ماذا بقي من حزب العمل؟ بقلم راضي كريني
2014-10-07 11:27:09
ماذا بقي من حزب العمل؟ بقلم راضي كريني
في سنة 1977، فقدت الأحزاب الصهيونيّة المركزيّة (التي تدّعي تمثيل العمّال، والانتماء للاشتراكيّة الديمقراطيّة) السلطة، بعد أن أخذت أعضاء أحزابها ومؤيّديها إلى ملاعب وقواعد و... وأفكار وسياسات اليمين الإسرائيليّ المتطرّف.
بعد ذلك السقوط، لم يطرح حزب العمل، الممثِّل الأكبر لهذه الأحزاب، نفسه على الساحة السياسيّة الإسرائيليّة كبديل لليكود وحلفائه، لم يطرح فكرًا وبرنامجا بديلا  لفكر ولبرنامج السياسة اليمينيّة المتطرّفة، كما لم يتبنَّ سياسة بديلة لسياسة وممارسة اليمين المتطرّف.
اعتمد حزب العمل في المنافسة مع اليمين المتطرّف على تسليم قيادة الحزب لقيادات عسكريّة وأمنيّة متميّزة تحمل أعلى الرتب والألقاب و....
من خلال استثمار الوضع الأمنيّ وانعدام السلام والأمان و...، وبتوظيف حالة تقديس الشخصيّات الأمنيّة التي كانت سائدة بعد حرب أكتوبر 1973، نجح حزب العمل في بعض الأحيان من استعادة السلطة بائتلاف مع أحزاب دينيّة ويمينيّة، قام على أثرها بتدمير ما بقي من مؤسّسات ونقابات عماليّة من دولة الرفاه، وبالقضاء على المفاهيم الاشتراكيّة المتعثّرة في الكيبوتسات والقرى التعاونيّة و... إلى أن جاء يتسحاق رابين أحد أبطال الحروب وبناة المؤسّسة العسكريّة الإسرائيليّة وانتزع قيادة حزب العمل، ليتّبع سياسة تكسير العظام، و... ومن ثمّ أدرك المخاطر الأمنيّة المحدقة بإسرائيل كدولة، وكشف أهميّة السلام مع الدول العربيّة أمام المواطنين، و... وأشرك الأحزاب اليساريّة الصهيونيّة في الحكم، وأخذ بالحسبان/اعتمد على أصوات الجبهة الديمقراطيّة والأحزاب العربيّة لتمرير اتّفاقيات سلام؛ فاغتاله اليمين المتطرّف و... وتسلّم الحكم وأحكم السيطرة عليه، وتسلّم حزب العمل دور الوسيط لتلميع السياسة الإسرائيليّة الخارجيّة.  
اليوم، لا يقلق يتسحاق هرتسوغ (بوجي) زعيم حزب العمل والمعارضة من فضائح ميزانيّات وزارة التربية والتعليم، ولا فضائح الصرف الزائد والبذخ والترف لعائلة بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة، ولا حالة الفساد التي تسود المؤسّسات الأمنيّة والنقابيّة و...، ولا حالة العنف والإجرام المنتشرة في كلّ قطاعات إسرائيل، ولا حالة الفقر ومقاولي العمل، ولا نهب الثروة وموارد الدولة، ولا حالة الفوضى والعبثيّة وابتلاع المستوطنين للدولة، ولا حالة الحرب الدائمة وانعدام الأمان والسلام، ولا ... لا شيء يهمّ بوجي سوى الاتّصال بأبو مازن وتحذيره من التوجّه للمؤسّسات والهيئات الدوليّة لتتدخّل في إنهاء الاحتلال وفي حماية شعبه وفقًا للقانون الدوليّ، والاتّصال برئيس الحكومة السويديّة ليردعه عن الاعتراف بالدول الفلسطينيّة، والاتّصال بقيادات الاتّحاد الأوروبيّ وبزملائه من قيادات الاشتراكيّة الديمقراطيّة ليرفضوا المساعي الدبلوماسيّة الفلسطينيّة!
يذكّرني بوجي هرتسوغ بالرجل الذي طلّق زوجته لأنها اعترضت على طلاق جاره لأربع زوجاته.
دخل رجل على زوجاته الأربع فوجدهنّ متلاحيات متنازعات ... فاتّهم إحداهنّ بالسبب؛ فقال لها: اذهبي فأنت طالق. فقالت صاحبتها: عجّلت عليها بالطلاق. فقال لها: وأنت أيضا طالق. فقالت له الثالثة: قبّحك الله! فوالله لقد كانتا إليك محسنتين، وعليك مفضّلتين. فقال لها: وأنت المعدّدة أياديهما طالق أيضا. فقالت الر ابعة: ضاق صدرك عن أن تؤدّب نساءك إلاّ بالطلاق. فقال لها: وأنت طالق أيضا. وكان ذلك بمسمع جارة له؛ فأشرفت عليه وقالت له: والله ما شهدَت العرب عليك وعلى قومك بالضعف إلاّ بلَوْهُ منكم ووجدوه فيكم. فقال: وأنت أيّتها المؤنّبة المتكلّفة طالق إن أجاز زوجك. فأجابه زوجها من داخل بيته: قد أجزت، قد أجزت.
وهكذا ... طلّق بيبي السلام والعدل الاجتماعيّ والديمقراطيّة والتواضع والاستقامة و...، وبوجي يجيز له طلاق البديل!  
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق