لا مساومة على الكرامة !!! بقلم – نديم إبريق – أبو سنان
2014-07-06 21:06:59
يواجه الإنسان منّا في حياته اليوميّة العديد- العديد من المُعضلات والصّعوبات والعقبات ، وقد تكون هذه الصّعوبات أحيانًا مُعقّدة للغاية ، وفي أحيان أخرى تكون أقلّ تعقيدًا . وتحتاج هذه المعضلات من الإنسان أن يتصرّف بحكمة وحنكة وعقلانيّة مُعيّنة ، فيتوجّب عليه أحيانًا الإصرار على رأيه والتّحدي والثبات ، وأحيانًا عليه التنازل وإبداء المرونة واللّيونة من اجل الوصول إلى حلّ وسط يرضيه ويرضي الطّرف الثّاني ...
هذه المرونة مطلوبة في حالات عديدة ومتنوّعة ، لأنّ الإصرار على الرّأي في حالات معيّنة قد يتسبّب بالخسارة لنا أو للطّرف الآخر . فعلى سبيل المثال - قد يُعتبر التّفاوض والمساومة كلمة مقبولة جدًا ، بل حيويّة وضروريّة في عالم التّجارة ، فعند شراء سلعة مُعيّنة من المفروض أن يُبدي البائع والمشتري نوعًا من المرونة ، فالبائع عليه أن يتنازل عن أطماعه في كسب الأرباح الطّائلة  ويكتفي بأرباح ترضيه وترضي الله سبحانه وتعالى ، وكذلك المشتري عليه ألا يُحرج البائع فيتسبّب له بالخسارة . إذاً فالمساومة في التّجارة تُعتبر مصطلحًا مقبولاً ، بل مصطلحًا ضروريًّا وحيويًّا ...
لكن عندما يدور الحديث عن أمور أخرى في الحياة ، فينبغي عدم المساومة أو حتّى عدم التّفاوض ، لأنّ ذلك سيكون إشارة واضحة إلى اهتزاز وضعف الشّخصيّة ، خاصّة عندما يتعلّق الأمر بكرامة الإنسان . فالكرامة هي العنصر الأساسيّ الذي تتكون منه الشّخصيّة ، فإذا تنازل عنها واستهان بها يكون قد تنازل عن شخصيّته واستهان بها...
عندما يعمل الإنسان ، على سبيل المثال ، في عمل مُعيّن ولا يشعر بقيمة أو فائدة ترجى من عمله هذا ، أو انّه يتعرّض دائمًا للمذلّة والمهانة من المسؤولين عنه في العمل ، أو أنّ المسؤولين عنه يحاولون دائمًا فرض أمور لا تتناسب مع شخصه ، مع مبادئه ومع قيمه ، فتكون النّتيجة انعدام شخصيّته وعدم قدرته على التّأثير من خلال موقعه ، فمن المفروض على هذا الشّخص بداية أن يعترّض ويقاوم هذا التّصرّف من المسؤولين عنه ، وإذا شعر بأنّ هذه المقاومة لم تُجد نفعًا ، يتحتّم عليه أن يتّخذ  اشدّ الإجراءات والخطوات ، لكي يحافظ من خلاله على كيانه وكرامته...
نشهد في مجتمعنا تعرُّض أُناس مسالمين هادئين إلى مواقف تحدّ واعتداء من قبل أشخاص ينصب جلّ اهتمامهم في إيذاء الآخرين والتّحرّش بهم . يفترض وبشكل بديهي من كلّ إنسان مسالم أن يبتعد قدر المستطاع عن هؤلاء الأشرار المتهوّرين وان يتجنّب المشاكل التي من الممكن أن تنجم عن التّصادم والاحتكاك مع هذه النّوعيّات ، فيحاول بذلك منع تفاعُل المواجهة ، ولكن إذا احتدمت الأمور وتكرّر الاعتداء وأصبح نهجًا مزعجًا ، بل وخطيرًا ، فمن المفروض التّصديّ والتّحديّ ، مُستعملاً كلّ الوسائل والطّرق القانونيّة ، لئلا يفهم الطرف الآخر بأنّ سكوتك نابع عن ضعف وإذلال وخنوع وخضوع -" فالسّاكت عن الحقّ شيطان اخرس !" فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم :" المؤمن القويّ خيرٌ من المؤمن الضعيف ".
باعتقادي – إنّ كلّ إنسان يتنازل عن كرامته ويساوم عليها لا مكان لوجوده في الحياة ، لأنّ انعدام الكرامة معناه انعدام الوجود أو الحقّ في الوجود ، بل سيكون دلالة قاطعة على وجود الجسد وانعدام الروح ، وأي فائدة تُرجى من الجسد بدون الروح ؟ وأيّ فائدة تُرجى من إنسان بدون كرامة ؟ وكما قال الشّاعر :
          وما بعض الإقامة في ديارٍ يُهان بها الفتى إلاّ بلاءُ...
 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق