سيكحّلها كحلون أم سيعميها؟ راضي كريني
2014-08-26 08:07:18
 كسب عضو الكنيست السابق موشي كحلون، وزير الاتصالات والرفاه في الحكومة السابقة شعبيّة، بعد أن نجح في تخفيض تكاليف الاتصالات السلكيّة واللاسلكيّة والخلويّة، واستقال من الحكومة في شباط 2013 بناء على وعد من بيبي نتنياهو بتعيينه رئيسا لمجلس إدارة أراضي إسرائيل، هذا ما درّ على "الليكود بيتنا" أصواتا في الانتخابات البرلمانيّة السابعة عشرة الأخيرة، لكنّ بيبي أخلف بوعده ... فتوجّه كحلون إلى إقامة حزب سياسيّ ليخوض الانتخابات البرلمانيّة القادمة.
 
في هذه الأيام، يجتهد كحلون في العمل على تقريب موعد الانتخابات من 2016 إلى 2015، ويستثمر الأزمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة التي يعيشها المواطنون في إسرائيل، ويوظّفها بدقّة في مسعاه للفوز برئاسة الحكومة القادمة.
 
وفي المقابل، يرصد السياسيّون في إسرائيل تحرّكات كحلون، ويجمعون أخباره ويستعدّون لملاقاته ومجابهته ندّا أو شريكًا أو صديقا أو ...، ويحضّرون موادّ دعائيّة لتخفيف تهديده لهم، وللحيلولة دون تأثيره على مستقبلهم وعلى تركيب الحكومة القادمة وتغيير مجرى السياسة في إسرائيل...
يرفع كحلون لواء القضايا الاجتماعيّة والاقتصاديّة مملّحة قليلا بالقضيّة السياسيّة، ويطرحها على الساحة السياسيّة ممزوجة بأصوات المدافع والطائرات وطبول الحرب والعدوان على قطاع غزّة، دون أن ينبس ببنت شفة ضدّ الحرب، وتكلفة الحرب والدمار الماديّ والأخلاقيّ و... الذي تخلّفه، ودون أن يتطرّق إلى كيفيّة تغطية تكاليفها... ويصرّح كبطل أسطوريّ اجتماعيّ في مؤتمر، في الأسبوع الفائت، في القدس: "تلتهب القضايا الاجتماعيّة والاقتصاديّة في عظامي.. وهذا ما أُتقن عمله وكنت عملته"!
 
يعمل مع كحلون نخبة من الاقتصاديّين والسياسيّين والعسكريّين، الذين لا يستهان بهم؛ فهم يعملون تطوّعا ويتأهّبون لتسجيل حزبهم الجديد إبّان إعلان موعد الانتخابات القادمة.
 
لم تكن مثل هذه التحرّكات جديدة على الساحة السياسيّة الإسرائيليّة؛ ففي الانتخابات السابقة حملت شيلي يحيموفيتش، زعيمة حزب "العمّال" السابقة الشعارات ذاتها على وقع نصب الخيام (على أثر الإضرابات والاعتصامات) واعتمدت الخطّة ذاتها مستندة إلى فوضى "الربيع" الذي اجتاحت المنطقة... وامتنعت عن ربط القضايا الاجتماعيّة والاقتصاديّة بالقضيّة السياسيّة المركزيّة ... كنّا توقّعنا ما جرى لها!
والآن، كحلون يتغاضى عن مهاجمة حكومة اليمين المتطرّف المفتعلة للحروب المكلّفة للأثمان الباهظة التي ترهق الاقتصاد الإسرائيليّ، وتدمّر القيم الاجتماعيّة والأخلاقيّة، وتؤجّج الحقد والكراهيّة والمقاطعة والإقصاء والتهميش و... ضدّ العرب، وتبني جدران الفصل العنصريّ القوميّ النفسيّة والإسمنتيّة بين أبناء العمّ والهمّ!
 
لا شكّ بأنّ المواطنين العرب الفلسطينيّين الإسرائيليّين سيعانون من تسديد فاتورة تكاليف الحرب الأخيرة، ومن التراجع في النموّ الاقتصاديّ أكثر من المواطنين اليهود، بحكم موقعهم الاجتماعيّ والاقتصاديّ والنقابيّ الضعيف؛ فخناجر البطالة والإفلاس والفصل من العمل والركود الاقتصادي وزيادة الضرائب ورفع نسبتها، والتراجع في الإنتاج والصادرات، وغلاء المعيشة وتضخيم العجز، وتقليص الميزانيّات، ما عدا الأمنيّة، القادمة إلى إسرائيل؛ هذه الخناجر التي تشحذها الحرب العدوانيّة على الشعب الفلسطينيّ؛ والتي زادت من المصروفات وقلّلت من المدخولات، سوف تطعن في قلوب الأُسَر العربيّة وتقطع من أطرافها، كما ستقطع من أطراف أخوتهم الفقراء والعمال من اليهود.
 
إن كان هاجس القضايا الاقتصاديّة والاجتماعيّة يجلس على عرش سيادة الأخلاق عند كحلون، فلن تبقى مُثُله العليا (كما يدّعي) إن لم ينزلها إلى الشوارع والحارات العربيّة واليهوديّة على حدّ سواء، وإن لم يترجمها سياسيّا ويربطها بمسبّب الأزمة والمعاناة للشعب الفلسطينيّ.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق