تكريم الشيخ نعيم هنو وصفحات في الذاكرة
2012-04-20 12:55:56

تلقيت دعوة لحضور حفل تكريم الشيخ "ابو كامل نعيم هنو" والذي خرج لتقاعد بعد ان شغل سكرتيرا وقاضيا في المحكمة المذهبية، وكانت الدعوة من الرئاسة الروحية والمجلس الديني الاعلى ومنتدى المجالس المحلية، واحتضنت قاعة سيدنا الخضر (عليه السلام) في كفر ياسيف هذا الحدث، ولا اخفي بأني تلقيت الدعوة بتأخير، وخلال ساعة من موعدها أخذت نفسي باتجاه رحابه المقدسة، وهي فرصة لا تعوض في اللجوء لأنبياء الله ورسله طالبين عفوه، متمسكين بقدرنا، حيث اخذت الشخصيات والوفود تأخذ موقعها في القاعة، وكثيرون هم وللأسف الذين أخذوا طريقهم نحو صدر القاعة لاعتبارات في نفوسهم وتناسوا بأننا في مكان مقدس تسقط فيه قيمة الأماكن ليبقى التواضع سمة الإنسان وعنوانه، ورحم الله وطوبى للذين اتخذوا من الحدث تكريما لشيخ ترك بصمات من الخير في قلب مجتمعه، وقضى بالعدل بين الفرقاء والمتخاصمين، والميزان العادل والكمال صفة الله وحده، وإذا كان الشيخ ابو كامل نعيم هنو قد سبقه والده رحمه الله الى دار القضاء المذهبي، وعندما كانت المحكمة الدرزية في حيفا ليشغل السكرتير الاول لهذه المؤسسة، فقد ورث الشيخ المكرَّم ورثة من السلف الصالح، الذي عرف كيف يكون في طريق من فتشوا في السنوات الاولى، لقيام الدولة عن كرامة طائفتهم، لأن الدخول في التفاصيل والصفحات القديمة قد يبعدنا عن أفكار وصلب كتابة هذه الأسطر.
لا أكشف سرا، لكنها الحقيقة التي لا غبار عليها، وإن جاز لي مؤخرا، أن أراجع آلاف الأوراق والمستندات التي تركها والدي، رحمه الله، فان فصلا لا يمكن ان يدخل ضمن الاوراق السرية والاحداث التي بدأت منذ عام 1939 وما سبقها ورافقها بعد ذلك من أحداث، والتي حددت وجه الطائفة بل وجه شخصيات، دفعها واجبها ان تكتب الاحرف الاولى بالدمع والدم، لجماعة موحدة ارادت الحياة فوق ارضها وبيوتها، فلحقها الظلم والقتل، وفي العودة الى المستندات والصفحات القديمة والتي اخذت اطرافها تعطب وتتلف، لتبقى قيمة احرفها اغلى من صفائح الذهب.
وتكريم الشيخ ابو كامل نعيم هنو الهادئ بجلوسه الدمث بأخلاقه، العالم بفكره وثقافته، الديان بحكمته اعادتني الى اوائل سنوات الخمسين ولرسائل ومستندات، شع نورها من ملفات كشفت رؤية ثاقبة لقيادة عرفت معاني القيادة، وزعامة عرفت كيف "تنظم نفسها" وهي في السنوات الاولى لقيام الدولة، وتأخذ استقلالها وحريتها في الدين والعبادة والتقاليد من دوحة التوحيد، وقيادة قرأت بين السطور رفعة الأهل، وتكريم الشيخ في رحاب المقام المقدسة وقيام المحكمة المذهبية واستقلالها عام 1957 وتعيين القضاة، كان فيه رؤية ثاقبة في ايمان التنظيم، البعيد عن قشور الأشياء. فطوبى لك شيخنا (موفق طريف) على هذه اللفتة لابن قريتك بل لابن طائفتك، فلم تسقط الحبة بعيدا عن الشجرة، وطوبى لمن يكرم من تركوا الجذور الخضراء في ارضهم الطيبة، ودعوة احدهم عند التكريم لوحدة المصير، والترفع عن صغائر الأمور كلمات تثلج الصدر، وتكريم الشيخ ليكون سهما بين النجوم، لفتة بل عبرة، وثلة القضاة في المحاكم المدنية والذين جلسوا في قاعة التكريم مفخرة، فما أروع جماعة تحفظ ماضيها من أجل مستقبلها، لنبقى في تفاؤل الكلمات ورذاذها بوجه الشمس التي لا تغيب.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق