اصحاب الشأن والخريجون في حقل التربية والتعليم .... الى اين ؟ ؟ بقلم د.نجيب صعب
2014-08-26 18:34:05
 منذ ولادة كل انسان من ذكر وأنثى يبدأ الأهل الذين طالما انتظروا هذا المولود , نعم يبدأون بالتخطيط سويةً ليكون هذا المولود من ذوي الكفاءات وإمكانيات العطاء وربما يميل القسم الأكبر في ان يصبح هذا المولود مربياً , معلماً, مدرساً , لأنّ الغاية من ذلك أن يكون صاحب مهنة ذات اهمية, وفعلاً ّ انّ مهنة التدريس من الرسائل المقدسة , اذ تنطوي على مُثُل عُليا في حياتنا اليومية كالإخلاص , الوفاء , العطاء والتفاني في سبيل تنشئة الجيل الصاعد تنشئه بريئة , نقية , صادقة وأمينة وذات فحوى انساني  
   ومع هذا فإنّ هذه الرسالة المقدسة في نظري اخذت تتآكل اهميتها في صندوق المجتمع , وتتتمنى لو بقيت على حالها دون ادخال كل ما اُدخل عليها حيث قادها ذلك الى تراجع مكانتها والأصح تراجع اهميتها لأنها أخذت تقترن يوماً بعد يوم بما يكسب صاحبها من مال أو اجر شهري وربما اسبوعي في بعض البلدان الغربية , ورغم ذلك لا تزال تتحلى هذه المهنة بنوعية خاصة من بين المهن الأخرى .
   وإذا نظرنا الى نوعية التآكل في مهنة التدريس المقدسة في نظري كما اسلفت , لوجدنا الكثير الكثير من المؤشرات المباشرة وغير المباشرة التي جعلتها في تآكل مستمر دون المس بمن يمتهنها .
   فعلى سبيل المثال من يحالفه الحظ ويُقبل , والحديث الى الجنسين للمذكر والمؤنث في دور المعلمين والمعاهد العليا ولا يتروى في اختيار موضوع التعلم , تراه يصطدم بواقع يضعه في اطار الأسف ,  فهناك المئات ان لم يكون الالاف يقفون في دور الانتظار , للبدء بممارسة عملهم
في هذه المهنة الشريفة الصادقة , إلا انّ هذا الدور طويل , طويل جداً , فيمكنك عزيزي القارئ 
عزيزتي القارئة ان تعذروني لما اقول في هذه العجالة , وربما دور الانتظار يستغرق سنوات وسنوات , هذا اذا كان المرشح بعيداً عن اصحاب القرار وإذا كان قريباً ربما مدة الانتظار تقصر بسبب العلاقات الشخصية والفردية التي تربط المسؤول او المدير او المرشح في هذا المضمار.
   ويمكن لكل امرئ ان يلاحظ وبسهولة كيف يبدأ المقربون بعد سنة او سنتين , ويمكن في سنة التخريج بالعمل ولو بجزء من الوظيفة , وقد يبقى على هذا الجزء فترة طويلة , ومن ناحية اخرى الكثيرون في الانتظار ويبدأون بالتفتيش عن عمل آخر لا يتلاءَم ما درسه وأعدّ نفسه له وقد يقطع الأمل من  التعيين في بعض الأحيان , هذه الأحوال وغيرها قد تعمل على احباط في صفوف الخريجين والخريجات من دور المعلمين والجامعات والكليات , الأمر الذي يؤدي بالتالي الى تراكُم اعداد لا يستهان بها من هؤلاء , تعّلّموا , ضّحوا , وتخرجوا ,  إلا انهم مع وقف التنفيذ من حيث مزاولة المهنة ! ! !
   حتماً هذه مشكلة صعبة تنتاب صفوف المجتمع وربما تشكل خطراً كبيراً من حيث المعيشة والعمل الشريف , ولا شك انّ هذه المشكة لها مسبباتها المتشعبة , ففي نظري انّ عدداً من 
المسببات يتعلق بالخريجين انفسهم وعدد آخر يتعلق بالمسؤولين من مختلف القطاعات ذات العلاقة بعملية التدريس.
   فكل خريج عليه ان يأخذ بعين الاعتبار الكفاءة المطلوبة لهذه الوظيفة , والممارسة الفكرية والعلمية واللغوية والتربوية  بغية الإلمام الكامل , ومن حيث انّ الخريجين يرغبون ان يكونوا 
في الطليعة ويضّحون  في السبيل كثيرا , والأهم من ذلك المناهج والمعلومات التي يحصل عليها هؤلاء خلال فترة دراستهم , وبعد التخرّج والإعداد الكامل , واليوم تنقصه عدة مقومات تربوية يجب ان يتضمنها منهاج الإعداد في المعاهد العليا لإعداد المعلمين .
   بالإضافة الى ذلك دَوْر المفتشين , رؤساء السلطات المحلية , مديري اقسام التربية والتعليم , الأقارب المحسوبيات كل هذه الامور وغيرها التي لم تذكر في هذا السياق لها دور كبير في اختيار المعلم او المعلمة , فنرى في هذه الأيام الكثيرين ممن تخرجوا معاً في نفس السنة منهم من حالفه الحظ   " نتهم الحظ وبدأوا العمل "  والقسم الأكبر ينتظر , وينتظر على امل يأتي دوره وحتى الآن لم يصل هذا الّدّور لماذا ؟ ؟ ؟ 
لأنّ هناك مداخلات المحسوبيات والأقرباء , حيث توضع الكفاءات على جنب , ولا اود ان اتعمق في هذل المضمار فالصورة واضحة للعيان كنور الشمس والتذمر يسود الأغلبية والتهليل والتكبير انّ الأمور جيدة , ليس له حد ,  ولكن وما بعد ولكن ؟ ؟ 
   كثيرة هي الأمور التي تضع نفسها بعد ولكن  . . .  وبصدق فعلى سبيل المثال : 
اين التخطيط السليم من قبل الوزارة ودور المعلمين وكليات اعداد المعلمين ؟ لماذا لا يحدد عدد الخريجين في كل عام بالتلاؤم مع احتياجات التربية والتعليم كي يكون تناسباً واقعياً , ثم ماذا يفعل جهاز التفتيش امام ضغوطات المقربين ؟ ولماذا لا يقف جهاز التفتيش على الموضوعية ووضع ذوي الكفاءات على رأس سلّم الأوليات في التعيين ؟ ولماذا لا تعد خطّة خماسية أو خمسية لفترة خمس سنوات أو اكثر كي نتجنب معاً تراكم وتزايد عدد الخريجين بدون عمل ؟ ؟ 
   امور كهذه تشكل سيفاً ذو حدين : الأول المس بهؤلاء الخريجين بقصد او بغير قصد , والثاني المس بالمهنة ذاتها , ففي الحالتين الأمور غير مقبولة وتستوجب تفكيراً عميقاً على الصعيد المحلي والقطري وتوجيهات موضوعية وإرشادات بناءة علّ ذلك يخفف من وطأة هذه المشكلة والتخفيف من حدتها وربما ينعكس ذلك ايجاباً على النتائج  والتحصيلات مع كل مدرسة ومدرسة , لأنّ في ذلك حفاظاً على المستوى التعليمي وكرامة المعلم والتلميذ وشعوراً افضل لدى جمهور الأهالي وضمان مستقبل ابنائهم .
   فبربكم جميعاً كفوا عن الاعوجاجات  وتعاملوا بموضوعية لأنّ جهاز التعليم يختلف من الناحية الحياتية المستقبلية من اجل الأجيال القادمة , ثم يختلف بكثير من الأمور والمؤثرات عن غيره من الموضوعات الأخرى .
     
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق