من عابد "كرشنا" إلى "عبد الله" بقلم كميل شحادة
2012-04-08 19:00:56

أولا أشكر أخي "مهتم بالتربية" على إطراء لا أستحقه ،وإن كنت أرى في كل إنسان حقيقة أعمق وأثمن من كل ما يمكن ان يقال ،وبالعادة والعموم أخاطب هذه الحقيقة فيما أكتب .. وبعد إذ نحن نتحدث بلغة العقل والمرونة والانفتاح على الغير، من الطبيعي والوارد ان نجد من يرد بخطاب تعصبي ضيق وحاد ،لا غريب ولا جديد ،لقد رافق كل نهضة مثل هذه المواقف المتشنجة ، فليس الناس على رأي واحد ولا على دين واحد ،وهذا صحي وسليم وطبيعي في قانون جدل الأضداد ،ومن هذا الوعي والفهم أرد على الأخ "عبد الله" في إطار جدلية القانون ذاته ،فأقول : رغم كوننا أنا وأنت عبيد للواحد الأحد يا عبد الله - طوعا وكرها - لا أظن انه تعالى سلمك مفاتيح أسرار القلوب حتى تنصب ميزان العدل الإلهي وتحكم وتحسم على أساس ألفاظ  قرأتها ربما عني، أو سمعتها مني، تهيأ لك منها ما قلته ونشرته .. وكرشنا وما أدراك من هو وما هو كي " تصمني" بعبادته من دون إله الموحدين ..!!  وهل حصر الله تعالى ذاته في جهة وثقافة وإسم ؟ ألم نتخلص بعد من حرب الأسماء والألقاب والصفات والنعوت ،التي هي أقنعة حسية وفكرية تحول بين الوعي وجوهره ..؟ والسؤال الذي يجب ان تعتني به هو ليس من أعبدُ أنا ويعبد سواي ،إذ هذا من أسرار النفوس التي لا يحيط بها الإنسان تجاه نفسه فضلا عن غيره " فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى وصدق في توحيده"  بل السؤال هو لماذا لا يزال فينا من ينفر من لغة العقل ومن لغة التخيير ،مع ان العقل إمام الموحدين وبه يتوصل لعلم التوحيد وللخلاص والسعادة ،أقام الدين على فلسفة العقل وعلى التخيير – أي على التفكير والتأمل والتروي والتحقيق ، ثم السعي والتعبير والتدبير ،وهي جميعا من نشاط العقل وظهوره ،بصفته الجدلية والوجودية الحقيقية ،وليس بصفته صنما كلاميا وعاطفيا مشخصنا كما في كثير من النفوس ،بل بصفته وعيا حرا نظيفا لطيفا ساميا .. ولهذا وبهذا أدعو مع الداعين الكرام أجمعين ، رغم كوني مقصرا في ذلك أكثر مما تعتقد يا عبد الله .. أما التفريق بين " عقلاء وجسمانيين " - على قولك - فلا يصح إلا بالعقل ودين العقل باعتباره  فيصل وحيد ،ولا يقوم على استيحاء المظهر الخارجي وحده ،حيث لا يصح التوحيد بالنظر الشحمي وبالألحاظ ولا بالكلام والألفاظ .وأما" التقية" فهي مبدأ يندرج في سياسة العقلاء ،واستخدِم – عن وعي وعن غير وعي – لدى جميع أتباع الديانات كافة على تفاوت بينهم في ذلك ،حسب نصيبهم من العقل والحكمة، إبان ظروف قاهرة طغى فيها حكم الجهلاء على العقلاء تماما ،معاذ الله ،وجاء في معظم الكتب الدينية التصريح ،بل الأمر بالتقية أحيانا، التي هي من التقوى ،ساق بعضا مما جاء فيها الشيخ عزام في مقاله السالف . أما وصفك لمبدأ التقية بالكذب والخداع وما شابه ،لا يدخل فقط  في هدمه ، كصائن للموحدين ولدينهم قرابة الألف عام ،بل أيضا لا يخدم حميتك العربية الصحيحة ، ان كنت تدرج نفسك في خانة العروبة ،فما تدهور حال العرب تاريخيا إلا بسبب التعصب المذهبي والقبلي والجهوي الجاهلي ،ولا أظن طرح مسألة التراث بإشكاليتها المعروفة وجيهة هنا ،بغض النظر عن موقفنا منها،  فلا يجوز خلطها أو إضفاءها على السطح  في موضوع "الخواطر" الذي هو موضوع إصلاح واجتهاد ديني اجتماعي خاص ،إنما إقحامه  للإحباط هنا لا أكثر .. والنتجاوز عن أخطاء وهفوات بعضنا لما فيه خدمة للحقيقة فينا جميعا .

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق