دولة القائد -بقلم:راضي كريني
2015-02-25 09:48:38
مدّة أقلّ من ثلاثة أسابيع تفصلنا عن انتخابات مجلس النوّاب (الكنيست/البرلمان) العشرين في إسرائيل. يتوقّع المراقبون أن تنتج عن نتائج الانتخابات تغييرات طفيفة في الحكم وفي السياسة الرسميّة في إسرائيل. تتّسع رقعة التوقّعات إلى درجة يتوهّم فيها البعض أنّ السياسة الرسميّة في الدول الرأسماليّة: الإسرائيليّة والأمريكيّة والأوروبيّة و... تتوقّف على فلسفة حياة النواب ومعتقداتهم الفكريّة ونواياهم  و... وليس على مآرب مَن يموّل حملاتهم الانتخابيّة من حيتان رأس المال المتوحّشة. 
لا ينتظر الرأسماليّون لتشكّل نتائج الانتخابات خطرا على تكتيكاتهم واستراتيجيّاتهم و... خصوصا وأنّ غالبيّة الرأسماليّين الكبار، في هذه الدول،كانوا قد أشغلوا في الماضي وظائف مهمّة في أجهزة الأمن الاستخباراتيّة (راجعوا تاريخهم) وما زالوا يتعاونون معها، لذلك ثمّة علاقة طرديّة وثيقة بين رأس المال (المحلّيّ والعالميّ) والسياسة الرسميّة في إسرائيل. 
يعمل الرأسماليّون ليل نهار، وبدون كلل، ليؤمّنوا مصالحهم في نهب الموارد الطبيعيّة وقوّة العمل والانتاج و...؛ كي يزيدوا من أرباحهم وثروتهم، هؤلاء يكثّفون من نشاطهم إبّان الانتخابات البرلمانيّة والنقابيّة (راجعوا ميزانيّة حملة الرئاسة الأمريكيّة في 2016، وما جمعه كلّ من المرشّحين المتنافسين: هيلاري كلينتون وجب بوش. لكن لا تستغربوا من "جود" حكّام السعوديّة والإمارات وعُمان)، ويدفعون المبالغ الطائلة لترشيح ولفوز شخصيّات من حارسي ثروتهم وخططهم وأهدافهم السياسيّة والاقتصاديّة في الانتخابات، ويستطيع هؤلاء، بحكم العلاقات التاريخيّة والاقتصاديّة التي تربطهم بأجهزة المخابرات الأمنيّة وبجمعيّات فاعلة ووسائل إعلام و... أن يحرّكوا هذه الوسائط لترمي بثقلها، كي لا ينحرف مسار نتائج الانتخابات عن معيارهم كثيرا.
من الواضح أنّ هناك ثلاثة احتمالات لتشكيل الحكومة القادمة في إسرائيل: 1- حكومة يشكّلها بيبي نتنياهو، زعيم حزب الليكود.
 2- حكومة يشكّلها يتسحاق/بوجي هرتسوغ بالتناوب مع تسيبي ليفني، زعيما المعسكر الصهيونيّ. 3- حكومة يشكّلها بيبي وبوجي، "حكومة وحدة قوميّة".                                                                                                                                        
بناء على ما تقدّم، أجد صعوبة بالغة في تحوّل الرأي العام وفي تغيير سلطة المتسلّطين، وفي أن يتمكّن الناخب اليهوديّ، خرّيج المؤسّسة العسكريّة أو الدينيّة، أن يطبّق حريّة التفكير ويعبّر عن نواياه السلاميّة والعدليّة من خلال مشاركته اللعبة الديمقراطيّة-الانتخابات. ممكن للطبقة المستغَلَّة وحلفائها أن يغيّروا السياسة الرسميّة فيما إذا غيّروا سيرورات/وسائل التعبير عن نواياهم، أي بمختصر مفيد، بالعمل على تغيير نظام الحكم من الرأسماليّة إلى الاشتراكيّة. 
تتلاعب وسائل الإعلام الرأسماليّة الصهيونيّة في مشاعر وفي فكر غالبيّة الجماهير، وتشوّه مفاهيم الحريّة والمساواة والعدل لتنتج "ديمقراطيّة" عاجزة، وتفرض معركة انتخابيّة بين المعسكر الصهيونيّ الذي يقول في دعايته: نحن أو هو/بيبي. ماذا نفهم من: نحن أو هو؟! نفهم أنّ المعسكرين لن يحرّرا إسرائيل من القوالب الجاهزة ومن عدائها للطبقة المستغلَّة وللسلام، وأنّهما يحصّنان السياسة الداخليّة الإسرائيليّة ويقيّدانها للتعلّق بشخصيّة القائد فقط! والقائد بطبيعة الحال تسانده طغمة ماليّة ووسائل إعلام وأجهزة مخابرات وعملاء أوصلته إلى الحكم، وتقيه من متطلّبات التأثيرات الخارجيّة؛ ليتفرّغ إلى تغطية تكاليفها وصرف فواتيرها.
لذلك فمهمّة القائمة المشتركة كبيرة ومهمّة. هي وحدها لا تحتاج إلى رداء يزيّفها ويزيّنها، وحدها تحمل الحقيقة وتتحمّل أعباءها، وحدها ووحيدة ستقف في وجه "هؤلاء"، وحدها مديونة إلى رغبة الجماهير، التي أوصلتها إلى الكنيست، بتحسين ظروف معيشتها، وحدها تمهل الخطى ولا تهمل تسلّق وعر التلال... وحدها تشير إلى النور في آخر النفق، وهي نحن وكلّنا فيها! 
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق