التغذية المتبادلة بين الثقافة الفاشيّة والاحتلال بقلم: راضي كريني
2014-07-08 11:40:36
يدّعي اليمين الإسرائيليّ أمام المجتمع الدوليّ بأنّه ضحيّة؛ ضحيّة النازيّة والعرب وجميع الشرقيّين المتخلّفين حضاريّا وثقافيّا، بالرغم من أنّ القيادة الإسرائيليّة حسنة النيّة ونقيّة الطويّة تجاه شعوب الشرق! 
وفي المنطقة، يؤمن اليمين الفاشيّ الإسرائيليّ بالعلاقة الطرديّة بين التهديد والعظمة؛ ويعتقد أنّه كلّما أشاع الخوف في الأوساط الإسرائيليّة، وأنكر وجود شريك فلسطينيّ للسلام، وصعّد لهجة التهديد والوعيد بتكسير عظام الشعوب العربيّة والفلسطينيّة بشكل خاصّ، عظمتْ قوّته العسكريّة ( العظيمة نسبة لضعفنا) وتمكّن من إحكام قبضته الاقتصاديّة، وثقافته الاستعلائيّة العنصريّة، وسياسته الكولونياليّة والعدوانيّة_ الاستغلاليّة على زمام الأمور، وعلى تطوّر المنطقة، وعلى مفاصل ومناحي ومنافذ حياة الشعب الفلسطينيّ وأبواب رزقه. 
ثبت عجز القيادات العربيّة و الفلسطينيّة عن زحزحة الإدارة الأمريكيّة قيد أنملة عن موقفها الداعم للسياسة الإسرائيليّة، بدون شروط وقيود، ولو طال العدوان الإسرائيليّ ومسّ بعض المصالح الأمريكيّة، وفتك ببعض الفلسطينيّين الذين يحملون الجنسيّة الأمريكيّة (ضرب طارق أبو خضير الأمريكيّ الفلسطينيّ الأصل، وابن عمّ الشهيد محمّد الفلسطينيّ).
بعد حادثة خطف وقتل ثلاثة الشباب اليهود المستوطنين، اكتشفْنا أنّ مَن اعتبرناهم في الماضي القريب مِن عقلاء الصهيونيّة، والواعين لأهمّية السلام والحياة الكريمة المشتركة بين شعبَي البلاد و...كنّا فهمناهم ( ربّما أرادوا لنا أن نفهمهم) بأنّهم يناصرون حقّ الشعب الفلسطينيّ بالتحرّر وبمقاومة ناعمة للاحتلال؛ لكن، بعد أن استغلّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وجوقته اليمينيّة الحادثة لينفث سموم عنصريّته ونار حقده وكرهه لكلّ عربيّ (ولوكان من العرب الطيّبين)، شاهدنا كيف نفش "عقلاء الصهيونيّة" أنفسهم أو كيف نفشتهم دعاية بيبي وجوقته وأيديولوجيته الجمعيّة والكليانيّة الاستعلائيّة والوحشيّة(وهي في الحقيقة خواء).
فاجأتْني إحدى صديقات عائلتي، كان بيننا عيش وملح، وكانت مناصرة للسكن العربيّ اليهودي المشترك، وهي تعمل محاضرة في جامعة إسرائيليّة، وأشغلَت في الماضي مسؤولة كبيرة في وزارة التربية والتعليم عالية المستوى، فاجأتني بأن كتبت مقالا "سلاميّا" على صفحتها في شبكة التواصل الاجتماعيّ، معتمدة على منطق جولدا مائير، زعيمة حزب المباي ورئيسة الحكومة السابقة (1969-1974) التي أجبرناها على قتل أطفالنا ( هكذا ادّعت جولدا)، وتستنتج "صديقتنا" السابقة "الحضاريّة" و"الإنسانيّة" في ختام مقالها، بأنّ شرط السلام الكافي بيننا هو أن نحبّ أطفالنا بقدر ما نكره أطفالهم اليهود!
هل غفلت وضلّلت؟! لا أظنّ ذلك. 
أعتقد أنّ الحياة تنتج وفق الفطرة السويّة ثقافة طبيعيّة منسجمة مع الحياة الطبيعيّة، والثقافة السائدة هي نتاج أنماط الحياة والممارسة المعيشيّة في المجتمعات، واليوم نحن نعيش حالة غير طبيعيّة وأزمة ترمي بثقلها على مجمل العلاقات الإنسانيّة وتشوّه الحياة الحضاريّة إلى حدّ كبير وخطير.
ذكّرتني صديقتنا ببثينة عشيقة جميل بن معمّر العذريّ حين رآها الخليفة الأمويّ عبد الملك بن مروان (685-705) بعد موت جميل؛ فأنكرها وقال لها: ما رأى فيك جميل حين هام بك، وأنت حمشاء (دقيقة ونحيفة)، أدماء (سمراء)، دقيقة الساقين، حديدة العينين؟
أجابت: لقد رآني جميل بعينيه، لا بعينيكَ يا أمير المؤمنين!
ونحن نرى شركاءنا وأبناء عمّنا بأعيننا، وهم يروننا بأعين الاحتلال والاستغلال والاستعلاء والعنصريّة و...
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق