إسرائيل دولتان-بقلم: راضي كريني
2014-06-17 15:25:20
نشرت بعض وسائل الإعلام الإسرائيليّة يوم الإثنين 16-6-2014 نتائج استطلاع رأي جديد للجمهور اليهوديّ الساكن في إسرائيل حول المستوطنات في الضفة الغربيّة، أُعلنت نتائجه في جامعة أرئيل، المقامة في المناطق المحتلّة على أراضي الفلسطينيّين في الضفة الغربيّة. تبيّن من الاستطلاع أنّ شعبيّة المستوطنين آخذة بالتراجع في أوساط الجماهير اليهوديّة، وأنّ هناك ارتفاعًا وغالبيّة في نسبة المؤيدين للانسحاب والتنازل عن المناطق المحتلّة، وكذلك في نسبة المتخوّفين من المقاطعة الدوليّة المتنامية ضدّ إسرائيل.. من الجدير ذكره أنّ 40% من المستطلَعين يرون في تمويل المستوطنات تبذيرًا وأنّه يأتي على حساب التربية والتعليم والرفاه.
 يكشف الاستطلاع أيضًا ما كنّا قلناه وأكّدناه عن إسقاطات وتبعات احتلال حزيران1967 ومع بدء عمليّة تكريسه والسيطرة على أملاك الشعب الفلسطينيّ، كنّا حذّرنا اليسار الصهيونيّ الذي قاد الحروب الإسرائيليّة العدوانيّة وتفاخر بإنجازاته "البطوليّة" من أنّه يمهّد الطريق لصعود اليمين إلى سدّة الحكم وإلى القضاء على دولة الرفاه.
 وفي سنة 1977 حدث الانقلاب، ونجح اليمين في تشكيل أوّل حكومة له، وبدأ بتكثيف الاستيطان وفي إنشاء دولتين: دولة رفاه للمستوطنين في المناطق المحتلّة ودولة نيوليبراليّة في إسرائيل!
عمليّا، نجح اليمين الإسرائيليّ في هدم دولة الرفاه في إسرائيل وفي بنائها في الأراضي المحتلّة، كما نجح في جرّ اليسار الصهيونيّ إلى ملعبه، ومنافسته في التركيز على الوضع الأمنيّ والسياسيّ والثقافيّ- الاستعلائيّ، وفي التعتيم على الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ، وفي تمويه الاستغلال والانقسام الطبقيّ، وفي تحريف وتجيير الوضع النقابيّ.
 رفع اليمين بمؤازرة النقابات الحدّ الأدنى والأعلى للأجور، واتّبع سياسة الخصخصة وقضى على القطاع العامّ، وباع الشركات الحكوميّة والنقابيّة، وفتح باب دعم الاستيطان والمستوطنين على مصراعيه، عارضًا على المسحوقين والقادمين اليهود حياة طلائعيّة روبنهوديّة (فتيان التلال) "سوبرمانيّة توراتيّة" أفضل، مع تقديم خدمات اجتماعيّة واسعة ودعم حكوميّ كبير لتحميلها وتغليفها بطابع أمنيّ كدرع واقٍ لدولة الشعب اليهوديّ، وسدّ بشريّ أمام الزحف والإرهاب العربيّ!
 مع اتّساع العمق/الفجوة ما بين الحدَّين الأدنى والأعلى للأجور، نجح اليمين في تمزيق المثقّفين وغالبيّة الفئات الوسطى المتأرجحة ما بين الطبقتَين المستغلِّة والمستغلَّة... فكسب تأييد الفقراء والفئات الشعبيّة، وغالبيتهم من الشرقيّين، وقدّم نخبهم في الوظائف وفي المناصب السياسيّة والأمنيّة والعسكريّة ضامنًا تقييدهم/تهديدهم بفضائح فساد وجنس إذا خرجوا عن طاعته وأخلّوا بقوانين لعبته السياسيّه، فملفّاتهم وتهمهم جاهزة ينشرها ويستثمرها متى يشاء، (انظروا ماذا حصل ليتسحاق مردخاي ولدرعي ولكتساب ولشطريت ولفؤاد بن إليعزر و...).
ليس غريبًا على اليساريّين ما نشهده من تطورات على دولتيْ الاحتلال، ومِن فصل للمستوى الاقتصادي عن المستوى السياسيّ، ومِن رضا الطبقة المسحوقة على الطبقة المسيطرة وقبولها بقيادتها. لقد كتب الفيلسوف الماركسيّ الإيطاليّ أنطونيو غرامشي (1891-1937) عن ربط المثقّفين الانتهازيّين بين البنية الاجتماعيّة بالبنية الفوقيّة وعن اندماجهم بالدولة، وعن أهميّة دور المثقفين الثوريّين في بناء تنظيم جماهيريّ يعمل على إعادة الربط بين السياسيّ والاقتصاديّ.
بناء على ما تقدّم، أرى أنّ ثمّة ضرورة وأهميّة في إعادة بناء وتشكيل تنظيم الجبهة الديمقراطيّة كتنظيم يهوديّ - عربيّ مبنيّ على أسس ومفاهيم ثوريّة وأمميّة عابرة للقوميّات، منفتح على الجماهير اليهوديّة، قادر على الدمج بين المستويَين السياسيّ والاقتصاديّ، وقابل للتطوّر ولفرض دولة العدل الاجتماعيّ في المستقبل.
 
 
.
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق