اللجنة الوطنيّة للتواصل ورفض المثول أمام القضاء و"الحمامدة"... وماذا بعد ؟
2012-06-23 23:47:23

قرار اللجنة الوطنيّة للتواصل والمتهمين ظُلما ال-14 (من أصل 16) رفض المثول أمام المحكمة يوم 20حزيران2012 هو سابقة في تاريخ القضاء الإسرائيلي لم يكن له مثيل، وليس صدفة أن لاقى هذا الاهتمام غير المسبوق في وسائل الإعلام الجديّة المحليّة والإقليميّة، خصوصا وأنه لاقى دعما منقطع النظير من كل الفاعليّات المذهبيّة والسياسيّة والجماهيريّة والسياسيّة الوطنيّة لدى العرب الدروز، والفاعليات السياسيّة الوطنيّة لدى بقيّة أبناء شعبنا، عدا قوّة تعيش على فتات “الحمامدة” القطريّين، تبنّت قلّة قليلة منشقّة عن اللجنة راحت وإياها تمتثل أمام المحكمة خارجة عن الإجماع ب - "نعم سيّدي القاضي!".
كما كان متوقّعا وبعد انتظار دام قرابة الثلاث ساعات أضطر القاضي أن يؤجّل الجلسة ويصدر أوامر جلب (اعتقال) ضد الأربعة عشرة "متّهما" إلى ال-12 من تموز 2012 في حين وقف المتهمان الآخران يطالبان المحكمة بدفع مصاريفهما بسبب التأجيل وعدم قدرتها البدء بالمحاكمة بغياب بقيّة "المتهمين". هذه الخطوة ونتائجها المباشرة كشفت أمام الرأي العام عُري المزايدين ومن كان وراء انشقاقهم ولعلّ في العشرات القليلة التي حضرت معهم إلى المحكمة مقابل المئات الكثيرة التي وقفت دعما للقرار التاريخيّ، الدليل الأكبر على الأحجام الحقيقيّة.
من الضرورة في هذه العجالة وضع بعض نقاط على الحروف وباختصار شديد: عندما انطلق مشروع التواصل لرجال الدين الدروز نهاية العام 2003 ومن خلال المشروع الذي كان قائما لعرب ال48 عامة، أطلقه ميثاق المعروفيين الأحرار (الأحرار العرب الدروز) بداية بمحاولة زيارة لبنان عبر سوريّة التي فتحت أذرعها للمشروع واعية بقيادتها لأبعاده، بوفد فاق ال-300 شخصيّة دينيّة واجتماعيّة، إلا أن السلطات الإسرائيليّة مجندة قوات أمنيّة كبيرة أوقفت الوفد على المعبر الأردنيّ (للحقيقة والتاريخ لم يكن علي معدّي غير نفر من الوفد وجل من معه اليوم لا في العير ولا في النفير).
في بداية ال-2004 أطلق الميثاق تشكيل لجنة للتواصل من 18 رجل دين و5 شخصيّات اجتماعيّة انتدب لإدارة خطواتها (الشيخ صلاح حلبي والشيخ فوزات غانم والشيخ علي معدي والمرحوم الاستاذ قاسم فريد غانم والمحامي سعيد نفاع) ولاحقا اقترح كاتب هذه السطور الشيخ علي معدّي لرئاستها وقد أيّدت الأكثريّة الاقتراح .
أطلقت اللجنة معركة قضائيّة طويلة الأمد تبناها وأمدّها وقادها من مكتبه وعلى حساب مكتبه كاتب هذه السطور دامت حتى أيلول ال-2005 حين تقرر وبعد مماطلات من المحكمة العليا والنيابة العامة الخروج بالوفد التواصليّ الأول تلاه الثاني في أيلول 2007 موضوع المحاكمة اليوم (الكاتب يحاكم على تنظيمه وترتيب خروجه).
عام ال2009 وقع الخلاف بين التجمع الوطني الديموقراطي وكاتب هذه العجالة فتدخلّت بعض قيادات التجمّع لضرب قاعدة الكاتب مستغلّة "رهقة" البعض على الترأُس، وقد كانت ما زالت أوراقها بيضاء عند سوريّة وقد "أشبعت" السوريّين وقوى لبنانيّة وشايات عن فاعليات وطنيّة كثيرة هنا وبضمنها ميثاق الأحرار، ونجحت في ترتيب وفد برئاسة الشيخ معدي في أيلول 2010 تشكلّ من 181 شيخا (رأينا معه يوم المحاكمة قرابة ال-40 فقط منهم).
قبل ذلك وفي نهاية العام 2009 كانت اللجنة طردت معديّ وثلاثة معه من صفوفها بعد الخروج على قراراتها وتآمرهم مع تلك القيادات، ولولا قيادة التجمع التي رأيناها تحيطه ك"الشبائن" يوم المحكمة رغم موقفها الغادر اليوم من سوريّة ومن التواصل معها لاندثر منذ زمن، فأي تواصل مع سوريّة يقود تجمّعَه يوم المحكمة أعداء سوريّة وقيادتها؟!
اللجنة الوطنيّة للتواصل وحليفها ميثاق الأحرار العرب الدروز ارتأوا ومنذ زمن ألا يدخلوا في مهاترات مع هؤلاء متعالين عن كل التطاول الذي طالهم وطال كاتب هذه السطور منهم، وخاضوا معركتهم الأساسية ضد السلطة وأذرعها وعلى كل الساحات غير ملتفتين للاهثين وراء مشروع هو وأهدافه منهم كان وما زال براء، خصوصا وأن هؤلاء ليس فقط أداروا ظهر المجن لمن أفضاله عليهم داخليّا وإنما لسوريّة  بلد التواصل، بتحالفهم مع أكثر القوى تهجما على سوريّة "التجمع الوطني الديموقراطي- عزمي بشارة" ظانين أنهم بإطلاقهم تصريحات تأييد لسوريّة هنا وهناك كافية بستر عريهم، ومرّة أخرى كيف يتم التواصل مع سوريّة بدعم مَن شغلهم الشاغل وشُغل مشغلِهم من قطر شتم سوريّة وقيادتها التي غمرتهم بأفضالها سنوات فباعوها بحفنة دراهم خليجيّة؟!.  
ما استدعى منّا هذا هو عودة هؤلاء إلى التطاول على اللجنة الوطنيّة للتواصل وعلى كاتب هذه السطور في وسائل إعلام التجمّع وبعض "الكزيطات" الأخرى على خلفيّة موقفهم المتخاذل من المحكمة بعد أن كشف عريَهم الموقفُ المتحدّي للجنة الوطنيّة للتواصل وأعضائها ال-14 المتهمين، بعدم المثول والامتثال أمام القضاء في سابقة تاريخيّة في تاريخ القضاء الإسرائيلي، وبعد أن أصدرت المحكمة أوامر اعتقال ضدّ المتحَدّين وهم ماثلون ممتثلين لا بل أكثر من ذلك يلتمسون من القاضي دفع مصاريفهم (!).
إن قرار اللجنة الوطنيّة للتواصل هذا السابقة التاريخيّة لم يهزّ فقط الإعلام الجدّي وإنما هزّ المؤسسة الإسرائيليّة خصوصا وأنه استقطب دعما منقطع النظير من كلّ القوى المذهبيّة والمجتمعيّة والسياسيّة وبالذات الفصائل الوطنيّة على الساحة المعروفيّة ، والسياسيّة الوطنيّة على الساحة العربيّة عامة  وبالذات تلك الداعمة لسوريّة ضد العدوان وهذا ما يشرّف، وستكون له أبعاده الكبيرة ليس فقط على المحاكمة ونتائجها وإنما وعلى مشروع التواصل وإحقاقه وتنظيفه من العوالق، ولا نبالغ إن قلنا على كلّ مسيرة ترسيخ البقاء والتحدّي للأقليّة العربيّة عامة في بلادنا.    
النائب الكاتب والمحامي سعيد نفاع

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق