الفصل بين الدين والدولة (السياسة) / رياض حمزه
2014-02-26 12:05:16
كوني وُلِدتُ ونطقتُ وأتكلم اللغة العربية كَلُغة أم , وكوني عضواً فاعِلاً في هذا المجتمع المتخبط فيما بين الماضي والحاضر , وفيما بين الدين والدنيا , يمنحاني الرُخصة في دخول غياهِبَ هذا الموضوع ( موضوع فصل الدين عن السياسة ) الذي بِتنا وأصبحنا نلمس تفاعلاته الهدامة تكاد أن تقضي , بشكلٍ خاص , على مُجتمع الناطقين بالعربية , العرب على اختلاف طوائفهم . إن محاولات إقحام الدين في أمور الدنيا , وتوظيفهُ لمصالح وأهداف بعض القائمين عليه مِن روَّاد الجاه والسلطةِ , بات وللأسفِ , شيئاً ملموساً ومحسوساً في عصرنا هذا , ولأنهُ لا يمكن الجمع بين الدين والدنيا ( كقطبين مُتنافرين ) إلَّا إذا سار أحدهما الى جانب الآخر , يأخذ عنهُ ويَمُدَّهُ مِنهُ , وجب علينا التفريق بينهما , ولأن الأمور لا يمكن أن تُحسم عنوةً , فخير الأمور الوسط , والوسط هنا هو العيشُ تسامُحاً أو التفريق الفوري , تراضياً.
إن رياح التغيير التي هبت على المنطقة العربية كشفت عن عورات أنظمةُ هذه الدول السياسية وبشكلٍ خاص عن طبيعتها الاستبدادية وعن ضعفها , وعن عدم احترامها لمفهوم المواطنة الشريفة المتكافئة المتساوية , ثم كشفت عن الوحشية التي تميز قوى التعصب الديني والمذهبي التي تُصِر على ابتلاع الدولة برِمتها ( مصر , ليبيا , تونس , ايران , افغانستان وغيرها .... ) باسم الدين .
ومِن هُنا , وفي الوقت الذي نتابع فيه مشاهد الترويع والانتهاكات الحقوقية التي تمارسها الفصائل الدينية التكفيرية السياسية المتطرفة , في كل منطقة تمكنت فيها , مِن بلاد الله الواسعة , عربياً أم عالمياً , بِتنا ندرك أن الوقت قد حان , في البلدان العربية بشكلٍ خاص , لأن تتخذُ شعوب هذه الدول مواقف موحدة وحاسمة لكي تُساهم في إدخال أنظمة الحُكم السياسية التقدمية الديمقراطية في البلدان العربية , لتنقلها هذه الأنظمة الجديدة إلى القرن الحادي والعشرين , أسوة بالعديد مِن الشعوبِ والدول المتنورة .
مِن هذا المُنطلق , ومما ذكرته أعلاه , يبدو لنا أنهُ بات يتحتم على القوى المتنورة التقدمية في الدول العربية جميعها , أن تُطالب حكوماتها باتخاذ إجراءات حاسمة وفاعلة لفصل الدين عن الدولة (السياسة ) , وبحدوث هذا نكون قد نلنا الضامن الوحيد للمواطنة الصالحة المُتكافئة المتساوية .
في الوقت ذاته , علينا , كشعوب وأفراد وأنظمة , أن نؤكد أننا نحترم المشاعر الدينية للجميع , ولا ندعو إلى محاربة أي دين من الأديان أو الإساءة لأتباع الديانات والمذاهب الدينية , على اختلافات مفاهيمها ومساراتها.
جميعُنا يُدرك بأن الوقت قد حان , في منطقتنا بشكلٍ خاص , كي نُبقي على الدين هيبتهُ ووقارهُ ومكانتهُ المتأصلة في الحيز الروحاني الخاص بالإنسان , مِن جهةٍ , وكي نبني أنظمتنا السياسية على أسس قانونية إنسانية تحترم الإنسان وتحفظ لهُ كرامتهُ وحقوقه , والتي مِن ضمنها دينهُ ومُعتقدهُ , وأن نرفع عالياً الشعار المُنادي بِ "الدين لله والوطن للجميع " .
وفقانا وإيّاكُم الله , لما فيهِ خير هذه الأمة .
رياض حمزة - جولس
رياض حمزة - جولس
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير