقات التبادل بين بلدينا وخاصة في  حقل الشبيبة والكشاف والطلاب الجامعيين .       

   وكلمة الوفاء التي يترتب قولها تنبع من اعماق القلب لأنها تصدر عن تجارب يومية في حياتنا الزاخرة والمليئة بالتطورات المتلاحقة والمتقلبه .

   وانّ الدكتور فلاح رغم كل التطورات ورغم كل المستجدات ونزولاً عند ارادته الجبارة والسفر بين اورشليم القدس وحيفا وكفر سميع اصدر حتى وفاته نحو 80 كتاباً في نواحي الحياة المختلفة ومعظمها في التراث الدرزي والمعارف التوحيدية وشؤون الطائفة وتاريخها , كما انه بحكم مكانته الاجتماعية

ومسؤوليته الصادقة في ما تُملية المناصب والمسؤوليات مثّل الدولة في خارج البلاد عشرات المرات ,

حيث كان لنا كثيراً من الوقت لدى مرافقتي له في بعض اللقاءات في الخارج .

وما يترتب ان يرضي الضمير وقول كلمة الحق وكلمة الوفاء في المرحوم والتي تتلخص من خلال متابعتي للأمور وعملنا المشترك وعن كثب بأمور صادقه , حيّه وواقعيه وموضوعية لم تذكر

لأسباب معينه , فالدكتور ابو الامين حقاً كان اميناً في كل ما يقول وما يفعل , ومن واجبنا ان نعطيه حقه اذا تمكنا , لان ما خلّفه لنا المرحوم يعجز اللسان والقلم في وصفها وذكرها لأنها شملت جميع دروب الحياة مترامية الابعاد والاطراف.

فقد ترك لنا المرحوم الدكتور ابو الامين الكثير الكثير من المبادئ الإنسانية الخلاقة اذكر منها ما يلي:

مدرسة في العطاء وهو شيخها حيث انه لم يعرف الملل او الكلل من خلال عطائه من ساعات الصباح الباكر وحتى ساعات المساء المتأخرة.

مدرسة في الأمانة حيث كان اميناً مع نفسه ومع كل من يتعامل معهم على الصعيد المحلي والقطري والعالمي وهو شيخها .

مدرسة في المواظبة والمثابرة نزولاً عند ارادته البناءَة ورغبته في المزيد من العمل في بناء المجتمع بشكل عام والطائفة التوحيدية بشكل خاص وبالطبع هو شيخها.

مدرسة في الوفاء لكل من عمل معه ولكل من عرفه وهو شيخها.

 

مدرسة في التواضع اذ لم نره مطلقاً متكبراً فقد رافقته طيلة سنين عمرة البسمة الهادئة التي صدرت عن قلب طيّب يعمل من اجل الصالح العام وبإخلاص وبدون عجب هو شيخها.

مدرسة في الصدق في القول والفعل والتعامل وهو شيخها.

 مدرسة في التأليف والتاريخ حيث اتحفت الكتب المؤسسات التعليمية والثقافية في طول البلاد وعرضها بشكل عام , وقد زودت المدارس والمكتبات في قرى الطائفة ايضاً بكتب الادب والتهذيب والآداب التوحيدية وتاريخ الطائفة على مر العصور وهو شيخها.

مدرسة في التخطيط والتنفيذ لتشمل جميع دروب العمل التربوي والثقافي للشبيبة والكبار وفئات اخرى في المجتمع وبالطبع هو شيخها.

مدرسة في الاخلاقيات الإنسانية واحترام الذات والغير.

مدرسة في التعرف وزيارة مواقع تواجد ابناء الطائفة في كل مكان سمع عنه نزولاً عند رغبته في توثيق كل ما يمكن توثيقه عن الطائفة الدرزية وبدون ريب هو شيخها.

مدرسة في قول الحق دون خوف او جل وبصراحة متناهيه , وقد برز ذلك جلياً في تأسيس وأقامه ورعايه منظمة الكشاف الدرزي الاسرائيلي حتى الرمق الاخير في حياته .

حقاً ان انسان كهذا يعجز الدهر ان يمن لمثله في هذا الزمان , فقد هوى بموته صرح مشيدّ يكتنز الكثير الكثير من الاخلاقيات والانجازات التي تعتبر نبراساَ هادياَ في الحياة يشمل ما ذكر وما قام به المرحوم كذلك غير الذي ذكر , ويصعب على التاريخ ان يتجاهل ذلك وان يَمحوه ما دامت الدنيا.

فأولاً اعزي نفسي بوفاته , واعزي جميع افراد العائلة فرداً فرداً , وكذلك أسرة التربية والتعليم , وجميع من

عرفه على مختلف الاصعدة , واقولها صراحة وبصدق انه بموته تيتم العمل الدؤوب والاخلاص والتفاني والعطاء والصدق والامانة ولين العريكة والتواضع والاحترام المتبادل والدفىء في التعامل ,  والعزاء كل العزاء لرفيقة دربه ام الامين والامين والبنات والانسباء وعموم أفراد آل فلاح الكرام وخاصة أخيه القاضي فارس حمود فلاح .

وأخيراً اني اعلّق املاً كبيراً على الحرص على ما انجزه المرحوم , ذلك نزولاً عند رغبته وارادته ليبقى كل هذا ركيزة وطيدة ومرجعاً انسانياً لما خلفّه من انجازات في شتى الحقول وخاصة التراث الاخلاقيات والسلوكيات التي انتهجها في حياته , ونتضرع الى العلي القدير ان يتغمد فقيدنا الغالي بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته وانا لله وانا اليه راجعون.

 

 

 

 

-4-

 

 

 

 

    

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق