"فوائد قوم عند قوم مصائب" ...قلبي عليك أيّها الّلاجئ السّوريّ! بقلم: شريف صعب- أبوسنان
2015-01-09 10:15:02
رهيبٌ مشهدك أيّها المواطن السّوري...أنت وأبناء عائلتك وأبناء بلدك وأنتم تتقصّفون بردًا وتتضوّرون جوعًا أمام عدسات المصوّرين...عاجزين، باكين،متألّمين، أذِلّاءَ تحت وابلٍ من الأمطار والثّلوج المتساقطة على رؤوسكم وخيامكم...الخجولة المُنهكة... تحتَ هذه النّعمة/النّقمة الّتي تسقط هذه الأيّام على شرقنا الظّالم المُتخبّط بمآسيه وبآلامه!
رهيبٌ منظرك وليس عجبًا أن نقول كلمةَ "رهيبًا" الّتي تتبع ل"جدّها" الإرهاب.. وهي أفظع نتائجهِ، فلولاها لما وصلتَ،أيّها المسكينُ إلى هذه الدّرجة من الإهانة المزرية تاركًا خلفك ،في سوريا،بلادِ غربتك، بيوتًا مدمّرةً ونساءً مُحسّرة وضياعًا مُجوّرة...وبقايا مساجدَ وكنائسَ كانت مرّةً أماكنَ لصلاةٍ غيرَ مُستجابةٍ...وطبيعةً فتّانةً لم تخلق إلاللعيش الكريم وللسلامة من نوائب الدّهر...إلا أنّ شعبكَ الّذي قبل برآسته الظّالمةِ لعشرات السّنين،صلّى وكبّر وهلّل لها وركع تحت أقدامها،هذا الشّعب الّذي أنتج هذا الجيش"الأبيّ"...وهؤلاء الثّائرين على النّظام،أرادوا لك حياةً أُخرى!
والّله إنّ العينَ تدمعُ والقلبَ يتقطّعُ ألمًا كلّما عرضوا صورتك أيّها الّلاجئ الحزين الهزيل على شاشة التّلفاز...هاربًا لاجئًا في أوطانك، في مخيّم الزعتري أو في شمال لبنان أو في تركيا..أو في العراق أو في أيّ ناحيةٍ وصلتها وقبعتَ بها إثر هذا العنف الّذي قضّ مضاجعَكَ والّذي لم يُخلق إلا ليعشّشَ،كما يبدوـ  في شرقنا العزيز والّذي جعلك ذليلًا... أكثرَ من سبعٍ طرده بعد أن عنّفهُ قطيعُ أُسودهٍ.
ألهذا المستوى ارتفع منسوب الأرهاب والعنف البشريّ ضدّ أبناء جلدتنا...وهذه الّلامبالاة الفظيعة بمصائر الأطفال والعائلات في هذا الشّتاء القارس!؟ أين الخوف من الّله،إذًا،الّذي نلجأ إليه ونطلب منه أن يشفع لنا خطايانا وأن يُبعدَ المصائبَ عنّا! هل على الّله أن يتدخّلَ ليحلَّ أزماتنا ونتائجَ أعمال عقلنا...المضروب..وهل سمعنا،على مدى التّاريخ،بتدخّل القدرة فيما بيننا!؟إذًا لماذا وهبَنا العقلَ إذا لم نكن لنستعمله لخدمة بعضنا ولتفادي الأزمات والكوارثِ الّتي من شأنها أن تُدمّرنا!؟
أُتركوا الّله في العُلا فعليه تدبيرُ الكون الواسعِ فلا يعنيه إنقاذُ بني البشر من شرورهم ومن ظغائنهم ومن نواياهم السيّة..على بعضهم.
أعلا كرسيٍّ"مُسوّسٍ"يجب أن يُقادَ أو يُدمَّرَ وطنٌ بالكامل...وبجميع مقوّماته! ثُمّ أين "قلعةُ الصُّمود والتّصدّي" الّتي تبجّحتْ بها ملايينُ الأمّةِ خلال عشرات السّنين...وماذا مع مئات المليارات من الدّولارات في ودائع وخزائن الأسد وأترابه الّتي من شأنها أن تحلّ مشاكل الأمّةِ العربيّة خمسينَ مرّةً.وكيف استطاع الأسدُ "الغظنفر" الّذي ظهر وهو"يتروّقُ"مع جنوده المُنهكين ويشاطرهم فطورهم في حيّ"جوبر" الدّمشقيّ...كيف استطاع  أن يبتسم ابتسامته الصّفراء الّتي لم يبتسمها  حتّى قادة جيوش الحلفاء عند احتلالهم لعاصمة الرايخ الألماني ورفع أعلامهم..فوق برلمانها!
ماذا حصل لمليارات القذّافي ولعائلته ولمليارات باقي الزّعماء البائدين... وهل خُلِق الزّعيمُ في بلاد العرب حتّى يمتصّ دماءَ الأمّةِ وأموالها وللدّوس...على كرامتها!؟
كيف يمكن أن تُدَمّرَ شعوبٌ وبلادٌ وأن يُشَرّدَ ملايينها بهذه البساطةُ،وهل لا توجد طُرُقٌ أخرى لتحقيق العدالة الإجتماعيّة والسّلام والتطوّر الفكريّ والتكنولوجيّ...ولررررفع مستوى الأمّة!
إنّ الزّائرَ الأبيض هو حبيبنا الّذي يبشّرنا بالعطاء وبالنموّ،لاحقًا،وبالصّفاء وبالمحبّة،ولكن،رغم فوائده"المرجوّةِ"فهو يجلب المصائبَ وعظائمَ الأمور لك أيّها الّلاجئ الحبيب الّذي كنت يومًا رافعَ الرّأسِ وشامخَ الها مةِ في وطنٍ كان"عَصِيًّا" على الأعداء الخارجيين...وأصبح"مدعسَةً" لأعداء الدّاخل من ذوي القُربى من...الأخوةِ والجيران!
فهل ما آل إليه شرقُنا مكتوبٌ من السّماء والقضاء أم أنّه مُخطّطٌ له من بنات أفكار المجرمين السُّفَهاء!؟
على كلّ الأحوال فإنّ قلبي معكم أيّها المُعذّبون على الأرض وأقسم أنّني أفكّرُ بكم كلّ ساعاتي ودقائقي،خصوصًا عندما أرقد للنوم، حيثُ لا أخلدُ، أفلا توجدُ لقيادتكِ أيّها الأمّة..أعيُنُ،وإن كانت أفَلَيستْ بصيرةٌ!؟
يا ويلنا إذا زُهِقَ الحقُّ وحصحصَ الباطلُ عندها سيصبحُ الحقّ والعدلُ والرّحمةُ والتّواضع والصّدق،كلّها...زهوقةً في عهد الظالمين الحاقدين الّذين لم يُخلقوا ولم يترأّسوا إلا للدّوس على رؤوس المواطنين والشّعوب الآمنة وعلى كرامتها!
وما علينا نحنُ،في هذه البلاد، إلا أن نُصلّي من أجل هؤلاء المساكين حتّى يُخفّفَ الّله من أوزارهم وأن يبقيَ لنا بلادنا عامرةً مستقرّةً وليُبقِ لنا هذه النّعمةَ وهذه السّعادةَ ولنُحبّ بعضنا في قلوبنا وأن لا نردَّ على المسيئين لنا إلا بالإحسان كما قالها السيّد المسيح!
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق