عسفيا وشرفة الذكرى! آمال عوّاد رضوان
2015-02-01 09:19:03
افتتح منتدى الحوار الثقافي/ البادية في عسفيا الكرمل لقاءَهُ الأوّلَ مِن عام 2015، بأمسيةٍ شعريّةٍ تناولتْ كتاب (على شرفة الذكرى)، للكاتبة نسرين حسين فرّاج، وذلك بتاريخ 29-1-2015، في صالون البادية/ عسفيا، ووسط حضور من الأدباء والشعراء والأصدقاء والأقرباء وذوّاقي الكلمة، وقد افتتح الندوة الأستاذ رشدي الماضي بكلمة ترحيبيّة، تلاه د. فهد أبوخضرة بمداخلة نوعيّة عن القصّة، ومن ثمّ مدلخلة د. بطرس دلة، تلته مداخلة الأستاذ صالح عبّود، ومداخلات أخرى لد. منير توما، ود.محمد خليل، وبروفيسور رياض إغباريّة، ومداخلة الروائية فاطمة ذياب، وقد تخلّلت المداخلات قراءاتٌ مِن نصوص الكتاب بصوت نسرين فرّاج، ومن ثمّ تمّ التقاط الصّور التذكاريّة.
جاء في كلمة الاستاذ رشدي الماضي:
قليلٌ مِن أبجديّتِكِ كثيرٌ مِنَ الذّكرى والذّكريات. أنا هنا في حديقتي التي كانت تفسّرُ هجرةَ الأشجارِ في ليالي الحالكاتِ على قارعة كانون. هي تعرفُ: لا حَطبَ في موْقدي، فجمعتُ زيتونَ حيدرَ حنينًا إلى شرفةٍ انتِ عليها ذكرى قيثارةٍ. يُبلّلُ موجُ الإيقاع أوتارَها، تجتمعُ في يدَيْها القبّراتُ صاعدةً هابطةً، لترمقكِ مِن زجاجِ طفولتهِا. تمنحينَ الكلامَ فصولَهُ الربيعيّة صلاةً تلمُّ الشّوكَ عن صدرِ المعاني، حتى يُكملَ الجَمالُ رحلتَهُ فتوحاتٍ في تَجوهُرِ اللغة، ويرجعُ بعدَ طولِ غيابٍ مساربَ دلالاتٍ، تتناسلُ بين النّصوصِ. نسرين مبدعتي، تعالي مُعجمًا وافيًا مُفرطًا في لغةِ الوقت، في دفتري قصيدةٌ ظامئة، ضاقت بما تحتملُ من الشوق لبحر حيفا، وعكا، ويافا، وشجر الجليل. اِقرعي شمالَ أبواب مدينتي، وانزلي مضاءةً بعذريّةِ ماء الكلمة، لنُعمّدَ الدّروبَ، والبيوتَ، وانسحاباتِ الأرض الحزينة، ونرفع كأسًا نرشفُ منها معًا نخبَ نصر الآلهة!
وفي مداخلة نوعية لد. فهد أبو خضرة جاء حول القصّة جاء:
ليس كلُّ ما كُتب بمستوى واحد، إنّما أقولُ وبكلّ الوضوح، إنّ لدينا كمّيّةً جيّدة جدّا مِن النّصوصِ القصصيّة، وفي مستوى جيد جدا وممتاز، ليس فقط على الصعيد المحلّيّ، وإنّما أيضًا على الصعيد العربيّ كلّه. ولكي تبرز هذه الكمّيّة الجيدة، يجبُ أن يتمّ النقد، والنقدُ لم يَقُمْ بدوره حتى الآن، فمعظمُ ما عندنا من النقد هو إمّا نقدٌ يقوم على تشجيع صاحب النّصّ، أو كنوع دعائيّ، أو كنوعٍ مَذهبيّ، أو ما يُسمّونه حزبيّ، فيه محاولة لإظهار النصّ بصورة جيّدة مهما كان مستواه، وذلك لعلاقةٍ مُعيّنةٍ بين الناقد والمنقود، وهناك النقد الصحفيّ الّذي يُحاول أن يستعرض المادة، وهذا لا يُفيدنا في شيء من ناحية النقد، لأنّه لا يُقيّم النّصّ أبدًا.
 القارئ وحده لا يستطيعُ أن يَحكم، فهو بحاجة إلى ناقد يعتمد على أسسٍ ومقاييسَ نقديّةٍ مَنهجيّةٍ معروفةٍ ومتعارف عليها، أو على الأقل على أسس مقنعة، وكل ما يمكن أن نجده الآن، نعدّه على أصابع اليدين.
هناك محاولات عديدة قامت بتجميع هذه القصص والكتابة عنها، إنّما بمعظمها كانت توثيقيّة، والتوثيق أمرٌ مُهمّ جدّا، لكنّه لا يُغني عن التقييم أبدًا، لأنّ التوثيق يجمع الجيّد والوسط والممتاز معا في كتاب واحد، وهذا لا يعطي القرّاء فكرة جيّدة عن المستويات المختلفة لهذه النصوص.
نحن الآن أيضًا بحاجة إلى مؤسّسة مُعينة، تقوم بتبنّي مشروع لجمع قصص تقييميّة، أي مبنيّة على أساس تقييميّ، وهذه يمكن أن يكون لها شأن كبير في الداخل والخارج. أظنّ أنّ هناك مؤسّسات عديدة يمكن أن تقوم بذلك، ولكن نحن بحاجة إلى نقاد، يقبلون أن يقوموا بهذا العمل، وأعتقد أنه إذا كانت هناك مبادرة، فسوف نجد نقادًا مستعدين، وهم عددهم ليس بالقليل.
في العالم العربيّ يقولون إنّ هناك أزمة في النقد، ليس فقط في القصّة القصيرة، وإنّما في الرواية والشعر أيضًا، وليس هناك منهج واحد للأدب العربيّ، يدرس فيه النقد ما يُنتج، وإنّما كلّ ناقد يتأثّر بأدب من الأداب الغربيّة وغير الغربيّة، فيأخذ مقاييسه ويطبقها على الأدب العربيّ، وهي غير ملائمة لأدبنا، لأنها ليست منه، وحين تطبق على الأدب مقاييس ليست منه، فتقييمه يصبح غير مقنع.
لماذا لا تبحث عن مقاييس تنبع من داخل المجتمع؟ من داخل أدبنا؟ ومن داخل تراثنا؟ وطبعا مع التحديث والتجديد المطلوب، وحتى أنّ الناقد نفسه أحيانًا لا يهضم المقاييس الغربيّة التي يجمعها.
لكي نعطي نقدًا جيّدا، يجب أن يكون لدينا نقد منهجيّ يدرس كل إنتاجنا، فكلّ إنتاجنا المحليّ من رواية وقصة وشعر لم يُدرَس جيّدا، وأُخِذت عنه فكرة مزيّفة وغير حقيقيّة، ومن يعود الآن ويقرأ ما كتب من قصة وشعر ورواية، سينتبه إلى أشياء عديدة ستفاجئه، فهناك أقلام جيّدة لم ينتبه لها أحد، وهناك أقلام لا تساوي شيئًا وأُعطِيت أكثر ممّا تساوي.
وهكذا فالتقييم الحقيقيّ يحتاج إلى ناقد حقيقيّ، وناقد موضوعيّ مُطّلع على المناهج، ويحتاج أيضًا إلى نوع من التذوق، لكي يستطيع أن يُنصفَ الإنتاجَ الأدبيّ الذي يتناوله ويكتب عنه.
باختصار شديد إقول: إنّ ما يجب أن يكتب عنه الناقد، وهذا ما لم يحدث أبدًا عندنا، هو أن يتناول المضمون، والشكل من الناحية الفنية، واللغة، والناحية الاجتماعيّة في هذه الرسالة التي يُحاول الكاتب أن يوصلها، فالمضمون وما يُسمّونه الرسالة أو المحتوى، هو شيء أساسيّ، وما لم تكن هناك ناحية فنيّة، فالمضمون لا يساوي شيئًا، فيمكن أن يكتب مقالة لا قصّة قصيرة، واللغة يجب أن تكون ذات مستوى أدبي جيّد جدّا، وبدون أخطاء وتراكيب ركيكة، وهي كثيرة جدّا، والأخطاء كثيرة جدا، والمتابع يلاحظ ذلك جيّدا، وأحيانا نبالغ ونقول: إنّ من يخطئ خطأ واحدًا، لا يمكن أن نُعدّهُ أديبًا، ولكن اليوم يتساهلون ويقولون: من يخطئ حتى مئة خطأ، يمكن أن نعتبره أديبا، وذلك لأنّ الأخطاء أكثر من أن تُعدّ، وهي مزعجة جدا.
وأيضًا قضيّة الأصالة والتقليد، فهل العمل أصيل ومن إنتاج الكاتب مضمونًا وفكرة وشكلا ولغة، أم أنه متأثر يحاول إعادة أشياء قرأها؟
يجب دائمًا أن نميّز بين أمرين، فيما نُسمّيه المشهور وما نسمّيه المُهمّ، فليس دائمًا المشهور هو المُهمّ، وليس دائمًا المُهمّ هو المشهور، وما نلاحظه أنّ هناك الكثير من الإنتاج القصصيّ الذي يمكن أن نصفه مشهورًا، هو ليس مُهمًّا، وهناك الكثير من الإنتاج القصصيّ المُهمّ وهو ليس مشهورًا حتى الآن، فلكي ننصف المُهمّ وننصفَ (المشهور) بين قوسين، يجب أن تكون هناك دراسات منهجيّة تقييميّة، تعيد النظر فيما كُتب حتى الآن، وبغير ذلك، لن يتقدم أدبنا، ولن نعطي فكرة صحيحة عنه، ولن نستطيع أن نسير إلى مستقبل أفضل.   
وجاء في مداخلة د. بطرس دلّة:
هذا الدّيوانُ الـمُنمنمُ هو أوّلُ إصدار لهذه الشّاعرة الواعدة، والّذي فيهِ تتجلّى موهبتُها الشّعريّةُ، في مجموعة من القصائدِ القصيرة المُنمنمة، والتي تكشفُ لنا فيها عن مكنوناتِ قلبها الدّافئ، بكلماتٍ أشبه ما تكونُ بنزفِ الرّوح حبرًا على ورق، أو قُلْ هي مناجاةٌ بضميرِ المُتكلّمة لفتى الأحلام، فيها الكثير من الرّقة والجمال، تُهديها إلى كلّ امرأةٍ نزفت روحَها ولم ينزف قلمُها، ولوالديها وزوجها وابنها وابنتها الغالييْن على قلبها، وإلى كلّ قارئ وقارئة، خاصّة أولئك الذين يقرؤونَ السّطورَ وما اختفى خلفَ الكلماتِ والسّطور.
هذا الإهداء يذكّر بما كان قد قاله محمود درويش:
اِجرْح القلبَ واسْقِ شعركَ منه      فدَمُ القلبِ خمرةُ الأقلام
حقًا؛ إنّ كلماتِ هذا الديوانِ الصّغير هي نزفٌ لِقلمٍ شامخٍ، ونفسٍ فيها الكثير من الكبرياء المُحبّبة، والتي تخاطب شغافَ القلوب، مع شيءٍ مِن المُراهقة المُحبّبة على النّفوس! فالدّيوان كلّهُ عبارةً عن مجموعةِ همساتٍ دافئة، نسجَ الحبُّ رحلتَها قصيدة في كتاب، كما تقولُ في قصيدتها الأولى. فهي تمارسُ الرّحلة الأخرى، وتتعثّر جملتان حول تانك الغيمتين الشّاردتين، اللتيْن لولاهما لما اعتلى عرشَ اللقاءِ ووهجَ القبلتين همسُ العيون، ولم تتحقق فيما بعد رحلة أخرى إلى الذّكرى.
الصّمتُ واللّقاء: يتملكها الصّمت في لقاء مَن تحبّ، فتقول إنّ لعشقها سحرَ الخيال، وعندما تلتقي الشفتان يكون الصّمت أكثر بلاغة. من هنا ومن نبيذ الشّفتين المعتّق سوف تسكبُ صمتها قصيدة، فيتحوّل الصّمتُ إلى ثورةٍ على القيود. وفي محاولة منها للتّخلّص من تلك القيود سوف تعزف سيمفونيّة الوجد وتترك له قصيدتها ليغزل من خيوطها ثوبًا للشّمس وعباءة مجد للقمر، وعندها يتحوّلُ الشّوقُ ليصبح سفيرًا لروحِها، فتصبح كلماتها شعلة صمتٍ في صخب الحَبّ.
تقول في (ص 21): "لِيكُنْ شَوقي سفيرَ روحي/ كلماتي التّائهة/ على مُنحدرِ الغياب/ شُعلةَ صمتٍ/ في صخبِ الحُبّ/ روحًا تبحثُ عن روحِها/ في متاهاتِ الكبرياء"!
وتعود في قصيدتها "رحلة إلى النّسيان"، فتلجأ إلى الصّمت الذي يتملّكها بقولها (ص 52): "عندما أسافرُ/ في بحرِ عينيْك/ يَتمَلَكُني صمتٌ/ يحتضنُ/ ألفَ سؤال/ ترسو/ في الحزنِ المكتومِ/ حيرتي/ بعدما اغتالَ رحيلُكَ/ البسمةَ والأحلام"!
وفي قصيدتها "لقاء عند مفترق الزّمان" تعود إلى الصّمت بقولها (ص65): "مِن نظراتِ الشّمسِ/ أخفيْنا عيونَنا/ حتّى لا يفضحَنا الـهُيام/ ولا تبوحَ بِسِرِّنا/ خيوطُها الممتدّةُ على صفحاتِ الأيّام/ تحتَ شمسِ الخريفِ/ عشقتُكَ بصمتٍ/ حُرِّمَ الكلامُ.. وأُسرَت الحروف/ وما بقي.. إلّا همسُ العيون"!
وفي قصيدتها "ثورةُ نجمٍ واشتياق" (ص23): فتبدع في وصف اللقاء حيث تقول: "مُعَتّقٌ لقاؤُنا/ على أعتابِ الشّوق/ سرمديٌّ شغفُنا/ لعناقٍ طويل/ ليلكيٌّ انتظارُنا وأرقُ النّجوم/ تَوقٌ.. يُثيرُ اللّيلَ والشّجون/ عناقُ العُيونِ طال/ سقطتْ نجمةُ الأحلام/ ثارتْ على عبثِ الأيّام/ تناولتْها أكفُّنا/ باركتْ ثورتَـها/ اعتذرَ منها الزمان/ وأزهرَ اللّقاءُ/ فُلًّا وريحان"! فهل هناك لقاء أجمل من هذا اللقاء؟!
وفي قصيدتها "لم يزهر رحم الورد" (ص27) تقول: "هامَ اللّيلُ/ في عشقِ جنينِ الحُلم/ توْقًا/ لربيعِ الحُبِّ/ غابَ اللّقاءُ/ غابَ الحُلْم/ولم يُزهرْ/ رحمُ الورد"!
وفي قصيدة "حضور يغمره الغياب" تعود إلى الحديث عن اللقاء (ص58): "في حضورِكَ الفوضويّ/ إثارةٌ للعشقِ/ على مدارجِ الوهمِ/ ونقشٌ للحُلمِ/ على/ لافـتاتِ الزمنِ الماضي/ ودعوةٌ/ لِفراشاتِ الأرض/ إلى حديقةٍ مُتخيّلة/ في حضورِكَ الفوضويّ/ ترتبكُ مشاعرُ الوَلَه/ في حَضرةِ شَغَفِ/ اللقاءِ المُنتظَـر/ في حضورِكَ الفوضويّ/ نكهةُ الغزلِ/ ونسيمُ لقاءاتِ الهوى/ وهمسُ العيونِ/في حضورِك الفوضويّ/ إشارةٌ/ لغيابٍ مُرتقَب"!
وتعود للحديث عن اللقاء بقولها (ص64) في قصيدتها "ثورة عشقٍ ومطر": "لحضورِكِ ورحيلِكِ/ في صَحْوي وهذياني/ يثور الشّوق أكثر وأكثر/ ولا يُخمِدُهُ اللقاءُ الـمُـؤجَّل/ ثوري قاتِلَتي/ ثوري/ ففي ثورتِك/ عشقٌ مُعَطَّر"!
وفي (ص74) في قصيدتها "طقوس الحب" تكرر الحديث عن الل%
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق