البجروت والانتخابات , أمير خنيفس - جامعة لندن
2013-10-06 09:46:20
ترتفع في الآونة الأخيرة وفي ظل موجة الانتخابات للسلطات المحلية، حدة النقاش حول دور السلطات المحلية وتأثيرها في رفع مستوى التحصيل العلمي في قرانا، وانعكاس عملها على نتائج البجروت، من حيث الكم والكيف، جودة النتائج ونسبة مستحقي البجروت. حيث تتلقى السلطة المحلية وإدارتها الاشادات والاحتفاء، في حالة إنجاز رقميّ يضع مدارسها ضمن قائمة المدارس الرائدة، وتوجه أصابع الاتهام للمجالس المحلية في القرى التي تم استثناؤها من القائمة أو وضعت مدراسها في درجة متدنية تُظهر الفوارق الواضحة بينها وبين غيرها، والسؤال الذي يطرح نفسه هو، ما هو دور السلطة المحلية في رفع نسبة نجاح الطلاب في امتحانات البجروت، وكيف يمكننا رفع المستوى في جزء من قرانا؟

إنّ الادعاء المركزي لهذه المقالة هو أنّ للسلطات المحلية في قرانا، وللعاملين في قسم التعليم والتربية دورًا كبيرًا وهامًا في رفع المستوى العلمي العام للبلدة، وهذا الدور مقرون بحجم الدعم الذي تتلقاه من بقية المؤسسات والهيئات المختصة، فإذا حصل التعاون فيما بينهم فإن السلطة المحلية تستطيع تحقيق انجازات ملموسة.

وزارة التربية والتعليم من أهم هذه المؤسسات ولها الدور الأكبر في رفع المستوى العلمي والتربوي والفني والاجتماعي في مدارسنا، حيث تخصص الميزانيات وتقوم بإعداد البرامج والمشاريع للمدارس. ويؤكد التقرير الذي نشرته صحيفة هآرتس في السابع والعشرين من شهر آب بشكل قاطع أن استثمار الميزانيات في المدارس الواقعة في مركز البلاد يفوق الاستثمار في الضواحي التي تضم الأغلبية الساحقة من مدارسنا، إلى ما يقارب الأربعين بالمائة في حالات معينة.

يلعب قسم التعليم الدّرزي في وزارة التربية والتعليم، دورًا هامًا، إذا أخذنا بعين الاعتبار بأنّه الجهاز المسئول عن إعداد البرامج وإصدار الكتب والكراريس في المدارس، في حين تخضع مدارسنا إلى الرقابة من قبل المفتشين العاملين في إطار هذا القسم. كلي ثقة بان يكون هذا القسم قد اخذ نهج جديد منذ أن نشر د. رباح حلبي دراسته في منتصف التسعينات والتي أشار من خلالها إلى بعض النواقص المهمة في عمل ومنهجية هذا القسم، في حين يدهشني بانة لم يحصل اي تغيير في بعض الكتب التدريسية منذ اواخر الثمنينات.

أما على المستوى المحلي، فهنالك وبدون أدنى شك، دور كبير للتلاحم الاجتماعي في البلدة، والشعور بالانتماء عند جميع شرائح المجتمع. فقد تميزت الطائفة المسيحية في شفاعمرو بنخبة كبيرة من المتعلمين لسنوات طويلة بعد قيام الدولة، في حين بقيت شفاعمرو بعيدة عن التحصيل العلمي المتميز خلال تلك السنوات. كل هذا نتيجة عدم شعور أوساط من أبناء الطائفة المسيحية بالانتماء، فالتحق أولادهم بمدارس خارج المدينة. وقد حدث تغيير في هذا التوجه مع بناء القسم الثانوي للمدرسة الأسقفية الكاثوليكية في أواخر العقد الماضي.

للصراع السياسي على السلطة المحلية دور مؤثر جدًا، ومن الضروري أن تتصدر الانجازات الأكاديمية والبرامج التربوية المستقبلية، الأجندة السياسية وتكون محور النقاش بين السياسيين المتنازعين على إدارة السلطة المحلية. فلا يتحول هذا النزاع إلى عامل سلبي ليكون أحد العوامل الأساسية في التأثير على السياسية الداخلية للمدرسة وتعيين معلمين غير مؤهلين. قرية بيت جن مميزة بحدة الصراع السياسي بين العائلات على مراكز القوى السياسية المحلية منذ فترة المخترة، في حين استطاعت أن تحافظ على إدارة مدارسها من خلال تعيينات مميزة بالنزاهة، في حين لم ينج مختار قرية عسفيا، المرحوم الشيخ نجيب منصور ومن خلفه في السلطة المحلية من انتقاد معارضيهم، بالرغم من كون عسفيا من أولى القرى التي أقيمت فيها مدرسة ابتدائية في وسطنا.

وكيف لا ولأولياء الأمور دور كبير في دفع المسيرة التربوية التعليمية في قرانا، وعملهم إلى جانب إدارة المدرسة، والتغلب على القصور الحاصل من المؤسسات والأجهزة الأخرى.
لقد كانت المدارس الناجحة محظوظة بلجان ترفعت عن الخلافات المحلية وتعاونت مع إدارة المدارس من أجل رفع المستوى التربوي التحصيلي. المدرسة الشاملة "أ" على اسم المرحوم الشيخ صالح خنيفس نالت القسط الأكبر حين تعاونت لجنة أولياء الأمور، خلال فترة عمل المدير السابق الأستاذ كمال شوفانية والمدير الحالي الأستاذ سلمان أبو عبيد، وبدون أدنى شك في رفع المستوى التعليمي للمدرسة، الأمر الذي انعكس على التقدم المستمر في انجازات المدرسة من سنة إلى أخرى.

في حين عانت دالية الكرمل ولا تزال تعاني، من لجان أولياء أمور مسيسة تتخذ قراراتها بناء على انتماءات عائلية ولم تتخل عن الصراعات السياسية، فاستبدلت مدرسين ناجحين في الستينات والسبعينات من خارج البلدة، بمدرسين فاشلين من داخل البلدة بحجة أنهم لا ينتمون إلى الطائفة الدرزية، في حين أن السبب الوحيد هو الانتماء العائلي والصراع الداخلي على مراكز القوى. هذا النهج لم يتغير كثيرًا، وبدل أن تعمل لجان الأهالي لإيجاد السبل لرفع مستوى التعليم، فهي تبحث عن "المسار السريع" لتجريد ما تبقى من طلاب ناجحين من مدارس البلدة وإيجاد الطرق القانونية وغير القانونية من أجل نقلهم إلى مدارس خارج البلدة. كيف يمكن رفع المستوى التعليمي في بلدة أصبح الحلم الأول والأخير لكل رب أسرة وولده بأن يكمل تدريسه في مدرسة خارج البلدة؟

هذه الحقائق سوية تلعب دورًا هامًا في توطيد شعور الطالب بالانتماء للبلد وللمؤسسة وهذا يساهم في رفع المستوى التعليمي للطالب وللمؤسسة. ويظهر هذا الانتماء بشكل ملفت ومشجع عند طلاب مدرسة العلوم في يركا، والذين يشعرون بأنهم جزء من انجاز عظيم يتعاونون من أجل تحقيقه. كم كنت سعيدًا بالاستماع إلى تامر عطا الله وطارق عطا الله من يركا، الذين انهوا دراستهم في مدرسة العلوم، حين كانوا يتحدثون عن الانجازات الأكاديمية لزملائهم والنجاح الباهر الذي حققه فوجهم منذ أن تخرج قبل سنتين قبا ان يتحدثوا ان انجازاتهم الاكديمية الشخصية.

والخلاصة بأن رفع المستوى التعليمي في قرانا يتطلب تعيين إدارة صحيحة ومن المفروض بان تكون أحد العوامل التي يتوجب علينا أخذها بالحسبان قبيل اختيار مرشحنا لرئاسة المجلس، ففي ذلك يكمن أحد أهدافنا السامية والمرجوه إلا وهو رفع المستوى التربوي التعليمي على المستوى المحلي، ولكن علينا أن نقرّ بجرأة ومهنية أن تحقيق هذا الهدف يتطلب بذل الجهود الحثيثة والتعاون بين جميع الهيئات المختصة، إضافة للجان أولياء الأمور والطلاب أنفسهم.




المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق