إعادة تأسيس القيامة:كميل فياض
2014-07-11 10:25:35
الفوضى تعم وتنتشر .. فوضى المعلومات وفوضى الايديلوجيات والمعتقدات .. فوضى السياسة والسلوك والقيم .. فوضى البيع والشراء والاستهلاك بكل المستويات ..
من لا يستشعر بضرورة إعادة التأسيس لقواعد جديدة في الحياة الاجتماعية ، فقد غرق في الفوضى ولم يعد يعرف أين هو ، وربما هو منسجم في لذة الدمار والتدمير  واليأس من كل شيء ..
ولا يوجد أسوا من اليأس .. اليأس من النفس ومن القدرة على إصلاحها ، وهو اليأس من كل شيء .. وهو يبدأ من عدم القدرة على الرؤية ..
العصر الذي نعيش فيه يضاهي عصر العبودية في الأزمنة القديمة ، وربما هو أسوأ ، لأننا في عصر الفوضى .. الفوضى في كل شيء ..
 والفوضى في كل شيء هو تعبير عن الاختلاط وعدم التمييز بين الحق والباطل والخير والشر والجميل والقبيح ، اختلاط فيما  ينفع وما يضر .. 
وهو الافتقاد لحس الذوق بالنسبة لما نأكل ونشرب ونلبس ونتصرف ونتحدث .. الا نوجد في هذا عموما ؟ 
ولأننا في عصر الفوضى والفوضى هذه آتية – كما يبدو – من " حريات" زائفة حريات فجة غير ناضجة وغير مسؤولة وغير عاقلة .. علينا بشيء من الطغيان – سواء الاختياري او الغيري – 
وكان من المفضل الاختياري طبعا لأنه غاية الطغيان الغيري بمستوى المفهوم الافلاطوني الخيِّر .. حيث الخير المحض الذاتي الموضوعي هو مثل المثل ، الذي لا يتوصل إليه في هذا العالم ،
انما فقط نطمح اليه وننشده وفي ذلك نقترب منه ونتخلص من شرورنا قدر المستطاع ..وهو ينطوي على القيم والمسالك والتصرفات والاذواق السليمة ، وعلى الآداب التي هي القانون الاجتماعي الاختياري ، او هي الطغيان الاختياري ، الذي فقدناه في عصرنا تقريبًا .
ولذلك فإن الطغيان الغيري الخيري ،هو ضروري لبشر لم يصلوا بعد مستوى الردع الذاتي من الداخل الفردي ، وصولا الى الطغيان الاختياري الذي هو عمليا الالتزام بالآداب والاذواق السليمة ، حفظا للحريات ، وإلا لا توجد حرية وانما فقط فوضى تلبس ثوب ممزق وقذر باسم الحرية ... فكما ان بدون التقيد بؤسس الصحة والتغذية السليمة يكون المرض هو البديل ، كذلك بدون التقيد بؤسس الحرية السليمة يكون الطغيان هو البديل ، حتى وان كان النظام الذي نعيش في ظله يُدعى ديمقراطي .
وهنا يستدعي الخلاف ذاته  في الآراء  – كما هو متوقع – فما هي المعايير .. معايير القيم والاذواق التي يمكن ان نتوافق بشأنها ..؟  
وهنا يجب التذكير بأن الخير والشر والحق والباطل والجمال والقبح والصحة والمرض . هي أمور طبيعية وبديهية وفطرية في صميم الحياة والانسان ، ولا يمكن تبديلها او تشويهها .
او الخلاف بشأنها مبدئيًا . وهؤلاء الذين بدلوا وغيرا وحرفوا عبر التاريخ ، سواء على المستوى الفكري والفني والديني ، هم شياطين وأبالسة ومنحرفون وغير طبيعيين ،من زينو مؤسس تلك الفلسفة  حتى نيتشه والفوضويين المحدثين والجدد ،الروس والغربيين .. كذلك العقائديين  الغيبيين القدامى والجدد كحشاشين العصر العباسي  ، والداعشيين اليوم  وسواهم ..الخ 
هي فلسفة تقوم على فكرة " إزالة سلطة الدولة والاستعاضة عنها باتفاقيات حرة بين الافراد "
وربما الفرق التاريخي في فكرة الفوضى ، انها كانت محصورة في الماضي في الافراد الذين يؤمنون بها ، بينما اليوم هي طوفان ، او شبه طوفان بفضل سهولة انتشار وسائل التحكم بعقول الناس ..
 
 
كميل فياض
 
 
 
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق