كيف نغرس في أنفسنا العادات الحسنة؟ رياض م . حمزة
2015-02-13 12:09:23
بِإرادةٍ مِن الله تعالى , وبقدرةٍ منهُ وتسهيل , يولد الإنسان مِنا وهو مجبول على الخير , ومتقبل للتعلم والأخذ عن الغير , وهذا ما تمليه علينا الفطرة , حيث تبدأ رحلة التعلم لديه يوم يَخرُج الى النور مِن رحم امه , مُنذ  بداية لحظة حلوله في هذه الدنيا , محاولاً أن يُكَيِّف نفسه ليتماشى مع هذا العالم الجديد , فنجدهُ طفلاً يتعلم كيف يرضع ثدي أمه وهو في الساعات الأولى من عمره المُبكر , ورحلة التعلم لديهِ لا تتوقف مهما طالت به الأيام والأعوام , وقد اختلف في ذلك العلماء , ولكن المؤكد أن التعلم مستمر , سواء كان بقصدٍ من هذا المخلوق أو بغير قصد . وعندما نتحدث عن العادات الحسنة , وهي كثيرة , وعن كيفية غرسها في أنفسنا , علينا أن ندرك , بداية , أن ما سأُورِدَهُ ادناه فيهِ من الفائدةِ المرجوةِ ما قد يستفيد منه الجميع , وما علينا سوى أن نأخذهُ بعين الاعتبار , بغض النظر عن مراحل العمر التي نَمُر بها, سواء في مرحلة الطفولة أم الشباب , أو ما بعدها من مراحلٍ حياتيّةٍ , وما مِن شك في أن سِن الطفولةِ واليناعةِ واليفاعةِ هي السِن الملائمة لصقل شخص الوليد الناشئ والشاب والبالغ , والعِلم والتجربة يشهدان على ذلك , حيث يمكن للأهل والمربين غرس ما يريدون في النشئ بكل يُسر .  
من أهم هذه العادات الحسنة , التي يجدر بنا غرسها في نفوس أولادنا وبناتنا , على سبيل المثال لا الحصر , عادة المطالعةِ والقراءة , والتي تُعد المفتاح الذي بواسطتهِ نستطيع أن نَلِج جميع الأبواب الحياتيةِ . فالقراءة , ( إقرأ ) , والتي تُعد أول أمر وتوجيه مِن الخالِق تعالى ,  نزل على نبي الاسلام , عليه الصلاة والسلام , هي التي لا يمكن لنا بدونها أن نتطور , ولا يمكن أن نتبحّر في بحور العِلم والمعرفة دون اجادتها . 
أما العادة التي تليها , وتربطها بها روابط مباشرة , فهي عادة القيام بالأنشطة الرياضية , رياضة العقل والنفس والجسد , وليس المقصود هنا إجبار النفس على نوعية معينة مِن الرياضة , فلكلِ شخصٍ الخيار , والأهم أن يجعل الإنسان لنفسه من الرياضة عادة يومية أو أسبوعية , على أقل اعتبار , يقوم بممارستها  بشكلٍ دائمٍ  ومنتظم , فهي تغذي العادة السابقة , القراءة , وتغذي الجسد والروح , وقد قيل: "العقل السليم في الجسم السليم" .
وما مِن شك , في أن "عادة" المحافظة على العادات والتقاليد , والتي أوصينا بها في كتاب الله العزيز , وورثناها عن الآباء والأجداد , هي مِن أحسن العادات الموروثة, والتي يجب على الأهل تنميتها , بعد غرسها , في عقول صغارنا الناشئة , ومن أهمها احترام الوالدين , والكبير والنسوةِ أولاً , ثم احترام الغير  , بغض النظر عن كونيته , وعدم الاعتداء عليه أو على أملاكه .
كذلك علينا تعلُّم عادة الأكل الصحي , مُنذُ الصِغر , وللأسف هذه العادة مهملة عند الكثير مِن أبناء مجتمعنا عامة , وخاصة عند اليافعين واليافعات من ابنائنا وبناتنا , والقصد ليس بالتقتير في الأكل والتباخُل على النفس , ولكن المراد ألاَّ يجعل الإنسان معدته سلة مهملات , يرمي فيها مِن أنواع المأكولات ما طالت يده دون اعتبار . علينا أن نجعلها مستودعاً نظيفاً ومرتباً لما صحّ من الأكل , ولنأخذ بعين الاعتبار , أنّ كل ما يدخلها , سيعود علينا بالنفع , اذا كان صالحاً , وبالضرر اذا كان طالِحاً . 
ومن العادات الحسنة الأخرى , التي يجب علينا تعلمها وانتهاج نهجها , عادة استغلال الوقت , الذي نعيشه , استغلالاً صالحاً ومفيداً , فهنالك , وللآسف , أُناسٌ يهدرون الوقت سدىً , ولا يُجيدون استغلاله بالشكل السليم , ورغم ذلك تجدهم يشتكون من قلة الوقت , رغم أن الله , سبحانهُ وتعالى , أعطى لكل إنسان مِن الوقت ما أعطاه لغيره , وفي هذه الساعات التي منحها لنا الله تعالى , في اليوم , يبدع المبدعون , ويتعلم الراغبون ويخترع المُخترعون , ويتقاعس عن العمل والعطاء الكسالى المتقاعسين , والفارق الوحيد بين أهل الفئة الأولى واهل الثانية , هو أن مَن وضع للوقت جدولاً زمنياً محسوباً محسوساً ملموساً , يستثمرهُ من خلاله , فقد أفلَحَ, والعكس بالعكس , من هدر الوقت  بغير فائدة , قاضياً اياه في جلسات المقاهي والنوادي والاستراحات وغيرها , فقد فشل ذريع الفشل . 
الى جانب هذه العادات التي ذكرتها اعلاه , هناك كثير من العادات الحسنة التي يمكن أن يقوم الإنسان بغرسها في صغاره أو في نفسه , بنفسه . كما وأنه توجد  هناك عادات ( سيئة ) سالبة , مولودة أو مكتسبة , من الممكن أن نُجيِّرُها ونستبدلها بعاداتٍ حسنة , كهذه أو تلك , وما علينا سوى أن نختار ما نريد , والطريقة المثلي لغرس العادة الحسنة , هي أن يُحدد الإنسان مجال هذه العادة التي يريد أن يقوم بغرسها  في صغيره أو في نفسه أو في الآخر , ومِن ثم يقوم بتكرارها عدة مرات, قولاً وعملاً , على شكل روتين يومي أو أسبوعي , وعلينا أن نكون ملتزمين بها , لكي نبلغ النجاح , ويجب أن نتنبّه لشيء , وهو أن بداية زرع العادة , في انسانٍ ما, أو حتى في الحيوان , فيه صعوبة لا يستهان بها , للزارع والمزروع فيه , ويبدو الفعل , للزارع والمزروع فيه, على أنه غير محبب للنفس , وهنا يفشل كثيرون في تخطي هذه المرحلة , ولكن الواجب علينا , الالتزام بالتكرار , إلى أن نشعر أن هذا الروتين قد أصبح عادةً نشعر بمرارة فقدانها , في حال أننا لم نفعلها .
بهذه الطريقة البدائية السهلة , نستطيع أن نغرس في أنفسنا , وفي نفوس صغارنا والغير , كل ما نريد من عادات حسنة , تساعدنا على تجويد حياتنا والاستمتاع بها , ولِأن نستثمرها بما يحقق لنا أهدافنا , ويعود علينا بالنفع , في الدنيا والآخرة , وحبذا لو قمنا بذلك دون تأخير ودون هوادة .
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق