عاقِبونا بمحبّة لنقبل عقابكم! راضي كريني
2015-02-18 09:15:40
قبل موعد الانتخابات البرلمانيّة الإسرائيليّة، في 17-3-2015، يعيش الناس هنا حالة تفسّخ الأسس الأخلاقيّة-التربويّة وانحطاطها، كلّ يوم تطفو على السطح فضيحة من فضائح ضبّاط الشرطة الكبار المزمنة، ومن فضائح الاستئثار بالسلطة والبذخ والترف و... لعائلة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو-بيبي ورضوخها لجشع كبار الرأسماليّين، ومن فضائح قيادات وأحزاب سياسيّة (يسرائيل بيتينو والبيت اليهوديّ) الذين يمتهنون الأزمات، ويعتنقون الأفكار الفاشيّة، وينطقون كفرًا بالمبادئ الإنسانيّة، ويمارسون العنف ويقدّسونه، ويفاقمون الابتزاز والاختلاس و... تكريس الاحتلال والاستيطان و...
في مثل هذا الوضع المتأزّم والرجعيّ، من الطبيعيّ أن يشعر قسم كبير من العقلانيّين والإنسانيّين و... من الجماهير العربيّة واليهوديّة الديمقراطيّة بالاغتراب وبالريبة والشكّ في جدوى النشاط السياسيّ والفكريّ بصورة عامّة، والبرلمانيّ بصورة خاصّة رغم توصّل هذا القسم إلى فهم طبيعة السلطة الحاكمة المعادية لمصالح الجماهير. 
من الواضح أنّه إذا طرأ تقدّم وتحسّن في مستوى المعيشة؛ فهذا لم يحدث بفضل سياسة دولة الاحتلال الرأسماليّة؛ بل بفضل التناقض معها وصدامها وتطوّر الصراع مع ممثّليها، ولاختلاف غالبيّة الناس ولخلافهم مع جوهر الدولة الرأسماليّة الرجعيّ، ولاختراقهم السيرورات المحافظة للرأسماليّة، واندفاعهم باتجاه تطوّر الانتاج الماديّ، ومشاركتهم عنوة في اللعبة السياسيّة.
فالتقدّميّ الذي يعي طبيعة الصراع والمرحلة لا يعمل على إزالة الحواجز التي تعيق تقدّم الجماهير المضطهَدة نحو العدل والانتعاش، والتي تثبّتها السلطة لتمنع مشاركة ممثّلي التقدّم الحقيقيّين في الحكم فحسب؛ بل على التقدّميّ أن يعمل ويناضل من أجل القضاء على التشكيلة الاجتماعيّة-الاقتصاديّة الرأسماليّة المهيمنة على البلاد، والتي تعيث في الأرض فسادًا؛ فهدم البناء الفوقيّ (من مؤسّسات وأيديولوجيا وفكر وقانون ودستور و...) القائم لصالح الرأسمال والنظام القمعيّ والاستغلاليّ ليس حلمًا طوباويّا للثوريّين؛ فالتقدميّ لا تضلّله شعارات الغزل بالحريّة والديمقراطيّة والعدل التي تطلقها وتتقن تزييفها وتوظيفها وسائل إعلام النظام!
علينا كقوى عربيّة ويهوديّة ديمقراطيّة وتقدّميّة أن لانستهين بقوّتنا السياسيّة، كي نخفّف من استهانة واستخفاف القيادات الصهيونيّة العنصريّة بوزننا السياسيّ والفكريّ و... والانتخابيّ. فمَن يريد مِن هذه القوى أن يقاطع الانتخابات فليقاطعها بدون أن ينهش بلحم أخيه المشارك فيها؛ لأنّه أسهل ولا يكلّف وأسلم عاقبة من نهش لحم السلطة التي تعمل على منع مشاركتنا في اللعبة السياسيّة. لنسأل مع المعرّي: لماذا ننصح بأكل قلب الحمامة وليس قلب الأسد! 
هناك مَن يسهب في شرح وضع الجماهير العربيّة المأزوم سياسيّا واقتصاديّا و...فإن كانت الجماهير العربيّة تعاني من التمييز والحصار والتهميش و...؛ فهذا لا يتعلّق بأداء ممثليهم في البرلمان؛ بل بوحشيّة السجّان، الذي يريد أن يمنعنا من المشاركة في اللعبة السياسيّة/إدارة السجن.
فلا تلوموا الضحيّة لأنّها تعلّمت كيف تواجه الظلم، وكيف تتكيّف وتتعايش وتتصادم مع الاستغلال والاضطهاد و...إن أراد البعض أن ينتقدها فلينتقدها بمحبّة لتقبل الضحيّة الانتقاد/العقاب، وبدون جلد للذات لاستدرار عطف السلطان!
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق