في مواجهة الداعشية: كميل فياض
2014-08-24 08:35:53
اليس من الغريب ان في العصر العباسي وقبل اكثر من 1200 عام قامت حركة ترجمة للفكر الأجنبي اليوناني يومها ، مع صعوبة وسائل النقل والتنقل ، ومع ضعف أدوات العمل والترجمة ،
في حين اننا وفي مرورنا في عصور النهضة والحداثة والتنوير ، ثم في دخولنا العصر الالكتروني الآخذ مداه واتساعه ، تقوم حركة هدامة لكل ما هو مختلف على يد حركات التطرف الديني مثل القاعدة وعصبة الإسلام وداعش وسواهم ، كورثة لمن سبق في التخلف الثقافي والروحي الحقيقي ، كالوهابية والاخوانية ..اليس من الغريب ان في عصر انتشار وسائل التعاطي العالمي ثقافيا ، عصر الامكانية المتوفرة وسهولة ويسر العمل في الترجمة والنشر ، تقوم حركة ارتداد وكفر ثقافي وعرفاني ، تنتشر وتسيطر وتقيم دولة الإرهاب  فينضم اليها (مؤمنون) كثر يزداد عددهم كل يوم ، خصوصًا في مناطق الخراب السياسي والوطني في الموطن العربي والإسلامي ؟!
كيف يمكن لأمة ان تعيش دون ان تواكب حركة التاريخ ؟
كيف لأمة ان تصمد في الحاضر لتنطلق للمستقبل ، دون ان تتخلص من أعباء الماضي ؟
كيف يمكن لجميع الشعوب والأمم ان تستوعب ان حركة البقاء وصحة الوجود وجوهر الحياة ، في تبني التحرر الثقافي والفكري ، وفي الانفتاح الحضاري والمدني ، بينما (نحن) نفهم الأمور بالمقلوب والمعكوس ، في التخلف والرجوع وفي تبني المتحجرات التراثية وأسمال الأجداد وخرافاتهم ..؟!
باختصار لا يوجد امامنا كعرب ومسلمين اليوم سوى مواجهة هذه الحركة التراجعية التخلفية الترهيبية ، التي تهدم وتمزق ما تبقى من أواصر ووشائج ، وتبيد كل بارقة أمل بخلاص .
والمواجهة تكون بالذات في تبني حركة مضادة ثقافيًا .. في تبني العقل والعقلانية والعلم والعلمانية ، في تبني المعارف الإنسانية ، وأساسها وغايتها العرفانية التجاوزية الروحانية ، كبديل للإيمان الحرفي الاعمى ، وللغرائزية البهيمية المستندة الى فتاوى الشيطان ووسوساته وضلالاته في النفوس ..
تلك النفوس المنحرفة بسبب القمع والكبت والحرمان ، الى جانب ما تشاهده في العالم من حريات في التعبير بطلاقة وصراحة عما يختلجها ، بدل تذويته لينفجر في صور عديدة من العنف والاعتداء ، والهدم والتخريب ، باسم الدين ، كما هو حاصل لدى هؤلاء الداعشيين اليوم ، الذين لا يختلفون عن النازية والفاشية والستالينية ، ولا عن المغولية والبربرية في شيء ، وربما اكثر ، لأن جميع تلك الحركات تستند الى طغيان بشري محض ، بينما الداعشية وسواها تستند الى طغيان ( إلهي ) مُقدس  خارجي وأبدي ..
في ختام هذه الكلمة أقول : ان هذا الطرح الذي يجب ان يأخذ به كل صاحب ضمير إنساني من العرب والمسلمين ، لا يتبنى كل ما هو غربي وكل ما هو منتشر اليوم ، بل يواجه ويستوعب كثير من المشاكل الواردة مع المد الغربي الثقافي . 
 
كميل فياض
 
 
 
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق