ليستغلّ العرب القضيّة الفلسطينيّة - راضي كريني
2013-10-02 08:38:44
عبّرت حكومة إسرائيل، وحكومات دول مجلس التعاون الخليجيّ عن قلقها من أن يكون التقارب الحاصل بين الولايات المتّحدة وإيران على حساب مصالحها. إن كان التقارب يلغي التهديد الإستراتيجيّ/النوويّ والعسكريّ الإيرانيّ، ويوقف اهتزاز ميزان القوى؛ فما الذي يقلق هذه الحكومات؟
هل هو التدخّل الإيرانيّ لإنهاء الملفّ السوريّ والمعاناة الفلسطينيّة؟

تميّز حكّام "الحلف السنيّ" التركيّ- الخليجيّ بتصريحاتهم المضلّلة عن حكّام إسرائيل (طبعا بالتنسيق معهم ولتقاسم الأدوار) بأنّهم يرحّبون بالحوار الدبلوماسيّ الهادف لحلّ أزمة العلاقات بين إيران والغرب، وأبدوا استعدادهم، أكثر من مرّة، أن يشاركوا في أيّة ترتيبات أمنيّة أو سياسيّة مستقبليّة، وأن يتجاوبوا مع تغيّر الموقف الإيرانيّ.
ما زال رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو/بيبي متمسّكًا برسمه الكاريكاتيريّ وخطّه الأحمر، ويصرخ ويكسّر صحون العشاء السرّيّ، ليصحو أوباما من سكرة الخداع الإيرانيّ!
يريد بيبي أن يتخلّص من الزاوية التي حشر نفسه فيها، إذ قلّص احتمالات الفكاك من الأزمة الإيرانيّة إلى احتمالين: إمّا الاستسلام، أو تدمير إيران!

تدّعي الرجعيّة العربيّة أنّها منزعجة أسوة بحكّام إسرائيل من الأداء الإيرانيّ في المنطقة الضاغط لحلّ القضيّة الفلسطينيّة، وحسب رأيهم، إنّ إيران تستغلّ القضيّة الفلسطينيّة لتعمّق مصالحها في المنطقة ولبيع السلاح!
ألم تستغلّ الرجعية العربيّة القضيّة الفلسطينيّة للحفاظ على عروشها ولاضطهاد شعوبها وللتغطية على صفقات شراء السلاح من أمريكا وإسرائيل و...، طيلة 65 سنة؟!

تستعرض الرجعيّة العربيّة عضلاتها، لتقنعنا أنّها شرسة وقويّة وقادرة على دعم حركات الدين السياسيّ، وعلى حماية نفسها ومصالحها بمعزل عن إدارة أوباما، والبراهين هي: إطالة أمد الحرب في سوريا، وتعطيل مشاريع التسوية السلميّة، رغم أنف المجهود الروسيّ والصينيّ، والتمسّك بشعار/سيف "محور الشرّ" الذي رفعه بوش الابن في وجه عقلاء أوروبا ليصحوا من سباتهم، وليلتفتوا أكثر إلى المصالح المشتركة للحلف الأطلسيّ!

أخذت الرجعيّة العربيّة تلعب بالعصا والجزرة مع إدارة أوباما الضعيفة (حسب رأيها) لتشجّعها على العمل بشكل أفضل على حماية مصالحها الأمنيّة والاستراتيجيّة في المنطقة! وتعتقد أنّها فقدت إكسير حياتها بعد انسحاب القوّات الأمريكيّة من العراق، وتركها للقيادة الشيعيّة، وللتغلغل الإيرانيّ، ما أدّى إلى رفع مستوى التأثير الإيرانيّ في المنطقة، وبسط السيطرة عليها؛ لذلك تخاف هذه الرجعيّة أن ترحل أو أن ترحَّل بالقوّة، لتفسح المجال أمام نشوء وتطوّر فكر جديد مسلّح بأدوات سياسيّة جديدة.

لتخمد الإدارة الأمريكيّة توترات الرجعيّة العربيّة تزيد توثيق ارتباطاتها/مصيرها مع إسرائيل، وتعقد معها صفقات سلاح جديدة تفوق سابقاتها؛ فالإدارة الأمريكيّة تتقن توزيع الأدوار، وتتحكّم بالتصرفات، ولا تحتاج إلى توجيه تحذير إلى قطر الخارجة عن طاعتها؛ بأنّها تعبت من ازدواجيّة الأمير؛ فإذا لم يتغيّر؛ فللإدارة الأمريكيّة خططها لإقلاقه وقلبه، كما نشر الصحفيّ عبد الباري عطوان في "رأي اليوم"، جريدة إلكترونيّة مستقلّة، نقلا عن مجلّة "فورن بولِسي"!

ما يزعجني في هذا الحراك، هو تسليم ذقن السلطة الفلسطينيّة للإدارة الأمريكيّة، اعتقادًا منها بأنّها ستسلم من جشع العدوان الإسرائيليّ، ومن الذلّ الذي يسبّبه لها!

ذكّرتني "المفاوضات" الجارية بين الإسرائيليّين والفلسطينيّين برعاية أمريكيّة، بحكاية " ليتك تسلم".
لمّا قُدّم حاتم الأصمّ ( أحد كبار مشايخ خراسان) إلى أحمد بن حنبل (إمام المذهب الحنبليّ، وأحد الأئمة الأربعة)، سأله أحمد: كيف التخلّص إلى السلامة من الناس؟

فقال حاتم: بثلاثة أشياء.
فقال: وما هي؟
قال: لا تعطهم مالك، ولا تأخذ منهم مالهم؛ وتقضي حاجتهم، ولا تطالبهم بقضاء حقوقك؛ وتصبر على أذاهم ولا تؤذيهم.
فقال أحمد: إنّها لصعبة.
فقال حاتم: وليتك تسلم!
هل سلمت السلطة؟!
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق