عربٌ وباعوا ذاتَهم!!! هل حقًّا؟ اليف صباغ - البقيعة
2013-01-16 12:25:04

مقدمة
تختلف استطلاعات الرأي العام في اسرائيل للانتخابات المقبلة باختلاف الجهة التي أجرت الاستطلاع او الجهة التي طلبت ودفعت تكاليفه، كما تختلف الاستطلاعات بين الحين والآخر مشيرة الى تغير مواقف الناخبين من الاحزاب والشخصيات السياسية بتأثرهم بحدث حصل هنا او تصريح وموقف صدر عن هذا او ذاك او خبر مسرب لوسائل الاعلام يفشي سرا او يدق اسفينا بين هذا وذاك وينزع الثقة من قياده حزب ما. لم يبق لموعد الانتخابات سوى ايام معدودة وصورة الخارطة الحزبية والسياسية لم تختلف كثيرا عما كانت عليه قبل اسبوع او اسبوعين بل تزداد معالمها اتضاحا، ويبدو انها لن تختلف كثيرا عن النتائج النهائية للانتخابات الا اذا كان هناك حدث هام او فضيحة كبرى حفظها مصدر ما حتى اللحظة الاخيرة لتغير موازين القوى، وهو أمر لا يبدو في الافق القريب. من هنا فأنا أميل الى التقدير، او افترض، بان الليكود بيتنا سيحصل على 34 عضوا، وحزب العمل (شيلي يحيموفتش) 18 عضوا، والبيت اليهودي 13، "يش عتيد" (لبيد) 11، هتنوعاه (لفني) 10، شاس 11، يهدوت هتوراة (حرديم اشكنازيم) 6، مرتس 4، الجبهة 4، العربية الموحدة 4، التجمع 3، عام شاليم (متدين شرقي انفصل عن شاس) 2، كديماه صفر، عوتسماه صفر،....مع الاخذ يعين الاعتبار تغيرات بسيطة ولكنها لن تغير كثيرا في الخارطة الحزبية او السياسية في اسرائيل.
 بناء على ما تقدم سنحاول رسم خارطة سياسية للحكومة الاسرائيلية القادمة ويبدو للغالبية في اسرائيل وخارجها ان اكثر الاحتمالات تشير لان يكون بيبي نتانياهو رئيسا لها،  ومع ذلك سنحاول أخذ كل الاحتمالات والمفاجئات بعين الاعتبار، بما في ذلك ان تكون الحكومة القادمة برئاسة شيلي يحيموفتش او  تسيبي ليفني. فكيف ستكون التركيبة الحزبية للحكومة في كل من الاحتمالات؟ وما هو برنامجها المحتمل؟ وما هو دور النواب العرب او موقعهم فيها أو خارجها؟
     (1)
الاجندة السياسية والاجتماعية للاحزاب في اسرائيل وتموقُعها الحكومي.
هنا لا بد من الاشارة الى اهم القضايا في الاجندة الانتخابية لهذا الحزب او ذاك وفق ما يصرح به الحزب او رئيس القائمة على وجه الخصوص، وعلينا ان نفهم ايضا ان وضع الاجندة الانتخابية مرتبط الى حد كبير بتحديد جمهور الهدف الذي يتوجه اليه الحزب وليس بالضرورة الى الاولويات الحقيقية التي تفرض نفسها بعد الانتخابات. فمثلا، يضع حزب العمل حقوق العاملين والطبقات الوسطى في اعلى اجندته المعلنة  ويترك عملية التسوية السلمية جانبا، ولكن ذلك لا يعني ابدا انه غير مستعد للدخول في عملية التسوية السلمية بعد الانتخابات.  اما "الحركة" برئاسة تسيبي ليفني، فتضع التسوية السياسية اولوية في أجندتها وترى بنتانياهو خصما سياسيا وحزبيا لدرجة يصعب التفاهم بينهما، بجانبها يتمركز يائير لبيد (حزب يش عتيد)، كوالده، في اليمين الاقتصادي ويرى بالفقراء من اليهود المتدينين والعرب عبئا على الاقتصاد الاسرائيلي اللبرالي، ولكنه في الوقت ذاته يضع في اولوياته مهمة تغيير طريقة الحكم والدفاع عن الطبقات الوسطى في المجتمع الاسرائيلي وعن الحقوق اللبرالية-العلمانية، فيجد نفسه في تناقض تام مع الاحزاب اليهودية المتزمتة (الحرديم) وشاس بالذات. بالمقابل يقف "الليكود بيتنا"، الذي جمع بين بيبي نتانياهو وافيغدور ليبرمان، وقد نقش فوق كل منصة شعار "اسرائيل قوية بوجود حزب قوي وحكومة قوية، ورئيس حكومة قوي"، واتخذ من "القوة" و"العظمة" التي يدعو اليها بيبي نتانياهو ورفاقه عنوانا، فجعل حملته الانتخابية تتمحور حول الشخص القوي، بيبي نتانياهو، القادر على الصمود امام الضغوط الدولية، والقادر على المناورة دون ان يتنازل عن شيء، باعتباره القائد المطلوب والصفات المطلوبة من القائد، لتحدي العالم بأجمعه في المرحلة السياسية المقبلة. الى يمينه يقف حزب "البيت اليهودي"، برئاسة شبابية، متمثلة بنفتالي بينيط ومجموعة من المستوطنين المتطرفين، علمانيين ومتدينين (من غير الحرديم)، من اصحاب الماضي العسكري، ضباطا في الوحدات القتالية، وهم يبرزون هويتهم هذه بشكل مقصود، ويؤكدون انهم يهدفون من خلال الكنيست ووجودهم في الحكومة الى تحجيم نتانياهو من جهة اليمين لانهم يخشون من تراجعه امام الضغط المحلي او الدولي الذي سيواجهه في المرحلة القادمة، وقد فوجئ كثيرون بما حصل عليه هذا الحزب من تأييد وفق استطلاعات الرأي العام، وهو يقض مضاجع بيبي نتانياهو لانه قد يشكل وزنا يحجّم قدرته على  المناورة المطلوبة. أما حزب "شاس" و"يهدوت هتوراة" اللذان يمثلان اليهود المتزمتين، الشرقيين (شاس) والغربيين (يهدوت هتوراة)، فهم يمثلون طبقات فقيرة ومنها فقيرة جدا من اليهود المتدينين، وعائلات كثيرة الاولاد، همهم الاساس ان يحافظوا على مدارسهم الدينية بدعم حكومي، وتلقي مساعدات اجتماعية واقتصادية تقدمها الحكومة للعائلات المحتاجة، مع الاحتفاظ بنفوذهم الديني في المجتمع الاسرائيلي مقابل الحركة العلمانية اللبرالية التي تقض مضاجعهم وتهدد سيطرتهم على الشؤون الاجتماعية-الدينية لليهود في اسرائيل.  ويجب ان نلاحظ ان جمهور هذين الحزبين قد مرّ، في العقد الاخير خاصة، عملية تموقُع سياسي في الجهة اليمينية من الخارطة السياسية، بالرغم من التناقض القائم بين موقعه الاجتماعي- الاقتصادي والسياسة الاقتصادية لحكومة نتانياهو ووزيره شتانتس. وهنا يجب ان نشير الى ان بيبي نتانياهو عَرف من أين "تؤكل كتف" هذين الحزبين، وهو يدفع الثمن المطلوب ماديا من الميزانية العامة مقابل بقائهم في الجهة اليمينية من الخارطة السياسية- الامنية، ولوحظ في السنوات الاخيرة ايضا ازدياد حصتهم من المساكن في الاحياء الاستيطانية الجديدة في القدس الشرقية او في المستوطنات القريبة منها، ويبتعد نتانياهو عن كل إجراء يمكن ان يؤذيهم دينيا في صراعهم الدائم مع العلمانيين امثال يائير لبيد.

     (2)
إذن، كيف تتشكل المعسكرات وعلى أي أسس؟
نستطيع بالتاكيد ان نرسم اكثر من خارطة سياسية وان نشير الى اكثر من معسكرين في كل خارطة، وان نشير الى الاحزاب التي تحمل وجهين متناقضين وقابلة ان تتقلب فتنام على الجهة المريحة لتكون قابلة لتدخل كل حكومة. ونؤكد ايضا أنه لا يوجد معسكر يمين ومعسكر يسار، فهذا اليساري هنا يمكن ان يكون يميني هناك وفق ثلاث محاور اساسية: المحور الاجتماعي- الاقتصادي، المحور الاجتماعي- العلماني مقابل الاجتماعي- الديني المتزمت، والمحور السياسي-الأمني.
اذا ما نظرنا بمنظار التمايز الذي ذكرناه اعلاه، يبدو ان المعسكر السياسي اليميني الامني يتمثل ب"الليكود بيتنا" (34) و"البيت اليهودي" (13) ليشكل 47 عضوا، بينما يتكون المعسكر العمالي- الاقتصادي من حزب "العمل" (18) والاحزاب المتدينة "شاس" و"يهودوت وهتوراه" و"عام شاليم" (11+6+2)، أضف اليهم 11 عضوا يمثلون الجبهة والتجمع والحركة الاسلامية ليشكلوا سويا 48 عضوا. اما حركة ميرتس فمن السهل ان تنضم الى هذا المعسكر بسبب تأكيدها على الاجندة السياسية، شرط ان تستطيع التعايش مع شاس في ائتلاف واحد كما تعايش ليبرمان معهم في الحكومة المنتهية ولايتها. في الوقت ذاته نرى "حركة" ليفني اقرب سياسيا الى حزب العمل وقادرة ان تتعايش مع برنامجه الاجتماعي مقابل مكاسب لبرنامجها السياسي، بينما يقف يائير لبيد (يش عتيد) اقرب الى "الليكود بيتنا" وفق اجندته الاجتماعية-الاقتصادية وهو مستعد ان يتعايش مع برنامج نتانياهو السياسي- الامني مقابل مكاسب في برنامجه الاجتماعي (اللبرالي). وهنا لا بد ان نعود لنشير الى ان  الاحزاب المتدينة (شاس ويهودوت هتوراه وعام شاليم) اقرب الى اليمين سياسيا وان كانت اقرب الى حزب العمل في مصالحها الاجتماعية - الاقتصادية، وبالتالي، من الممكن ان تكون جزءا من هذا الائتلاف او ذلك وفقا لمصالح جمهورها المادية، شرط ان لا تتأذى ايديولجيتها الدينية، وعليه فالمعسكر القادر على الدمح بين الاجتماعي والاقتصادي والسياسي هو الذي سيشكل الحكومة القادمة، فهل يتغلب السياسي- الامني على الاجتماعي- الاقتصادي ام العكس؟ وهل ستكون الاجندة الاقتصادية هي محور الاصطفاف؟ أم الاجندة السياسية الامنية؟ مع ما يرافقها من صراع بين الديموقراطية والتطرف الفاشي؟ أم الاجندة الاجتماعية بمضمونها العلماني مقابل المتدين المتزمت وما يرافقها من صراع على تقاسم العبء المالي والعسكري في المجتمع الاسرائيلي؟
     (3)
سينايوهات التشكيلة الحكومية
في مثل هذه الخارطة الحزبية وميزان القوى المتوقع، والاجندة السياسية اوالاقتصادية او الاجتماعية لكل من الاحزاب المذكورة، لا يوجد معسكر واحد يستطيع بمفرده ان يشكل حكومة ولا بد من الدمج بين المعسكرات وتجاوز المحاور المذكورة وفق مجموعة من التنازلات المتبادلة التي يستطيع ان يتعايش معها كل طرف وعليه فمن المتوقع ان تتشكل احدى الحكومات التالية:
اولا: حكومة برئاسة بيبي نتانياهو (34) مع نفتالي بينيط (13) وشاس (11) ويهدوت هتوراة (6) وحتى عام شاليم (2) وتساوي 66 عضوا. مثل هذه الحكومة ستمثل الخط السياسي –الامني المتطرف، ولكنها قد تصعب على بيبي نتانياهو حركته ومناوراته السياسية، وقد يؤدي ذلك الى عزل اسرائيل دوليا وهو ما يخشاه نتانياهو.
ثانيا، ان يشكل بيبي نتانياهو (34) حكومة تضم اليمين المتطرف (نفتالي بينيط) (13)، بالاضافة الى لبيد (11)، وشاس (11) ، ويهدوت هتوراة (6) وعام شاليم (2) أي 77 عضوا؟   في مثل هذه الحكومة يكون بيبي نتانياهو قد جمع بين التناقضات، فمثلما رضيت شاس بالجلوس في حكومة واحدة مع ليبرمان ( الخنزير في نظر شاس) يمكنها ايضا ان تجلس مع يئير لبيد على اساس تقسيم الكعكة، ولكن لبيد، في مثل هذه الحكومة، لن يستطيع الحفاظ على جمهوره العلماني- اللبرالي، لانه لن يكون قادرا على تحقيق اجندته في تغيير طريقة الحكم وتوزيع العبء العسكري والاقتصادي وتقاسمه مع الحرديم، وسوف يواجه ضغطا متزايدا من يحيموفتش وليفني وغلئون على حد سواء.
ثالثا، ان يشكل نتانياهو حكومة (مؤقتة) يستثني فيها الاحزاب الدينية وحزب العمل (القوة الاجتماعية – الاقتصادية) التي يمكن ان تحبط اقرار ميزانية حكومية معادية، للطبقات الفقيرة، للسنتين القادمتين، وتتشكل من "الليكود بيتنا" بالاضافة الى ليفني ويائير لبيد ونفتالي بينيط، أي 68 عضوا، وان تكون اجندة هذه الحكومة هي استعدادها المعلن للتفاوض مع الفلسطينيين في كل زمان ومكان وبدون شروط مسبقة، وبذلك قد تلقى هذه الحكومة دعما دوليا دون ان تحقق شيئا مما تعلنه على ارض الواقع، وهي مؤقتة، كما ذكرنا، لان نتانياهو قادر ومستعد لاستبدال حلفائه بعد اقرار الميزانية بحلفاء من المحور السياسي الامني واعني الاحزاب الدينية (شاس ويهدوت هتوراه وعام شاليم) بدلا من ليفني ويائير لبيد.
 تبدو كل هذه الاحتمالات سهلة وصعبة في آن معا، ولكنها صعبة جدا حين ندرك ان تشكيل أي حكومة في اسرائيل، في السابق والحاضر، يجب ان تأخذ بعين الاعتبار الموقف الدولي منها. من هنا سأضع الاحتمال الرابع، وهو يعني حكومة برئاسة بيبي نتانياهو تضم كل الاحزاب الدينية، بالاضافة الى ليفني ويحيموفتش ولبيد (جمع عجيب غريب بين المتناقضات بقدرة قادر، وكل يحسب انه سيحدُّ من قوة خصمه)، ويستثنى منها حزب "البيت اليهودي من اليمين، وميرتس والنواب العرب من اليسار، وبالتالي ستكون حكومة ائتلافية واسعة، تحلم بها يحيموفتس وليفني بقدرتهما على توجيه الحكومة من الداخل ولو كانت برئاسة بيبي نتانياهو، ولكن بيبي سيعمل على ترويض احزاب المركز بدق الاسافين بينهم، دون ان يعطيهم امكانية تغيير سياسته الاقتصادية او الامنية، وهو في كل الاحوال سيكون رئيس لحكومة تبدو وسطية ، ولكنها، بقيادته، تكون حكومة مشلولة سياسيا لان بيبي غير مستعد وغير راغب في تسوية سياسية بحق.
بالرغم من وضوح الصورة للغالبية العظمى في الداخل والخارج، سنتعامل مع المفاجئات، ولنأخذ الاحتمال المفاجئ، وهو تشكيل حكومة برئاسة شيلي يحيموفتش (18)، بالاضافة الى يئير لبيد (11)، ليفني (10)، ميرتس (4) مدعومة حتى من النواب العرب (11) وحتى شاس (11) وربما "يهدوت هتوراه" (6) و"عام شاليم" (2) أي 73 عضوا. واذا استثنينا منها النواب العرب ستكون 62 عضوا، وهذا كما يبدو واضحا يتطلب ان تنجح يحيموفتش بتجنيد درعي لحكومة بديلة لنتانياهو على اساس برنامج اجتماعي اقتصادي يتناسب مع مصلحة شاس ويهدوت هتوراة. فهل يمكن ان تنسحب الاحزاب الدينية من المعسكر اليميني الامني لصالح مصالحها الاجتماعية والاقتصادية كما فعلت عندما تحالف درعي ما رابين؟ يبدو لي ان شاس الحالية برئاسة ايلي يشاي مختلفة عن شاس السابقة برئاسة درعي، ويبدو واضحا ان حكومة كهذه تحتاج ايضا الى التوفيق بين يئير لبيد وشاس، واذا اضفنا ان حكومة كهذه تحتاج الى 11 عضوا عربيا، وهذه مهمة اكثر صعوبة من الجمع بين شاس ويئير لبيد، فهذا يعني ان يتنازل لبيد عن ذاته وقيمه اللبرالية (اقتصاديا واجتماعيا) ليس فقط مقابل شاس بل مقابل حزب العمل والاحزاب العربية ايضا، وهنا لا بد من السؤال، هل تستطيع مثل هذه الحكومة انتهاج سياسة اقتصادية بديلة لسياسة نتانياهو شطاينتس؟ وهل تستطيع مثل هذه الحكومة انجاز عملية تسوية سياسية تنسحب بموجبها من مستوطنات الضفة او حتى من مستوطنة واحدة في أجواء ينزل فيها اليمين واليمين المتطرف الى الشوارع؟ ومن هنا فان احتمال تشكيل هذه الحكومة قريب من الصفر وان احتمال صمودها مستحيل. وهذا الاحتمال ينطبق على حكومة برئاسة تسيبي ليفني ايضا. وربما من المستحيل تشكيل مثل هذه الحكومة اصلا بسبب قدرة بيبي نتانياهو، الواضحة اليوم، على دق الاسافين بين مركبات احزاب المركز، وبين العلمانيين والمتدينين اذا شاء، بواسطة فبركات او تسريبات لوسائل الاعلام من خلال اعلاميين موالين او اعلام غبي يتطلع الى "الاكشين" و"الريتنغ".

     (4)
ما هو موقع الاحزاب العربية؟
في كل الاحتمالات، لن يكون للنواب العرب أي دور في أي حكومة قادمة، ولا حتى حراسا على ابواب "حكومة المفاجئات". وأي تركيبة محتملة للحكومة القادمة لن تقدم للمواطنين العرب اي شيء جدي، لانها لن تقدم للامة العربية جمعاء أي شيء أيضا، إما لأنها غير قادرة، أو لأنها غير مستعدة أو غير راغبة، ولأنه ليس هناك من يجبرها على ذلك.
لذلك، من المنتظر ان يشكل نتانياهو، في كل الاحوال، حكومة شلل سياسي، من هنا يجب على السلطة الفلسطينية ان تستعد لتوحيد كافة اطياف الشعب الفلسطيني لانجاز خطوات احادية الجانب لصالح الشعب الفلسطيني، وان تستعد بكل ما تعنيه الكلمة، لتضع العالم أمام مسؤولياته، وليفهم العالم واسرائيل ايضا ان الشلل السياسي لن يفيدهم ولن يوقف مسيرة الاستقلال الفلسطسني.
هنا علينا ان نتذكر، ان رابين نفسه، أحد أقوى القيادات في تاريخ اسرائيل، وبالرغم من حاجته الى النواب العرب عشية اوسلو وما بعده، وبالرغم من الدعم الدولي الذي لاقاه، والاجواء "السلامية" التي شهدتها المنطقة، لم يجرؤ على ضم الاحزاب العربية الى حكومته، لأن أي قرار تتخذه الحكومة التي تضم احزابا عربية، سيكون قرار لا شرعيا في نظر الغالبية العظمى من الاسرائيليين قيادة وشعبا، لذلك اختار رابين ان يبقي الاحزاب العربية كتلة"مانعة"، تقف حارسا على ابواب حكومته لتمنع انهيارها، مقابل أجر زهيد وهو في الاساس حق مدني حُرم منه أصحابه عنوة. بالتالي، على النواب العرب وأحزابهم السياسية ان يعترفوا بان الاحزاب الصهيونية لن تقبل بهم في أي حكومة حفاظا على يهودية الدولة وشرعية القرار ان كان يهوديا فقط، وعليهم ان يستعدوا لاعادة النظر في دور الاحزاب العربية في اسرائيل، لتعود وتشكل العمود الفقري للحركة الوطنية الفلسطينية، في الداخل، ولجبهة وطنية ديموقراطية حقيقية، ويكون اعضاء الكنيست، لمن رغب بالكرسي والتمويل، مجرد ذراع سياسي في زاوية محددة لهذه الحركة، على ان يكون الاساس في حركة بناء ذاتي، اقتصادي واجتماعي، وطني وسياسي، على حد سواء، لا ان تكون القائمة الانتخابية هي الرأس وهي الجوهر، تستأجر النوادي والمقاهي وقاعات الاعراس او الاجتماعات عشية الانتخابات فقط لجمع الناخبين وتتمنى اللقاء بهم في مناسبات قادمة.
 هل باع العرب هنا ذاتهم كما باعها امراء العربان؟ ام ان النواة ما تزال حية رغم الصقيع المستمر؟ لقد حان الوقت لاعادة النظر في كل هذا الواقع المحبط. فحين تتحول الحركة الوطنية الى أحزاب نقول حسنا، ولكن عندما تتحول الاحزاب الى مجرد قوائم انتخابية في البرلمان الصهيوني، فهي لم تعد تعني شعبنا ولم تعد تمثلني.
اليف صباغ مدونة حيفا برس البقيعة 15.1.13

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق