المجرم مَن يفرض الأجواء الدمويّة : راضي كريني
2014-07-01 18:29:36
الضحيّة لا تبرّر جريمة، ولا تفتّش عن ذرائع وأسباب وشرعيّة لارتكابها، كنّا وما زلنا ضدّ القتل والسلب و...، هذا ليس لأنّه لدينا جبن الزرازير وهي طائرة؛ بل لأنّه لدينا شجاعة وشموخ أعلى من بزاة تحتضر... لذلك نحن لم نقتل نفسًا ولم نسلب روحًا، ولم نسرق زهرةً ولم نرشّ حقلا بالمبيدات ولا نشعل النيران في الكروم والبساتين... بتنا نعرف أسباب سقوط الإمبراطوريات، وننتظر شروق شمس الحريّة على فلسطين.
نعترف أنّنا خسرنا بلادًا عندما سلّمنا "ذقننا" للصديقة بريطانيا ولحلفائها من العرب، ونعترف أنّنا تنازلنا عن مساحات واسعة منها من أجل السلام، وأنّنا تكبّدّنا خسائر فادحة في الموارد وفي الأملاك و... وعانينا من الحروب والمعارك ومن فرض وقائع جديدة على الأرض (استيطان وجدار وضمّ)، وجنحنا للسلم رغم أنّهم لم يجنحوا له، وأنّهم خرقوا الاتّفاقات الموقّعة ولم يلتزموا بقرارات الشرعية الدوليّة وببيانات الرباعيّة وبخطّة خارطة الطريق؛ اضطرّرنا إلى التخلّي عن المفاهيم العتيقة وعن السيرورات القديمة للتعامل مع الحقّ ومع الحلّ ومع الشرعيّة ومع السلام، اكتسبنا خبرة وتعلّمنا درسًا في النضال وفي الأخذ بالاعتبار الممكن والضروريّ وميزان القوى، وأصبحنا نتقن فنّ الدبلوماسيّة وأساليب التفاوض والوساطة! نحن لم نخض حربًا لتحقيق النصر أو لنحصد الهزيمة، كما لم تكن معاهداتنا استثمارًا للفرص واستعدادًا لحرب التحرير القادمة و...
النتيجة كانت واضحة ولا لبس فيها ولا غموض؛ لقد خسرنا مِن الأرواح والغذاء والمؤن ومِن مصادر العيش والعمل المنتج ومِن الأرض ومن السماء! لكنّنا لن نستسلم لليأس ولن نرضى بأقلّ من حقّ الشعوب في تقرير المصير. لسنا عاجزين عن استرجاع بعض ما ضاع، نعم أقصد جزءًا من كلّ ما ضاع!
لقد علّمتنا الحياة أن لا نغرق في فحص ودراسة واستثمار ما حدث الآن؛ بل أن ننظر إلى العواقب وأن نحسب النتائج ونتوقّع الآتي ونتعقّبه، كما علّمتنا مأساتنا أن نرجع إلى الجذور وأن ننبش ونبرز ما سبق الحدث، ونُشعِر بالسلسة الطويلة من المعاناة والآلام والظلم والغبن و...، وبالنسق الأكبر من الأحداث والأفكار والمواقف التي سبقته وكانت السبب الرئيس وراء وقوعه (خطف وقتل ثلاثة مستوطنين).
نحن نقدّر الخطر الذي يتهدّدنا، ونعرف أنّنا متّهمون قبل أن تثبت إدانتنا، وأنّنا "كيس البوكس/الملاكمة" الذي توظّفه حكومة اليمين الإسرائيليّة لتنفّس عن أحقادها المتراكمة، ولتضلّل ولتخفي عجزها عن تجميل احتلالها وتطبيعه، ولتحجب عيوبها وعقيدتها الفاشيّة وثقافتها العدوانيّة والمتعصّبة والمنكرة والنافية للآخر عن عيون الأسرة الدوليّة ... نحن جزء كبير من الآخر ونجحنا في استمالت التعاطف الدوليّ والتضامن الأمميّ! 
نحن نعرف عن انتشار عناصركم/خبرائكم ومخبريكم المزيِّفين للتاريخ والمحنّكين بقلب الحقائق والأمور، نعرف عن المحمّلين بجدول أعمالكم وبأيديولوجيتكم، الذين يقدّمون المشورة لدوائر صياغة وصناعة القرار في أمريكا وأوروبا، لكن لأمريكا مصالح، ولأوروبا حسابات ومخاوف من دفع الثمن وضريبة الدم! والشرق الأوسط على فوّهة بركان... والعالم ملّ لغة التهديد والوعيد الإسرائيليّة ومن فرض الأجواء الدمويّة... ويعرف أنّ مفاتيح باب جهنّم ليست بيد الضحيّة؛ لتهدّد "حماس" بفتحها على إسرائيل!
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق