سياسة المأزق / راضي كريني
2014-03-12 09:35:30
يشعر بنيامين نتنياهو-بيبي، رئيس حكومة إسرائيل اليمينيّة، بنشوة المنتصر بعد انتهاء كلّ زيارة إلى الولايات المتّحدة الأمريكيّة؛ فأمام أعضاء وموظّفي الأيباك نراه ديكًا يختال وينفش ريشه، ويحتفل بانتصار وهميّ على حليف صارحه بحقيقة ضعفه وعجز حلفه.
هل بيبي على هذه الدرجة من الغباء لكي لا يفهم تصريحات/تحذيرات باراك أوباما؟!
يحاول أوباما أن يُفهم بيبي أنّ الإدارة الأمريكيّة عاجزة أمام الجهود الرامية إلى عزل إسرائيل دوليّا؛ إذا فشلت محادثات السلام، وإذا لم تتوقّف حكومة إسرائيل عن بناء المستوطنات؛ لكن كيف لبيبي أن يفهم، وقد لاقاه أعضاء وموظفو ومؤيّدو الأيباك بالتصفيق وبالوقوف، ومن ثمّ رفعوه إلى قمّة حفاوة الاستقبال؟! 
فبيبي "عنزة ولو طارت"  لا يحتاج إلى إبداع أو إلى تجديد؛ لأنّه يجترّ الشعارات/الذرائع نفسها: الاعتراف بيهوديّة الدولة، والإرهاب الفلسطينيّ واللبنانيّ و...، والتهديد النوويّ الإيرانيّ؛ ويَلقى الحفاوة ذاتها، ويبتزّ المواقف ذاتها، و...، ويفرض الشكّ ذاته على الجهود الدبلوماسيّة الغربيّة للحدّ من طموحات إيران النوويّة، وعلى نوايا الفلسطينيّين السلميّة، ويعمي أبصار مؤيّديه من الإسرائيليّين والأمريكان عن رؤية إخفاقات سياسة القوّة الإسرائيليّة.
يهرب (يتقوقع) بنيامين نتنياهو-بيبي من استحقاقات ومواجهة أزمة الاحتلال الإسرائيليّ للأراضي العربيّة، ومن الانصياع لقرارات الشرعيّة الدوليّة، يهرب إلى واشنطن حيث يستطيع أن يتحلّل من القوانين والأخلاق و...وينجح في التهويل والتضخيم في مفهوم حقّ وأمن الدولة اليهوديّة، وحيث يفرّغ حقده على الحقّ الفلسطينيّ بدولة مستقلّة على حدود الرابع من حزيران 1967.
لن يتحقّق الأمن لإسرائيل في واشنطن، ولن يتحقّق في تقوية الحلف معها، ولن يُكتب لسياسة التخويف النجاح؛ لأنّها موجّهة ضدّ عدوّ وهميّ، لم ولا ولن يشكّل تهديدًا لأمن إسرائيل العامّ؛ فالخطر الوحيد الذي هدّد ويهدّد أمن إسرائيل في الماضي والحاضر والمستقبل هو السياسة الإسرائيليّة العدوانيّة نفسها، هذه السياسة المنافية للموضوعيّة وللسلام هي التي تدمّر الأخلاق، وتميت الضمير، وتسحق القوانين، وتدوس على الديمقراطيّة،و...
يجهل بيبي نتنياهو وحكومته اليمينيّة؛ كيف ينظر إليهم العالم، وهم لا يدركون أنّ المزيد من تكريس الاحتلال وتوسيع الاستيطان ومن المعاناة للفلسطينيّين يجلب على إسرائيل المزيد من العزل والإدانة والكره و... والشعور باللا أمن، والغرق بسياسة المأزق!
أنا لا أشكّ في أنّ الشعب الإسرائيليّ يريد أن يعيش حياة طبيعيّة وبدون خوف و... كباقي الشعوب، لكن أشكّ في أنّ الإسرائيلي (بشكل عام) يشعر بوخزة ضمير للأعمال التي ارتكبت باسمه ضدّ الفلسطينيّ؛ وفي أنّه بات يدرك استحالة الفوز بالحياة الكريمة طالما بقي الشعب الفلسطينيّ يعيش بإحباط وبمعاناة وتحت الاحتلال؛ فتحرّر الشعب الإسرائيليّ واستقلاله وأمنه مرتبط بتحرّر الشعب الفلسطينيّ وباستقلاله وبأمنه.
إنّ الأوهام والأحلام التي يُنعشها بيبي ويدغدغها في واشنطن، لن تكون في أفضل تقدير إلاّ تأجيلا للحلّ وهروبًا من المشكلة بعيدًا عن مصلحة الشعب الإسرائيليّ، فغالبيّة الشعب الإسرائيليّ يريد دولة علمانيّة لا دينيّة؛ والشعب الإسرائيليّ ليس بطائفة دينيّة ليطالب الفلسطينيّين بالاعتراف بإسرائيل دولة يهوديّة، ولا يشعر بتهديد إيرانيّ على أمنه الجماعيّ؛ لذلك فمهما تعامى بيبي عن بيئته ومحيطه، واجتهد في صرف الأنظار نحو واشنطن، لن يوقف زحف الشعب الفلسطينيّ نحو تحرّره وإقامة دولته المستقلّة إلى جانب دولة إسرائيل، ولن يمنع أعين المتنوّرين الإسرائيليّين عن رؤية المصالح الحقيقيّة لدولة إسرائيل وعن السؤال:
إن كان العرس في أورشليم-القدس؛ فلماذا يكون الرقص في واشنطن؟!
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق