صفحات انتخابية : بين الانتخابات الاسرائيلية والتصعيد العسكري
2012-10-25 23:15:41

اذا كان سقوط الحكومات الاسرائيلية وتقديم موعد الانتخابات يجري على خلفية اجندة داخلية، وهي بالاساس اجندة اجتماعية واقتصادية، فان الحملات الانتخابية تجرى على خلفية اجندة خارجية وبشكل خاص اجندة عسكرية. من هنا يمكن ان نفهم كيف يستطيع اليمين الاسرائيلي ان يوجه اللطبقات الفقيرة صفعات اقتصادية موجعة ويعود ليكسب تأييدهم في الانتخابات، وهكذا يمكن ان نفهم سعيي اليمين المنتطرف الى التصعيد العسكري ضد غزة، والقيام بعملية عسكرية كبرى في السودان، بعد ان فشل في تجنيد امريكا لشن عدوان عسكري ضد ايران.
لكن، لهذا التصعيد عدة دلالات، عدا عن التوقيت المرافق للانتخابات، لا بد من الاشارة اليها وأهمها:
اولا، عادت مصر الى القيام بدورها السابق في تهدئة الاجواء والتنسيق الامني للوصول الى هدنة ما بين اسرائيل وحماس، ويؤكد المعلقون السياسيون الاسرائيليون ، الذين رافقوا جهود التنسيق والتهدئة سابقا وحاليا، ان مصر تقوم بالدور المطلوب منها على افضل وجه وان الطاقم المصري هو نفسه مع تغييرات طفيفة .
ثانيا، أشار المراقبون الاسرائيليون الى ان الرسائل التي وصلت الى اسرائيل مباشرة من حماس او عبر مصر او جهات أخرى تؤكد ان حماس غير معنية بالتصعيد وانها قادرة ومستعدة لضبط الاوضاع الامنية في القطاع لمنع اي صدام مع الجيش الاسرئيلي ( وهذا هو المطلب القطري تحديدا)، ومن هنا نفهم ان تبني حماس والوية الناصر للعملية التي اصيب فيها الضابط الاسرائيلي بجراح خطيرة، بعد يومين من تبني الجبهة الشعبية للعملية، وبالذات بعد مغادرة امير قطر ارض القطاع، جاءت لتقول ان كتائب القسام لا تتأثر باموال قطر وان المقاومة ما تزال مستمرة على نهجها السابق بان ترد على كل اعتداء اسرائيلي.
ثالثا، ان قيام سلاح الجو الاسرائيلي بعملية عسكرية في السودان التي تبعد 2000 كم عن حدودها، فيما تبعد ايران 1600 كم، وقيام الطائرات الاسرائيلية بقصف مخازن اسلحة ومصانع عسكرية بالقرب من العاصمة الخرطوم، دون ان يضع مجلس الامن اي "خطوط حمراء" للسياسة العدوانية الاسرائيلية، ودون ان تقوم السعودية او الاردن بمنع الطائرات الاسرائيلية بالتحليق فوق اجوائها للوصول الى السودان، يشكل امتحانا اضافيا لهذه الممالك التي لا تملك اجواءها، وانه في حالة قررت فيها اسرائيل والولايات المتحدة شن عدوان عسكري على ايران، لا يمكن لهذه الممالك ان تمنعهم من استخدام اجوائها؟ وهي، اي العملية العسكرية، تشكل تدريبا عملياتيا تؤكد فيه اسرائيل لامريكا ولنفسها وللعالم ان سلاح الجو الاسرائيلي قادر على القيام بعملية معقدة من هذا النوع وعلى بعد 2000 كم ايضا، وهنا لا بد من التذكير بان عمليات من هذا النوع تتطلب عملية تنويم لشبكات المواقبة الالكترونية، او ما يسمى في اسرائيل طبالحرب الالكترونية" وهذا ما حدث بالأمس ايضا.

هكذا يفعل بيبي نتانياهو هذه الايام ، كما فعل في الماضي اسلافه في اليمين عشية كل انتخابات، وهو يختار التصعيد ضد قطاع غزة والسودان لتحقيق نجاحات يعصب تحقيقها في ساحات اخرى. ومن هنا، يخطئ من يتوقع ان اسرائيل ستلتزم بالتهدئة حتى لو التزمت بها حماس ، ويخطئ من يعتقد ان مصر الاخوانية ستكون مختلفة عن مصر مبارك في الدور الذي تلعبه في العلاقة بين اسرائيل وحماس، ويخطئ من يعتقد ان المشاريع القطرية سيتم تحقيقها على الارض بالفعل وبالسهولة المرغوبة. إذن لن نتفاجأ اذا ما علمنا ان تحقيق مشاريع الاعمار تتطلب تنسيقا مصريا اسرائيليا وخاصة ادخال معدات ثقيلة الى القطاع.

اليف صباغ 25 اكتوبر 2012 مدونة حيفا برس

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق