يوم الحساب وموعد مع غدٍ آخر بقلم:زايد خنيفس
2013-10-26 11:55:59
لا أدري لماذا تبادرت الآن إلى ذِهني الصفحة الأخيرة التي كتبها المرحوم لطفي مشعور ، وتوقف قلمه وهو يكتب عن حبه لأبناء مدينة شفاعمرو، على هامش المجزرة التي ارتكبها الإرهابي نتان زادا، فكانت كلمة المحرر نابعة من أحاسيس صادقة، منذ أن بدأ قلمه يخطُّ كلماته المعبّرة بتأنٍ، منذ بداية الصّفحة، حتّى آخرها.
الكتابة عن شفاعمرو ليس بالأمر السّهل، بل تتطلّب من الكاتب أن يعشق مساحة الوطن، والندى الذي يغطّي محيّاها من تلال عين عافية والأشلول والكرك والبصلية ووعرة جروس، حتّى الوعور، التي يعود تاريخها إلى أربعة آلاف سنة، أي منذ خراب الهيكلَين الأول والثّاني. وحملات الغُزاة، ومياه الينابيع المنسابة بين الجبال، كانوا شاهدين على تاريخ شفاعمرو المجيد، الذي واكب هذه الأسماء الكبيرة، وروى لنا عن جحافل خيولهم، وذلك لأن ذاكرة شفاعمرو ما زالت تحتفظ بأسماء الرّاحلين.
كانت المدينة على موعد مع يوم الحسم، كما كانت أيضًا القرى المحيطة بنا، وكانت صحيفة "المصدر" أول من تنبّأت بحدوث واقعٍ جديد، عندما تصاعد الدّخان الأبيض من لجان الاقتراع، وتحوّل شعار التغيير من وهمٍ إلى حقيقة ملموسة، لقد كان الحسم ديموقراطيًا، ولم يخدش كرامة أي فردٍ من أهل بلدي، والهدوء الذي ساد المعركة الانتخابيّة، أعتبره قمة الانتصار، مع اعتذاري للرئيس الجديد. 
كانت المعركة نظيفة وبقيت ضمن أصول اللعبة الديموقراطية، بَعيدًا عن دق ناقوس الطّائفيّة الخطير... بعيدًا عن نداءات مكبرات الصوت التي طالبت بالتحيّز الدّيني، لصالح الفاتح القادم في هذه الأرض المقدّسة. الانتخابات عبارة مغامرة يطمح الإنسان أن يكون ذا نفوذٍ قويّة، لخدمة مصالح بلده، أمّا في حسابات البعض الآخر، فكانت المعركة منحسرة بإطار مصالحهم الضيّقة والشخصية لا غير، ولكن أحقادهم الدّفينة انكشفت بسرعة أمام الجميع، ولم تُمطِر غيومهم خيرًا.
باتت الانتخابات من ورائنا، وشفاعمرو والقرى من حولها، ينتظرون يومًا جديدًا مشرقًا بالأمل، من أجل أن تهيّئ الإدارات الجديدة حياة أفضل لأطفالنا وللأجيال الشّابة كما وعَدوا الرّؤساء مواطنيهم، وأن يُدخلوا مدننا وقرانا من البوابة العصرية أسوةً ببقيّة المدن، فمن حقنا أن نشهَد والأجيال القادمة على عصر الانفتاح على آليّات التطور الحديثة، والتقدم العلمي والتكنولوجي، بعيدًا عن العناوين الرنّانة والمُضخَّمة، التي لم تدُم أكثر من خمس سنوات.
في هذه المناسبة، أريد أن أوجّه للأخ أبو العبد ناهض خازم، شكري الجزيل من الأعماق، لأنّي لم أشَكك ولو للحظة واحدة في نواياك الطيبة، لأنّك الابن البار لهذه المدينة، التي عانقتك بحبها لك طيلة الخمس سنوات... شكرا لك عرسان ياسين، في محاولتك الجديدة القديمة، في خوض معركة الرّئاسة، وأعتقد أن إعادة الحسابات لا تُنقص من قيمة الشخص، وفي النهاية يجب أن يبقى نبض عشقنا لهذه المدينة، ينبض في أركان حياتنا اليومية بلا توقُّف.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق