هل إذا عرفنا اللاشيء عرفنا الشيء؟! بقلم راضي كريني
2014-09-02 08:28:52
بعد محاولة اغتيال شلومو أرجوب سفير إسرائيل في بريطانيا- الذريعة، وبعد اتفاق القاهرة الذي حدّد مساحة وأساليب عمل منظمة التحرير في لبنان-السبب، شنّت إسرائيل غزوها على لبنان في 6-6-1982للقضاء على منظمة التحرير الفلسطينيّة.

ما زلت أذكر تلك الفترة جيّدا، وكيف كان مناحم بيجن يظهر في وسائل الإعلام، وكيف كان يهدّد، وكيف كان يستخفّ بالقيادة الفلسطينيّة، وكيف كان يتفاخر باستعلاء عنصريّ ساخر بجيش الدفاع الإسرائيليّ وبقيادته من أرييل شارون ورفائيل (رفول) إيتان وأفيغدور يانوش بن جال و...

لكن، انتهت حرب سلامة الجليل (كما أطلقت عليها إسرائيل أو عمليّة الصنوبر) ولم يحقّق بيجن أهداف الحرب كما وعده وزير الدفاع أرييل شارون: بإنهاء منظّمة التحرير خلال أيّام معدودة، من خلال نزهة للجيش الإسرائيليّ في لبنان! بعد الفشل في إنهاء منظّمة التحرير، التزم مناحم بيجن زعيم اليمين، رئيس حكومة إسرائيل (1977-1983) البيت. لم يستسلم مناحم بيجن للواقع، ولم يقتنع بالحقائق وبالتطورات و... إلى أن جاءه درس لبنان واستخلص العبرة: لا يوجد حلّ عسكريّ للصراع مع الفلسطينيّين.

واليوم، يتفاخر بنيامين نتنياهو أمام الشعب الإسرائيليّ باستعلاء عنصريّ حاقد، بعد فشل عدوان "الجرف الصامد" في تحقيق إنهاء القضيّة الفلسطينيّة وحاضنتها الوحدة، وفي تحقيق أيّ من الأهداف المتحوّلة التي كان يعلنها بيبي نتنياهو كممثّل لدور القائد.

يتفاخر بيبي ويطمئن الشعب الإسرائيليّ بأنّ "حماس" قد تلقّت ضربات قاسية في "الجرف الصامد" وسوف تستوعب الحركة درسها بعد أن تصحو على واقعها الجديد، وبأنّ حركة حماس قد طلبت ميناء ولم تحصل عليه، ويردّد لم تحصل على شيء، لاشيء، وقد طلبت مطارًا، ولم تحصل على شيء، ويردّد لا شيء، وطلبت تحرير أسرى شليط ولم تحصل على شيء، لا شيء و...

وما الشيء الذي حصلت عليه إسرائيل يا سيادة القائد؟! من الواضح أن بيبي يتصرّف كرجل إعلام، يتقن مهنة العلاقات الدوليّة، لكنّه لم يتوصّل بعد إلى أن يكون قائدا، ربّما لا يريد مصيرا كبيجن! هناك مَن يدّعي أنّ بيبي سوف يتعلّم ويطوّر قيادته! إذًا، لماذا لا ننتظر ليدرس بيبي نتياهو القيادة ويتعلّمها؟! ربّما بعد ذلك يستطيع بيبي أن يوضّح لنا ما هو الشيء الذي يريده ويرغب به! خصوصا وأنّ غالبيّة الإسرائيليّين تفضّل بيبي كرئيس حكومة على غيره، لماذا لا ننتظر حتّى ندفع ثمن حرب أخرى ويتعلّم بيبي القيادة ويطوّرها ويحسّنها ويحقّق حلمه النوويّ؟! يظهر أنّ أزمة القيادة السياسيّة في إسرائيل لا تقلّ أهميّة عن الأزمة السياسيّة.

في كلّ بقاع العالم تنتج الأزمات السياسيّة قيادة المرحلة الانتقاليّة، كما تخلق الأوضاع الأمنيّة المضطربة قيادة تتكيّف مع البيئة المعيشة وتعيد التوازن النفسي لشعوبها، إلاّ في إسرائيل تخلق الأزمة السياسيّة أزمة قيادة! في الماضي، لقد خلقت أزمة الكارثة النازيّة قيادة صهيونيّة اجتهدت ونجحت في إقامة دولة إسرائيل، ربّما يجب أن يشعر يهود العالم بأزمة السياسة الإسرائيليّة وبمخاطرها الكارثيّة عليهم؛ كي يتحرّكوا ويعملوا على إيجاد قيادة إسرائيليّة بديلة قادرة على تحمّل المسؤوليّة والقبول بالحلّ السياسيّ للصراع الفلسطيني- الإسرائيليّ وفقا لقرارات الشرعيّة الدوليّة!
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق