"انتخابات آخر زمن...والمهزلة الديمقراطيّة!" بفلم: شريف صعب- أبوسنان
2015-03-12 20:55:43
إنّها بالفعل انتخابات آخر زمن، تلك الّتي ستداهمنا بعد بضعة أيّامٍ وبالتحديد في السّابع عشر من الشّهر الجاري...والّتي نتمنّى أن تكون نقطة فصلٍ ومفترقٍ بين الحقيقة والخيال،بين الوعي والّلاوعي،بين المنطق والغوغائيّة وبين المسؤوليّة...."والولدنة".
نحن نتمنّى أن يعي الزّعماء الّذين ستتمخّض عنهم هذه الجولة حقيقة الوجود والكينونة وحقيقة الواقع الّذي يغرق فيه شرقنا الحزين المُكهرب...حيث يفترس القويُّ الضعيف وغالبًا ما يتحوّل فيه الجلّاد ضحيّةً...والضحيّة جلّادًا!!
لقد آن الأوان لأن يقف زعماء الغدِ لحظةً مع عقولهم ومع بصائرهم وأن ينظروا حولهم وأمامهم بعين...العدالة والرّحمة والذّوق الحَسَن وأن يعملوا بجدّيّة تامّة لأعطاء كلّ ذي حقٍّ حقّهُ...دون النّظر إلى العرق والدّين والّلون، وليأخذوا ولو لهذه المرّة فقط وثيقة الإستقلال وأن يتفهّموا مضامينها، دون تلاعبٍ بالمعاني والألفاظ ودون تحريف المفاهيم وأن يتعاملوا معها ومعنا، نحن المواطنين، بمبدأ المساواة ومع جيراننا بعين المحبّة...والرّضا والنّوايا الحَسَنة، من أجل غدٍ أفضل يعمّهُ السّلام وتملؤه المحبّة والوئام والأمان والإطمئنان.
على زعماء الغد أن يغيّروا مساراتهم ومهاراتهم السّياسيّة وأن يتّجهوا نحو حلّ جذريٍّ وأكيدٍ للنّزاع التّاريخيّ. لقد انتهت مسيرة الألف ميلٍ نحوَ السّلام منذ زمنٍ بعيد و أصبح الإحباط وحدهُ هو سيّد الموقف...دون منازع، فالى متى..يا تُرى!؟
كلّنا أملٌ أن تكون هذه الجولة مختلفةً تمامًا عن سابقاتها،رغم أنّ"طرحة العروس" تبدو كسابقاتها، فالتّهافت على الأصوات وبكلّ الوسائل، يملأ البلاد عرضًا وطولًا...والوعود تعزف في آذاننا..نشازًا وحلاوة الألفاظ نفسها والأكاذيب "والدّ حش في الجيوب" والزيارات البيتيّة ...والإشتراك في المناسبات واحتلال المسارح وضرب الأكفّ والإبتسامات العريضة...يا له من عرسٍ انتخابيٍّ قسريّ لا يتعدّى كونهُ مهزَلَةً للديمقراطيّة، فُرض علينا على حين غَرّةٍ، نحن المواطنين، دون شافعٍ أو نافع..ناهيك عن أنّه  قد اختلفت هذه المرّة لغة الخطاب السّياسيّ وحلّت لغة التطرّف والإساءة..والتهديد والوعيد، فيا ويلنا ممّا يخبّؤه لنا عالم الغيب إزاء ما يُصرّحون به زُعماء...آخر زمن، فبدل المحبّة والنّوايا الحسنة وجعله عُرسًا ديمقراطيّا أكيدًا، تزداد الضغائن وتعمّ الضّبابيّةُ عقولنا  وأجواء بلادنا الحبيبة!
إنّ كلّ من يراقب الجوّ السّياسيّ الحاليّ والمناظرات على اختلافها وأسلوب التّخاطب...والأجندات المتداولة...والتطرّف "الوقح" من أجل كسب أصوات الكراهية والبغضاء واستباحة دم الآخر"المختلف"، يلمسُ كيف وصل وضعنا وتعاملنا مع بعضنا بعضًا إلى الحضيض لا بل إلى الدّرك الأسفل الّذي لا قاعَ بعده ثمّ يُلاحظ كيف اختفت،تقريبًا،من قاموس الأحزاب الرّياديّة كلمة" السّلام!"
إذا أردت،عزيزي القارئ،الحقيقة فأنا لستُ خائفًا من زعماء الجولة الحاليّة وإنّما معظم مخاوفي.تنصبُّ..على الجولة الّتي ستليها، الجولة الآتية..بعد سنةٍ أو سنتين..أو ثلاث سنوات حيث ستتفاقم الأمور أكثر وسيصبح العنف أقوى بكثير... لأنّ نظامًا هشًّا كنظامنا تستنزفهُ الأحزاب الصّغيرة لاتسعفهُ ديمقراطيّتنا وربّما سيكون الرهان، لاحقًا...على رأس الآخر المختلف ولا عجبَ أن تصبح حياتنا كقِدْرٍ يغلي..فوق نار الضغينة والعنصريّة والكراهية العمياء!!
فسبحان الّله، من كان يظنّ أنّ"شاس" ستصبح شاسَين وأنّ "الّلكود بيتنا" سيمسي بيتين...وأنّ"بينت" سيتحوّل إلى ثلاث "بناتِ.."
بينما تتّحد"ليفني" الّلكوديّة مع "هيرتسوغ" المعراخيّ! من فكّر أنّ تطرّف اليمين كان لينتجَ "قائمةً عربيّةً مشتركةً"...لا يختلف برنامجها السّياسيّ في الحلّ عن رؤيا الّليكود...في "حلّ الدولتين!"
المضحك المُبكي أنّ بعض قياداتنا، نحن الأقليات، يعتقد أنّ الوعود لقرانا،الّتي عوّدونا عليها سوف تتحقّق قريبًا... بناءً على تقبيل الأيادي وال... قبل يوم الإنتخاب مُتناسين أن هذه الأسطوانة قد أكل الدّهر عليها وشرب وقد سمعناها خلال عشرات السّنين...حيث أنّه بعد انتهاء المعركة يتناسى الواعدون وعودهم ويتفرّغون.. لخدمة شؤونهم الشّخصيّة وانتهازيّتهم..ومن أجل استعداداتهم...للجولة القادمة. مع ذلك فسنبقى، سويّةً، نعيش على الأمل حتّى لا تضيع أُمنياتنا مُتبنّين قول الشاعر الفارسيّ الشهّير"الطّاغرائي"حيث قال:
"أعلّلُ النّفسَ بالأمال أرقُبُها                     ما أضيقَ العَيشَ لولا فُسحة الأمل"ِ                            ....على أملٍ أن لا تتحقّق إلا أحلامنا الطّيّبة!
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
17
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق